خبراء: هناك «أزمة ثقة» بين وسائل التواصل الاجتماعي وروادها
خبراء: هناك «أزمة ثقة» بين وسائل التواصل الاجتماعي وروادها
التكنولوجيا سلاح ذو حدين، فكما تعد الإنجاز الأهم في القرن العشرين لتحسين وتسهيل حياة البشر، قد تكون أيضًا سببًا في تضليلهم، خاصة فيما يتعلق منها بمحركات البحث والسوشيال ميديا، وما قد تحدثه من أزمة ثقة وفقدان المصداقية.
مؤخرًا، ناقشت دراسة بحثية أجراها معهد رويترز، ثقة الناس في الأخبار التي يتصفّحونها على وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أنها أقلّ بكثير من ثقة الناس في الأخبار المتلفَزة، كما أفاد الاستطلاع الأخير للشباب العربي بأنهم لا يثقون في أخبار المنصات، بقَدر الأخبار التي يتلقونها عبر التلفاز والصحف.
ونشر معهد رويترز لدراسة البحث الصحفي، تقريرا بعنوان "فجوة الثقة"، تظهر فيه نتائج دراسة استقصائية شملت ألفي شخص، من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، والبرازيل، والهند.
وسجلت الدراسة انخفاضًا في الثقة بالأخبار التي نُشرت في السنوات الأخيرة على منصات التواصل الاجتماعي، وعلى الصعيد العربي، وجد استطلاع حديث أن الشباب العربي يثق بالتلفاز والصحف، أكثر من وسائل التواصل الاجتماعي والمؤثرين كمصادر للأخبار، فكانت نسبة الأشخاص الذين يفضلون مشاهدة التلفاز 84 بالمئة.
ووفق الأبحاث، يلاحظ تراجع بثقة الشباب في الأخبار على منصات التواصل الاجتماعي، على الرغم من زيادة استخدامها بين فئة الشباب.
"جسور بوست" ناقشت الأزمة مع مستخدمين للسوشيال ميديا ومتخصصين للوقوف على حجم الأزمة وآثارها.
الحقائق نسبية
ريم محمد من تونس، سردت تجربتها لـ"جسور بوست"، قائلة: “في الغالب ونظرًا لتجارب كثيرة مررنا بها خلال الأعوام السابقة مع السوشيال ميديا خاصة في الربيع العربي، فإن الحقائق نسبية، وما ينتشر على السوشيال ميديا كثيرًا ما يكون مضللًا، ولا بديل عن الدراسات والأبحاث والبيانات الرسمية”.
وتابعت، "يوميًا نتابع ما يسمى بـ"التريند"، وغالبًا هي أمور نميمة غير موثقة وبعضها تنمر قد يشعر المرء بسببه بالدونية وعليه يقل احترامه لذاته، وهي أمور سهل الوقوع فيها لمن ليس لديه وعي كافٍ لتحمل تلك الحملات التي ربما طالته بشكل مباشر، فقد تغير مصائر البعض، ونشاهد بشكل يومي إقبال البعض على الانتحار من خلال شبكات التواصل الاجتماعي".
وأضافت “ريم”، “الخطورة الأكبر في الأخبار الكاذبة التي تنتشر كالنار في الهشيم، فقد تؤرَّق بسببها دول وقد تنهار بسببها اقتصادات، كما شاهدنا في ثورة بعض الدول التي كانت الجماعات الإرهابية وراء بعضها، ما نتج عن ذلك قتل ودمار ما زلنا نعانيه إلى الآن، وفي تونس عانيناه سنينًا”.
وأكدت ضرورة وجود ضوابط للسوشيال ميديا وألا يترك الأمر على عمومه من خلال الشرطة الإلكترونية، مع ضرورة التوثق من المعلومة من خلال بيانات رسمية أو مصادر حكومية، أو من خلال القنوات الرسمية لكل دولة لتفادي حدوث مشاكل يجد أثرها الفرد والمجتمع.
وسائل للترفيه
وافقتها الرأي عزة حسن -مصرية، وربة منزل- قائلة: "إن تضارب الأخبار يجعلنا نرى جميع ما يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي مشكوكا في أمره، وهذا أمر غير جيد، حيث من المفترض أن تكون تلك الوسائل مصدرًا للمعلومة، كما يقلل ذلك من حجم تأثير الإعلام البديل في عمل تغيرات مجتمعية، لم نعد نصدق أحدًا، في المجمل لم تعد تهمنا الأخبار، نحن نتفاعل مع الأحداث اليومية والأخبار الخفيفة، فلدينا ما يثقلنا من مسؤوليات ونعتبر تلك الوسائل مادة ترفيهية".
أزمة ثقة
وبدوره، قال استشاري الطب النفسي، جمال فرويز: “إن أضرار الإشاعات التي قد تطلقها تلك المواقع يحصد تأثيرها الفرد والمجتمع، فالقرارات التي تؤخذ على وسائل التواصل الاجتماعي قرارات انفعالية لحظية، فقد يتأثر شخص بخبر ويكتب بناء عليه رأيه اللحظي والذي قد يكون مخالفًا لما في قرارة نفس الشخص عن ذات الموضوع، وتتأثر الشخصيات العصابية بما يدور في مواقع التواصل، ما يتسبب لهم في مشاكل صحية عدة منها الضغط المرتفع والسكر وقد تتطور إلى جلطة، إلى جانب مشاكل أخرى نفسية كالاكتئاب والتوتر والخوف”.
وتابع الخبير النفسي في تصريحات لـ"جسور بوست"، “بالطبع هناك أزمة ثقة وفقًا لما مرت به المجتمعات والأفراد من تجارب، وهناك عدم مصداقية يسود تلك المواقع، والناس متفاوتون من حيث السن، وهناك أجيال مصدر الخبر لديها التلفاز والجرائد الورقية وما عدا ذلك يستبعد تصديقه وهم من فوق عمر الخمسين، بينما من هم دون هذه المرحلة تأثروا بالسوشيال ميديا وإن كانت بنسبة أقل، وللأسف لهذه المواقع تأثير كبير على فئات كثيرة خاصة الشباب، وبسببها حدثت قلائل مجتمعية وثورات كانت لبعض الدول وبالًا وعرضتها للانهيار، مصدر المعلومة كان قبل ثورات الربيع العربي رماديا أي مجهولا، لكنه الآن أصبح أسود أي معلومًا، وقد يستهدف تقويض الدول، ولذلك من المهم التركيز في مصدر المعلومة لتفادي التخريب ولبناء الثقة”.
وعن كيفية وقاية الفرد لذاته من تأثير تلك الأخبار، أكد الخبير النفسي ضرورة أخذ الفرد احتياطاته، أولها التوثق من المصدر والابتعاد عن المصادر المشبوهة أو الكاذبة، أو من يستهدفون تقويض الدول.