يطالبون بحماية التراث.. موظفو اللوفر يواصلون الاحتجاج على الظروف المتدهورة

يطالبون بحماية التراث.. موظفو اللوفر يواصلون الاحتجاج على الظروف المتدهورة
متحف اللوفر في باريس

واصل موظفو متحف اللوفر في باريس، الأكثر زيارة في العالم، الأربعاء، إضرابهم عن العمل القائم منذ يوم الاثنين الماضي؛ احتجاجاً على ظروف العمل المتدهورة ونقص العمالة وقرارات الإدارة الأخيرة، وقد أصدر العاملون خلال اجتماع جمعية عامة، صباح اليوم، قراراً بالإجماع بتمديد الإضراب، في حين يترقب الزوار قرار إدارة المتحف بشأن إمكانية فتح صالات العرض.

يأتي الإضراب في أعقاب حادثة سرقة مجوهرات ثمينة في أكتوبر الماضي، تسببت في توجيه انتقادات واسعة لإدارة المتحف وكشفت عن ثغرات أمنية واضحة، إضافة إلى ذلك تعاني المباني القديمة للمتحف من مشكلات بنيوية، منها تسرب المياه الذي ألحق أضراراً بالكتب القديمة، ما فاقم المخاوف بشأن سلامة التراث الفني والقدرة على استيعاب أعداد الزوار الكبيرة التي تصل إلى نحو 30 ألف شخص يومياً وفق وكالة الأنباء الألمانية.

وأكدت النقابات أن الموظفين في متحف اللوفر يعملون فوق طاقتهم ويعانون من سوء الإدارة ونقص الموارد البشرية، مطالبين بزيادة أعداد العاملين ورفع الأجور وإعادة توجيه الإنفاق بما يضمن القدرة على أداء مهامهم في خدمة الجمهور وحماية التراث، وأشارت التقارير إلى أن ضغط العمل وغياب الصيانة الدورية للمبنى يؤثران بشكل مباشر في قدرة الموظفين على أداء مهامهم اليومية.

ضغوط على الإدارة

تواجه إدارة المتحف ضغوطاً هائلة مع حجم المبنى الضخم ومجموعته المتنوعة من الأعمال الفنية التي تتطلب صيانة مستمرة.

وأكدت مديرة اللوفر لورانس دي كارس أن التحديات تشمل تكلفة الصيانة والموارد البشرية، مشيرة إلى أن زيارة المبنى أصبحت "محنة جسدية"، وهو ما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إعلان مشروع لبناء مدخل جديد للزوار وتخصيص غرفة خاصة للوحة الموناليزا لضمان سلامة الزوار وحماية الأعمال الفنية.

ويطالب كريستيان غالاني، مندوب نقابة CGT، بـ"تغيير النهج" فيما يتصل بالأولويات والمسائل العاجلة، ولا سيما تلك المرتبطة بـ"الأمن" وتجديد المبنى، لافتاً إلى أن متحف اللوفر خسر نحو "200 موظف بدوام كامل" خلال "خمسة عشر عاماً"، رغم "ارتفاع عدد الزوار إلى الضعف".

من جهتها أوضحت فاليري بود، ممثلة نقابة CFDT، أن الإضراب شمل قطاعات عدة داخل المتحف، منها "أمناء المتحف، وموظفو الاستقبال والأمن، وموظفو الدعم، والمحامون ومصممو الغرافيك".

استجابة الحكومة الفرنسية

في محاولة لتخفيف حدة الأزمة، عقدت وزارة الثقافة، الأسبوع الماضي، اجتماعات مع النقابات قبل عطلة عيد الميلاد، وتعهدت الوزيرة رشيدة داتي بالتراجع عن تخفيض 5.7 مليون يورو من التمويل العام للمتاحف في مشروع قانون المالية لعام 2026، كما تم تكليف فيليب جوست، المسؤول عن مشروع إعادة إعمار كاتدرائية نوتردام، بمهمة إعادة تنظيم متحف اللوفر بشكل عميق لتعزيز الأمن وتحسين ظروف العمل.

وظل الزوار الذين يحملون تذاكر خارج المتحف صباح اليوم، في انتظار قرار الإدارة حول ما إذا كانت الصالات ستفتح جزئياً أم سيبقى المتحف مغلقاً.

ويعكس هذا الوضع التوتر القائم بين ضرورة حماية الزوار والحفاظ على سلامة الممتلكات الفنية وبين مطالب الموظفين بتحسين ظروف عملهم وضمان حقوقهم.

آثار طويلة المدى

يحذر خبراء من أن استمرار مشكلات البنية التحتية ونقص العمالة قد يؤديان إلى تفاقم أضرار التراث الفني الهائل الذي يحويه المتحف، ويشكل الإهمال الواضح في الصيانة، إلى جانب ضغط العمل على الموظفين، تهديداً مباشراً لسلامة اللوحات والمنحوتات والمخطوطات النادرة، وهو ما يضع التراث العالمي في مواجهة مخاطرة غير مسبوقة.

يعد متحف اللوفر في باريس من أكثر المتاحف زيارة في العالم، ويستقبل ملايين الزوار سنوياً، تأسس المتحف في القرن الثاني عشر بوصفه مقراً ملكياً، ويضم آلاف القطع الفنية من مختلف العصور والحضارات. ورغم مكانته العالمية، يعاني المبنى مشكلات هيكلية متفاقمة، ونقص الكوادر المؤهلة لمواجهة العدد الهائل من الزوار، بالإضافة إلى ضغوط مالية تحد من إمكانيات الصيانة والتطوير، وتشير الأحداث الأخيرة إلى ضرورة إعادة النظر في إدارة المتحف وتأمين حماية العاملين والتراث على حد سواء لضمان استمرار اللوفر بوصفه مؤسسة ثقافية رائدة على مستوى العالم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية