الخنساء.. رسخت حق اختيار الزوج ودفعت بأبنائها الأربعة للدفاع عن العرض والدين والوطن

حقوقيات في زمن النبوة (19)

الخنساء.. رسخت حق اختيار الزوج ودفعت بأبنائها الأربعة للدفاع عن العرض والدين والوطن

"كأنّه علم في رأسه نار"، شطر من بيت لشاعرة العرب المعروفة بـ"الخنساء"، يُضرب لمن كان مشهوراً بارزاً لا تخطئه العين، أوردته في إحدى قصائدها التي رثت فيها أخاها صخر، إذ قالت: "وإن صخراً لتأتمّ الهداة به.. كأنه علم في رأسه نار"، والعلم المقصود به هنا الجبل الأشمّ.

وبخلاف بلاغتها وإثرائها الشعر العربي بما يعد إرثاً ثقافياً ضخماً يعد من قوته مضرباً للأمثال، فلا يمكننا حصر شخصيتها المتفردة في تلك الميزة فقط، فهي امرأة مستقلة قوية أتت بما لم يكن مشهوراً قديماً لدى الأمم ومنهم العرب، وهو حق اختيار الزوج، كذلك قوتها وصبرها واخلاصها للدين والوطن، وهنا تبرز مفارقة قوية، فالخنساء التي بكت صخراً بقصائد ودواوين في الجاهلية، هي الخنساء التي اكتفت بحمد الله والرضا بقدره في استشهاد أبنائها الأربعة دفاعاً عن الإسلام.

ولا شك أن لبيئتها فضلاً في تشكيل صلابتها، ولدت الخنساء "تُماضِر" فتفتحت عيناها أول ما تفتحت، على أب شريف في قومه، وأخوين سيدين فارسين، هما صخر ومعاوية، وعاشت أيام طفولتها كأي طفلة تكون في عمرها تلهو وتمرح وتلعب، ثم انتقلت إلى سن الشباب، وكان فيها ما يميزها عن سواها من قوة وحُسن حمل دريد بن الصّمة على خطبتِها من أبيها، حتى قال فيها الشعر وتغزل بها: حَيُّوا تُماضِرَ واربعوا صَحبِي وقِفوا فإنَّ وقوفَكم حَسبيْ.. أَخُناسُ قد هام الفؤادُ بكم وأصابه تبلٌ مِنَ الحُبِّ!      

لم تتخطَ كلماته أذنيها ولم يؤثر فيها شعره فرفضته، وهو من هو في فروسيته وشجاعته، وعلو كعبه في قومه وشعره، وليس هذا لأنها أشعر العرب حينذاك، وربما هذا أمر آخر ميزها عن غيرها من فتيات عصرها، فكم من فتاة ودَّت أن يكون ابن الصمة بعلاً لها، ولعل رفضها يرجع إلى البيئة التي عاشت ونشأت بها، فقد كانت مدللة عند أهلها، كريمة في قومِها، يفاخر والدها العرب ويباهي بنسبه وفرسانه، فجُمعت لها أسباب العزة والإباء، وتداعت إليها معاني الأنفة والأصالة، حتى اعتزت بنفسها، واعتمدت عليها، فتكونت شخصيتها وسماتها في ظلال بيئة يحدوها الشرف، ويحيط بها المجد، فبدت مواقفها قوية مستقلة حرة في اختياراتها وأولها حق اختيار الزوج.

ميزة أخرى تتجلى في شخصيتها رضي الله عنها، فالخنساء الشاعرة هي ذاتها الخنساء القوية المنتمية إلى وطنها المحبة لدينها والمخلصة له، ودفعت لذلك فلذات كبدها وبضعة نفسها، إلى الجهاد والقتال، بعد أن نفذ الإسلام إلى قلبها، وتمكّنت عقيدة التوحيد منها، وتخللت روحها، وجرت مسالك عروقها، فعظم إيمانها بالله، وعلمت حسن ثوابه، وجزيل إحسانه.

وكان ابن حزم يقول: "العاقلُ لا يرىٰ لنفسِه ثمناً إلّا الجنّة"، ولأنها كانت رزينة العقل، محبة للإسلام، حرة ترى في الذود عن الأعراض شرفاً، ولأن أبناءها ليسوا إلا بضعة منها، بل أعز عليها من نفسها، فهي لم ترَ لأنفسهم ثمناً سوى الجنة، فدفعتهم إليها. 

ويروى أن الأبناء سمعوا وصية الأم المؤمنة الحكيمة، وعزموا على قولها، وأصبحوا مبكرين إلى الصفوف الأولى، فخرج كل منهم يقول شعراً يشير به إلى قبول النصح، وجميل عقباه، فيقتل شهيداً بعدها، وهكذا تتابعوا، حتى استشهدوا عن آخرهم، فلما بلغها خبر استشهادهم، قالت قولة المُحتَسبة العارفة بالله: "الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته"، ولم تزد على ذلك.

كذلك جمعت الخنساء في نفسها صفات عظيمة لا يمكن أن يمتلكها أي رجل أو امرأة أخرى، فقد جمعت المروءة والفروسية والبطولة والولاء والإخلاص، وكانت حكيمة وحازمة لم يجرؤ أحد على مهاجمتها، ولهذا لم يتحدث عنها أحد ولم يتفوه شاعر بشيء يمكن أن تحمله الألسنة.

وصفها حمدو طماس في كتابه "ديوان الخنساء" بقوله "كانت الخنساء عاقلة حازمة، حتى إنها قد عدت من شهيرات النساء، ومثل هذه يخشاها المتغزلون، فلا يجرؤ أحد على التهجم عليها أو التحدث عنها إلا لقي ما يسوؤه، لذ لم يتكلم عليها أحد، ولم يتفوه شاعر بشيء يمكن أن ينقل وتحمله الألسن".

كانت رضوان الله عليها صحابية جليلة رفيعة الشأن حرة وقوية، وتُعد فعلتها وحريتها في اختيار زوجها، عقيدة إسلامية راسخة منذ ما يزيد على 1400 عام، وميثاق وثقته الأمم المتحدة في خمسينيات القرن الماضي.

والنصوص النبوية الشريفة في هذا الشأن كلها تؤكد هذا الحق، ومن ذلك ما ورد في الصحيحين من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن"، قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: "أن تسكت" كما كان ينصف صلى الله عليه وسلم من تأتي تشتكي إجبار أبيها لها على الزواج، وثبت ذلك في سنته صلى الله عليه وسلم حيث ورد أن “جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم”، أخرجه أحمد في مسنده.

والمادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على أن "للرجل والمرأة، متى أدركا سن البلوغ، حق التزوج وتأسيس أسرة، دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين، وهما يتساويان في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله، ولا يعقد الزواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه". 

فضلها ونسبها

مقومات عدة ساهمت في تشكيل شخصية الشاعرة الأشهر، من نسب وجاه وعزة وجمال وموهبة وغيرها.

قال ابن خلكان في كتابه "وفيات الأعيان": “اسمها تماضر بضم التاء، وهي ابنة عمرو بن الشريد السُلمي، من قبيلة سُليم التي نشأ فيها زهير بن أبي سُلمى الشاعر المعروف وسواه، والخنساء لقبها الذي غلب على اسمها، وقد لُقبت بالخنساء تشبيهاً لها بالبقرة الوحشية في جمال عينها أو هذا الاسم لقب غلب عليها وهي صبية”. 

ومعنى تماضر، البيضاء أو البياض، والخنس تأخر الأنف عن الوجه مع ارتفاع قليل في الأرنبة، وهي صفة أكثر أبناء قبيلة سليم.

والخنساء شاعرة مخضرمة، والشعراء المخضرمون هم الذين أدركوا العصرين العصر الجاهلي والعصر الإسلامي، معظم شعرها في رثاء لأخويها صخر ومعاوية اللذين قتلا في الجاهلية، وبعد قتلهما جلست الخنساء على قبرهما زمانا طويلا تبكيهما وترثيهما.

وتعتبر الخنساء من أشهر نساء العرب قبل مجيء الإسلام وبعده، كما قيل لجرير من أشعر الناس؟ قال أنا لولا هذه الخبيثة "يعني الخنساء" قال بشار: لم تقل امرأة قط شعرا إلا تبين الضعف فيه، فقيل له: أوكذلك الخنساء؟ قال: تلك فوق الرجال. (كتاب دور المرأة في إثراء اللغة العربية وآدابها عبر العصور)، فرحانة صديقي ص37.

تحدث الرسول الله -صلى عليه وسلم- عن نسب الخنساء تفاخراً به حينما قال: "إن لكل قوم حرزا، وإن حرز العرب قيس "بن عيلان"، وكان أيضا عليه الصلاة والسلام يقول: أنا ابن العواتك من سليم وفيهم شرف وخير كثير، وهم أصحاب الرايات الحمر"، لذلك فقد اجتمعت للخنساء أسباب العزة، وملكت عوامل الفخار من جاه، ومال وجمال ونفوذ، فكان لهذه الأسباب الأثر في حياتها وفي تكوين شخصيتها. (شواهد الخنساء في كتب التراث العربي)، نديم سائد شراب ص 14.

شاعرة الجاهلية 

بدَّل الإسلام حال الجزيرة العربية عقيدة ونفساً، فتغيرت القلوب والأفعال والأفكار لتكتسب طمأنينة ورضا حتى بالغيبيات، فها هي النساء التي أبكت الحجر في الجاهلية بشعرها حزناً على فراق صخر، يطمئن فؤادها ويرضى فلا تنظم الشعر رثاء لمقتل جميع أولادها في المعارك.

فعلى كثرة سِير الشاعرات العربيات على مدى تاريخ الأدب، ليس هناك امرأة أعجب من الخنساء، فرغم وفاتها في أول عصر عثمان بن عفان عام 24 هجرية، بخلاف بين المؤرخين، فإنها فلم تقل شعراً في إسلامها، فهي شاعرة جاهلية خالصة بتعبير بنت الشاطئ في كتابها "الخنساء".

ما سبق أقره ابن قتيبة حيث قال: "وهي جاهلية، كانت تقول الشعر في زمن النابغة"، (الشعر والشعراء)، ولم نعثر على شعر قالته في إسلامها، إلا ثلاثة أبيات ذكرها الجاحظ في "المحاسن والأضداد"، حين طلب منها الخليفة عمر أن تتوقف عن البكاء، ثم طلب أن تنشده ما قالته في صخر قديماً فقالت: "أما أني لا أنشدك ما قلت قبل اليوم، ولكني أنشدك ما قلته الساعة، فقالت: 

سقى جَدَثاً أعراقُ غَمْرَةَ دونه  وبيشة ديماتُ الربيع ووابلُهُ 

وكنتُ أُعِير الدمعَ قبلك من بكَى  فأنت على من مات قبلك شاغلُه 

وأرعيهم سمعي إذا ذكروا الأسى  وفي الصدرِ مني زفرةٌ لا تزايلُه  

فقال عمر: دعوها، فإنها لا تزال حزينة أبداً"، ولم تقل الخنساء شعراً في زوجها، ولم تتألم لفراقه على كثرة ما أودعته ديوانها الذي حوى نحو مئة قصيدة ومقطوعة.

ولا يخفى على صغير ما أشعرت الخنساء وذاع بين الناس إلى يومنا هذا، لمّا فقدت أخويها صخر ومعاوية في الجاهلية، فملأت الدنيا بكاءً عليهما، وغالت في جزعها وشجنها، فاسترسلت في أحزانها، وتواصلت في بكائها، وأعان شعرها الحزانى على فيض العبرات، وذرف الدموع، إلى وقتنا فيها حرارة من حر دموع الخنساء، وفيها معنى من معاني التياعها وأسفها.

إسلام الخنساء

ومما نُشر وسرد في إسلامها، أن الخنساء رضي الله عنها أعلنت إسلامها في العام الثامن من الهجرة حيث جاءت وافدة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها أبناؤها الأربعة وبنو عمومتها من بني سليم، حضرت حرب القادسية عام 16 هـ، هي وأولادها الأربعة وجعلت تحثهم على الجهاد في سبيل الله وهي التي عانت من فقد الأب والأخ والزوج، إلا أن كل شيء يهون في سبيل الله.

لقد من الله عليها فأسلمت وحسن إسلامها، وتبدلت بواعث بكائها، فصارت تقول كما روى ابن قتيبة: "كنت أبكي لصخر من القتل، فأنا أبكي له اليوم من النار".

ولمّا نادى منادي الجهاد، وشبت أوار حرب القادسية، لبت النداء، وأجابت دونما وجل أو وهن، وحضرت إلى أبنائها الأربعة، فأوصتهم وصيّةً خُلدت حروفها في العالمين، وحثتهم على الجهاد في سبيل الله، وكان من جملة ما قالت لهم: "إذا أصبحتم غداً إن شاء الله سالمين، فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمَّرَتْ عن ساقها، واضطرمت لظى على سياقها، وجللت ناراً على أرواقها، فتيمموا وَطِيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها؛ تظفروا بالغُنم والكرامة، في دارِ الخلد والمُقامة"، ولما بلغها استشهادهم الأربعة خلال المعركة قالت: "الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وأرجوا من ربي أن يجمعني بهم في مستقر ورحمته".

