الصحافة في قطر.. انفتاح إعلامي سباق يواجه بعض التحديات
في يومها العالمي
بتحقيق قفزات إعلامية سباقة، فتحت دولة قطر آفاقا لتطوير صناعة الإعلام، بإطلاق فضائية الجزيرة من العاصمة الدوحة قبل نحو 27 عاما.
وباتت قطر دولة إقليمية رائدة في مجال وسائل الإعلام منذ عام 1996 بتأسيس "الجزيرة" كشبكة للأخبار العربية والعالمية، إذ أشارت بعض التقارير لتعاظم مكانتها الدولية بسببِ وسائل الإعلام لديها.
ورغم أنها تملك واحدة من أكثر وسائل الإعلام انفتاحًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلا أن السلطات القطرية فرضت قيودًا على حرية الإعلام، بما في ذلك الرقابة على خدمات الإنترنت وتجريم انتقاد العائلة الحاكمة في وسائل الإعلام.
ويضمن الدستور القطري حرية التعبير والرأي، فالدولة مُلزَمة باحترام الحق في حرية التعبير بموجب المادة 32 من "الميثاق العربي لحقوق الإنسان"، التي هي طرف فيه.
وأجرت الدولة القطرية تعديلات على قانون العقوبات في يناير 2020 الذي نص على: "يُعاقب بالحبس مدة لا تجاوز 5 سنوات وبالغرامة التي لا تزيد على مئة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أذاع أو نشر أو أعاد نشر إشاعات أو بيانات أو أخبار كاذبة أو مغرضة أو دعاية مثيرة".
وتمتلك قطر وسائل إعلام في القطاعين الخاص والعام، التي يأتي أبرزها هيئة الإعلام الوطنية (NMC) التي تتولى مسؤولية تنظيم وسائل الإعلام في الدولة، وتحمي حرية التعبير والصحافة في نفس الوقت.
واحتلت دولة قطر المرتبة الأولى خليجياً، والرابعة عربياً، والـ119 عالمياً من بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود" (غير حكومية مقرها باريس) لعام 2022.
وتستند المنظّمة في تصنيفها إلى 5 عوامل أساسية وهي: السياق السياسي لكل دولة، والإطار القانوني لعمل الصحفيين، والسياق الاقتصادي، والسياق الاجتماعي والثقافي، والأمان المتاح للصحفيين في عملهم.
ورغم إشادة بعض التقارير الحقوقية بأوضاع الصحافة والإعلام في قطر، غير أن الدولة الخليجية عادة ما تواجه وابلا من الانتقادات الدولية بشأن الحريات الإعلامية.
وعادة ما تؤكد دولة قطر في مختلف المحافل الدولية اهتمامها الكبير بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والعمل على ضمان التمتع بهذا الحق عبر النصوص التشريعية الوطنية، المتوافقة مع التزاماتها الدولية.
قيود وضوابط
بدوره، قال الباحث المصري المقيم في قطر منذ أكثر من 10 سنوات الدكتور يحيى السيد: "رغم وجود حرية كبيرة للصحافة والإعلام في قطر، إلا أن هناك بعض القيود المفروضة عليها من قبل السلطات، خاصة فيما يتعلق بالنواحي السياسية والدينية".
وأوضح السيد لـ"جسور بوست": "أحيانا يتم فرض القيود بتفتيش المراسلين والصحفيين والمؤسسات الإعلامية، أثناء تغطية بعض الأحداث العالمية والسياسية ذات الحيثية بالنسبة للدولة القطرية".
ودلل على ذلك بـ"وجود تقارير لمنظمات حقوقية، مثل "هيومن رايتس ووتش" و"مراسلون بلا حدود" و"العفو الدولية" انتقدت أوضاع الصحافة وأعربت عن قلقها بشأن بعض القيود المفروضة على الحريات الإعلامية في قطر".
ومضى السيد، قائلا: "لا أحد يمكن أن ينكر أنه لا يزال هناك بعض الموضوعات الحساسة التي قد يحتاج الصحفيون إلى التعامل معها بحذر، مثل توجيه انتقادات للحكومة أو أفراد العائلة الحاكمة، لكن أحيانا تفرض السلطات قيودا على الصحفيين في تغطية بعض الأحداث".
وتابع: "يعتبر المساس بالدين في قطر أو السلطات الدينية المحلية نوعاً من المحظورات، وقد يتسبب في وقوع انتهاكات ضد الصحفيين أو رد فعل عدائي رسمي أو شعبي، وهو الأمر نفسه عند الحديث عن المثلية الجنسية والتي تثير زوبعة من الهجوم الحكومي والمجتمعي".
وفي عام 2022، واجهت قطر انتقادات دولية بشأن التعامل مع الصحفيين الأجانب أثناء انعقاد مونديال كأس العالم لكرة القدم، لا سيما من منظمتي "هيومن رايتس" و"مراسلون بلا حدود".
مساحات مضيئة
بالمقابل ذكرت تقارير دولية أخرى أن قطر عالجت خلال الفترة الماضية العديد من الموضوعات الحساسة التي يتم تغطيتها إعلاميا والتي يأتي أبرزها قضايا تمكين المرأة وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين وأوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها.
ونالت التغطيات الرياضة أيضاً مساحة واسعة من حرية الرأي والتعبير لما تتمتع به الرياضة من شعبية كبيرة في قطر، كذلك التغطيات الاقتصادية والتي استحوذت على حيز كبير في الصحف القطرية، خاصة بعد التوسع والتنويع الاقتصادي والتحول إلى الاقتصاد المعرفي في البلد الخليجي.
غير أن قائمة المحظورات الإعلامية غير الرسمية لا تزال قائمة في قطر، لا سيما فيما يتعلق بالأوضاع السياسية والعمال المهاجرين وقضايا الفساد وغيرها على نطاق محدود.
ورغم وجود بعض التحديات، تظل أمام الصحفيين في قطر مساحة واسعة من الحرية تمكنهم من العمل بأريحية في العديد من القضايا التي تعد خطوطا حمراء في بعض الدول العربية الأخرى.
وتحتفل الأمم المتحدة، باليوم العالمي لحرية الصحافة في 3 مايو من كل عام، لتسليط الضوء على التحديات المتصلة بوسائل الإعلام والتهديدات التي تقوض ثقة الجمهور نتيجة الرقابة والهجمات على الصحفيين.