المرأة المصرية.. تاريخ من النضال يحقق مكاسب بارزة في مجالات مختلفة

المرأة المصرية.. تاريخ من النضال يحقق مكاسب بارزة في مجالات مختلفة

بإطلاقها 2017 عاما للمرأة، كللت الدولة المصرية مسيرة نضال وكفاح نسوي استمرت منذ بداية القرن العشرين حتى وقتنا الحالي، لتصنع سجلا من الإنجازات لا تزال تواجه بعض التحديات.

ورغم الاحتفاء بالنساء المصريات في جميع المحافل الدولية وكل أوجه التمكين الذي بلغته المرأة في مختلف المجالات، فإنها ما زالت تكافح للحصول على بعض الحقوق الشخصية.

ومؤخرا، قرر مجلس القضاء الأعلى (أعلى سلطة قضائية) السماح للمرة الأولى بدخول نساء النيابة العامة ومجلس الدولة، وهو أحد أعمدة السلطة القضائية في مصر.

وتميزت المشاركة النسائية في معظم جوانبها بالجرأة والتحدّي للأعراف والتقاليد الاجتماعيّة والدينيّة، وانصبغت أول الأمر بالطابع الوطني، ثم سرعان ما أخذ الحراك النسائي يتبلور.

وفي مارس المقبل، تعقد قمة المرأة المصرية في نسختها الثانية، تحت شعار “تمكين المرأة.. قوة مصر ومستقبلها”، لتعزيز سبل تمكين ودعم دور المرأة المصرية وترسيخ دورها في مختلف مناحي الحياة العامة.

تقدم وإنجازات 

حققت المرأة المصرية انتصارات عديدة في مختلف المجالات على مستوى الدولة، على الصعيد السياسي، تشغل 8 سيدات حقائب في الحكومة الحالية، أي يشكلن 24 بالمئة من إجمالي أعضائها.

وتحتل النساء 162 مقعداً في مجلس النواب من إجمالي 568 مقعدا، أي ما يعادل 27 بالمئة، وذلك بعد التعديل الدستوري في عام 2019 الذي نصّ على ضرورة أن تخصص للمرأة 25 بالمئة على الأقل من إجمالي مقاعد مجلس النواب.

وقرر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي زيادة نسبة تمثيل المرأة في مجلس الشيوخ 2020 من خلال مضاعفة عدد مقاعد السيدات المعيّنات من 10 إلى 20 مقعدا، ضمن 100 شخصية تم تعيينهم في المجلس.

وتم تعيين أول امرأة مستشارا للأمن القومي لرئيس الجمهورية، في سابقة تعد الأولى من نوعها، كما تم تعيين سيدة على رأس هيئة النيابة الإدارية، وهي جهة قضائية رفيعة.

وتولت المرأة منصب محافظ ونائب محافظ، وعُينت في منصب شيخ بلد في عام 2019، وهي المناصب التي كان محضورة عليها من قبل.

وبلغت نسبة تمثيل المرأة في السلك الدبلوماسي والقنصلي ومن إجمالي العاملين نحو 24.8 بالمئة، ونسبة السيدات في الجهاز الإداري في الدولة 44.5 بالمئة، وفق إحصاءات رسمية.

إضافة إلى ذلك تم إنشاء مرصد مصر الوطني للمرأة لرصد وتقييم التقدم وخطوات تنفيذ مؤشرات الاستراتيجية، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الختان، والاستراتيجية الوطنية لمناهضة الزواج المبكر.

مواجهة العنف

في مجال مناهضة العنف ضد المرأة، شهدت الأعوام الأخيرة إقرار مجموعة تشريعات وإدخال تعديلات قانونية بفضل جهود المرأة لنيل حقوقها بما يكفل لها المساواة والفرص المتكافئة.

وكان من أبرز هذه التشريعات قانون تجريم الحرمان من الميراث، وتغليظ عقوبتي ختان الإناث والتحرش الجنسي، وقانون لمواجهة المتهربين من دفع النفقة، وقانون حماية البيانات الشخصية.

يأتي ذلك إلى جانب تعديل قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية المتعلقة بالولاية على المال، وقانون بتجريم وتوصيف التنمر لأول مرة، كما تم إصدار قانون بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية بالنص على عدم الكشف عن بيانات المجني عليها في جرائم التحرش والعنف وهتك العرض خشية إحجام المجني عليه عن الإبلاغ عن الجريمة.

تم إنشاء وحدة الاستجابة الطبية للتعامل مع السيدات المعنفات، كخطوة ضرورية لمكافحة العنف ضد المرأة، وهي عبارة عن عيادة تقدم خدمة متكاملة ترعى الصحة النفسية والبدنية لهؤلاء السيدات.

بدوره، أطلق المجلس القومي للمرأة بالتعاون مع الهيئة القومية لسكك حديد مصر، حملة (السكة أمان) للتوعية بقضايا النقل الآمن للمرأة ومناهضة العنف القائم على النوع.

الأحوال الشخصية

ومؤخرا احتدم الجدل بين الأوساط النسوية والحقوقية في مصر حول قانون الأحوال الشخصية الجديد، والذي يراه البعض انتقاصا من حقوقها ومسيرة نضالها.

وأطلقت ناشطات نسويات حملة إلكترونية بمبادرة من "مؤسسة المرأة والذاكرة" بعنوان "الولاية حقي"، لمواجهة مشروع القانون الذي خرج فجأة من إدراج الحكومة ليوضع على جدول أعمال مجلس النواب.

ويثبت مشروع القانون ولاية الرجال على النساء، وينتقص أكثر من حقوق المرأة عبر السماح للآباء أو الأشقاء بتطليق نساء في عائلاتهم.

وفي هذا الشأن قالت ناشطات نسويات إن مشروع القانون "صادم ويعيد مصر مئتي سنة إلى الوراء، مؤكدات أن النساء المصريات يعانين من تناقضات لدى النخب الحاكمة في تعاملها مع قضايا المرأة.

دعم ديني 

وقبل السماح بتعيين النساء في مناصب قضائية، قال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في تغريدات عبر تويتر: "يحق للمرأة تولي الوظائف العليا والقضاء والإفتاء".

وأضاف في مواضع أخرى أن المرأة "يحق لها السفر من دون محرم متى كان السفر آمناً"، وشدد على أنه "لا وجود لبيت الطاعة في الإسلام"، و"لا يحقّ للولي (الذكر) منع تزويج المرأة دون سبب مقبول"، و"للمرأة أن تحدد لها نصيباً من ثروة زوجها إذا أسهمت في تنميتها".

مكتسبات فارقة

بدورها، قالت رئيس المركز المصري لحقوق المرأة المحامية نهاد أبوالقمصان، إن النساء المصريات استطعن خلال العقدين الأخيرين تغيير الكثير من المفاهيم التقليدية المقيدة لحرية المرأة.

وأوضحت أبو القمصان لـ"جسور بوست" أن دور النساء ارتبط على مدى العصور بمهمة الأمومة وإدارة المنزل، بالتوازي مع التشكيك الدائم في فكرة توليها أي منصب أو مهمة رسمية أو غير رسمية.

وأضافت: "نالت المرأة المصرية العديد من المكاسب سواء على الساحة السياسية أو في مجال العمل، فتم ‏تعديل ما يقرب من 20 قانوناً متعلقاً بالمرأة، منها قانون الخلع وقانون الجنسية وتجريم الختان، وكل هذه ‏التعديلات تؤكد أن منظمات حقوق الإنسان نجحت في لفت نظر المُشرِّع إلى هذه الأمور".

وتابعت: "المرأة في العامين الأخيرين استطاعت أن تنال قدراً من الحقوق في ظل إيمان القيادة ‏السياسية بدور المرأة في ‏المجتمع، إلى جانب أنه نتاج جهود كبيرة وكفاح مضن لنيل المرأة حقوقها".

واختتمت أبو القمصان حديثها بعبارة: "رغم ما نالته المرأة من تقلد مناصب سياسية مرموقة وتمثيل جيد في ‏مجلس النواب، فإننا ما زلنا نعمل على حقوق متقدمة في المشاركة السياسية".‏

تقدير سياسي

من جانبها، أوضحت الصحفية المصرية زينب السنوسي، أن المرأة المصرية استطاعت أن تنسج مسيرة مهنية وإنسانية غير ‏تقليدية تجاوزت حدود الإشادة، وانتقلت لواقع معايش في ظل تحديات عالمية غير مسبوقة.

وأضافت السنوسي: "لا شك أن ملف تمكين المرأة ظهرت ثماره جليا في تقلد المرأة العديد من المناصب ‏القيادية في مختلف قطاعات الدولة، ودخولها العديد من المجالات القضائية مثل مجلس الدولة والنيابة العامة".

وتابعت: "تسعى المرأة في ظل إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة ‏المصرية 2030 لإحداث تغيير ملموس في مستقبل الأجيال الجديدة".

وقالت السنوسي: "هناك جيل من الشابات نهم إلى المعرفة والتعلم من صاحبات تجارب ملهمة ومؤثرة في ذات الوقت ولعل ‏قمة المرأة المصرية المرتقبة في 12 مارس ستكون فرصة لتبادل ونقل الخبرات لنماذج نسائية مؤثرة".‏

وأكدت أنه ما زالت هناك عقبات كبيرة تواجه تلك المكاسب، فالمرأة في كثير من ‏المجتمعات الريفية لا تزال في طور التهميش لصالح الرجال، بسبب الموروثات الثقافية والقبلية.

وتابعت: "المرأة المصرية يمكن أن تثبت كفاءة في أي مجال، لكن للأسف ما زال يتم تسليعها مقابل تجاهل قدراتها وإمكانياتها وما تملكه من قوة ‏وعزيمة وإرادة ونماذج نجاحات مبهرة".
 
 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية