يدفعون الثمن الأكبر.. دعوة أممية لحماية أطفال لبنان من الهجمات الإسرائيلية
يدفعون الثمن الأكبر.. دعوة أممية لحماية أطفال لبنان من الهجمات الإسرائيلية
دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” إلى وقف الهجمات المميتة التي تهدد حياة الأطفال في لبنان، مؤكدة أنّ استمرار تعرضهم للعنف رغم مرور عام على إعلان وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل يشكل “انتهاكًا جسيمًا” لحقوق الطفل وللقانون الدولي.
ويواجه الأطفال في لبنان واقعًا معقدًا يحمل طبقات من الخوف والقلق اليومي، وسط أزمات متراكمة تشمل الانهيار الاقتصادي الواسع، وانقطاع الكهرباء، وانعدام الاستقرار الأمني، ما ترك آثارًا نفسية عميقة لدى الآلاف من الصغار الذين يعيشون طفولتهم في بيئة غير آمنة.
وأطلقت اليونيسف، في بيان رسمي، الأربعاء، دعوة عاجلة للتحرّك الفوري لحماية الأطفال من العنف المتجدد، مشيرةً إلى أنّ الهجمات التي تشنها إسرائيل منذ عامين أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين، رغم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان من المفترض أن ينهي التصعيد.
وأكد ممثل اليونيسف في لبنان، أنّ “الهجمات المميتة لا تزال تهدد حياة الأطفال”، لافتًا إلى مقتل 13 طفلًا وإصابة 146 آخرين منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، وذلك وفق بيانات وزارة الصحة اللبنانية.
وأوضح أنّ استمرار وقوع الأطفال في دائرة الخوف والعنف أمر “غير مقبول إطلاقًا”، مشددًا على أنّ لكل طفل الحق في النمو في بيئة آمنة وخالية من الانتهاكات.
واقع مرير للأطفال
تُظهر شهادات عائلات ومؤسسات محلية تُعنى بحقوق الطفل أنّ القلق والخوف باتا جزءًا من الحياة اليومية للأطفال، خاصة في المناطق الحدودية الجنوبية التي شهدت أشد فترات التصعيد.
يعاني الأطفال من صدمات متراكمة، إذ تسببت أصوات الانفجارات المتكررة والغارات والتحليق المستمر للطائرات المسيّرة في ارتفاع مستويات الاضطرابات النفسية بين الصغار، كما ارتفعت معدلات التبول اللاإرادي، واضطرابات النوم، والسلوك العدواني، والانسحاب الاجتماعي.
يشير أخصائيون نفسيون محليون إلى أنّ بيئة عدم اليقين، والانقطاع المتكرر للكهرباء، والضغوط الاقتصادية الكبيرة على الأسر، كلها عوامل تضاعف الأمراض النفسية بين الأطفال، في حين تفتقر المراكز المتخصصة إلى الدعم الكافي للتعامل مع تزايد الحالات.
أرقام صادمة للخسائر
تؤكد تقارير دولية أن الحرب بين حزب الله وإسرائيل خلفت حصيلة ثقيلة خلال عام واحد فقط، إذ قُتل أكثر من 2800 شخص في لبنان، وأُصيب أكثر من 13 ألفًا آخرين، فيما تسببت الهجمات المتبادلة في نزوح واسع النطاق.
اضطر نحو 1.2 مليون شخص إلى ترك منازلهم، بينهم أكثر من 400 ألف طفل، ما جعل الأزمة الإنسانية تتفاقم بشكل غير مسبوق، خصوصًا مع انهيار البنية التحتية في المناطق التي شهدت أعنف المواجهات.
أظهرت تقارير سابقة لليونيسف، صادرة في نوفمبر 2024، أن أكثر من 200 طفل قُتلوا، وأصيب 1100 طفل خلال شهرين فقط من التصعيد العسكري، في واحدة من أشد الفترات دموية التي عاشها لبنان منذ سنوات.
دعوات لاحترام القانون
حثّت اليونيسف جميع الأطراف على احترام اتفاق وقف إطلاق النار والامتثال الكامل للقانون الدولي الإنساني، مؤكدةً ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لوقف الانتهاكات بحق الأطفال ومنع تكرارها.
طالبت المنظمة الجهات المؤثرة على أطراف النزاع بأن تستخدم نفوذها للضغط من أجل حماية الأطفال وضمان حقوقهم الأساسية، وعلى رأسها الحق في الحياة، والتعليم، والحماية، والدعم النفسي.
شدد ممثل اليونيسف في لبنان على أن “الأطفال ما زالوا بحاجة ماسة إلى بيئة تُصان فيها حقوقهم بعيدًا عن التهديدات المستمرة”، مؤكدًا أن أي إهمال في هذه المرحلة سيؤدي إلى “آثار طويلة الأمد على مستقبل جيل كامل”.
جيل تحت النار
يعكس الوضع الحالي في لبنان حجم الخطر الذي يهدد جيلًا كاملًا من الأطفال، الذين وجدوا أنفسهم في قلب العنف والصدمات النفسية والانهيار المعيشي.
وتظهر المؤشرات أن لبنان مقبل على أزمة طويلة الأمد ما لم يتم وقف الانتهاكات ضد الأطفال، وتوفير حماية حقيقية لهم، وإعادة بناء شبكات الدعم النفسي والاجتماعي، إلى جانب معالجة جذور الأزمة الأمنية والسياسية.
ويبقى الأطفال، كما تقول اليونيسف، “الضحايا الأكثر هشاشة”، الذين يدفعون ثمنًا باهظًا لصراعات لا يد لهم فيها.










