منها الإمارات ومصر والسعودية .. نماذج عربية رسخت قيم التسامح
منها الإمارات ومصر والسعودية .. نماذج عربية رسخت قيم التسامح
يحتفل العالم اليوم 16 نوفمبر باليوم العالمي للتسامح، وهو اليوم الذي دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الدول الأعضاء للاحتفال به من أجل ترسيخ قيم وثقافات التسامح والاحترام والتآخي ونبذ كل أشكال التعصب والكراهية والتمييز، وتسعى الدول العربية لبذل العديد من الجهود والمبادرات في ترسيخ الأخوة الإنسانية وإرساء ركائز التسامح.
الإمارات
تعد الإمارات بما تبذله من جهود ومبادرات، نموذجا ملهما في ترسيخ الإخوة الإنسانية وإرساء ركائز التسامح، الذي يعد عماد حقوق الإنسان، ويكاد لا يمر يوم إلا ويجني العالم ثمار تلك المبادرات، التي جعلت من دولة الإمارات واحة للإنسانية ومنارة للتسامح وبلد الأمن والأمان الذي تشع قيمه ومبادئه الإنسانية في أرجاء المعمورة.
وتجسد الإمارات هذا الأمر قولا وفعلا على أرض الواقع، من خلال احتضانها أكثر من 200 جنسية يعيشون في وئام وسلام، ويمارسون معتقداتهم بحرية تامة، كما جسدته في وثيقة مبادئ الخمسين، والتي أكدت أن “منظومة القيم في الإمارات ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح.. واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوّة الإنسانية”.
وأيضا في إصدار قانون خاص بإنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، الأمر الذي سيسهم في تعزيز قيم احترام التعددية والقبول بالآخر واستدامة أسس التعايش والتسامح والوئام، كما تظهر تلك القيم جلية أيضا في “بيت العائلة الإبراهيمية”، الجاري إقامته في جزيرة السعديات بالعاصمة الإماراتية أبوظبي.
وينص دستور الإمارات على الاحترام المتبادل في جميع تعاملات المؤسسات والأفراد على حد سواء، ومساواة الجميع أمام القانون، فضلاً عن تمتع الأجانب بمختلف الحقوق والحريات التي تنص عليها المعاهدات والمواثيق الدولية، والتي تلتزم بها الإمارات.
وتتميز الإمارات بمنظومة تشريعية وقانونية تهدف إلى إثراء ثقافة التسامح، ونبذ كل أنواع التطرف والعنصرية تجاه أي فئة مجتمعية، وفي مقدمتها المرسوم بقانون اتحادي رقم 2 لسنة 2015 في شأن مكافحة التمييز والكراهية الذي يهدف إلى مواجهة مظاهر التمييز والعنصرية، أياً كانت طبيعتها، عرقية، أو دينية، أو ثقافية.
كما كانت الإمارات سباقة عالمية في استحداث وزارة دولة للتسامح عام 2016.
ويشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت، 4 فبراير من كل عام، يوماً دولياً لـ”الأخوة الإنسانية”، والذي يوافق ذكرى توقيع وثيقة “الأخوة الإنسانية” بين شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، والبابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، في مدينة أبوظبي عام 2019، وتدعو الوثيقة إلى “العمل الجدي على نشر ثقافة التسامح والسلام ونبذ التطرف بكل صوره وأشكاله”.
مصر
من جانبها تشيد العديد من منظمات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية باحتضان المجتمع المصري بجميع أطيافه، وبحضارته الممتدة عبر العقود، القيم والمفاهيم الخاصة بالتسامح الديني والتعايش السلمي، والتي كانت وما زالت مصدر القوة للمجتمع وأحد أسباب حالة الاستقرار والتنمية التي تشهدها البلاد من تعزيز الحرية الدينية للجميع، وثقافة الحوار والتفاهم بين الأديان، ومكافحة خطاب الكراهية والتعصب، وكانت مصر دائماً على مر العصور تفتح ذراعيها للتعددية والثراء والتنوع الثقافي.
ويعد “بيت العائلة المصرية” نموذجاً متفرداً في ترسيخ الوحدة الوطنية وتعزيز قيم التسامح والسلام المجتمعي.
ويؤكد المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن التسامح هو احترام وقبول وتثمين التعددية التي تتسم بها ثقافة عالمنا اليوم، والتسامح هو الاحتفال بالثراء الذي تتسم به أشكال التعبير وإدارة أمورنا الحياتية، وتعدد الآراء ووجهات النظر بشأن الاعتقاد، والأعراق والسياسات، والتي تمثل ألوان المجتمعات المختلفة.
السعودية
تحظى السعودية بتنوع ثقافي يميزها، ونحو ثلث سكانها غير سعوديين، وهذه القيمة الإنسانية تتعزز أهميتها، لتحقيق التعايش بين مختلف أطياف المجتمع، خصوصاً أن المملكة منذ نشأتها أولت اهتماماً كبيراً لترسيخ وتعزيز قيم التسامح والتعايش.
ويؤكد مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني أن تسامح يمثل قيمة إنسانية كبرى دعت إليها جميع الشرائع السماوية، وأكدتها القرارات الدولية، وعملت المملكة عبر أجهزتها الحكومية، ومؤسساتها التعليمية، ومنظماتها المجتمعية على تأصيل هذه الفضيلة العليا.
وفي النسخة الرابعة لـ”ملتقى حوارات المملكة “، الذي انطلقت فعالياته أمس، سلط المركز الضوء على جهود المملكة في ترسيخ قيم التسامح داخل المجتمع، كما أعلن المركز عن إطلاق مؤشر التسامح في نسخته الثانية التي سيبدأ الباحثون بالعمل عليه في 13 مدينة و28 محافظة و46 قرية في جميع مناطق المملكة.
وفي إبريل الماضي، أطلق مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني “جائزة الحوار الوطني”، كإحدى مبادراته الوطنية لإبراز وتعزيز قيم التسامح والتعايش والتلاحم، تحقيقا لتطلعات رؤية المملكة 2030 في بناء مجتمع حيوي مزدهر
وثمنت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” جهود المملكة العربية السعودية وقيادتها في ترسيخ قيم التسامح والاعتدال والوسطية والتعايش بين شعوب العالم.
قطر
قالت السفيرة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة في “الاجتماع الرفيع المستوى المعني بثقافة السلام” الذي عقدته الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرا، إن بلادها تؤكد مواصلة جهودها لإشاعة قيم التسامح ومكافحة التطرف، حيث تواصل المؤسسات القطرية ومنها مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان لنشر ثقافة السلام وبناء القدرات في مجال الحوار والتسامح.
ودأب مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان منذ تأسيسه على عقد مؤتمرات دولية للحوار بين الأديان بمشاركة القادة الدينيين من مختلف الأديان، فضلا الدور الريادي والفاعل الذي تضطلع به دولة قطر في دعم تحالف الأمم المتحدة للحضارات.
البحرين
اتخذت مملكة البحرين مبادرات رائدة لنشر ثقافة السلام وإرساء قيم التسامح في محيطها الإقليمي والدولي، من أبرزها إنشاء ”مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي”، وتدشين “إعلان مملكة البحرين” كوثيقة عالمية لتعزيز الحريات الدينية، وتخصيص “كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي” في جامعة لاسابينزا الإيطالية، كما عملت المملكة على استضافة عدد من المؤتمرات الدولية التي تناولت التقارب الديني والثقافي تجسيداً لالتزامها بفكرة التقارب الإنساني.
واعتمدت المنظمات الإقليمية والدولية مبادرات المملكة بتعزيز التضامن الإنساني، ومن أبرزها موافقة جامعة الدول العربية على اقتراح جلالة الملك بإنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان واحتفالات الأمم المتحدة باليوم العالمي للضمير، ويوم الأخوة الإنسانية، وتقديمها جوائز عالمية لدعم التقارب بين الشعوب والحضارات، وتعزيز التسامح والتآخي الإنساني، وكذلك توقيع إعلان تأييد السلام وإعلان مبادئ إبراهيم في إطار تمسكها بسياستها الخارجية الحكيمة والمتوازنة.
وفي ذات السياق انطلقت المبادرة السامية لملك البحرين الداعية إلى إقرار اتفاقية دولية لتجريم خطابات الكراهية الدينية والطائفية والعنصرية بجميع صورها وأشكالها، بما فيها مكافحة جرائم الإسلاموفوبيا ومعاداة الأجانب والمسلمين، ومنع إساءة استغلال وسائط الإعلام والمعلومات وشبكات الإنترنت والتواصل الاجتماعي والفضاءات المفتوحة في بث الشائعات أو التحريض على التطرف أو العنف والإرهاب.
وتابعت مملكة البحرين نجاحاتها في تنفيذ 107 مبادرات تشريعية وتثقيفية وتربوية وإعلامية من مبادرات الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة “بحريننا”.
سلطنة عمان
استعرضت العديد من التقارير الدولية مواقف سلطنة عمان، وكان من أبرزها تقرير أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية أكد أن السلطنة تقوم بجهود ايجابية تنفيذا للسياسات التي وجه بها السلطان قابوس بن سعيد، رحمه الله، لنشر ثقافة التسامح الديني، موضحا أنه لم تصدر أية تقارير عن أية انتهاكات لذلك بالسلطنة.
على ضوء ذلك وثق التقرير حقائق مهمة على أرض الواقع، فالنظام الأساسي للدولة الذي يمثل دستورا مكتوبا في سلطنة عمان ينص على أن الإسلام هو دين الدولة ولكنه يمنع التمييز على أساس الدين ويحمي حق الأفراد في ممارسة شعائرهم الدينية طالما أن ذلك لا يخل بالنظام العام أو الأخلاق، ولا تحدث أي انتهاكات مجتمعية أو تمييز على أساس الانتماء أو المعتقد أو الممارسة الدينية ولا يوجد سجناء أو محتجزون دينيون.
من جانبه، يقوم مركز “السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم” بنشاط كبير، كما تعزز دوره سلسلة معارض “التسامح الإسلامي في عمان” التي زارت على مدى السنوات الأخيرة العشرات من أهم وأكبر العواصم والمدن في العديد من دول العالم، في كل القارات، للتعريف باعتدال الإسلام، وبقيمه الإنسانية النبيلة، ومن ثم دحض محاولات التشوية التي يتعرض لها الدين الإسلامي الحنيف، انطلاقاً من تقديم ملامح من أوجه الحياة في السلطنة التي تمثل المجتمع المتميز بقيم الإخاء والعدالة.
على الصعيد القانوني، تنص التشريعات على عقوبة تصل إلى عشرة أعوام سجنا لمن يقوم بإثارة الفتنة الدينية أو الطائفية، وعلى عقوبة ثلاثة أعوام وغرامة خمسمائة ريال لأي شخص يسيء للذات الإلهية أو الأنبياء أو أي جماعات دينية شفاهة أو كتابة أو يقلق طمأنينة التجمعات الدينية القانونية، فضلا عن أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة قد تسيء إلى القيم الدينية أو تنتهك النظام العام، يعتبر أيضا جريمة عقوبتها ما بين شهر إلى سنة سجنا وغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني.
وتصدر وزارة الأوقاف والشئون الدينية مجلة “التفاهم” بهدف توسيع نطاق الحوار الهادف بين المسلمين والأديان الأخرى.
الأردن
أبرز الأردن منذ تأسيسه نموذجا للتسامح والاعتدال والوسطية في منطقة الشرق الأوسط والعالم بأجمعه، ويشهد على ذلك مواقفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية وتقبل الآخر والتعايش معه.
ويقول الباحث والمفكر الإسلامي والناشط الحقوقي والسياسي الدكتور حمدي مراد، إن الخطاب الديني في الأردن يخلو من العصبية والإقصائية ويسعى لمحبة الآخر، ويدفع لإقامة العلاقات الطيبة، حتى لو بقي على معتقده.
ومن جانبه، أوضح القس سامر عازر أن الأردن منذ عهد الإمارة عام 1921 تأسس على التنوع والانفتاح، وانصهر الأردنيون مسلمين ومسيحيين في بوتقة الدولة الواحدة دون استثناء، ما يؤشر إلى نموذج في الوئام الديني والعيش المشترك بين أتباع الديانات السماوية، في إطار دولة القانون والمؤسسات.
المغرب
في مارس الماضي، تم بمقر المتحف اليهودي بالدار البيضاء، توقيع اتفاقيتين، من أجل تعزيز قيم التسامح والتعايش لدى الناشئة.
ووقعت الاتفاقية الأولى بين الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الدار البيضاء -سطات، ومؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي، فيما جمعت الاتفاقية الثانية بین ثانوية الوفاء الإعدادية التابعة للمديرية الإقليمية بالدار البيضاء– أنفا، وثانوية ابن میمون بالدار البيضاء، وثانوية ليوطي التابعة للبعثة الفرنسية بالمغرب.
وذلك بهدف تنظيم أنشطة ثقافية وفنية، وزيارات مجانية للمتحف الثقافي اليهودي المغربي لفائدة المتعلمات والمتعلمين والأطر الإدارية والتربوية، وإحداث فضاء وأنشطة للتسامح والعيش المشترك.
وتجدر الإشارة إلى أن متحف التراث اليهودي المغربي تم افتتاحه رسميا سنة 1997، وهو المتحف الوحيد في العالم العربي والإسلامي من نوعه، ويعد المتحف مؤسسة ثقافية مغربية يهودية ذات تجربة مهمة في المجال البيداغوجي في ما يتعلق بالتسامح والعيش المشترك، ويهدف إلى التعريف بالتراث الثقافي اليهودي المغربي، وكل ما يتعلق بالعادات والتقاليد المحلية.