تغير المناخ.. البحرين تبذل جهوداً مكثفة لخفض الانبعاثات الكربونية

باستراتيجية طموحة تستهدف الحياد الكربوني

تغير المناخ.. البحرين تبذل جهوداً مكثفة لخفض الانبعاثات الكربونية

ضمن أقل نسبة انبعاثات كربونية بالعالم، تقف مملكة البحرين على حافة أزمات بيئية واقتصادية وديموغرافية بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية. 

وتعد البحرين، واحدة من الدول الجزرية الصغيرة النامية الـ52 في العالم، وتضم 40 جزيرة، وتبلغ مساحتها الإجمالية نحو 767 كيلومترا مربعا من اليابسة.

ويعيش غالبية سكان البحرين في المناطق الساحلية، كما يعيش 81 بالمئة من السكان في العاصمة المنامة، وفق إحصاءات المفوضية العامة لحماية الموارد البحرية والبيئة والحياة الفطرية في البحرين.

وتعد المملكة من أعلى البلدان من حيث الكثافة السكانية في العالم، لتصل إلى 1700 شخص في الكيلومتر المربع، مع توقعات بتضاعف عدد السكان في أقل من 20 عاما، بحسب الجهاز المركزي للمعلومات (رسمي).

والبحرين مُعرضة بشكل خاص لمخاطر التغيرات المناخية المرتبطة بارتفاع منسوب مياه البحر، وقد يؤدي تكرار تعرض السواحل إلى الفيضانات بسبب الأمواج العالية في تهديد الممتلكات والسكان وتلويث المياه الجوفية، وتدهور البيئات الإيكولوجية الساحلية، وتهديد الثروات الساحلية

ومن المتوقع أن ترتفع معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات جراء الحر والجفاف الناجم عن تغير المناخ، ويتطلب التكيّف مع هذه الظاهرة قدراً كبيراً من التمويل يقدر بعشرات المليارات من الدولارات.

تأثيرات سلبية

ويمكن لآثار تغير المناخ على البحرين أن تؤثر على 3 بيئات، إذ تتأثر البيئة الساحلية من خلال ارتفاع درجة حرارة البحر وتآكل الشواطئ وتدهور مصائد الأسماك الساحلية.

ويمكن التأثير على البيئة الأرضية من خلال تسرب مياه البحر إلى طبقات المياه الجوفية العذبة، في حين يمكن رؤية التأثير على البيئة البشرية من خلال إعادة توطين المجتمعات الساحلية وفقدان المساكن في المناطق الحضرية والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية.

ويمكن أن تؤدي تأثيرات تغير المناخ على التنوع البيولوجي أيضًا إلى التأثير على مستويات المخزون السمكي، والشعاب المرجانية، وأشجار القرم، ومزارع التمور، والطيور المهاجرة. 

وبخلاف المخاطر المناخية التي تهدد البحرين، فإنها معرضة أيضاً لانعكاسات اقتصادية سلبية على كافة قطاعات الإنتاج المالي والخدمي للاقتصاد البحريني، لا سيما قطاع الطاقة والصناعة والنقل، الأمر الذي يترتب عليه القيام بإجراءات احترازية ذات تكلفة إضافية للتكيف مع هذه الانعكاسات ستتسبب في أعباء مادية إضافية على الدولة بالنظر إلى التباطؤ الاقتصادي العالمي الحالي وانخفاض أسعار النفط.

منذ عام 2007، تم تكليف اللجنة الوطنية المشتركة لتغير المناخ بالإشراف على جميع قضايا المناخ في البحرين، ويترأس المجلس الأعلى للبيئة اجتماعات اللجنة الوطنية المشتركة لتغير المناخ. 

ويضم المجلس الأعلى للبيئة أعضاءً من الهيئة الوطنية للنفط والغاز، ووزارات الصناعة والتجارة، والكهرباء والمياه، والمواصلات والاتصالات، والشؤون الخارجية ومجلس التنمية الاقتصادية. 

وتناقش اللجنة الوطنية المشتركة وتتخذ القرارات بشأن جميع الأنشطة والمشاريع والبرامج المتعلقة بتغير المناخ في البحرين، بما في ذلك تدابير التخفيف والتكيف، ورصد ومتابعة آخر التطورات الدولية المتعلقة بتغير المناخ، وتشكيل مواقف وطنية ووضع مقترحات لاتفاقيات المناخ الدولية، فضلاً عن ضمان التوازن والتكامل بين التزامات تغير المناخ والاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للتنمية المستدامة في البحرين.

مساعٍ للتكيف

وخلال السنوات الماضية، أطلقت المملكة مجموعة من التدابير لمعالجة أثر تغيّر المناخ فيما يتعلّق بارتفاع مستوى سطح البحر، وتعزيز قدرات التنظيم المدني والقوانين لمعالجة لتأثيرات تغير المناخ، وإعادة النظر في الإجراءات الإدارية والقانونية لاستصلاح الأراضي، وزيادة وعي صانعي السياسات والعامة حول آثار ارتفاع مستوى سطح البحر.

ودعت السلطات البحرينية إلى إشراك المجتمعات المحلية في تطوير القدرات على الاستجابة والتكيّف وتمكين هيكليات الحماية الساحلية القائمة.

ومن ناحية أخرى، استهدفت التدابير أيضا إعادة تأهيل الغابات وإنشاء مناطق موسعة للمحافظة على الشعاب المرجانية، والحماية القانونية وتطوير خطة إدارية متكاملة للنظم الإيكولوجية المهددة، وفق الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية.

وأكدت هيئة البحرين للثقافة والآثار، أن التراث الثقافي والطبيعي لمملكة البحرين ليس ببعيد عن تأثيرات التغيرات المناخية، حيث أثرت كل ظاهرة من ظواهر التغير المناخي بشكل سلبي وضار على مكونات المواقع الأثرية وبالخصوص مواد البناء للبقايا الإنشائية القديمة.

وفي عام 2018، قال تقرير بيئي في البحرين، إنه رغم انخفاض انبعاثات البلاد من الغازات الدفيئة أو غازات الاحتباس الحراري، والتي بلغت 22.374 جيجا جرام من ثاني أكسيد الكربون المكافئ في عام 2000، وبنسبة أقل من 0.1 بالمئة من مجمل الانبعاثات العالمية من غازات الدفيئة، غير أنها كانت من الدول السباقة في التوقيع على اتفاق باريس بشأن المناخ في 2016، وقدمت التزاماتها الوطنية في تقرير المساهمات الوطنية المحددة في مجالي التكييف والتخفيف.

خطة مستقبلية

وفي عام 2022، قال ولي عهد البحرين ورئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، إن بلاده تواصل دعم كافة المبادرات والمساعي من أجل مواجهة تحديات التغير المناخي والتي تتطلب تكثيف جهود المجتمع الدولي بما يحد من آثارها.

وأشار ولي العهد إلى أهمية مواصلة البناء على ما تحقق نحو تعزيز الأمن البيئي من خلال تبنّي المزيد من المبادرات والخطط والحلول المبتكرة لضمان مستقبل أكثر أمانًا وجودة انطلاقًا من المسؤولية المشتركة للجميع.

وأضاف: "العالم اليوم يواجه بشكل مستمر تحديات مناخية وبيئية مختلفة، ما يحتم على الجميع تعزيز التعاون المشترك ومضاعفة ما يتم بذله من أجل الحفاظ على البيئة واستدامة مواردها".

وأكد أهمية أن تكون الاستدامة البيئية على رأس الأولويات ضمن خطط ومسارات التنمية على الأصعدة كافة، باعتبارها هدفًا عالميًا وركيزة أساسية للحاضر والمستقبل.

ومضى قائلا: "مملكة البحرين تضع نصب عينيها الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2060، وذلك من خلال الخطة الوطنية للتشجير الهادفة إلى مضاعفة عدد الأشجار في مملكة البحرين، وتم على هذا الصعيد تجاوز هدف هذا العام بزراعة 140 ألف شجرة، إلى جانب زيادة أشجار نبات القرم بأربعة أضعاف".

وتابع: "تمكنت البحرين من تحقيق الهدف السنوي لهذه المبادرة بنسبة 100% لهذا العام، إضافة إلى الاستثمار المباشر في تقنيات احتجاز الكربون".

وشملت الأهداف تخفيض الانبعاثات بنسبة 30 بالمئة من خلال مبادرات إزالة الكربون ومبادرات تعزيز كفاءة استخدام الطاقة ومضاعفة مصادر الطاقة المتجددة، إذ زادت مملكة البحرين من طاقتها المتجددة بنسبة 40% في العام الماضي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية