خبراء: تصحر الأراضي بالعراق لنقص مياه دجلة والفرات.. ومخاوف من جفافهما
خبراء: تصحر الأراضي بالعراق لنقص مياه دجلة والفرات.. ومخاوف من جفافهما
عُرف العراق في العصور القديمة باسم "بلاد ما بين النهرين"، أو الأرض الواقعة بين نهري دجلة والفرات، ولكن في الوقت الراهن تواجه بلاد ما بين النهرين أسوأ موجة جفاف وتلوث منذ عقود، وسط نقص هطول الأمطار وسوء إدارة الموارد المائية.
الأزمة يفاقمها تزاحم مياه أنابيب الصرف الصحي الثقيلة على نهري دجلة والفرات، وروافدهما في معظم المحافظات العراقية، وهو ما يتسبب بتلوث بيئي كارثي، فيما أعلنت الحكومة العراقية، عن إجراءات جديدة لمعالجة المعضلة، وتعد العاصمة العراقية بغداد مصدر التلوث الأكبر لمياه دجلة، إذ توجد بها 18 محطة للصرف الصحي تصب مياهها دون معالجة في مجرى النهر بمعدل 700 ألف متر مكعب في اليوم، بينما تقوم المحطات بضخ مياه النهر إلى أحياء سكنية.
جفاف نهري دجلة والفرات
يعتمد العراق على نهري دجلة والفرات لتلبية جميع احتياجاته المائية تقريبًا، ينبع النهران من تركيا ويتدفقان إلى حوض شط العرب في جنوب العراق. وبينما يعبر نهر الفرات سوريا والعراق، يتدفق نهر دجلة من تركيا إلى العراق.
تسهم تركيا بنسبة 90% في نهر الفرات بينما تسهم سوريا بنسبة 10% في تدفق المياه، أما بالنسبة لنهر دجلة، فإن دول تركيا والعراق وإيران تسهم بنسبة 40% و51% و9% على التوالي.
ومع ذلك، فإن السدود التي شيدتها كل من تركيا وإيران على النهرين إما منعت أو حولت المياه عن العراق، مما أدى إلى نقص حاد في المياه هناك.
ووفقا لوزارة الموارد المائية العراقية، من المتوقع أن يجف النهران بحلول عام 2040 ما لم يتم اتخاذ إجراءات لتغيير الاتجاهات الحالية.
وجفت بحيرة ساوة في البلاد بالفعل هذا العام، كما أن بحيرة الرزازة آخذة في التقلص.
ووفقا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، يحتل العراق المرتبة الخامسة بين أكثر البلدان عرضة في العالم لتغير المناخ، وفي العام الماضي حذر البنك الدولي من أن جنوب العراق يتجاوز بالفعل "عتبات جودة المياه الحرجة"، وغالباً ما تكون ملوثة للغاية بحيث لا يمكن للناس استخدامها.
تراجع في الإنتاج
وقال رئيس مركز تغير المناخ بمصر، الدكتور محمد فهيم، إن مصادر المياه الطبيعية بها مشكلة في كمية المياه وتوزيعها بسبب تغير المناخ على مناطق مصادر مياه نهري دجلة والفرات، وهناك عامل بشري يتعلق بالسدود التركية، ولكن ماذا يترتب على هذا النقص، إحدى المشكلات الأساسية والكبيرة بسبب نقص المياه الموجه للري والزراعة التي كانت خصبة وأصبحت أراضي بور، ما تسبب في عواصف ترابية في العراق في الأشهر الماضية، جزء منها يعود للأراضي المتصحرة والتي تقوم بعمل ما يسمى بـ"نحر التربة" فتأخذ الريح جزءاً من التربة مسببة العواصف".
وأضاف: "كان العراق رقم واحد عالميًا في زراعة النخيل وتراجع لمراتب متأخرة سواء من ناحية الإنتاج والتنوع بسبب أن مساحات الأراضي الزراعية أصابها الجفاف، ما نتج عنه ما يسمى بالأمراض والآفات التي تصيب النباتات والحيوانات".
مقترحات لمكافحة التصحر
حتمًا التلوث ليس وليد اليوم، لكن ما حصل هو تزايد نسبته، في ظل الاكتظاظ السكاني الذي تعاني منه بغداد، فضلا عن تعاظم تأثيره بسبب أزمة المياه التي يشهدها العراق، حيث قطعت إيران طوال الشهور الماضية معظم الأنهار المتدفقة من أراضيها نحو البلاد، الأمر الذي تسبب بجفاف شديد، رغم أن قرابة 40 نهرا متدفقا من إيران نحو العراق، هي أنهار دولية عابرة للحدود.
وتراجعت كميات الماء المتدفقة من نهري دجلة والفرات وفروعهما من تركيا، على مدار الأشهر الماضية، وهو ما دق ناقوس الخطر.
وفي مسعى لمواجهة التلوث البيئي، أعلنت وزارة البيئة العراقية، الأحد، تقديم مقترح لتقليل تلوث المياه ومعالجة التصحر في آن واحد.
وقال مدير عام الدائرة الفنية في الوزارة عيسى الفياض، في تصريح تلفزيوني، إن "السبب الرئيس وراء تلوث المياه هو أن معظم مياه الصرف الصحي تصب في الأنهار من دون معالجة"، مشيرا إلى أن "طاقة محطات الصرف الصحي في بغداد مصممة لثلاثة ملايين نسمة فقط، لكن اليوم هناك 8 ملايين نسمة".
وفي تصريحات صحفية حذر المسؤول العراقي، من "ارتفاع تلوث المياه في الأنهار مع انخفاض المناسيب"، لافتا إلى "تقديم مقترح وهو معالجة مياه الصرف الصحي واستخدامها في سقي الأشجار المثمرة، وبالتالي التقليل من تلوث المياه، ومعالجة التصحر والعواصف الترابية في آن واحد".
ولم تحظَ البنية التحتية للعاصمة بغداد، على مدار العقود الماضية، بإعادة تأهيل أو تجديد، بفعل 13 عاما من الحصار الذي فرض في عام 1991، ثم بالنزاعات الطائفية الدامية التي أعقبت الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، وأخيرا باجتياح تنظيم داعش للبلاد، ما جعل ملف الصرف الصحي معقدا، في ظل غياب الإجراء الصحيح لمعالجته.
وتمثل المخلفات الطبية، والمشاريع الصناعية في بغداد تلويثا لمياه دجلة، هذا إلى جانب شركات الصناعات الفولاذية، والمصافي النفطية، وغيرها.