رغم وقف إطلاق النار.. أزمة متفاقمة وآلاف المفقودين تحت الركام في غزة
رغم وقف إطلاق النار.. أزمة متفاقمة وآلاف المفقودين تحت الركام في غزة
تستمر العائلات الفلسطينية في غزة، في مواجهة واقع إنساني بالغ الصعوبة رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار، إذ تتوزّع التحديات بين نقص الغذاء والدواء والمأوى، وبين ملف المفقودين الذي يزداد تعقيداً مع مرور الوقت.
وتبقى آلاف الأسر في القطاع غارقة في دوامة البحث عن أبنائها تحت الأنقاض، وسط غياب الآليات الدولية الفعّالة وضعف الإمكانيات الميدانية المحلية، بحسب ما ذكر بيان لليونيسف، الجمعة.
تعكس بيانات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) حجم التعثر في العمل الإنساني داخل القطاع، خصوصاً فيما يتعلق بقضية الأطفال المفقودين التي تُعد من أكثر الملفات حساسية وتعقيداً على الإطلاق.
وتؤكد المنظمة أن الأرقام المتداولة بشأن أعدادهم تبقى تقديرية في ظل استحالة الوصول الفعلي إلى مواقع الدمار المتراكم والتحقق من الوضع على الأرض.
عائلات تبحث عن أطفالها
تشير تقديرات اليونيسف الأخيرة إلى وجود ما يقارب 10 آلاف شخص في عداد المفقودين، يُرجّح أن معظمهم ما يزالون تحت الركام.
ويصف المتحدث باسم المنظمة المشهد بأنه "مأساة مفتوحة"، موضحاً أن غياب المعدات الثقيلة اللازمة لرفع الكتل الخرسانية يمنع الفرق من معرفة مصير آلاف المدنيين، في حين توجد جثامين بقيت مدفونة لعامين أو أكثر، ما يزيد استحالة تحديد هوياتها.
ويضيف المتحدث الأممي أن حالة الارتباك الواسعة في القطاع تشمل حتى تسجيل المواليد الجدد، إذ تعطل الأنظمة المدنية والخدمية لما يقارب العامين نتيجة الحرب، ما يجعل الوصول إلى رقم نهائي لحجم المفقودين مهمة شبه مستحيلة في المرحلة الحالية.
وتحتاج العملية إلى وقت طويل وبيئة أكثر استقراراً للسماح بعودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي.
جراح لا تندمل
تكشف بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، وفق ما نقله المتحدث باسم اليونيسف، عن إصابة 44 ألفاً و143 طفلاً بجروح متفاوتة الخطورة.
وتوضح المنظمة أن عدداً كبيراً من هؤلاء الأطفال سيعاني تبعات الحرب مدى الحياة، سواء عبر معوقات جسدية دائمة أو آثار نفسية عميقة، في حين تشير تقارير طبية إلى وجود آلاف الأطفال الذين أصبحوا من ذوي الإعاقات بعد إصابات مباشرة في القصف.
ويحذر المسؤول الأممي من أن هذه الأرقام لا تمثل صورة كاملة للوضع، فهناك إصابات غير موثقة وآلاف الحالات التي لا تصل إلى المراكز الطبية، فضلاً عن تدهور البنية الصحية وانهيار منظومة الإسعاف، ما يجعل الجهود الحالية مجرد خطوة أولى أمام واقع إنساني هائل.
انهيار الاستجابة الإنسانية
يؤكد المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن الوضع الإنساني في غزة لا يزال "كارثياً"، رغم مرور أكثر من شهر على سريان اتفاق وقف إطلاق النار.
ويوضح أن الوصول الإنساني تحسّن نظرياً، لكن ما تحقق فعلياً لا يرقى إلى الحد الأدنى من حجم الاحتياجات المتزايدة.
ويشير المتحدث الأممي إلى أن القيود الإسرائيلية ما زالت تعوق وصول المساعدات، إذ تصل الإمدادات بكميات محدودة لا تواكب احتياجات السكان.
وتمكنت فرق الإغاثة من إيصال الغذاء لأكثر من مليون شخص، إضافة إلى الأدوية والمياه ومواد الإيواء، إلا أن هذه المساعدات تبقى أقل بكثير من المطلوب لإنقاذ حياة المدنيين.
إبقاء غزة في صدارة الاهتمام
يشدد مسؤولو الأمم المتحدة على ضرورة ألا يُفهم وقف إطلاق النار بأنه نهاية للأزمة، مؤكدين أن القطاع يحتاج إلى تدفق دائم وآمن للمساعدات بعيداً عن أي قيود سياسية أو أمنية.
ويؤكدون أن عودة الحياة الطبيعية لن تكون ممكنة دون فتح ممرات إنسانية كاملة تسمح بتوفير الغذاء والدواء وإعادة تشغيل المستشفيات وتعويض الأسر التي فقدت مساكنها.
وتطالب المنظمات الإنسانية الدولية الدول المؤثرة بالضغط لإنشاء آلية مراقبة دولية تضمن استمرار المساعدات الإنسانية ورفع الأنقاض والبحث عن المفقودين، باعتبار هذه الخطوات مسؤولية أخلاقية وإنسانية لا تقل أهمية عن الجهود السياسية الرامية إلى تثبيت الهدنة.











