مسؤول أممي: الجنود في منطقة الساحل يبيعون أسلحتهم للحصول على الطعام (فيديو)
مسؤول أممي: الجنود في منطقة الساحل يبيعون أسلحتهم للحصول على الطعام (فيديو)
يمكن للمتسوقين في مناطق غاو وتمبكتو وميناكا في مالي شراء بنادق هجومية من طراز AK مقابل 750 دولارا وخراطيش مقابل 70 سنتا للقطعة الواحدة، من المسدسات المصنوعة يدويا محليا إلى المدافع الرشاشة الفرنسية والتركية المهربة، حيث تنتشر مجموعة مذهلة من الأسلحة غير القانونية في السوق عبر منطقة الساحل، وهي حزام يبلغ عرضه 6 آلاف كيلومتر في وسط إفريقيا.
ووفقا للموقع الرسمي لأخبار الأمم المتحدة، تركز المنظمة على تجارة الأسلحة غير المشروعة التي تؤجج الصراع والإرهاب في المنطقة كجزء من سلسلة تستكشف مكافحة الاتجار غير المشروع في منطقة الساحل الإفريقي، حيث قال مسؤول أممي إن “الجنود يبيعون أسلحتهم للحصول على الطعام، وهو ما يزيد الأمر سوءاً”.
وتعد منطقة الساحل، التي يقطنها 300 مليون شخص، سوق مشتري للأسلحة، حيث تعاني المنطقة من التمرد واللصوصية، وتعود جذورها، من بين أمور أخرى، إلى التوترات الطائفية المستوطنة، والاشتباكات بين المزارعين والرعاة، وانتشار التطرف الديني العنيف، والتنافس على الموارد الشحيحة مثل المياه والأراضي الصالحة للزراعة وسط صدمات مناخية شديدة.
تقول المسؤولة عن مكتب الأمم المتحدة لغرب إفريقيا ومنطقة الساحل، جيوفاني بيها، لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهي تقدم تقرير الأمين العام عن المنطقة: "تتقاتل الجماعات غير الحكومية في ما بينها من أجل التفوق، وتدفع الدول إلى الهامش، وتسبب بؤسا لا يوصف لملايين الأشخاص الذين اضطروا إلى الفرار من مجتمعاتهم بحثا عن الأمان".
المزيد من البنادق
ووراء الفوضى والبؤس الذي تعيشه المنطقة تلقى تجارة الأسلحة غير المشروعة ازدهارا، والعديد من مراكز تهريب الأسلحة في حدود حافة الساحل أو طرق النقل حيث تحدث أنشطة إجرامية متعددة، وفقا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، فالأسواق غير القانونية -التي غالبا ما تكون مخبأة على مرأى من الجميع في البلدات والقرى على طول الممرات الاستراتيجية- لا يعوقها وجود السلطات.
وتتعامل جميع الجماعات المتورطة في الاشتباكات الآن مع الأسلحة النارية والذخيرة، وفقا لتقرير صدر مؤخرا عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة عن الاتجار بالأسلحة النارية، ومع تضاعف أعداد أعضاء المجموعة، تتضاعف أيضا الفرص التجارية للمتاجرين بالبشر.
ويتتبع التقرير الحالات بهدف فهم الظاهرة ودوافعها بشكل أفضل، وعندما سألت السلطات النيجيرية مشتبها به كيف أنفقت مجموعته الفدية البالغة 100 ألف دولار التي دفعتها لتحرير تلميذات اختطفتهن، قال: "اشترينا المزيد من البنادق".
سلسلة من العواقب
امتدت سلسلة من العواقب في جميع أنحاء المنطقة على مدى العقد الماضي، ما أدى إلى زعزعة استقرار الدول ونشر موجة من الأسلحة المهربة في القرى والبلدات والمدن.
في نيجيريا، وسعت بوكو حرام منطقة سيطرتها وامتدت إلى الكاميرون وتشاد والنيجر.
وفي الجزء الأول من موضوع الاتجار في منطقة الساحل، وصف التقرير تدخل الناتو في ليبيا عام 2011 بأنه لحظة محورية، حيث نهب جنود الطوارق الذين يخدمون في الجيش الليبي الأسلحة، وعادوا إلى مالي، حيث خلقت سلسلة من وقائع التمرد فراغا أمنيا خطيرا وفوضويا.
واستولت الجماعات المتطرفة على قواعد الجيش والشرطة في مالي، مضيفة مخزونات جديدة من الأسلحة إلى ترساناتها الآخذة في الاتساع.
وأصبحت منطقة ليبتاكو- غورما العابرة للحدود ساحة معركة وساحة مقايضة لتجارة الأسلحة غير المشروعة المزدهرة.
وأدى العنف المزمن إلى مقتل الآلاف وتشريد أكثر من مليوني من سكان الساحل، اعتبارا من ديسمبر 2022.
وفي الوقت نفسه، تسبب الصراع المستمر في السودان في مزيد من الاضطرابات، كما قال مار دييه، الذي يرأس استراتيجية الأمم المتحدة المتكاملة لمنطقة الساحل.
وقال "دييه": "الجنود يبيعون أسلحتهم للحصول على الطعام، وهذا سيضيف الوقود إلى النار.. هذا أمر خطير للغاية، ونحن ندعو جميع الجهات الفاعلة الدولية إلى زيادة دعمها".
إرهاب مصمم خصيصا لإفريقيا
وعلى هذه الخلفية، يكمن التهديد الدائم للإرهاب، وفقا للمديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
في محاولة لجذب الجماهير المحلية، حاولت الجماعات التابعة لتنظيم (داعش)، منذ عام 2017، "إضفاء الطابع الإفريقي" على المراجع واللغات، باستخدام الأدب الإفريقي لتبرير آراء الجماعة الإرهابية، حسبما ذكرت المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب في تقريرها “داعش في إفريقيا: الاتجاهات والتطورات الرئيسية”.
وحذرت السلطات من أن حوض بحيرة تشاد ووسط الساحل برزا حاليا كبؤر وحاضنات للإرهاب والتطرف العنيف، وفي الخلفية، تؤدي تجارة الأسلحة غير المشروعة إلى إدامة الفوضى.
وأظهر تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن تدفقات الأسلحة غير المشروعة من ليبيا منذ عام 2019 قد توسعت لتشمل البنادق الهجومية المصنعة حديثا.
شركاء في مكافحة الجريمة
وقال الممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لغرب ووسط إفريقيا، أمادو فيليب دي أندريس: “مما يعكس هذا الاتجاه المشؤوم، زادت مضبوطات الأسلحة بنسبة 105% بين عامي 2017 و2021”.
وأضاف: “إن التحقيقات المشتركة والتعاون عبر الحدود مزيج رابح.. وسحقت إحدى هذه العمليات طريق إمداد شبكة إرهابية بالأسلحة النارية في ديسمبر، وتزدهر شراكات جديدة، بما في ذلك اتفاقات التعاون العسكري بين النيجر وبنين وبوركينا فاسو”.
ولمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، أطلقت الدول المعنية في المنطقة مبادرة أكرا في عام 2017، ونشرت عمليات مشتركة، وبدأت جهود بناء الثقة في المناطق الساخنة، ودعت إلى تفعيل قوة مهام مشتركة متعددة الجنسيات تضم 10,000 جندي.
ومن جانبها، تعمل الأمم المتحدة ودول المنطقة على تعزيز قدرة المجتمعات الحدودية على الصمود وتسهيل عودة النازحين، ويجري أيضا بذل جهود لدفع مبادرة الاتحاد الأفريقي الرائدة "إسكات البنادق"، حيث تدعم فرقة عمل تابعة للأمم المتحدة شهر عفو سنوي وتقدم المساعدة التقنية بشأن الحد من الأسلحة الصغيرة.
وللبناء على هذه النجاحات، أوصى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بأن تعزز بلدان الساحل جهودها الرامية إلى جمع البيانات عن الاتجار بالأسلحة النارية لتحسين فهم التدفقات الوطنية وعبر الوطنية ووقفها.
لكن الدعم السياسي والتشغيلي للشركاء لا يزال ضروريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة، كما قالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لإفريقيا، مارثا أما أكيا بوبي.
وأضافت: "يجب إحراز تقدم حاسم في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف والجريمة المنظمة في منطقة الساحل بشكل يائس.. بدون تحقيق مكاسب كبيرة، سيصبح من الصعب بشكل متزايد عكس المسار الأمني في منطقة الساحل والتوسع المستمر لانعدام الأمن في البلدان الساحلية في غرب إفريقيا".