بشرى.. التعاسة التي سببتها الحرب وجائحة كورونا لا تؤديان إلى الوفاة

بشرى.. التعاسة التي سببتها الحرب وجائحة كورونا لا تؤديان إلى الوفاة

لقد تغير العالم في السنوات الثلاث الماضية، لا يمكنك إخبار نفسك بغير ذلك، الأسباب معروفة: جائحة "كوفيد-19"، ثم الحرب الروسية الأوكرانية وما تسببتا فيه من وضع اقتصادي سلبي أجهز على الأخضر واليابس، لا شك إذاً أن لذلك تبعات نفسية شكلتها الضغوط على الأفراد والمجتمعات.

ووفقًا لتقارير متخصصة، أظهر تقرير غالوب العالمي للمشاعر الصادر 2022، أن مشاعر الضغوط والحزن والغضب والقلق والآلام الجسدية، التي يعاني منها الناس يوميًا، سجلت رقماً تاريخياً في قياسات الرأي العام التي تجريها مؤسسة غالوب سنويا منذ عام 2006، ما يشير إلى ارتفاع “معدل التعاسة العالمي”. 

3 دول عربية في المقدمة

وفقًا لتقرير جالوب، جاء ترتيب الدول العشر الأكثر تعرضاً للمشاعر السلبية على النحو التالي: أفغانستان ثم لبنان، والعراق، وسيراليون، والأردن، وتركيا، ثم بنغلاديش والإكوادور وغينيا وأخيراً بنين.

بينما جاءت الدول العشر الأقل عرضة للتجارب السلبية على النحو التالي: لاتفيا وقيرغيزستان وإستونيا وروسيا وجنوب إفريقيا، ثم لتوانيا وماليزيا ومنغوليا وسنغافورة ثم موريشيوس فكوسوفو ثم تايوان فكازاخستان. 

وفي تصريحات صحفية، قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة جالوب جون كليفتون، إن هذ الرقم القياسي للمشاعر السلبية ربما لا يكون مستغرباً بالنظر إلى أن العالم يعاني من حرب "روسيا وأوكرانيا" وتضخم اقتصادي وجائحة كورونا، والتي تكفي واحدة منها لجعل العالم أسوأ، لكن الارتفاع العالمي لمعدل الشقاء بدأ قبل فترة طويلة من حدوث هذه الأزمات العالمية، بل بدأ قبل عقد من الزمن.

تأثير التعاسة على عمر الفرد

ويأتي السؤال الأهم: ما تأثير ذلك على حياة الأفراد ومعدل أعمارهم؟ هذا ما تجيب عنه دراسة بريطانية، أنه لا علاقة بين التعاسة واحتمال وفاة الإنسان، لافتة إلى أن الحالة المزاجية السيئة قد تدفع المرء إلى خيارات سيئة تتعلق بنمط الحياة، لكنها لا تقضي على حياته. 

وقالت بيتي ليو، التي قادت فريق الدراسة وهي من جامعة نيو ساوثويلز: "وجدنا بعد دراسة ضعف الصحة والخيارات الأخرى المتعلقة بنمط الحياة، أن الشعور بالسعادة لا يطيل في أعمارنا، كما أن الشعور بالقلق والضغط العصبي لا يزيد احتمالات الموت".   

ولتفسير العلاقة بين التعاسة واحتمال الوفاة، فحصت ليو وزملاؤها بيانات أكثر من 700 ألف امرأة في منتصف العمر، تم جمعها في أكثر من عشر سنوات، لتثبت ذلك، وفق ما ذكرت وكالة رويترز.

عوامل التعاسة 

 ولقياس المشاعر السلبية اعتمد تقرير جالوب على سؤال: هل عانيت معظم يومك بالأمس من أي من المعاناة التالية: ألم جسدي، قلق، حزن، ضغوط وغضب؟ 

بحسب التقرير، يتضح أن: 

• القلق شكل ما نسبته 42%.

• الضغوط كانت أقل بقليل وشكلت نسبة 41%. 

• الألم الجسدي بلغت نسبته 31%، أي نحو ثلث عينة الاستطلاع. 

• مشاعر حزن وبلغت نسبتها 28%.

• الشعور بالغضب وبلغت نسبته 23%.

 

مواجهة الأجواء التشاؤمية

تعقيبًا، قال الاستشاري النفسي، جمال فرويز، إن القدرة على التعايش والتصدي للأجواء التشاؤمية هما الحل، فالمناخ التشاؤمي الذي يعيشه الإنسان المعاصر بسبب السوشيال ميديا، لابد من الانتباه إليه وتعديله.

وأضاف: إذا أخذنا لبنان كمثال نجد أن الغالبية في الواقع الطبيعي متعايشون مع أزمتهم، بينما تشيع وسائل التواصل الاجتماعي أخبارًا تشاؤمية عن صعوبة الوضع هناك مما ينعكس سلبًا على كثيرين، والحل هو مواجهة تلك الشائعات والرد عليها فور ظهورها وكلما تأخر الرد زادت الروح التشاؤمية وقلت أسباب السعادة، كذلك إبداء بعض التصرفات الإيجابية لرفع الروح المعنوية داخل المجتمع.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست": بعض الدول التي أوردها التقرير مثل تركيا، صفات البعض وطبائعهم الشخصية يغلب عليها العصبية.

وتعليقًا على الدول الأقل تعاسة كروسيا وتايوان قال: إن هذه الدول لديها وضع اقتصادي جيد، ولم يتدخل في اقتصادها صندوق النقد الدولي، وبالنسبة لتايوان فإن عدد الشعب محدود ذو دخل مرتفع، بينما تتميز سنغافورة بأعلى دخلـ وعليه يشعر الناس هناك بالسعادة.

وأضاف: تسبب "كوفيد-19"، في إدخال الشعوب في حالة توتر حيث زاد من سوء الأوضاع الاقتصادية المتردية بالفعل التي عصفت بغالبية الدول بعد كورونا والحرب الدائرة هناك بين روسيا وأوكرانيا.

غياب الانتماء

وبدوره، قال الأستاذ في علم كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث القومية والجنائية، فتحي قناوي، إن الوجود في مكان والانتماء إليه، جزء شعور الإنسان بذاته وتحققه وصحته وسلامه النفسي، ولذا سنجد معظم الدول الأكثر تعاسة تعج بالانقسامات والتحزب ومن ثم عدم الراحة النفسية لعدم توافر الانتماء، فمن العقيدة التي يبني عليها الإنسان منذ ولادته هي الانتماء لمكان ومحبته، ومن الأمور الباعثة على الراحة أو عدم توافرها الإيجابية في التعامل بين الأفراد وبعضهم البعض والابتعاد عن العنف.

وأضاف أن وعي المجتمعات بدور الآخر والدين والواجب في حياتهم من شأنه تشكيل وجدان سوي يبعد القلق والحزن وكل ما يؤثر على الصحة النفسية للإنسان.

وأكد ضرورة الابتعاد عن الاستخدام السيئ للسوشيال ميديا، حيث يساهم ذلك في معدل زيادة الاضطرابات والقلق وعدم الشعور بالأمان.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية