اليوم الدولي للمهاجرين 2025.. "قصتي العظيمة" تروي حكاية الإنسانية والتنمية

يُحتفل به 18 ديسمبر من كل عام

اليوم الدولي للمهاجرين 2025.. "قصتي العظيمة" تروي حكاية الإنسانية والتنمية
اليوم الدولي للمهاجرين 2025

يحتفل العالم في 18 ديسمبر 2025 باليوم الدولي للمهاجرين، وهو مناسبة سنوية أعلنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 4 ديسمبر 2000 بموجب القرار رقم 93/55، تكريماً لإسهامات ملايين المهاجرين المنتشرين في شتى أنحاء العالم.

وتأتي هذه المناسبة لتسليط الضوء على أهمية الهجرة كونها ظاهرة إنسانية واقتصادية واجتماعية، وللتذكير بالحقوق الأساسية لجميع المهاجرين وأفراد أسرهم، كما أكدت الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (القرار رقم 158/45).

تستمد هذه الاحتفالية أهميتها من التحديات المعقدة التي تواجه الهجرة اليوم، إذ تزداد النزاعات وكوارث المناخ والضغوط الاقتصادية دفعاً لملايين البشر إلى مغادرة ديارهم طلباً للأمان أو فرص حياة أفضل. 

وفي السنوات الأخيرة، سجّل العالم أعلى عدد من الوفيات بين المهاجرين أثناء عبور الحدود، في حين يتزامن ذلك مع قصص ملهِمة عن الصمود والأمل والابتكار، مؤكداً أن الهجرة الآمنة والمدارة بشكل رشيد تحمل فرصاً اقتصادية واجتماعية هائلة.

موضوع 2025.. قصتي العظيمة

يحمل موضوع اليوم لهذا العام شعار "قصتي العظيمة: الثقافات والتنمية"، ليبرز كيف تسهم حركة البشر في دفع عجلة النمو الاقتصادي والاجتماعي، وكيف تفيد الهجرة المجتمعات المتعددة في التكيف وتعزيز التماسك الاجتماعي، ويؤكد هذا الشعار على أن الهجرة المأمونة والمدارة إدارة جيدة لا تحقق فوائد اقتصادية فحسب، بل تسهم في التنمية المستدامة وتمكين المجتمعات في بلدان المنشأ والمقصد على حد سواء.

وفق بيانات الأمم المتحدة، يُتوقع أن تصل التحويلات المالية للمهاجرين إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل إلى 685 مليار دولار أمريكي في 2025، ما يعكس الدور الحيوي للمهاجرين في دعم الأسر ومجتمعاتهم الأصلية.

كما يسهم المهاجرون في سد فجوات الأيدي العاملة، ودفع الابتكار وريادة الأعمال، وتعزيز الاستقرار الديمغرافي في البلدان المتقدمة، ما يجعل من إدارة الهجرة أداة استراتيجية لتحقيق التنمية والازدهار.

قوة اقتصادية واجتماعية

تشير الوقائع إلى أن الهجرة الدولية تمثل قوة حاسمة في القرن الحادي والعشرين، فهي تزيد من حجم القوة العاملة وعدد المستهلكين، وتغذي الأسواق بمهارات متنوعة، وتدعم قدرة المجتمعات على التكيف مع التغيرات الديمغرافية والاقتصادية، وفي الوقت ذاته، توفر الهجرة المأمونة والمسارات المنظمة للمهاجرين حماية حقوقهم الإنسانية وتتيح لهم فرصاً لبناء حياة كريمة.

يحمل اليوم الدولي للمهاجرين دعوة واضحة: الهجرة آمنة ومنظمة تعود بالنفع على الجميع، فبإدارة المهارات والاعتراف بالشهادات والمؤهلات والإدماج في الأسواق المحلية، يمكن للمهاجرين أن يشاركوا بشكل فعال في المجتمعات الجديدة، مع الحفاظ على ارتباطهم بالمجتمعات الأصلية.

ويشكل الحق في الهجرة جزءاً من خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي تؤكد عدم ترك أي فرد خلف الركب، ومنهم المهاجرون، ما يعني حفظ حقوقهم وصون كرامتهم من خلال تلبية الاحتياجات الإنسانية وتعزيز التنمية المستدامة، وهو ما يستدعي ضمان وصولهم إلى التعليم والعمل والخدمات الأساسية.

في هذا الإطار، تعمل اليونسكو على دعم التعليم للاجئين والمهاجرين، بما في ذلك الاعتراف بالشهادات والمهارات المكتسبة في بلدانهم الأصلية، وتعزيز اندماجهم في المجتمعات المحلية، كما تعمل على تعزيز الإعلام المسؤول، بحيث يتم عرض حياة المهاجرين وقضاياهم بشكل إيجابي ودقيق، بعيداً عن الصور النمطية السلبية.

بلدان المنشأ والمقصد

توضح الدراسات أن الهجرة الدولية ذات أثر إيجابي عادة لكل من بلدان المنشأ والمقصد، فالمهاجرون من ذوي المهارات المختلفة يكملون مهارات العمال المحليين بدلاً من منافستهم، ويسهمون في زيادة الإنتاجية، وخلق فرص اقتصادية جديدة.

وفي البلدان الأصلية، تساعد التحويلات المالية على تقليل حدة الفقر وتحسين مستوى المعيشة للأسر التي يتركونها وراءهم، في حين يستفيد المجتمع المحلي من الخبرات والمعرفة التي يعود بها المهاجرون.

في المقابل، الهجرة غير المنظمة أو غير الآمنة تعرض الأفراد لمخاطر صحية وحقوقية كبيرة، ومنها الاستغلال والاتجار بالإنسان، وهو ما يبرز أهمية الهجرة الآمنة والمدارة وفق السياسات الدولية.

الهجرة والحقوق الإنسانية

تعد حماية حقوق المهاجرين الأساسية في الأمن والكرامة والسلام محوراً رئيسياً في اليوم الدولي للمهاجرين، كما تؤكد أودري أزولاي، المديرة العامة لليونسكو، ويشمل ذلك الحق في التعليم والعمل والحماية القانونية، وضمان عدم التمييز والمساواة في الفرص، سواء في بلدان المقصد أو في المسارات المؤدية إليها.

ويؤكد هذا النهج أن الهجرة ليست مجرد حركة جغرافية، بل مسألة حقوق إنسانية وثقافية واقتصادية، تتطلب سياسات مستنيرة ودولية لضمان تحقيق الفائدة لجميع الأطراف، وحماية الأفراد من المخاطر أثناء التنقل.

وتتعدد دوافع الهجرة بين الاقتصادية، والاجتماعية، والتعليمية، والأكاديمية، إضافة إلى الهروب من النزاعات أو الكوارث الطبيعية أو انتهاكات حقوق الإنسان.

وتشمل الاتفاقيات الدولية، مثل الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية 2016، جميع أبعاد الهجرة بطريقة شاملة، وتدعو إلى إدارة الهجرة بشكل مسؤول يضمن الاستقرار، والتنمية، وحماية حقوق المهاجرين.

ويعمل المنتدى العالمي المعني بالهجرة والتنمية على تبادل الخبرات، وتنسيق السياسات، وتعزيز التعاون الدولي بين الدول، لضمان أن تكون الهجرة خياراً طوعياً وآمناً، وليس نتيجة للظروف القاهرة.

المهاجرون في الاقتصاد العالمي

تلعب الهجرة دوراً حيوياً في الاقتصادات العالمية، إذ يسهم المهاجرون في الحفاظ على النمو، وتخفيف آثار شيخوخة السكان، وزيادة الابتكار وريادة الأعمال.

وتشير التجارب إلى أن غياب المهاجرين عن الاقتصاد يؤدي إلى نقص العمالة، وانخفاض الإنتاجية، وتعطل القطاعات الحيوية، ومنها الصحة والتعليم والخدمات الأساسية.

كما يضمن المهاجرون استمرار أنشطة اقتصادية مهمة كانت ستنقل إلى مصادر خارجية أو تُؤدى بتكلفة أعلى، ويظهر ذلك في أهمية الهجرة بالنسبة للدول الغربية التي تواجه قنبلة ديموغرافية تتمثل في زيادة عدد السكان المسنين وتراجع المواليد.

تدعو الأمم المتحدة والدول الأعضاء والمنظمات غير الحكومية إلى الاحتفال باليوم الدولي للمهاجرين عبر نشر الوعي بحقوق المهاجرين، تبادل الخبرات، ووضع سياسات وإجراءات تحمي حقوقهم الأساسية، وقد أكد الحوار الرفيع المستوى لعام 2006 أهمية:

- الهجرة الدولية كونها ظاهرة متنامية وإيجابية، بشرط دعمها بسياسات سليمة

- احترام الحقوق والحريات الأساسية لجميع المهاجرين.

- تعزيز التعاون الدولي الثنائي والإقليمي والعالمي في مجال الهجرة.

كما شدد الحوار على أن الهجرة ليست بديلاً للتنمية، بل يجب أن ترافقها بيئة آمنة ومستقرة وفرص عمل لائقة في بلدان المنشأ لضمان أن تكون الهجرة خياراً طوعياً وآمنة.

يؤكد اليوم الدولي للمهاجرين 2025 أن الهجرة المأمونة والمدارة إدارة رشيدة تشكل مصدر قوة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتعزز الاستقرار والتماسك المجتمعي، وتتيح للمهاجرين والمجتمعات المضيفة الاستفادة المشتركة من هذه الحركة البشرية. وموضوع العام "قصتي العظيمة: الثقافات والتنمية" يسلط الضوء على أن كل مهاجر يحمل قصة صمود وإمكان، وأن هذه القصص تتكامل لتشكل حكاية عالمية عن التعددية الثقافية والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان.

وبهذه المناسبة، يدعو المجتمع الدولي إلى تعزيز الحقوق الأساسية للمهاجرين، وتوفير مسارات آمنة ومنظمة للهجرة، وضمان دمجهم الكامل في المجتمع، لتكون الهجرة قوة تنموية وثقافية تسهم في بناء عالم أكثر إنصافاً واستدامة للجميع.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية