"الولايات المتحدة والمحرقة".. فيلم وثائقي يسلط الضوء على عواقب خطاب الكراهية

"الولايات المتحدة والمحرقة".. فيلم وثائقي يسلط الضوء على عواقب خطاب الكراهية

وسط الارتفاع الأخير في أعمال العنف المعادية للسامية في جميع أنحاء العالم، أظهر عرض أحدث فيلم وثائقي للمخرج السينمائي الشهير كين بيرنز، في الأمم المتحدة، فصلا مظلما في تاريخ الولايات المتحدة.

ووفقا لتقرير نشره الموقع الرسمي لأخبار الأمم المتحدة، عن الفيلم، سلط نقاش صريح رفيع المستوى في المقر الدائم لمنظمة الأمم المتحدة، الضوء على قانون جديد مقترح لإغلاق "دوامة" الكراهية والمعلومات المضللة عبر الإنترنت.

ويلقي الفيلم الوثائقي المعنون "الولايات المتحدة والمحرقة"، الضوء على العواقب الكارثية لخطاب الكراهية والمعلومات المضللة، والسعي اليائس من أجل الحرية من قبل ملايين اليهود الفارين من ألمانيا النازية.

طعم الحرية

ماذا يشبه طعم الحرية؟ وصف جوزيف هيلسنراث، الذي تم إجلاؤه إلى الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية عندما كان صبيا صغيرا، هذا الإحساس ضمن الفيلم، فقال "طعم الحرية رائع".

تذكر هيلسنراث رؤية تمثال الحرية في نيويورك لأول مرة عام 1942 على متن سفينة تقله هو و49 طفلاً آخر من فرنسا، اغرورقت عيناه بالدموع وكذلك عيون البعض من الجمهور الذين حضروا إلى الأمم المتحدة لمشاهدة نسخة عن الفيلم الوثائقي مدتها 44 دقيقة، والحديث مع المخرج.

ويدرس الفيلم الوثائقي صعود أدولف هتلر والنازية في ألمانيا منذ أواخر الثلاثينيات في سياق معاداة السامية والعنصرية العالمية جنبا إلى جنب مع حركة تحسين النسل والقوانين العنصرية في الولايات المتحدة، والتي تم إلغاؤها في أواخر الستينيات.

ومن خلال استعراض حقائق غير معروفة، يسرد الوثائقي قصص هيلسنراث وأخته وأربعة ناجين آخرين من المحرقة النازية التي أدت إلى مقتل ستة ملايين يهودي، العديد منهم بواسطة غرف غاز مصممة خصيصا في معسكرات الاعتقال مثل أوشفيتز في أوشفيتشيم، بولندا.

وتضمنت الصور التي نادرا ما شوهدت من متحف ذكرى الهولوكوست بالولايات المتحدة، صورا "تذكارية" التقطها ضباط نازيون لعمليات إعدام رميا بالرصاص لـ15 فردا على حافة حفر عميقة في الأرض، والتي كانت بمثابة مقابر جماعية لمئات آلاف الضحايا.

كما تضمنت أدلة دامغة على المقاومة والبطولة وبقاء اللاجئين اليهود على قيد الحياة في ظل حملة التضليل النازية التي أدت إلى الإبادة الجماعية.

وتحذر قصص الناجين والمقابلات مع المؤرخين تحذيرا صارخا من موجة حملات الكراهية التي تغذي حاليا خطاب إنكار محرقة اليهود وتزايد معاداة السامية.

مؤخرا (في مطلع شهر فبراير 2023)، تم تخريب تمثال تذكاري للهولوكوست في السويد، ورسم صليب معقوف على حجر قبر في مقبرة في أستراليا، وألقيت زجاجة مولوتوف على كنيس يهودي في الولايات المتحدة.

في حين أشار الفيلم الوثائقي إلى أن الولايات المتحدة قد استضافت المزيد من اللاجئين اليهود الفارين من النازيين أكثر من أي دولة أخرى، كان بإمكان البلاد -بل كان عليها- أن تفعل المزيد لمنح الحرية لمن هم في أمس الحاجة إليها، على حد قول السيد بيرنز.

ويهدف الفيلم إلى رفع مستوى الوعي، بما في ذلك حول اليأس الذي يواجهه اللاجئون في الماضي والحاضر.

بعد مذبحة الكريستال Kristallnacht pogrom عام 1938 في ألمانيا النازية، قال بيرنز إن دراسة استقصائية في الولايات المتحدة كشفت أن نحو 85% من المشاركين البروتستانت والكاثوليك المسيحيين "لم يرغبوا في السماح للاجئين بالدخول".

وخلال هذا الوقت، صاغ الفقهاء النازيون تشريعات معادية للسامية باستخدام قوانين الفصل العنصري الأمريكية والقوانين المناهضة للتجانس التي تستهدف الأشخاص المنحدرين من أصل إفريقي.

واعتمد حظر الزواج بين الأعراق الذي فرضه النازيون بشكل كبير على قوانين مماثلة -تم فرضها منذ عام 1691- ألغتها المحكمة العليا للولايات المتحدة في نهاية المطاف عام 1967.

قال المخرج المشارك كين بيرنز في فقرة الأسئلة والأجوبة بعد عرض الوثائقي: "عندما أدانت الولايات المتحدة ألمانيا بسبب حملتها ضد الشعب اليهودي، رد النازيون (ميسيسيبي)"، وذلك في إشارة إلى ولاية ميسيسيبي الجنوبية التي تم فيها التمسك بالقوانين العنصرية في القرن العشرين.

ومن بين الأسئلة، سؤال حول ما تعلمه صانعو الفيلم من الكاتبة آن فايس التي كانت قد استهلت مداخلتها بالقول "ليس لدي عائلة تقريبا لأنها في تلك الحفر".

وردا على ذلك، قالت لين نوفيك، المخرجة المشاركة، إنها فوجئت بمعرفة المزيد عن الجانب المظلم للتاريخ الذي نادرا ما يتم تدريسه في المدارس.

وقال بيرنز: "لن نعمل على فيلم أكثر أهمية من هذا في حياتنا المهنية"، معربا عن أمله في أن يصل إرث قصص الناجين ودروس التاريخ إلى جمهور عريض.

وأعرب بعض أفراد الجمهور عن دهشتهم من الدروس التي تعلموها من الفيلم، وقالت رئيسة إدارة التواصل العالمي في الأمم المتحدة، ميليسا فليمنغ، وهي أمريكية نشأت في الولايات المتحدة، والتي استضافت العرض، إنها لم تتعلم أيا من ذلك في المدارس.

وقالت فليمنغ إنه يتم العمل الآن على وضع مدونة جديدة لقواعد السلوك، كما أنشأت الأمم المتحدة برامج حول المحرقة والإبادة الجماعية ضد التوتسي في رواندا إلى جانب استراتيجيتها وخطة عملها بشأن التصدي لخطاب الكراهية، وفي عام 2022، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا لمكافحة إنكار محرقة اليهود.

وأشاد السفير الإسرائيلي جلعاد إردان، وهو نفسه حفيد ضحايا المحرقة، بالجهود المستمرة، لكنه قال: "يجب على الأمم المتحدة أن تفعل المزيد".

وأضاف: "الكلمات لا تكفي، الكلمات البغيضة تتحول دائما إلى أفعال عنيفة.. معاداة السامية جائحة عالمية.. لا ينبغي أن يعيش أي يهودي في رعب".

وقال زوج نائبة الرئيس الأمريكي، دوغ إيمهوف، متحدثا في الفعالية، إن الجهود يجب أن تشمل التراجع عن إنكار محرقة اليهود، مع فرض عواقب على أولئك الذين ينخرطون في نشر معاداة السامية.

وأضاف "الصمت ليس خيارا.. يجب علينا جميعا أن نتحدث ضد معاداة السامية وأن نبني تحالفات للتصدي لموجة الكراهية هذه".

وحذرت السفيرة الأمريكية ليندا توماس غرينفيلد، التي شاركت في استضافة الحدث، من إثارة الكراهية، سواء عبر الإنترنت أو بشكل شخصي.

وحذرت فليمنغ من أن تقريرا للأمم المتحدة صدر عام 2022 أفاد بأن معاداة السامية منتشرة على بعض المنصات، وأن 50% من المشاركات على منصة "تليجرام" للتواصل الاجتماعي تتعلق بإنكار محرقة اليهود.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية