الاشتباكات تعمق مأساة مئات آلاف المدنيين على جانبي الحدود التايلاندية الكمبودية
الاشتباكات تعمق مأساة مئات آلاف المدنيين على جانبي الحدود التايلاندية الكمبودية
تشهد كمبوديا واحدة من أكبر موجات النزوح الداخلي في تاريخها الحديث، بعد أن أجبر التصعيد العسكري المستمر مع تايلاند أكثر من نصف مليون شخص على الفرار من منازلهم، بحثاً عن الأمان، وسط ظروف إنسانية توصف بالبالغة القسوة.
معاناة المدنيين في قلب المواجهة
أكدت وزارة الداخلية في بنوم بنه أن أكثر من نصف مليون كمبودي، من بينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال، يعيشون أوضاعاً معيشية صعبة نتيجة النزوح القسري من القرى والمدارس القريبة من الحدود، وأوضحت أن القذائف المدفعية والصواريخ والغارات الجوية التي تنفذها الطائرات الحربية التايلاندية كانت السبب المباشر في فرار السكان، مشيرة إلى أن عدد النازحين بلغ 518611 شخصاً وفق فرانس برس.
نزوح متبادل وخسائر بشرية
في المقابل، أعلنت السلطات التايلاندية أن نحو 400 ألف شخص اضطروا أيضاً إلى النزوح من مناطقهم الحدودية بعد تجدد القتال، وأسفرت الاشتباكات التي اندلعت هذا الشهر، والتي استُخدمت فيها الدبابات والطائرات المسيرة والمدفعية الثقيلة، عن سقوط ما لا يقل عن 22 قتيلاً في تايلاند وتسعة عشر قتيلاً في كمبوديا، بحسب بيانات رسمية من الجانبين.
اتهامات متبادلة وضغوط دولية
حمّل كل طرف الآخر مسؤولية اندلاع القتال، وتبادلت الحكومتان الاتهامات باستهداف المدنيين، في ظل تصاعد حدة المواجهات التي استمرت عدة أيام خلال شهر يوليو وأوقعت عشرات القتلى، ومع تفاقم الوضع، دعت أطراف دولية عدة، من بينها الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وماليزيا ورابطة دول جنوب شرق آسيا والأمم المتحدة، إلى وقف فوري لإطلاق النار واللجوء إلى الحلول الدبلوماسية.
من المقرر أن يجتمع وزراء خارجية دول رابطة آسيان، ومن ضمنهم وزراء خارجية كمبوديا وتايلاند، في العاصمة الماليزية كوالالمبور لمناقشة سبل احتواء النزاع ومنع انزلاقه إلى مواجهة أوسع تهدد استقرار المنطقة.
يعود أصل التوتر بين كمبوديا وتايلاند إلى خلافات تاريخية حول ترسيم الحدود الممتدة لمسافة تقارب ثمانمئة كيلومتر، وهي حدود تعود في جذورها إلى ترتيبات وضعت خلال الحقبة الاستعمارية، كما يشكل الخلاف حول معبد أثري قديم يقع في منطقة حدودية متنازع عليها أحد أبرز أسباب التصعيد المتكرر بين البلدين، وعلى الرغم من فترات الهدوء النسبي، فإن النزاع ظل قابلاً للاشتعال في أي لحظة، ما يجعل المدنيين في المناطق الحدودية عرضة دائمة للنزوح والمعاناة الإنسانية.











