"الصحة العالمية": وباء كورونا لم يعد يمثل حالة طوارئ عالمية
بعدما حصد أرواح 20 مليون شخص
أعلنت منظمة الصحة العالمية، الجمعة، عن أنّ جائحة كورونا التي أودت خلال أكثر من 3 سنوات بأرواح "20 مليون شخص على الأقلّ"، لم تعد تشكل حالة طوارئ صحية عالمية.
وقال المدير العام لمنظمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس للصحفيين: "أعلن أنّ كوفيد-19 لم يعد يعتبر حالة طوارئ صحية عالمية"، مقدرا أن الوباء قتل "ما لا يقلّ عن 20 مليون شخص"، وهي حصيلة تفوق التقديرات الرسمية بثلاث مرات، وفق وكالة “فرانس برس”.
يأتي هذا الإعلان بعدما اتفقت لجنة الطوارئ المستقلة التابعة لمنظمة الصحة العالمية بشأن كوفيد خلال اجتماعها الـ15 الخميس الماضي على أنّ الأزمة لم تعد تستحقّ أعلى مستوى من التأهب.
وحذر تيدروس من أنّ القرار لا يعني أنّ الخطر قد زال، مشيراً إلى إمكان إعادة إعلان حالة الطوارئ إذا تغيّر الوضع، قائلا: "أسوأ شيء يمكن أن يفعله أيّ بلد الآن هو استخدام هذا الإعلان سبباً للتخلّي عن حذره أو تفكيك الأنظمة التي أنشأها أو إرسال رسالة إلى شعبه مفادها أنّ كوفيد-19 لا يثير القلق".
ومن جانبها، قالت ماريا فان كيركوف التي كانت مسؤولة عن مكافحة الجائحة في منظمة الصحة العالمية منذ بداياتها للصحفيين: "لا يمكننا أن نتخلّى عن حذرنا" موضحة: "انتهت مرحلة الأزمة، مرحلة الطوارئ، لكنّ كوفيد لم ينته".
تراجع عدد الوفيات
رغم انخفاض عدد الوفيات بسبب كوفيد-19 المسجلة حديثا بنسبة 95% منذ يناير الماضي، غير أنه لا تزال هناك 16 ألف حالة وفاة بسبب المرض بين نهاية مارس ونهاية إبريل بسبب الفيروس، وفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية.
وقد تلاشى الوباء في العديد من الدول وتم تقليل الفحوصات وعمليات المراقبة الصحية إلى حدها الأدنى، وهو ما تعتبره منظمة الصحة أمرا سابقا لأوانه.
وإلى ذلك، تبقى اللقاحات التي ظهرت في وقت قياسي نهاية 2020 فعالة ضد أشد أشكال المرض على الرغم من الطفرات العديدة للفيروس الأصلي.
وقد شكلت اللقاحات نجاحا علميا كبيرا لا سيما تلك التي تعمل بتقنية الحمض النووي الريبي المرسال الذي استخدم للمرة الأولى.
وكانت قد احتكرتها في بادئ الأمر الدول الغنية التي كانت قادرة على دفع ثمنها الباهظ تاركة دولا أخرى لأشهر طويلة بدون إمكانية الحصول عليها.
يذكر أنه حتى 30 إبريل الماضي، تم حقن أكثر من 13,3 مليار جرعة من اللقاح.
وقد جرت تعبئة كبرى أيضا من قبل معارضي اللقاح الأمر الذي ألقى بشكوك حول عمليات التلقيح عموما وساندتهم حملات تضليل إعلامي واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكشف الوباء التفاوت الاقتصادي الكبير والتباين أيضا في الحصول على الرعاية.
وطبعت في الأذهان صور طوابير الانتظار الطويلة لبرازيليين حاملين عبوات الأكسجين الضخمة لإنقاذ قريب من الاختناق وكذلك صور عديد المحارق في الهند للتخلص من الجثث.
وقد بات الوباء ثانوي الأهمية في بلدان عدة، فيما يستمر ظهور متحورات جديدة ما يهدد بتجدد انتشاره.
ومن جهته، أكد مدير منظمة الصحة العالمية في الآونة الأخيرة أن "الفيروس يستمر في التحور ولا يزال قادرا على التسبب بموجات جديدة من الإصابات والوفيات".
ولفت أيضا إلى تداعيات كوفيد الطويل الذي يؤدي إلى مجموعة واسعة من العوارض التي تعيق بشكل أو بآخر حياة المصابين، مضيفا أن إصابة واحدة من كل عشر تعتبر من الكوفيد الطويل، ما يعني أن مئات ملايين الأشخاص قد يكونون بحاجة لرعاية طويلة الأمد لم يتم أخذ حجمها أو كلفتها الاقتصادية والنفسية بالاعتبار بشكل جيد.
منشأ الفيروس
ويبحث العالم حاليا عن أفضل طريقة لتجنب الكارثة الصحية المقبلة، لكن المجموعة الدولية لم تتمكن بعد من تحديد كيف تحور هذا الفيروس إلى شكل سمح له بالتنقل بين البشر.
وإذا كانت أولى الحالات قد تم رصدها في ووهان بالصين نهاية 2019، فهناك نظريتان متعارضتان: حصول تسرب من مختبر في المدينة حيث كانت تجري دراسة هذا الفيروس، أو انتقاله عبر حيوان وسيط أصاب الأشخاص الذين كانوا يرتادون سوقا محلية.
وتبدو هذه النظرية الأخيرة في الوقت الراهن مرجحة أكثر من قبل معظم أعضاء المجتمع العلمي، لكن عرقلة السلطات الصينية تمنع إحراز تقدم في التحقيق حول منشأ الفيروس.
وفي منظمة الصحة العالمية، فقد بدأت الدول الأعضاء أيضا مناقشة اتفاق مستقبلي ملزم يتيح القضاء على أوبئة فور ظهورها وتجنب تكرار الأخطاء نفسها.