تفاقم التوتر.. مستوطنون يحرقون مركبات فلسطينية ويخطون شعارات عنصرية شرق رام الله
تفاقم التوتر.. مستوطنون يحرقون مركبات فلسطينية ويخطون شعارات عنصرية شرق رام الله
استفاقت قرية عين يبرود شرق رام الله، فجر الأربعاء، على اعتداء جديد نفذه مستوطنون إسرائيليون، بعدما أقدموا على إحراق مركبتين وكتابة شعارات عنصرية على جدران وممتلكات في البلدة القديمة، في مشهد أعاد إلى الواجهة المخاوف المتزايدة لدى السكان من تصاعد هجمات المستوطنين واستهدافهم المباشر للمجتمعات الفلسطينية.
وأفادت مصادر محلية بأن عدداً من المستوطنين تسللوا إلى البلدة القديمة في عين يبرود خلال ساعات الفجر الأولى، حيث أضرموا النار في مركبتين تعودان لمواطنين من القرية، قبل أن يخطوا شعارات عنصرية على مقربة من مكان الاعتداء، وبحسب شهود عيان، فإن الهجوم تم بسرعة وفي توقيت يهدف إلى إيقاع أكبر قدر من الخسائر وبث الرعب بين الأهالي وفق وكالة شهاب للأنباء.
مواجهة وانسحاب المعتدين
مع انتشار النيران وتصاعد الدخان، هرع عدد من سكان القرية إلى المكان، وتمكنوا من التصدي للمستوطنين الإسرائيليين، ما أجبرهم على الانسحاب قبل وقوع إصابات بشرية، وأكد الأهالي أن تدخل المواطنين حال دون اتساع نطاق الاعتداء، إلا أن الأضرار المادية كانت قد وقعت، مخلفة حالة من الغضب والخوف في آن واحد.
يأتي هذا الهجوم ضمن سلسلة اعتداءات متكررة تشهدها قرى وبلدات فلسطينية في الضفة الغربية، حيث باتت قرية عين يبرود وغيرها من التجمعات السكانية عرضة لهجمات منظمة ينفذها مستوطنون، غالباً ما تشمل إحراق ممتلكات خاصة، وتخريب أراضٍ زراعية، وكتابة شعارات عنصرية، في محاولة لفرض واقع قسري على السكان الأصليين.
ويؤكد سكان القرية أن هذه الاعتداءات تتم في ظل حماية قوات الجيش الإسرائيلي أو بتغاضيها، إذ نادراً ما يتم محاسبة المعتدين، ما يشجع على تكرار الهجمات وتصعيدها، ويشير الأهالي إلى أن غياب الردع القانوني حول هذه الاعتداءات إلى سلوك شبه يومي في عدد من المناطق، خاصة القرى القريبة من المستوطنات.
استهداف ممنهج
لم تقتصر اعتداءات المستوطنين خلال الأسابيع الماضية على إحراق الممتلكات، بل شملت استهدافاً مباشراً للرعاة في المناطق المفتوحة، وإغلاق طرق فرعية يستخدمها المواطنون للتنقل بين القرى، إضافة إلى اقتحامات متكررة لعدد من التجمعات السكانية، ويقول سكان عين يبرود إن هذه الممارسات تهدف إلى التضييق على حياتهم اليومية ودفعهم إلى الرحيل القسري.
عقب الهجوم، سادت حالة من القلق بين أهالي القرية، خاصة مع تكرار الاعتداءات في ساعات الليل والفجر، وهي فترات يكون فيها السكان أقل قدرة على الحماية، وتحدث مواطنون عن مخاوف حقيقية على سلامة الأطفال وكبار السن، في ظل غياب أي ضمانات تحول دون تكرار الهجوم في أي لحظة.
في الوقت الذي تتكرر فيه هذه الاعتداءات، يشكو الفلسطينيون غياب موقف دولي حازم يضع حداً لعنف المستوطنين، ويرى مراقبون أن الصمت الدولي وعدم تفعيل آليات المساءلة القانونية يسهمان في ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب، ويمنحان المعتدين شعوراً بالحصانة.
لا تقتصر آثار هذه الهجمات على الخسائر المادية فحسب، بل تمتد إلى الجوانب النفسية والاجتماعية للسكان، فحالة الترقب الدائم والخوف من الاعتداءات الليلية تؤثر في الإحساس بالأمان والاستقرار، وتنعكس على الحياة الاجتماعية والاقتصادية في القرية، حيث بات كثير من المواطنين يتجنبون التنقل ليلاً أو ترك ممتلكاتهم دون مراقبة.
تمسك بالأرض رغم التهديد
ورغم تكرار الاعتداءات، يؤكد أهالي عين يبرود تمسكهم بأرضهم ورفضهم الانصياع لمحاولات الترهيب. ويشدد السكان على أن هذه الهجمات لن تدفعهم إلى الرحيل، بل تزيد من إصرارهم على البقاء والدفاع عن قريتهم، مطالبين بتوفير حماية حقيقية لهم ومحاسبة المسؤولين عن هذه الاعتداءات.
تشهد الضفة الغربية منذ سنوات تصاعداُ ملحوظاً في اعتداءات المستوطنين على القرى والبلدات الفلسطينية، لا سيما في المناطق القريبة من المستوطنات والبؤر الاستيطانية، وتشمل هذه الاعتداءات إحراق المنازل والمركبات، تخريب الأراضي الزراعية، الاعتداء على الرعاة والمزارعين، وإغلاق الطرق، وغالباً ما تتم في ظل وجود قوات الاحتلال أو بتأمين غير مباشر منها، وتعد منظمات حقوقية محلية ودولية هذه الممارسات تشكل جزءاً من سياسة تهدف إلى توسيع السيطرة الاستيطانية وفرض وقائع جديدة على الأرض، في ظل غياب محاسبة قانونية فعالة، ما يترك المدنيين الفلسطينيين في مواجهة مباشرة مع العنف المنظم ويعمق حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
وحذرت الأمم المتحدة مراراً من خطورة التوسع الاستيطاني واعتداءات المستوطنين على المدنيين الفلسطينيين، معتبرة أن هذه الممارسات تشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وأكدت تقارير أممية أن الاستيطان يقوض فرص السلام ويغذي دوامة العنف وعدم الاستقرار، مشيرة إلى أن اعتداءات المستوطنين، بما تشمل من حرق ممتلكات واعتداءات جسدية وتهديد للحياة اليومية للفلسطينيين، تشهد تصاعداً مقلقاً في ظل غياب المساءلة، ودعت الأمم المتحدة السلطات الإسرائيلية إلى تحمل مسؤولياتها القانونية في حماية السكان المدنيين، ووقف التوسع الاستيطاني، ومحاسبة المسؤولين عن أعمال العنف، محذرة من أن استمرار هذه الانتهاكات يفاقم الأزمة الإنسانية ويغلق أي أفق لحل عادل ودائم.











