بعد 43 يوماً من الإغلاق.. الحكومة الأمريكية تتكبد فاتورة اقتصادية باهظة
بعد 43 يوماً من الإغلاق.. الحكومة الأمريكية تتكبد فاتورة اقتصادية باهظة
أسدل مجلس النواب الأمريكي الخميس الستار على أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، بعد 43 يوماً من التوقف، بعدما صوّت لصالح إعادة فتح الحكومة الفيدرالية بأغلبية 222 صوتاً مقابل 209 أصوات. ومع ذلك، يحذر المسؤولون الفيدراليون من أن العودة إلى العمليات الطبيعية ستكون عملية معقدة قد تستغرق أياماً أو حتى أسبوعاً كاملاً.
التحديات البيروقراطية بعد الإغلاق
تواجه الحكومة مهمة صعبة لإعادة تشغيل الجهاز البيروقراطي بعد أسابيع من التوقف التام، إذ تحتاج أنظمة الرواتب إلى تحديث عاجل لصرف أسابيع من الأجور المتأخرة لمئات الآلاف من الموظفين، كما تراكمت أعمال معلقة تشمل منحاً لم تُصرف وطلبات قروض بقيت حبيسة الأدراج، ومكالمات هاتفية للمواطنين ظلت دون رد طوال فترة الإغلاق الحكومي، كما تكدست التصاريح البيئية المؤجلة وعمليات التفتيش على مواقع العمل والأنشطة التعاقدية عبر مختلف الوكالات الفيدرالية، وفق وكالة "بلومبرغ".
مع توقيع الرئيس دونالد ترامب على مشروع قانون التمويل، يمكن للعمل الرسمي على إعادة فتح الحكومة أن يبدأ، لكن استئناف العمليات الكاملة في العديد من الوكالات قد يستغرق عدة أيام اعتماداً على سرعة الإجراءات الإدارية اللازمة لإعادة التشغيل.
أزمة قطاع النقل الجوي
من أبرز القطاعات المتضررة كان قطاع الطيران، إذ كشف وزير النقل شون دافي أن الإدارة تعتزم البدء في رفع القيود المفروضة على الرحلات الجوية خلال أسبوع من إعادة فتح الحكومة، وهو توقيت حرج قبل عطلة عيد الشكر، أكثر فترات السفر ازدحاماً في العام، وأكد إد باستيان، الرئيس التنفيذي لشركة دلتا إيرلاينز، أن سفر عطلة الشكر ينبغي أن يسير بشكل ممتاز.
وكانت إدارة الطيران الفيدرالية قد أمرت شركات الطيران بإلغاء آلاف الرحلات ابتداءً من الجمعة السابقة، ما تسبب في خسائر فادحة لقطاع السفر، ووفقاً لإريك هانسن، رئيس العلاقات الحكومية في جمعية السفر الأمريكية، خسرت الصناعة نحو 5 مليارات دولار من إنفاق السفر حتى الأربعاء الماضي.
معاناة الموظفين الفيدراليين
واجه مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين أزمة مالية حقيقية، إذ قُدر أن نحو 670 ألف موظف أُجبروا على إجازة غير مدفوعة، بينما يعمل نحو 730 ألفاً دون راتب، ورغم أن قانوناً صدر عام 2019 يلزم الوكالات بدفع رواتب العاملين عن فترة الإغلاق، إلا أن الواقع يشير إلى تأخيرات كبيرة متوقعة، وأوضح نيك دانيلز، رئيس الجمعية الوطنية لمراقبي الحركة الجوية، أن استلام المستحقات بعد الإغلاق السابق استغرق شهرين إلى شهرين ونصف الشهر، فيما تعهد وزير النقل بصرف 70% من الرواتب الضائعة خلال 24 إلى 48 ساعة، والباقي بعد نحو أسبوع.
المقاولون الفيدراليون والمتعاقدون
وضع المقاولون الفيدراليون أكثر صعوبة، إذ توقف نشاط ملايين العاملين بنظام التعاقد في مجالات النظافة وتكنولوجيا المعلومات وغيرها، ما أثر على شركاتهم ومصادر دخلها، وقدّرت جريس زويمر من أوكسفورد إيكونوميكس أن نحو 800 مليون دولار من العقود الفيدرالية معرضة للخطر كل أسبوع، مع تأثير مباشر على نحو 5.2 مليون عامل متعاقد، ما قد يؤدي إلى إجازات غير مدفوعة أو خفض الأجور أو تسريح العمال.
أزمة إعانات الغذاء
امتدت تداعيات الإغلاق إلى الفئات الأكثر ضعفاً، إذ توقف برنامج المساعدات الغذائية التكميلية لملايين الأمريكيين، ما أدى إلى تراجع مؤقت في الإنفاق الاستهلاكي، ومع استئناف البرنامج، ستحتاج الولايات أسبوعاً لتحديث ملفات المستفيدين وتعبئة البطاقات، ما يؤخر وصول الدعم فورياً، كما تأثرت الشركات الصغيرة، إذ لم تتمكن إدارة المشروعات الصغيرة من توزيع 170 مليون دولار يومياً من القروض المضمونة، مع تسجيل خسائر بلغت 4.5 مليار دولار لأكثر من 8300 شركة صغيرة.
التداعيات الاقتصادية الكلية
على المستوى الاقتصادي الكلي، قدر التأثير الأسبوعي للإغلاق بين 7 و16 مليار دولار، بينما توقع مجلس المستشارين الاقتصاديين خسارة أسبوعية قدرها 15 مليار دولار، وقدّر مكتب الموازنة في الكونجرس أن الإغلاق سيخفض النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام بنسبة 1 إلى 2 نقطة مئوية، ورغم توقع استرداد معظم التراجع بعد إعادة فتح الحكومة، فإن مكتب الموازنة يتوقع خسارة اقتصادية دائمة تتراوح بين 7 و14 مليار دولار.
الإغلاق الأطول في التاريخ الأمريكي ترك آثاراً عميقة على القطاع الحكومي والاقتصاد والمواطنين، مسلطاً الضوء على هشاشة بعض الأنظمة الإدارية والتبعات الإنسانية والمالية الناتجة عن تعطّل الخدمات الأساسية لفترة ممتدة.











