تحذيرات من فقدان 350 ألف وظيفة.. صناعة السيارات الأوروبية بين المنافسة وإعادة الهيكلة

تحذيرات من فقدان 350 ألف وظيفة.. صناعة السيارات الأوروبية بين المنافسة وإعادة الهيكلة
عمال بأحد مصانع السيارات

حذر رئيس قطاع قطع غيار السيارات، كريستوف بيريّا من شركة فاليو من أن قطاع صناعة السيارات الأوروبي يمر بـ"تحول دارويني" نتيجة المنافسة الشرسة على المستوى العالمي، مشيرًا إلى أن معظم فقدان الوظائف سيكون في أوروبا ما لم تتدخل بروكسل لحماية الصناعة من المنافسة الصينية.

ونقلت صحيفة "فاينانشال تايمز"، عن بيريّا أن تراجع سوق السيارات "يتطلب تحسينًا وتكيفًا مستمرين ودائمين"، مؤكدًا استمرار الشركة في عمليات إعادة الهيكلة التي شملت إغلاق 38 موقعًا بين عامي 2022 و2025، وافتتاح أربعة مواقع فقط خلال نفس الفترة.

وأضاف بيريّا أن شركات تصنيع قطع الغيار تواجه تحديات كبرى تتعلق بسلسلة التوريد، خاصة مع شركات مثل "نيكسبيريا" الهولندية لصناعة الرقائق التي تُسيطر عليها الصين، وأشار إلى أن الحكومة الهولندية اضطرت للسيطرة على الشركة الشهر الماضي بسبب مخاوف تتعلق بالحوكمة، ما دفع بكين لتقييد صادرات الرقائق، قبل أن تُعلّق هولندا تدخلها لاحقًا.

الضغوط على العمال

كما أظهر تقرير نشرته "يورونيوز" جانبًا من أزمة العمالة، حيث أعلن موظفو فاليو في مصنع سوز سور سارت الإضراب منذ ليلة الاثنين للمطالبة بمستقبل واضح لصناعتهم في أوروبا، وأوضح العمال أن مصنعهم ينتج بشكل رئيسي أنظمة تبريد البطاريات للسيارات الكهربائية لشركة ستيلانتيس، ويواجه نحو 300 عامل خطر فقدان وظائفهم في الأسابيع المقبلة.

صرحت مهندسة المواد أوديل ناساري لمراسلي يورونيوز أن العديد من العمال شعروا باليأس، وظهرت حالات بكاء وانهيار عاطفي بين الموظفين، وأشارت النقابات إلى أن متوسط أعمار العمال يصل إلى 53 عامًا، وأن التعديلات الأخيرة على قوانين المعاشات في فرنسا رفعت سن التقاعد من 62 إلى 64 عامًا، ما يفاقم المخاوف بشأن مستقبل العمالة.

وأضاف ممثل النقابة المركزية في فاليو، فرانك جوليت، أن الكثير من الموظفين قلقون بشأن القدرة على الحصول على إعانات البطالة الكافية حتى التقاعد، خصوصًا في ظل إغلاق بعض المصانع الأخرى في فرنسا وتأثير ذلك في نحو 1000 عامل إضافي.

التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية

أبرز تقرير صادر عن المؤسسة الأوروبية لتحسين ظروف المعيشة والعمل "يوروفاوند" أن قطاع السيارات الأوروبي شهد عمليات إعادة هيكلة واسعة بين عامي 2022 و2024، مع فقدان صافٍ يصل إلى 53669 وظيفة داخل الاتحاد الأوروبي، قد يرتفع إلى 88669 وظيفة عند احتساب إعادة الهيكلة الخاصة بفولكسفاغن.

وأوضح التقرير أن الأسباب تشمل ارتفاع التكاليف، وضغط المنافسة العالمية، والحاجة إلى التحول إلى السيارات الكهربائية، بالإضافة إلى ضعف الطلب المحلي والدولي.

رصد التقرير أيضًا أن بعض الشركات قامت بنقل عملياتها إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي، ما يهدد 3610 وظائف إضافية، في حين أظهر التقرير وجود نحو 3.12 مليون عامل في قطاع تصنيع السيارات و 3.6 مليون عامل في مبيعات وإصلاح السيارات داخل الاتحاد الأوروبي.

وأشار التقرير إلى أن بعض أصحاب العمل يواجهون نقصًا في المهارات المطلوبة، خصوصًا في وظائف الهندسة والروبوتات، في حين تتراجع الوظائف التقليدية، ما يعقد قدرة العمال على الحفاظ على حقوقهم في التوظيف والضمان الاجتماعي.

حماية حقوق العمال

طالب بيريّا والموردون الأوروبيون، ومنهم ميشلان وفورفيا وبوش، المفوضية الأوروبية بحماية الصناعة من المنافسة الصينية، وتعديل هدف حظر محركات الاحتراق الجديدة بحلول عام 2035، ووضع قواعد واضحة بشأن نسبة المكونات الأوروبية في السيارات، وفقاً لـ"فاينانشال تايمز".

وأوضحت الهيئة الصناعية الأوروبية لموردي السيارات، كليبا (CLEPA)، أن عدم اتخاذ الإجراءات قد يؤدي إلى فقدان 350 ألف وظيفة بحلول عام 2030، مشيرة إلى أن الحاجة ملحة لإنعاش السوق الأوروبي ومنع انهيار الوظائف

أوضح تقرير يورونيوز أن الإضرابات مستمرة في مصنع فاليو، مع صلبان ورقية على أبواب المصنع تذكّر بالخسائر المحتملة، في حين يحذر العمال من تأثير الخسائر في العائلات والمجتمعات المحلية.

أضاف التقرير أن شركات كبرى مثل فولكسفاغن في ألمانيا وفولكسفاغن وأوبل ستيلانتيس في فرنسا تدرس إغلاق مواقعها، مع ارتفاع المنافسة الصينية وارتفاع تكاليف الإنتاج، ما يشير إلى أزمة حقوقية في مجال العمل، حيث تتعرض العمالة الأوروبية لخطر فقدان وظائفهم دون ضمان بدائل مناسبة.

وأكد تقرير "يوروفاوند" أن القطاع يحتاج إلى خطط انتقالية عادلة لحماية العمال، ومنها برامج إعادة تدريب وتأهيل لمواكبة التحول نحو السيارات الكهربائية، وضمان حقوق العمل، والحد من فقدان الوظائف الجماعي، خصوصًا في الدول الأوروبية الأكثر تأثرًا.

وأضاف التقرير أن التغيرات الهيكلية في السوق تتطلب مراقبة مستمرة لضمان احترام حقوق العمال في التوظيف والحماية الاجتماعية، مع دعم حكومي واضح للقطاعات الأكثر هشاشة.

يبدو أن صناعة السيارات الأوروبية تمر بأزمة غير مسبوقة، مع فقدان آلاف الوظائف بسبب المنافسة الدولية والتحديات الاقتصادية والتحول نحو السيارات الكهربائية، وحذر الخبراء من أن عدم اتخاذ إجراءات حقيقية من بروكسل وحكومات الدول الأوروبية سيؤدي إلى تفاقم الأزمة، ما يجعل حماية العمال وحقوقهم الاجتماعية مسألة حقوقية أساسية تتطلب تدخلًا عاجلًا.

 




ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية