وسط الصراع والمعاناة.. صالة رياضية نسائية تكسر القيود في اليمن

وسط الصراع والمعاناة.. صالة رياضية نسائية تكسر القيود في اليمن
صالة رياضية نسائية في اليمن

تُجسّد في مدينة تعز اليمنية، التي أنهكتها سنوات طويلة من الصراع والحصار، قصة إنسانية لافتة تقودها امرأة شابة قررت تحدي الواقع الاجتماعي والظروف القاسية معًا، عبر إطلاق أول صالة رياضية مخصصة للنساء في المدينة. 

وتأتي مبادرة «كارديو جيم» كمشروع غير مسبوق، يمنح النساء مساحة آمنة لممارسة الرياضة واستعادة جزء من حقهن في الصحة والحياة الطبيعية، وسط بيئة محافظة ونظرة مجتمعية تقليدية تجاه نشاط المرأة الجسدي، بحسب ما ذكرت وكالة “أنباء المرأة”، اليوم الخميس.

انبثقت فكرة المشروع من تجربة شخصية لصاحبته، دينا أمين، البالغة من العمر 35 عامًا والحاصلة على ماجستير في إدارة الأعمال، والتي رأت أن المرأة في تعز تعيش ضغوطًا مضاعفة بفعل الحرب والعادات الاجتماعية. 

وأوضح دينا أن المشروع لم يكن ترفًا، بل استجابة لحاجة ملحّة، قائلة إن النساء كنّ بحاجة إلى مكان يحترم خصوصيتهن، ويمنحهن فرصة للاهتمام بصحتهن دون صدام مع القيم السائدة.

متنفس في زمن الحرب

توفّر صالة «كارديو جيم» بيئة مغلقة وآمنة تمكّن النساء من ممارسة الرياضة بطمأنينة، وتسهم في تحسين صحتهن الجسدية والنفسية، في ظل واقع يفتقر لأبسط مقومات الحياة. 

وأكدت دينا أن الهدف تجاوز اللياقة البدنية ليصل إلى نشر ثقافة صحية جديدة، وإقناع المجتمع بأن الرياضة النسائية ضرورة وليست ترفًا، خاصة في مدينة تعاني من آثار نفسية واجتماعية عميقة بسبب الصراع.

وأوضحت صاحبة المشروع أن الفكرة كانت “خارج الصندوق”، إذ سعت إلى خلق مساحة توازن بين احترام التقاليد وكسر الصورة النمطية عن المرأة، معتبرة أن تمكين المرأة صحيًا ينعكس مباشرة على الأسرة والمجتمع، وهو منطق ساعدها تدريجيًا على كسب ثقة المحيطين.

صدام مع التقاليد 

واجهت المبادرة في بداياتها تحديات ثقافية أكثر من كونها مادية، حيث قوبلت الفكرة برفض وتشكيك واسعَين، وتشير دينا إلى أن المجتمع بطبيعته يقاوم أي فكرة جديدة، لكنها اعتمدت على الحوار والصبر وشرح أهداف المشروع، ما أدى لاحقًا إلى تغيير ملحوظ في المواقف، خاصة بعد أن لمس الرجال الأثر الإيجابي للرياضة على زوجاتهم وأخواتهم.

تُدير الصالة كادرًا نسائيًا متخصصًا، وتقدّم برامج متنوعة تراعي الاحتياجات الصحية والنفسية للنساء، ما عزز الإقبال عليها وحوّلها إلى نموذج يُحتذى في تعز، وترى دينا أن المشروع أثبت قدرة المرأة على الإدارة والقيادة، متسائلة عمّا إذا كانت الثقافة المجتمعية تسمح للمرأة بأن تقول بثقة «أنا أستطيع».

تختتم دينا حديثها بالكشف عن خطط مستقبلية للتوسع، تشمل إطلاق برامج تدريبية جديدة وخدمات أونلاين للوصول إلى نساء لا يستطعن الحضور، مؤكدة أن «كارديو جيم» لم يعد مجرد صالة رياضية، بل قصة إلهام فتحت الباب أمام مبادرات مشابهة، ورسّخت فكرة أن الرياضة النسائية حق أساسي وجزء لا يتجزأ من حياة المرأة اليمنية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية