وسط تحركات لخفض التوترات.. التصعيد الإسرائيلي ينذر بـ"شتاء ساخن" في فلسطين
وسط تحركات لخفض التوترات.. التصعيد الإسرائيلي ينذر بـ"شتاء ساخن" في فلسطين
بجهود عربية وأممية لوقف التصعيد الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة والضفة الغربية، عُقدت العديد من اللقاءات والمباحثات لإعادة الهدوء وخفض حدة الصراع في المنطقة.
ومؤخرا ارتفعت وتيرة التصعيد الميداني بين الجانبين، على وقع اتخاذ إجراءات بالتوسع الاستيطاني وهدم المنازل ومصادرة الأراضي واقتحامات المسجد الأقصى وغيرها.
وشهد مقر الرئاسة في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية لقاءات عربية وأمريكية في محاولة لخفض التصعيد الميداني بين الفلسطينيين وإسرائيل.
بدوره، أجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس مباحثات قصيرة وغير معلنة مع رئيسي جهاز المخابرات العامة المصرية عباس كامل والأردنية أحمد حسني.
وأكد عباس كامل وأحمد حسني دعم بلديهما لدولة فلسطين والحرص على استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة.
وعقب مقتل فلسطينيين خلال "عملية وصفت بأنها لمكافحة الإرهاب" أكد الجيش الإسرائيلي تنفيذها في الضفة الغربية، وحثت الأمم المتحدة والولايات المتحدة على خفض التصعيد والتعاون بين الفلسطينيين والإسرائيليين من أجل تحسين الوضع الأمني.
وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة مشاورات مغلقة الأسبوع الماضي بشأن الأوضاع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، وسط تحرك أمريكي يهدف لخفض التوترات في المنطقة.
الجهد العربي
بدوره، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، إن القيادة الفلسطينية تعتبر أي طرف عربي مكملاً وداعماً للجهد والموقف الفلسطيني، وليس وسيطاً بين الطرفين.
واعتبر مجدلاني في بيان أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو المتمثلة بالتوسع الاستيطاني وهدم المنازل ومصادرة الأراضي واقتحامات المسجد الأقصى وتغيير الوضع القانوني فيه وخصم أموال الضرائب "تدفع باتجاه اشتعال الأجواء وتصعيد التوتر".
وأضاف مجدلاني: "حكومة نتنياهو تضم أحزاباً يمينية متشددة هي التي تتحمل وحدها المسؤولية الكاملة عن التداعيات التي تنجم عن مواقفها وإجراءاتها المتصاعدة بحق قضية الشعب الفلسطيني".
وعقب ساعات من لقاء محمود عباس مع رئيسي المخابرات المصرية والأردنية، التقى عباس مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في ختام جولة شرق أوسطية قصيرة للأخير شملت مصر وإسرائيل.
وصرح عباس عقب اللقاء بأن ما يحدث اليوم تتحمل مسؤوليته الحكومة الإسرائيلية بسبب ممارساتها التي تقوض حل الدولتين وتخالف الاتفاقيات الموقعة.
بدوره، أكد بلينكن ضرورة "أخذ خطوات سريعة لتخفيف حدة العنف وخلق مساحة تسمح لنا باستعادة الشعور بأمن الجانبين".
في حين أفادت الإذاعة العبرية العامة بأن بلينكن ترك مساعدته لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف والمبعوث الخاص للشؤون الفلسطينية هادي عمرو في المنطقة، لمحاولة العمل على تهدئة الأوضاع ووقف التصعيد.
مساعي التهدئة
قال الصحفي المتخصص في الشؤون العربية، أسامة عجاج، إن زيارة بلينكن للمنطقة جاءت بهدف "الضغط لعودة التهدئة والتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل".
وذكر عجاج لـ"جسور بوست" أن الجانب الأمريكي قدّم للقيادة الفلسطينية قضايا شكلية خالية من وعود حقيقية وجدية لوقف إجراءات إسرائيل أحادية الجانب.
وأضاف: "القيادة الفلسطينية مطالبها واضحة ومحددة تتمثل بوقف الاستيطان والاعتداء على المقدسات في القدس ووقف عمليات الهدم واستباحة المدن الفلسطينية والاعتقال والإعدامات الميدانية خاصة في المنطقين المصنفتين (أ) و(ب) الخاضعتين للسيطرة الأمنية الفلسطينية حسب الاتفاقيات الموقعة".
وأشار عجاج إلى أن الولايات المتحدة تركت في المنطقة لجنة للعمل من أجل تهدئة الأمور الميدانية لكنها تحاول "جر الفلسطينيين إلى قضايا فرعية مثل تحسين الظروف الحياتية وإعادة جزء من أموال الضرائب التي تقتطعها إسرائيل وصرف مساعدات مالية للأونروا بقيمة 50 مليون دولار".
وانتقد عجاج الموقف الأمريكي الذي لم يقدم وعوداً جدية حقيقية للجانب الفلسطيني واكتفى بطلب ضبط الحالة الأمنية في مدينتي نابلس وجنين شمال الضفة الغربية.
ووصف الباحث والصحفي أسامة عجاج الموقف الأمريكي في أزمة التصعيد الأخير بين القوات الإسرائيلية والشعب الفلسطيني بـ"الموقف الاستهلاكي لحماية إسرائيل".
توتر ميداني
واشتعل الموقف في المنطقة العربية في ظل توتر ميداني تسبب في مقتل 35 فلسطينياً، بينهم سيدة و8 أطفال، برصاص إسرائيلي في يناير الماضي بالضفة الغربية والقدس الشرقية، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية التي وصفته بالشهر الأكثر "دموية" منذ عام 2015.
في المقابل قتل 7 أشخاص في عملية إطلاق نار نفذها فلسطيني خارج كنيس يهودي في حي "نيفي يعقوب" في القدس، وعلى إثر ذلك قررت الحكومة الإسرائيلية حرمان عائلات منفذي العمليات من التأمين الوطني، ورفض منح بطاقات الهوية لعائلات المنفذين الداعمين "للإرهاب"، وتوسيع نطاق تراخيص الأسلحة النارية.
واستمرت وتيرة العنف بين الفلسطينيين وإسرائيل في التصاعد، إذ سبق وصول وزير الخارجية الأمريكي مقتل شاب فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي في جنوب الضفة الغربية.
ورفعت القوات الإسرائيلية درجة التأهب، بينما أعلن الجيش تعزيز قواته في الضفة الغربية، في وقت توالت الدعوات الدولية إلى ضبط النفس.
المؤسسات الدولية
ودفع تصاعد الأحداث لإعلان القيادة الفلسطينية عقب اجتماع طارئ لها في مدينة رام الله برئاسة الرئيس عباس، أن التنسيق الأمني مع إسرائيل "لم يعد قائماً" والتوجه سيكون للمؤسسات الدولية رداً على "الجرائم" المرتكبة بحق الفلسطينيين، الأمر الذي دعا بلينكن للاجتماع بنظيره الإسرائيلي إيلي كوهين ثم الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ.
وأكد بلينكن أنه ناقش مع نتنياهو الحفاظ على الوضع الراهن في مجمع المسجد الأقصى في القدس الشرقية.
والتقى بلينكن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حيث بحثا "خفض حدة التوتر بين الإسرائيليين والفلسطينيين"، مؤكداً أهمية دور القاهرة في تعزيز الاستقرار الإقليمي.
غير أن مسؤولين أمريكيين لا يخفون في الأحاديث الخاصة استياءهم من التصعيد والطريق المسدود الذي وصل إليه النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي.
ويتطلع الفلسطينيون إلى نهج مغاير من المجتمع الدولي نحو إيجاد حل جدي وسريع في التعامل مع ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعد سنوات من التهميش صاحب ذلك رفض الحكومات الإسرائيلية الجلوس على طاولة المفاوضات لإحياء عملية السلام.
ويطالب الفلسطينيون بتحقيق دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل على كامل الأراضي الفلسطينية التي سيطرت عليها إسرائيل في عام 1967 بما يشمل الضفة الغربية كاملة وقطاع غزة وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية.
بموازة ذلك أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تلقي رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية دعوة مصرية لزيارة القاهرة للقاء المسؤولين المصريين لبحث كل القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وقال المتحدث باسم الحركة حازم قاسم -في بيان- إن وفد حماس سيضع المسؤولين المصريين في صورة "العدوان الإسرائيلي المستمر على المقدسات في القدس خاصة المسجد الأقصى وعمليات القتل في الضفة الغربية"، مؤكداً أن حماس معنية دائماً بإنجاح الجهد المصري في ما يخص القضية الفلسطينية.
وجاء ذلك بعد ساعات من إعلان حركة الجهاد الإسلامي تلقيها دعوة مماثلة لعقد اجتماع مهم مع المسؤولين المصريين في القاهرة.
وشهد قطاع غزة عدة غارات إسرائيلية على مواقع لحماس في القطاع بعد إطلاق قذيفة صاروخية على جنوب إسرائيل.











