ضغوط مهنية واجتماعية.. الممرضات الإيرانيات يعانين من التمييز وتدني الأجور

ضغوط مهنية واجتماعية.. الممرضات الإيرانيات يعانين من التمييز وتدني الأجور
ممرضات في إيران - أرشيف

يرتدي الممرضون والمعالجون المعاطف البيضاء ويكرسون جهودهم لإنقاذ أرواح لا يعرفون أصحابها، لكن عملهم الجليل غالبًا ما يُختزل في مجرد "واجب"، بينما خلف هذا اللقب البسيط رصيد ضخم من المهارة والمعرفة والتضحيات الجسدية والنفسية. 

ليالي السهر، وأيام مواجهة الأزمات، ولحظات اتخاذ القرار بين الحياة والموت، كلها حقائق لا يراها كثيرون، وهم الأعمدة الخفية لنظام الصحة الذي لولا صمودهم لما استمر أي بناء علاجي. 

ومع ذلك، يواجه الممرضون نقصًا في الموارد وتمييزًا وظيفيًا، وتتضاعف هذه المعاناة بالنسبة للممرضة، إذ تتداخل الضغوط المهنية مع التحديات الثقافية والاجتماعية والتمييز القائم على النوع الاجتماعي، بحسب ما ذكرت وكالة "أنباء المرأة"، اليوم الجمعة.

ظروف المهنة القاسية

توضح نرجس. ح، الممرضة في مستشفى شهداء كرماشان، في إيران، أن أبرز المشكلات التي تواجه الممرضين والممرضات تشمل "التمييز في الرواتب بين الأطباء والممرضين، وعدم دفع المستحقات كاملة، ونقص الكوادر البشرية، وغياب الخدمات الترفيهية وتأخر تسوية المستحقات". 

وتضيف: "هذه الأعباء تثقل كاهل جميع الممرضين، لكنها تتضاعف بالنسبة للممرضات بسبب عامل الجنس، حيث يُهمشن في القرارات الإدارية ويواجهن سلوكيات تمييزية تؤثر على حياتهن العملية والنفسية".

تعاني الممرضات في كثير من الأحيان من سلوكيات جنسية وإهمال إداري من قبل بعض الأطباء والجهات المسؤولة، ومع غياب آليات حماية فعّالة يضطررن إلى الصمت خوفًا من فقدان مصداقيتهن أو التعرّض لمزيد من الأذى. 

وتوضح نرجس: "يرى بعض الأطباء في الممرضات أداتية أو دونية، ويقومون بسلوكيات مسيئة جنسيًا، لكن لا تستطيع أي ممرضة الاعتراض، خشية اتهامها زورًا".

التمييز وتأثيره على الحقوق

يتجاوز التحدي المهني حدود العمل، ليصل إلى القيود الثقافية والتمييز الجندري، إذ تتحمل الممرضات عبء العمل الشاق في الرعاية وإدارة الأزمات، بينما يتعرضن لضغوط إضافية بسبب كونهن نساء. 

وتقول نرجس: "كممرّضات، كنا نتقدم لتنظيم اعتصامات سلمية دفاعًا عن حقوقنا، لكن واجهنا ضغوطًا وتهديدات مباشرة، حيث أُجبرنا على توقيع تعهد بعدم تكرار أي تحرك احتجاجي، وتم تحذيرنا بأن أي تغطية إعلامية قد تؤدي إلى اعتقالنا".

ويعكس هذا الواقع خللًا بنيويًا في بيئات العمل الطبية، حيث تتقاطع الثقافة الذكورية مع غياب آليات الإبلاغ الآمنة، لتبقى الممرضات في مواجهة التمييز والتحرش بلا حماية، ويظل حضورهن محكومًا بالهامشية. 

التحرك المطالب بالحقوق، رغم كونه مشروعًا، غالبًا ما يُنظر إليه كخروج عن الاحترام أو تهديد لاستقرار المؤسسة.

حماية النساء الممرضات

تظهر هذه التجارب أن الممرضات يشكلن العمود الفقري للرعاية الصحية، وأن معاناتهن اليومية ليست فردية، بل انعكاساً لخلل هيكلي وثقافي في النظام الصحي. 

حماية حقوق الممرضات، وتوفير بيئة عمل عادلة وآمنة، ليست رفاهية بل ضرورة لضمان استمرارية نظام صحي فعّال، وتعزيز الكرامة الإنسانية، والحد من التمييز القائم على النوع الاجتماعي.

وإذا لم يتم كسر دائرة الصمت وتفكيك البنية الذكورية في المؤسسات الصحية، سيستمر مسلسل اللامساواة، وستظل أصوات الممرضات مكتومة، وحضورهن محصورًا في هامش التهميش، رغم أنهن الأعمدة الخفية التي يبنى عليها كل نظام صحي ناجح.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية