خلال عام 2025.. أكثر من 7000 معتقل فلسطيني في الضفة الغربية والقدس

خلال عام 2025.. أكثر من 7000 معتقل فلسطيني في الضفة الغربية والقدس
فلسطينيون في سجون إسرائيل

تحولت السجون الإسرائيلية في عام 2025 إلى فضاء مفتوح للموت البطيء، بحسب توصيف مؤسسات الأسرى الفلسطينية التي وثقت عاماً دموياً غير مسبوق في تاريخ حركة الأسر، لافتة أن أرقام الاستشهاد، وأشكال التعذيب، وحجم الاعتقالات، ترسم صورة قاتمة لواقع الأسرى داخل سجون ومعسكرات الاحتجاز الإسرائيلية، حيث امتدت حرب الإبادة من ساحات القصف في غزة إلى الزنازين المغلقة خلف القضبان.

ووفق التقرير السنوي الصادر اليوم الثلاثاء عن مؤسسات الأسرى، ونقلته وكالة سند للأنباء، فقد استشهد 32 أسيراً فلسطينياً داخل السجون والمعتقلات الإسرائيلية خلال عام 2025، في وقت سجل فيه أكثر من 7000 حالة اعتقال في الضفة الغربية والقدس، في مؤشر واضح على تصاعد السياسات القمعية الممنهجة بحق الفلسطينيين.

عام غير مسبوق من الاستشهاد 

أكد التقرير أن عام 2025 شهد تصعيداً خطيراً وغير مسبوق في الجرائم المرتكبة بحق الأسرى، مع انتقال سياسات الإبادة الجماعية في قطاع غزة إلى السجون التي تحولت إلى ساحات تعذيب دائم، وأوضحت المؤسسات أن استشهاد 32 أسيراً خلال عام واحد يعكس مستوى غير مسبوق من العنف والإجرام المنظم، ويكشف عن سياسة إعدام بطيء تنفذ بحق المعتقلين.

وبحسب المعطيات الموثقة، فإن عدد الأسرى الذين استشهدوا منذ بدء حرب الإبادة تجاوز 100 أسير، جرى الإعلان عن هويات 86 منهم، بينهم 32 شهيداً في عام 2025 وحده، وتشير المقارنات التاريخية إلى أن هذا الرقم يعادل عدد الأسرى الذين استشهدوا داخل السجون الإسرائيلية على مدار 24 عاماً بين 1967 و1991، ما يعكس حجم التحول الخطير في طبيعة التعامل مع الأسرى.

ولم يتوقف الانتهاك عند حدود القتل داخل السجون، إذ واصلت سلطات إسرائيل احتجاز جثامين الأسرى الشهداء في خرق صارخ للقانون الدولي الإنساني، وأفاد التقرير بأن السلطات الإسرائيلية تحتجز جثامين 94 أسيراً فلسطينياً، بينهم 83 استشهدوا بعد بدء حرب الإبادة، في سياسة تهدف إلى معاقبة العائلات وحرمانها من حق الوداع والدفن الكريم.

اعتقالات جماعية 

على صعيد الاعتقال سجل التقرير منذ بدء الإبادة نحو 21000 حالة اعتقال في الضفة الغربية والقدس، بينهم 1655 طفلاً و650 امرأة، دون احتساب آلاف حالات الاعتقال في قطاع غزة. وخلال عام 2025 وحده، وثقت المؤسسات أكثر من 7000 حالة اعتقال، شملت 600 طفل و200 امرأة، إلى جانب آلاف عمليات التحقيق الميداني التي تحولت إلى أداة قمع ثابتة لا تقل خطورة عن الاعتقال الرسمي.

وترافقت هذه العمليات مع جرائم اقتحام للمنازل، وتخريب للممتلكات، واستخدام المدنيين رهائن ودروعاً بشرية، في إطار سياسة عقاب جماعي ممنهجة.

كشف التقرير أن سياسة الاعتقال الإداري لا تزال تشكل إحدى أخطر أدوات القمع، إذ إن نحو 49 بالمئة من الأسرى المحتجزين في سجون إسرائيل حتى ديسمبر 2025 معتقلون دون تهمة أو محاكمة. ومن بين أكثر من 9300 أسير يوجد 3350 معتقلاً إدارياً، إضافة إلى 1220 معتقلاً من قطاع غزة مصنفين وفق قانون المقاتل غير الشرعي، وهو تصنيف يتيح احتجازهم دون ضمانات قانونية.

صفقات تبادل تحت القمع والتهديد

شهد عام 2025 عدة صفقات تبادل بين المقاومة الفلسطينية وسلطات إسرائيل وبحسب مؤسسات الأسرى، تمت الصفقة الأولى خلال شهري يناير وفبراير، على 7 دفعات، جرى خلالها الإفراج عن 1777 أسيراً، وفي أكتوبر 2025، أفرج عن 1968 أسيراً في إطار اتفاق وقف إطلاق النار، ليصل مجموع من تحرروا خلال العام إلى 3745 أسيراً وأسيرة.

ويرتفع العدد إلى 3985 أسيراً عند احتساب صفقة نوفمبر 2023 التي شملت 240 طفلاً وأسيرة. ومن بين هؤلاء جرى إبعاد 383 أسيراً قسراً خارج فلسطين، في انتهاك جسيم للقانون الدولي.

لكن فرحة التحرر لم تكتمل، إذ وثق التقرير ممارسات انتقامية واسعة بحق المحررين وعائلاتهم، شملت التهديد والاعتداء الجسدي حتى اللحظات الأخيرة من الإفراج، كما أعادت قوات الجيش الإسرائيلي اعتقال 80 محرراً لاحقاً، بينهم أطفال ونساء، في رسالة واضحة بأن الإفراج لا يعني نهاية الاستهداف.

التعذيب سياسة رسمية 

أكد التقرير أن سجون إسرائيل تحولت إلى امتداد مباشر لجريمة الإبادة، حيث لم ينجُ أي أسير من دوائر التعذيب المتعددة، تبدأ هذه المنظومة منذ لحظة الاعتقال، وتستمر خلال التحقيق وفترات الاحتجاز، عبر أساليب جسدية ونفسية متجددة.

وشملت الانتهاكات سياسة التجويع الممنهج، والحرمان من العلاج، وفرض ظروف معيشية قاسية أدت إلى تفشي الأمراض والأوبئة، كما فرضت إدارات السجون العزل الجماعي والانفرادي، وجردت الأسرى من الملابس والأغطية وأدوات النظافة، في ظروف طالت الرجال والنساء والأطفال على حد سواء.

أبرز التقرير تصاعد الاعتداءات بحق قيادات الحركة الأسيرة الذين يخضعون لعزل مضاعف في محاولة لتصفيتهم ببطء. وترافقت هذه السياسات مع حملات تحريض علنية على قتلهم، في ظل صمت دولي مطبق.

 جرائم بلا حدود

شكلت شهادات معتقلي غزة أحد أكثر فصول التقرير قسوة حيث كشفت عن نمط غير مسبوق من التعذيب الممنهج، شمل الاعتداء الجسدي والنفسي، والتجويع، والحرمان الطبي، والاعتداءات الجنسية، وأكدت المؤسسات استشهاد 50 معتقلاً من غزة من بين 86 أسيراً استشهدوا منذ بدء الإبادة، مع استمرار إخفاء مصير العشرات.

وأشار التقرير إلى معسكرات خاصة مثل سديه تيمان وقسم راكيفت في سجن الرملة، والتي تحولت إلى رموز لجرائم التعذيب والإخفاء القسري.

تشريعات تمهد للإعدام

على المستوى القانوني، شهد عام 2025 تصعيداً تشريعياً خطيراً داخل الكنيست الإسرائيلي، تمثل في إقرار عشرات القوانين العنصرية التي تستهدف الفلسطينيين، ولا سيما الأسرى. وأقر الكنيست في 10 نوفمبر 2025 بالقراءة الأولى مشروع قانون يتيح فرض عقوبة الإعدام بحق الفلسطينيين، إلى جانب قوانين توسع صلاحيات الشرطة وتجرم حرية التعبير.

تعد قضية الأسرى الفلسطينيين من أقدم القضايا المرتبطة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث استخدمت السلطات الإسرائيلية الاعتقال أداة مركزية للسيطرة منذ عام 1967، وعلى مدار العقود، مر عبر السجون مئات الآلاف من الفلسطينيين، بينهم أطفال ونساء ونواب منتخبون، ومع اندلاع حرب الإبادة على قطاع غزة في أكتوبر 2023، شهد ملف الأسرى تحولاً خطيراً، تمثل في تصاعد الاستشهاد داخل السجون، وتكريس التعذيب والتجويع بوصفهما سياسة رسمية، وسن تشريعات تهدف إلى شرعنة القتل والإعدام، ما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليات قانونية وأخلاقية متزايدة لوقف هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية