التصعيدات الإسرائيلية على فلسطين.. إزهاق للأرواح وانهيار للمؤسسات وإهدار لأبسط الحقوق في الحياة

التصعيدات الإسرائيلية على فلسطين.. إزهاق للأرواح وانهيار للمؤسسات وإهدار لأبسط الحقوق في الحياة

مزارع فلسطيني: تكبدت خسائر بقيمة 17 ألف دولار على مساحة 30 دونماً

مدير مجمع الشفاء الطبي: يوجد نقص بنسبة 40% من الأدوية و25% من أجهزة الطوارئ والعناية 

مدير شبكة المنظمات الأهلية: التصعيد الأخير كشف هشاشة وضع المواطن الفلسطيني

محلل اقتصادي: التصعيدات تأتي في سياق تعميق الأزمات لسكان قطاع غزة

 

فلسطين- أحمد حرب

ما إن ينتهي تصعيد إسرائيلي على قطاع غزة حتى يتبعه تصعيد آخر، وفي كل مرة تأتي رحلة البحث عن حجم الدمار الذي لحق بالبنى التحتية وما خلّفه من خسائر وأضرار في ممتلكات المواطنين الفلسطينيين، في منازلهم ومنشآتهم الخاصة، ليعمق أزماتهم الاقتصادية والنفسية والاجتماعية أكثر وأكثر.

يقول المواطن الفلسطيني محمد صرصور لـ"جسور بوست" الذي يقطن في مدنية دير البلح وسط القطاع، إنه خلال التصعيد الأخير على غزة تعرضت شقته التي كان يجهزها لعرسه لأضرار كبيرة نتيجة قصف إسرائيلي منطقة مجاورة لمنزله وإنه الآن يعيش حالة صعبة جدا وكل أوراقه تبعثرت بعد القصف ويحاول لملمة أوضاعه لكنه يصطدم بعدم وقوف أحد من المؤسسات الإنسانية والدولية لتقديم يد العون له وإعانته على الخروج من حالته المدمرة نفسيا واقتصاديا.

فيما يقف المزارع الفلسطيني بدر صبح مصدوماً أمام مزرعته التي زرعها بالبطيخ بعدما تعرضت للقصف الإسرائيلي خلال التصعيد الأخير على غزة حيث انتظر أربعة أشهر لنضوجها.

ويقول صبح لـ"جسور بوست": "تكبدت خسائر بقيمة 17 ألف دولار على مساحة 30 دونماً من محصول البطيخ، بعدما كنت أقوم كل يوم بالاهتمام بالنبات ورش المياه للمحصول لكن ما لحق بالمزرعة من دمار كسر ظهري وجعلني بلا عمل حاليا".

استجابات خجولة

وعلى صعيد تداعيات التصعيدات الإسرائيلية المستمرة على واقع القطاع الصحي الفلسطيني يقول الدكتور محمد أبوسلمية مدير مجمع الشفاء الطبي وهو أكبر المشافي بقطاع غزة لـ"جسور بوست": إن القطاع الصحي الفلسطيني يمر بأزمة منذ ستة عشر عاما في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر على غزة، وقبل التصعيد الأخير أطلقنا مناشدة إلى العالم عبر منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر أن هناك نقصاً بنحو 40% من الأدوية ومن 20 إلى 25% من أجهزة الطوارئ والعناية المركزة غير متوفرة في مخازن وزارة الصحة الفلسطينية، منوهاً في الوقت نفسه إلى منع إسرائيل دخول أجهزة الأشعة والمعدات الطبية منذ أكثر من عام ونصف العام إلى قطاع غزة، وما لذلك من تداعيات سلبية على تقديم الخدمات الطبية.

وشدد على أن تكرار التصعيدات والحروب على غزة يثقل كاهل القطاع الطبي وخاصة أننا أمام تحديات كبيرة، ما يؤثر على تقديم الخدمات الطبية للمصابين، مشيرا إلى أن “استجابات المنظمات الدولية الداعمة لوزارة الصحة هي استجابات خجولة وليست سريعة وفورية وهذا ما تعرضنا له في التصعيد الأخير خلال الشهر الحالي إذ كنا أمام موقف صعب في ظل نقص المستلزمات الطبية يوماً بعد يوم ما اضطرنا إلى اطلاع الصليب الأحمر على ما يجري في المشافي الفلسطينية”.

عجز تمويلي

من جانبه، قال مدير شبكة المنظمات الأهلية في غزة، أمجد الشوا لـ"جسور بوست" إن التصعيد الأخير على القطاع كشف حجم الهشاشة والضعف الذي يعيشه المواطن الفلسطيني خاصة على المستويين الإنساني والاجتماعي وتتعمق الأزمات الإنسانية خاصة مع استهداف إسرائيل البنى التحتية للمنازل والمنشآت الصناعية، بالإضافة إلى أن إغلاق المعابر المرتبطة مع غزة خلال التصعيدات يعمق الواقع الاقتصادي ويكبده خسائر كبيرة وهذا لا يتحمله الاقتصاد الفلسطيني خاصة مع تكرار التصعيدات واستمرار الحصار الإسرائيلي منذ ستة عشر عاما والذي خلف واقعاً صعباً جدا متدهوراً على مدار تلك السنوات.

وأشار الشوا إلى أن هناك عجزا تمويليا في حجم الاستجابة للاحتياجات الناجمة عن الأوضاع الإنسانية والاقتصادية نتيجة هذه التصعيدات والحصار، مضيفا أن برنامج الغذاء العالمي أعلن قبل أيام من التصعيد الأخير على غزة عدم قدرته تقديم مساعدات للفئات الأكثر هشاشة التي تزداد يوما بعد يوم خاصة أن المانحين قلصوا المساعدات لقطاع غزة مما ينعكس بشكل مباشر على الأسر الفقيرة، خاصة أن أكثر من 80% من سكان غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية بالإضافة إلى عدم الاهتمام بتوفير الدعم النفسي للأطفال من الصدمات النفسية في ظل تكرار التصعيدات والحروب بين فترة وأخرى.

أمجد الشوا

أمجد الشوا

شلل الحركة التجارية

بدوره، قال المحلل الاقتصادي محسن أبورمضان لـ"جسور بوست" إن التصعيد الأخير على قطاع غزة وكل التصعيدات السابقة تأتي في سياق تعميق الأزمات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية لسكان القطاع خاصة أن إسرائيل تمنع دخول آلاف السلع والبضائع إلى غزة منذ عام 2007 وحتى الآن هناك أكثر من 1000 صنف من البضائع ممنوع دخولها، بالإضافة إلى تحديد مساحة للصيد في بحر غزة للصيادين، ما أدى إلى تراجع معدلات الإنتاج بسبب الحصار الإسرائيلي والتصعيدات العسكرية الإسرائيلية منذ 2008 و2012 و2014 و2021 وأيضا 2023 التي استهدفت الاقتصاد من خلال تدمير المنشآت الصناعية والإنتاجية والبنى التحتية والمزروعات.

وتابع، بالإضافة إلى فرض قيود على التصدير والاستيراد من وإلى غزة، ما يبقي الاقتصاد الفلسطيني أسيرا وتابعا للاقتصاد الإسرائيلي دون قدرة على وجود مقومات لبنية إنتاجية وصناعية وتنموية تعتمد على الذات الفلسطينية.

وأوضح أن إغلاق المعابر مع قطاع غزة يؤدي إلى شلل في الحركة الاقتصادية بصورة كبيرة لأنها تمنع عملية استيراد المواد اللازمة لعملية الإنتاج في القطاع الزراعي والصناعي والخدماتي وتمنع التصدير وتعطل العملية الإنتاج بشكل أكثر، لذلك نحن نتحدث عن عقاب جماعي لإغلاقها، بالإضافة إلى أن أكثر من 17000 ألف عامل فلسطيني يعملون في إسرائيل وعند إغلاق المعبر خاصة معبر أيريز- بيت حانون شمالي القطاع وقت التصعيد يحرم العمال من الذهاب إلى العمل، ما يشل حركة البضائع والأفراد ويؤدي إلى خسائر في الناتج المحلي الإجمالي.

وحول حجم الخسائر التي لحقت بالقطاعات الرئيسية جراء التصعيد الأخير على قطاع غزة في التاسع من مايو 2023 والتي تم رصدها، فهي كالتالي:

قطاع الإسكان

بلغ إجمالي عدد الوحدات السكنية المتضررة 2041 وحدة سكنية، بقيمة تقديرية للخسائر بـ9 ملايين دولار، وذلك وفق التفصيل التالي: 31 منزلاً هدماً كلياً، بما مجموعه 93 وحدة سكنية كما أصبحت 128 سكنية غير صالحة للسكن، فيما 1820 وحدة سكنية تضررت بشكل جزئي.

القطاع الزراعي

200 حفرة في الأراضي الزراعية سببها القصف المباشر، والتي تحتاج إلى إعادة تأهيل وردم وتهيئة من أجل السماح بزراعتها مجدداً، كما تضررت 10 آلاف متر من خطوط الري، و600 دونم من المزروعات "خضار وفواكه"، و150 دونما دفيئات زراعية مغطاة ومزارع تربية دواجن ومواشٍ وأغنام وخلايا نحل، قدر حجم الخسائر فيها بـ225 ألف دولار، فيما توقف تصدير أكثر من 1100 طن من الخضراوات والأسماك، وتوقفت حركة الصيد بشكل كامل.

القطاع الاقتصادي

 تم تقدير الخسائر المرتبطة بتوقف العجلة الاقتصادية بـ40 مليون دولار طيلة أيام العدوان الخمسة.

القطاع التعليمي

ألحقت أضرار بـ7 مدارس و9 رياض أطفال، فيما تعكف الطواقم الحكومية على فحص المدارس للتأكد من خلوها من أية مهددات على حياة وسلامة الطلبة، وقد أعدت وزارة التربية والتعليم خطة بخصوص استقبال الطلبة وترتيب الامتحانات كما عملت طواقم الإرشاد النفسي التابعة للوزارة على تقديم 8000 آلاف خدمة ودعم نفسي وإرشادي، على مدار أيام العدوان، سواء إلكترونياً أو عبر الاتصال المباشر.

البنية التحتية

بلغت قيمة الخسائر في البنية التحتية جراء العدوان نحو مليون دولار، حيث تضرر 195 خط مياه، و173 خط صرف صحي وتم إغلاق العديد من الشوارع بسبب الركام الناجم عن القصف إلى جانب تضرر 304 من خطوط الكهرباء والأعمدة والمحولات التابعة للشبكة.
 
 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية