إلغاء "حصانة الأونروا".. خطوة غير مسبوقة تزيد أزمة اللاجئين الفلسطينيين
إلغاء "حصانة الأونروا".. خطوة غير مسبوقة تزيد أزمة اللاجئين الفلسطينيين
أقرّ البرلمان الإسرائيلي، الاثنين، تشريعًا جديدًا يقضي بإلغاء الحصانة الدبلوماسية عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، حيث يفتح هذا التشريع الطريق أمام المحاكم الإسرائيلية لمقاضاة الوكالة، ويمنع الشركات المحلية من تزويدها بالمياه والكهرباء والخدمات المالية، كما يسمح للسلطات الإسرائيلية بمصادرة مكتبين تابعين لها في القدس الشرقية.
وفقًا لتقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، يمثل هذا الإجراء تصعيدًا غير مسبوق في الصراع الطويل بين إسرائيل والأونروا، التي بدأت إسرائيل حملة قمع ضدها منذ هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر 2023، والحرب اللاحقة في غزة.
يؤدى التشريع الجديد إلى تقييد قدرة الوكالة على العمل، خاصة في ظل الحصار الذي فُرض عليها العام الماضي والذي منعها من التواصل مع السلطات الإسرائيلية، ما أعاق العمليات الإنسانية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
"الأونروا" تنفي الاتهامات
أكد المتحدث باسم الأونروا أن الوكالة لم تقم بأي اختراقات كما تزعم إسرائيل، وأنها تشارك قوائم الموظفين معها بانتظام.
وأضاف التقرير أن إسرائيل اتهمت أكثر من 10% من موظفي الوكالة بالانتماء لحركة حماس أو جماعات مسلحة أخرى، دون تقديم أي دليل ملموس.
وأشار التقرير إلى أن الأونروا تأسست عام 1949 لخدمة الفلسطينيين الذين نزحوا بعد الحروب التي أعقبت تأسيس إسرائيل، إضافة إلى أحفادهم، والذين يبلغ عددهم نحو ستة ملايين شخص.
وسجّلت الوكالة أكثر من 1.5 مليون لاجئ في قطاع غزة وحده، كما توفر لهم التعليم والرعاية الصحية، وتدفع رواتب نحو 12 ألف موظف يعملون في مختلف المجالات.
توفير الدعم خلال الأزمة
وزّع مسؤولو الأونروا الغذاء والدواء والمساعدات الأساسية بعد اندلاع الحرب، وحوّلوا مدارس الوكالة إلى ملاجئ للفلسطينيين النازحين، ما ساعد على تخفيف حدة الأزمة الإنسانية في القطاع المحاصر.
وأشار التقرير إلى أن إسرائيل أوقفت إصدار التأشيرات لموظفي الوكالة، ما أدى إلى شبه خلو المكاتب في القدس الشرقية.
وأضاف أن إسرائيل اتهمت 19 موظفًا بالمشاركة في هجوم 2023 على جنوب إسرائيل، فيما أظهر تحقيق الأمم المتحدة أن تسعة منهم ربما شاركوا بالفعل، ما أدى إلى فصلهم، وأن الحصار والقيود الإدارية حدّ من قدرة الوكالة على تقديم الخدمات، خاصة للفئات الهشة مثل النساء والأطفال وكبار السن.
فتوى محكمة العدل
أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي فتوى استشارية، أبلغت فيها أن إسرائيل ملزمة بعدم عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، بما فيها المساعدات المقدمة من الأونروا، وفقًا لصحيفة "الغارديان"
وأكدت المحكمة أن إسرائيل لم تقدم أدلة كافية لتبرير إنهاء التعاون مع الأونروا على أساس عدم حيادها، وأن الوكالة تشكل الركيزة الأساسية لجميع المساعدات الإنسانية في فلسطين المحتلة.
وصرّح رئيس المحكمة، يوجي إيواساوا، بأن الضغوط الكبيرة التي واجهتها الأونروا منذ يناير تجعل من التزام إسرائيل بالقانون الدولي أمرًا ملحًا، وأضاف أن حرمان الوكالة من الحصانة الدبلوماسية يعرض موظفيها والمباني التابعة لها لمخاطر كبيرة، وأن أي تقاعس في الامتثال للحكم قد يؤدي إلى مطالبة الدول للأمم المتحدة بتعويضات ضد إسرائيل.
وأوضحت المحكمة أن إسرائيل منعت وصول جميع المساعدات الإنسانية بين 2 مارس و18 مايو، وأن مؤسسة غزة الإنسانية التي أنشأتها إسرائيل لم تكن بديلاً كافياً.
وأظهرت المحكمة أن 360 موظفًا من الأونروا قُتلوا خلال النزاع، وأن مئات الآلاف من الفلسطينيين أُجبروا على العيش في مناطق مكتظة، ما يعكس استخدام التجويع كسلاح حرب.
احترام الحصانات والامتيازات
أشارت "الغارديان" إلى أن عمليات النقل الجماعي أو الترحيل القسري في الأراضي المحتلة محظورة بموجب اتفاقيات جنيف، وأن إسرائيل ملزمة باحترام الحصانات والامتيازات الممنوحة للأمم المتحدة ووكالاتها.
وأكد قضاة المحكمة أن استمرار القيود يفاقم الأزمة الإنسانية، ويهدد حق الفلسطينيين في الغذاء، الصحة، التعليم، والحماية من النزوح القسري.
من جانبه، صرّح نائب وزير الخارجية النرويجي، أندرياس كرافيك، بأن النرويج ستسعى لتمرير قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة استنادًا إلى نتائج المحكمة، مؤكدًا أن إسرائيل ملزمة بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وفقًا لتقرير "الغارديان".
وأوضح كرافيك أن قرار المحكمة يؤكد مسؤولية الأمم المتحدة عن إيصال المساعدات، ويجب على إسرائيل منح حق الوصول الكامل للأونروا والمنظمات غير الحكومية القادرة على تقديم المساعدة.
وأشار التقرير إلى أن الحكم الذي أصدرته المحكمة استغرق أكثر من ساعة للقراءة، وشمل التأكيد على الأوضاع الإنسانية الكارثية في غزة، وخسائر بشرية فادحة تجاوزت 2100 قتيل بالقرب من نقاط توزيع المساعدات، وأن خبراء الغذاء الدوليين أعلنوا حالة مجاعة في أجزاء من القطاع خلال أغسطس.
وأكد التقرير أن القانون الدولي يحظر استخدام التجويع كسلاح حرب، وأن إسرائيل ملزمة بالتعاون مع الأونروا لضمان وصول المساعدات.
تآكل الحقوق الإنسانية
أشار التقرير إلى أن التشريع الإسرائيلي والحصار المستمر يزيدان من تهديد حقوق الفلسطينيين الأساسية، ويضع ملايين اللاجئين في مواجهة أزمات متراكمة، وأوضح القضاة أن منع وصول المساعدات يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الحياة، والغذاء، والصحة، والتعليم.
وأضاف التقرير أن استمرار إسرائيل في الحصار وتقييد عمل الأونروا يعكس إخفاقًا كبيرًا في احترام التزاماتها الدولية، ويضاعف المخاطر على الفئات الأكثر هشاشة، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن، الذين يشكلون غالبية المستفيدين من خدمات الوكالة.
وأكد التقرير أن المجتمع الدولي مطالب بضمان حماية موظفي الأونروا ومبانيها، والضغط على إسرائيل للامتثال لحكم المحكمة.