حزن مقيم

علاقة ومحبة الخنساء لصخر ومعاوية، علاقة خاصة فلم يكونا مجرد إخوة حملهم ذات الرحم، بل كانا الدعم السند ودرعها في مواجهة الحياة، ولذا فحينما فقدتهما، لم يكن الفقد عادياً، بل كان كمن دفنت روحها وهي لا تزال جسداً يسير بين الناس.

وعن حكاية الخنساء مع رحلة رثاء صخر، فكما يعرف الصغير قبل الكبير، أن معاوية كان قد قُتل قبل أخيها صخر بمدّة قليلة قبل الإسلام، فما استطاعت الخنساء أن تتمالك نفسها فأقامت على قبره زماناً تبكيه.

وورد أنها رضي الله عنها طلب الناس منها أن تصف أخويها معاوية وصخراً، فأجابتهم بأن صخراً حرّ الشتاء، ومعاوية برد الهواء، قيل: أيهما أوجع وأفجع؟ فقالت: أما صخر فجمر الكبد، وأما معاوية فسقام الجسد.

لماذا لم ترثِ الخنساء أولادها؟

شهد كبار الشعراء للنساء بالبلاغة والتفرد، وعُرفت بشعر الرثاء، يقول صاحب الأغاني: "قال حسان بن ثابت: جئت نابغة بني ذبيان، فوجدت الخنساء بنت عمرو حين قامت من عنده، فأنشدته، فقال: إنك لشاعر، وإن أخت بني سليم لبكَّاءة".

فلماذا إذا هذه البكاءة لم تبكِ أولادها؟

الخنساء شخصية قوية مسيطرة واثقة بذاتها، انظر لها حين يقول لها النابغة مشيراً إلى حسان بن ثابت، كما روى ابن قتيبة في "الشعر والشعراء"، إذ قال للخنساء: "أنشديه، فأنشدته، فقال: والله ما رأيت ذات مثانة أشعر منكِ، فقالت له الخنساء: والله ولا ذا خصيين"، أي ليس لها مثيل في الرجال والنساء.

ولكنها وكما نشرت بعض المواقع، ترفض زوجاً عظيماً كدريد بن الصمة، وتتزوج من رجل متلاف، يُذهِب ماله، فتذهب لأخيها صخر فيشاطرها ماله، ويعطيها خيره، ويتكرر الأمر عدة مرات، لقد خُدعت في زوجها، فكرِهت عيشتها، وزهدت في تعلقها بأبنائها، وظلت بائسة يائسة في حياتها، لولا تدخل صخر بكرمٍ لا مثيل له، ثم يُقتَل صخر، فتبكيه كما لم تبكِ أحداً قبله ولا بعده.

وعن سبب امتناعها عن رثاء أولادها أفرد النقاد في ذلك أبواباً، ومما قالوه أن الخنساء حين ودَّعت أخويها، ودعت معهما الحياة، لقد تساوت قيمتا الموت والحياة لديها، ولذلك لم يعد للشعر قيمة بعدما مات صخر، ولم يعد للشعر سبيل، وقد فقدت أجمل ما لاقته في حياتها.

ونشر عنها أنها رضوان الله عليها أتت لعائشة عليها السلام، وهي "حليقة الرأس تدُبُّ على عصا"، لقد ظلت ترثي أخاها حتى عَمِيَتْ، وقصتها مع عائشة رضي الله عنها تشهد بذلك، فقد دخلت على عائشة، وعليها صدار من شعر، قالت لها عائشة رضي الله عنها: "يا خنساء، إن هذا لقبيح، قُبِضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما لبست هذا، قالت: إن له قصة، قالت: فأخبريني، قالت: زوَّجني أبي رجلاً، وكان سيداً مِعطاء، فذهب ماله، فقال لي: إلى من يا خنساء؟ قلت: إلى أخي صخر، فأتيناه، فقسم ماله شطرين، فأعطانا خيرهما، فجعل زوجي أيضاً يعطي ويحمل، حتى نفد ماله، فقال: إلى من؟ فقلت: إلى أخي صخر، فأتيناه، فقسم ماله شطرين، فأعطانا خيرهما، فقالت امرأته: أما ترضى أن تعطيَها النصف حتى تعطيَها أفضل النصيبين؟ 

وفاتها رضي الله عنها

بعد أكثر من سبعين عاما من الحزن، قضت معظمها الخنساء في العصر الجاهلي وقليلا في الإسلام، توفيت عام 24 للهجرة، وهو ما يوافق عام 645م، ومما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خصص لها في فترة خلافته مئتي درهم لكل من أبنائها الذين استشهدوا في القادسية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية