مسؤول أممي: أطفال سوريا يعانون أزمة نفسية كبيرة
مسؤول أممي: أطفال سوريا يعانون أزمة نفسية كبيرة
كشف القائم بأعمال المنسق المقيم للأمم المتحدة، المصطفى بن المليح، عن أن الأطفال في المناطق المتأثرة بالزلزال في سوريا يمرون بصدمة وهم خائفون من الزلزال ومن العودة إلى منازلهم.
وفي حوار أجراه مع الموقع الرسمي لأخبار الأمم المتحدة، قال المنسق المقيم: "تحدثت مع ممثلة اليونيسف وأخبرتني بأن الأطفال يعانون أزمة نفسية كبيرة وهم كانوا مصدومين من قبل بسبب الحرب، وأن هناك خطة من اليونيسف والمنظمات الأخرى مثل صندوق الأمم المتحدة للسكان للتعامل مع قضية الأطفال في ظل هذه الظروف".
وبحسب ممثلة اليونيسف فإن الأطفال تضرروا كثيرا، مؤكدة أنه من المهم أن يكون لديهم الآن المأوى الآمن الذي يخلو من المشكلات، وفي الوقت نفسه تعد العودة إلى المدارس أمراً مهماً للغاية.
وتسبب الزلزال المدمر الذي ضرب شمال سوريا في مقتل مئات الأشخاص وتشريد الآلاف، وفاقم الأزمة الإنسانية الناجمة عن اثني عاما من الصراع، في الوقت الذي سارعت وكالات الأمم المتحدة في حشد استجابتها الطارئة لمساعدة المتضررين.
وحول آخر تطورات الوضع على الأرض الآن وخاصة في المناطق المتأثرة بالزلزال، قال المصطفى بن المليح: "ليست لدينا إحصائيات كاملة لأننا ما زلنا في إطار تقييم انعكاسات الزلزال على المنطقة الشمالية، بما في ذلك حلب وحمص، وحماة واللاذقية وطرطوس.. لدينا فرق هناك تحاول تقييم الاحتياجات، ولكن الوضع صعب جدا لأن سوريا قبل الزلزال كانت تمر بوضع سيئ ومزرٍ جدا نسبة لأعوام الحرب الاثني عشر".
وأوضح: "هناك الأزمة الاقتصادية والأزمة اللبنانية وجائحة كـوفيد-19 والأزمات الأخرى مثل أزمة ارتفاع أسعار الوقود بشكل لا يمكن تصوره.. حتى قبل الزلزال كان المواطن العادي من الطبقة الوسطى يعاني بصورة كبيرة في سبيل الوصول إلى الخدمات والاحتياجات الأساسية، أما الآن فقد صارت المشكلة أصعب".
وتابع: "في حلب مثلا تسبب الزلزال في دمار وانهيار كبيرين.. الآن نستعمل المدارس والجوامع والكنائس لإيواء المتضررين فيما يتزايد عددهم بشكل متواصل منذ اليوم الأول للزلزال، والناس يخشون العودة إلى منازلهم والتي لم تكن منازل عادية في حقيقة الأمر، لأنهم كانوا نازحين داخل البلد وكانوا يقطنون منازل وضعها مزرٍ، والآن صار الوضع أصعب بكثير، وارتفع عددهم بشكل أكبر مما كان عليه".
وأكد المسؤول الأممي: "هناك حاليا أكثر من 20 ألف شخص لجؤوا إلى المدارس وخاصة الأطفال والسيدات وهم في حاجة إلى دعم كبير، هذا من جهة، ومن جهة أخرى بالإضافة إلى الزلزال هناك أحوال الطقس، فهناك الجليد والبرد الذي يصل إلى درجة التجمد، وبالتالي صارت هناك أزمة داخل أزمة".
وأضاف: "بالنسبة للمناطق الأخرى مثل اللاذقية فهي تواجه تقريبا المشكلات نفسها، فهي تعاني تضرر النظام المائي، فخزانات المياه يمكن أن تنهار في أي لحظة، وبالتالي تسبب أضرارا للناس الذين يسكنون بالقرب منها، وفي الوقت نفسه، أثر الزلزال على البنية التحتية، حيث بات التنقل من جهة إلى أخرى صعبا جدا".
وشدد على أن هناك حاجة إلى الغذاء والماء والملابس الشتوية، وهناك مشكلات في عمليات البحث والإنقاذ ونقص كبير في الآليات المستخدمة في هذه العمليات في المناطق المتضررة شمال البلاد.
ونوَّه المسؤول الأممي إلى صعوبة في الوصول إلى المناطق النائية، قائلا: "أتصور أن هناك مناطق نائية ما زلنا لم نصل إليها للتعامل مع هذه الأزمة".
وقال: "تشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة إلى وفاة 800 شخص وإصابة نحو ألفين، ولكن الحقيقة أن الأرقام قد تصل إلى معدل خمس إلى ست مرات أكثر من هذا العدد لأننا لم نصل إلى كل المناطق التي تضررت".
وحول الجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة حاليا لمساعدة المتأثرين بالزلزال، قال: “الآن ما زلنا نستخدم كل مخزونات ومستودعات الغذاء والخيام التي كانت بحوزتنا، والتي كانت مخصصة للتعامل مع الأزمة السورية لأكثر من عشر سنوات، وسينتهي هذا المخزون”.
وأضاف: “حجم الاحتياجات الإنسانية كبير، ولا بد من إعطاء سوريا ما تستحقه من الدعم، الدعم الذي نقدمه الآن هو الدعم الغذائي، نستخدم المطابخ لإعداد الطعام، ويتم توزيع مجموعات المستلزمات الطبية والدواء وكذلك الملابس الشتوية وكل ما يلزم في مثل هذا الإطار الطارئ، وكذلك المساعدة في تنسيق العمل الميداني والاتصال مع الحكومة حتى لا يكون هناك ازدواج في العمل".
وشدد المصطفى بن المليح: "نحن الآن في إطار تنسيق وتقييم الاحتياجات ومن خلال ذلك نضع خطة للتعامل مع التداعيات المتعلقة بالأمد القريب مثل الكوليرا، وتقوم منظمة الصحة العالمية واليونيسف بالتوعية، هناك جهود جارية لتجنب تفشي الكوليرا من جديد داخل المستشفيات والملاجئ، هناك أيضا استراتيجية لإعادة إصلاح ما تدمر وهذا ما يسمى بالإنعاش المبكر".
وأضاف: "أما استراتيجيتنا خلال الأسابيع الثلاثة أو الأربعة المقبلة للاستجابة للأزمة الحالية فهي التنسيق، وتجنب الازدواجية في الجهود، والاستجابة لكل الاحتياجات الأساسية بما في ذلك التعليم والصحة والمواد الغذائية وغير الغذائية، ولكن في الوقت نفسه ننظر إلى ما بعد ذلك، حتى لا تتفاقم المشكلات، والأهم بالنسبة لنا هو الدعم اللوجيستي والسياسي، ونحن على اتصال مباشر مع الحكومة للوصول إلى المتضررين حتى لا تحدث أي مشكلات في ما يتعلق بالوصول إلى المستفيدين والمحتاجين".
وفي ختام حديثه قال: "لدي رسالة إلى الأهل في سوريا وإلى الداعمين من خارج سوريا.. هناك إمكانية أن يدعم الجميع سوريا والمتضررين عبر أدوات خاصة بذلك، وكذلك هناك حاجة إلى عدم تسييس العمل الإنساني في سوريا.. نحن منظمات نهتم بالقضايا الإنسانية أولا، ونحتاج إلى عدم تسييس العمل الإنساني والسماح لنا بالعمل والوصول إلى المحتاجين أينما كانوا، ولا بد أن تكون هناك موارد، سوريا متضررة وهي لا تحظى بما تستحقه من عناية من ناحية التغطية الإعلامية الدولية مقارنة بتركيا، ولكن حجم الاحتياجات الإنسانية في سوريا أيضا كبير ولا بد من إعطائها ما تستحقه من الدعم من كل الجهات".










