مصر.. انعقاد الاجتماع الإقليمي الثاني بشأن صحة اللاجئين والمهاجرين
مصر.. انعقاد الاجتماع الإقليمي الثاني بشأن صحة اللاجئين والمهاجرين
عقدت ثلاثةُ مكاتب إقليمية لمنظمة الصحة العالمية هذا الأسبوع الاجتماعَ الثاني الرفيع المستوى بشأن صحة اللاجئين والمهاجرين الذي جمع في شرم الشيخ بمصر بين الحكومات والمجتمع المدني والشركاء في مجال الصحة.
وبحسب بيان للموقع الرسمي للمنظمة ومكتبها الإقليمي -اطلعت عليه جسور بوست- يأتي الاجتماع في الوقت المناسب لضمان حصول اللاجئين والمهاجرين على الرعاية الصحية على طول مسار الهجرة في أثناء حالات الطوارئ وبعدها، وذلك في خضم تبعات الزلازل المدمرة التي ضربت الجمهورية العربية السورية وتركيا منذ أكثر من شهر، إضافةً إلى الحرب الدائرة في أوكرانيا التي تجاوزت الآن عامها الأول.
استضاف الاجتماع المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، إلى جانب المكتبين الإقليميين لأفريقيا وأوروبا، بدعم من برنامج المنظمة للصحة والهجرة.
استهدف اللقاء المضي قدمًا في تنفيذ الأولويات الاستراتيجية المتفق عليها في الاجتماع الرفيع المستوى بشأن صحة اللاجئين والمهاجرين الذي عُقد العام الماضي في تركيا، وذلك من خلال التعاون بين الأقاليم في إطار نهج يشمل مسار الهجرة بأكمله.. بجانب تأكيد الالتزام بخطة العمل العالمية للمنظمة بشأن تعزيز صحة اللاجئين والمهاجرين، فضلًا عن عرض بعض أوجه التقدم المُحرز في تعزيز صحة اللاجئين والمهاجرين في الأقاليم الثلاثة.
وشهدت الأقاليم الثلاثة للمنظمة، التي تضم 122 بلدًا وأرضًا، نطاقًا واسعًا من هجرة السكان ونزوحهم بسبب عوامل متنوعة في السنوات الأخيرة، أو تأثرت بذلك على نحو آخر، سواء داخل أراضيها أو خارجها. ويصادف هذا العام مرور 12 سنة على بداية الصراع في الجمهورية العربية السورية، ومرور سنة على اندلاع الحرب في أوكرانيا.
وتشهد الساحة أيضًا أزمات أخرى عديدة، منها الأزمات الناجمة عن تغيُّر المناخ، وتشير التقديرات إلى أن بلدان الأقاليم الثلاثة مجتمعةً تستضيف حاليًّا 171 مليون لاجئ ومهاجر، أيْ ما يقرب من ثُلثَي جميع اللاجئين والمهاجرين على مستوى العالم.
وقال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط الدكتور أحمد بن سالم المنظري: “يُعد اللاجئون والمهاجرون، بالنظر إلى معاناة الإقليم من حالات طوارئ ممتدة، سمة دائمة لمجتمعاتنا، لكنهم يظلون في كثير من الحالات بين المجتمعات المحلية الأشد ضعفًا وإهمالًا.
واتباع نهج يشمل مسار الهجرة بأكمله في ما يتعلق بصحة اللاجئين والمهاجرين من الأمور الضرورية أمر ضروري لإرساء نظام صحي شامل، وخطوة في اتجاه تحقيق التغطية الصحية الشاملة، وجزء لا يتجزأ من رؤيتنا الإقليمية للصحة للجميع وبالجميع".
وذكر أنه في الشهر الماضي، واجه إقليما المنظمة لشرق المتوسط وأوروبا معًا إحدى أشد الكوارث الطبيعية تدميرًا في السنوات الأخيرة، إذ تضرَّر أكثر من 26 مليون شخص من الزلازل الواسعة النطاق التي ضربت تركيا وتسببت في دمار كبير هناك، وفي سوريا المجاورة لها، ولا يزال الوضع هناك أليمًا، إذ اضطُر ملايين الناس إلى مغادرة منازلهم في كلا البلدين، وهو ما يزيد الضغط على النظام الصحي الهش أصلًا في سوريا.
وأردف: في تركيا، تضرَّر أيضًا 1.7 مليون لاجئ سوري يعيشون في ظل حماية مؤقتة. وأما في سوريا، فتشير التقارير إلى أن 5.3 ملايين شخص يحتاجون إلى المساعدة في توفير المأوى، ومنهم كثير من الذين نزحوا من قبل، ويعيشون حاليًّا في مساكن تفتقر إلى الأمن والسلامة.
وصرح الدكتور المنظري قائلًا: "على الرغم من أن اجتماع هذا الأسبوع قد خُطِّط لعقده قبل وقوع هذه الكارثة المأساوية بوقت طويل، فإن الوضع يؤكد الحاجة الماسة إلى مواصلة التعاون بين الأقاليم الثلاثة بشأن صحة المهاجرين واللاجئين، وهو ما بدأ العام الماضي بالاجتماع الأول الرفيع المستوى في إسطنبول، ونحن ملتزمون بالعمل معًا للتصدي لأوجه الإجحاف الصحي التي تؤثر على مجتمعات المهاجرين واللاجئين في أقاليمنا".
وبدوره، أكد مدير منظمة الصحة العالمية الإقليمي لأوروبا الدكتور هانس هنري كلوغ أن «إقليم منظمة الصحة العالمية لأوروبا يستجيب حاليًّا للزلزال الذي ضرب تركيا، وهي إحدى الدول الأعضاء في الإقليم البالغ عددها 53 دولة، ويواصل التصدي أيضًا لأكبر موجة نزوح شهدها الإقليم منذ الحرب العالمية الثانية، مع تسجيل أكثر من 8 ملايين لاجئ من أوكرانيا في جميع أنحاء أوروبا».
وأضاف قائلًا: «إن الاستجابات للطوارئ والجهود الطويلة الأمد لتحقيق التغطية الصحية الشاملة قد أوضحت بجلاء أنه يجب علينا إشراك اللاجئين والمهاجرين في هذه الاستجابات والجهود.. ولهذا، فإننا بحاجة إلى اتباع نهجٍ له مساران: تعزيز التأهُّب والاستجابة للطوارئ الصحية، مع تقديم الخدمات الصحية اليومية للجميع في الوقت ذاته».
من جانبها، قالت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لإفريقيا الدكتورة ماتشيديسو مويتي: «بدون مراعاة المهاجرين واللاجئين، لن نستطيع تحقيق التغطية الصحية الشاملة.. وعلينا أن ندمج احتياجاتهم الصحية في جميع البرامج، فهذا جزء أصيل من حماية حقوق الإنسان للمهاجرين».
ويأتي هذا الاجتماع ليجدِّد الالتزامات بأن تكون صحةُ اللاجئين والمهاجرين أولويةً في جداول الأعمال الدولية والإقليمية، استنادًا إلى مبادئ التضامن والتراحم وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة.
وجاء في البيان الختامي للاجتماع: «إن أقاليم منظمة الصحة العالمية لإفريقيا وأوروبا وشرق المتوسط، والمشاركين في هذا الاجتماع، ملتزمون بالعمل المتضافر لتعزيز التقدم نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة، والتشجيع على إدماج اللاجئين والمهاجرين في السياسات والخطط الصحية الوطنية عبر مسارات الهجرة وفي الأوضاع الإنسانية».
ويحظى هذا الاجتماعَ الإقليمي الثاني الرفيع المستوى بدعم الشراكة من أجل التغطية الصحية الشاملة، التي تُعَد واحدة من أكبر منصات منظمة الصحة العالمية للتعاون الدولي بشأن التغطية الصحية الشاملة والرعاية الصحية الأولية، وتموِّلها بلجيكا، وكندا، والاتحاد الأوروبي، وألمانيا، ولكسمبرغ عن طريق وكالة المعونة والتنمية، وأيرلندا عن طريق برنامج الحكومة الأيرلندية للمعونة، وفرنسا عن طريق وزارة أوروبا والشؤون الخارجية، واليابان عن طريق وزارة الصحة والعمل والرفاه، والمملكة المتحدة من خلال مكتب الشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية.
يضم إقليم شرق المتوسط، من بين أقاليم منظمة الصحة العالمية، العدد الأكبر من اللاجئين والنازحين داخليًّا. فأكثر من نصف جميع اللاجئين في العالم أصلهم من إقليم شرق المتوسط، ولا يزال معظمهم يعيشون في الإقليم.
ولا يزال الكثير ممن يعيشون في أوضاع هشة يواجهون خطرًا متزايدًا بسبب تردِّي الأوضاع الصحية، ومنها الصحة النفسية، ويرجع ذلك إلى جملة أمور، منها -على سبيل المثال لا الحصر- ظروف المعيشة والعمل السيئة، وأشكال التمييز المختلفة، والتعرُّض للعنف، وعدم الحصول على الرعاية الصحية الجيدة في الوقت المناسب على طول مسارات الهجرة.