بايدن يروّج في غراند كانيين لسياسته المناخية
بايدن يروّج في غراند كانيين لسياسته المناخية
يعتزم الرئيس الأمريكي جو بايدن وضع حد لتعدين اليورانيوم في منطقة شاسعة حول غراند كانيين، والإعلان عن ذلك خلال رحلة إلى غرب الولايات المتحدة تهدف إلى إقناع الأمريكيين بمنافع سياسته المناخية.
وقال مستشار بايدن للمناخ، علي زيدي، في الطائرة التي أقلّت الرئيس الديمقراطي البالغ 80 عاما إلى أريزونا، إن هذه المنطقة التي حصلت على صفة "معلم وطني" بعد توقيع بايدن على قرار في هذا الشأن، ستغطي مساحة تزيد على 400 ألف هكتار، وفق فرانس برس.
وتدعو قبائل من السكان الأصليين منذ فترة إلى التحرك للحد من نشاط التعدين حول غراند كانيين الذي يعد من العجائب الطبيعية.
وقال زيدي إن هذا الوضع سيحظر إطلاق مشاريع جديدة لتعدين اليورانيوم في الموقع، من دون التأثير في حقوق الاستغلال الموجودة أصلا، ويعد إنشاء هذه المنطقة المحمية الجديدة تقديرًا لتاريخ هذه القبائل الغني وحماية "نظام بيئي مهم جدا" حول نهر كولورادو.
اختار بايدن لهذا الإعلان ولاية أريزونا حيث اقتربت درجات الحرارة من 50 درجة مئوية قبل أسابيع، وحيث يهدد التدفق المنخفض في نهر كولورادو إمداد التجمعات السكنية بالمياه وأيضا القطاع الزراعي.
وقال بايدن إن "الحفاظ على هذه الأراضي ليس مفيدا لأريزونا والكوكب فحسب، إنه جيد للاقتصاد، إنه جيد لروح أمّتنا".
وأضاف: "لا يزال أمامنا الكثير من العمل الذي يتعين فعله لمكافحة التهديد الوجودي لتغير المناخ"، في إشارة إلى الحرارة الشديدة والحرائق والجفاف التي تضرب أماكن عدة في الولايات المتحدة.
تهديد وجودي
بعد ذلك، سيسافر بايدن إلى نيو مكسيكو ثم إلى يوتا حيث يعرض برامجه للمحاربين السابقين.
تاريخ هذه الرحلة لم يُحدد مصادفة، فهي تتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لإقرار تشريع خفض التضخم "إنفلايشن ريداكشن آكت" (IRA) الذي كان محور برنامجه الانتخابي، ويريد البيت الأبيض إبراز هذا الحدث.
ورغم أنها سمّيت كذلك لكي يصبح تبنيها في الكونغرس أسهل نظرا إلى بلوغ التضخم في ذلك الوقت أعلى مستوياته في 40 عاما، تستهدف هذه الخطة في الواقع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتهدف إلى تقليلها بنسبة 40% بحلول 2030 مقارنة بعام 2005.
لذلك، سيستثمر بموجبها 370 مليار دولار في مجال التحول الطاقي، خصوصا لتصنيع بطاريات للسيارات الكهربائية أو الألواح الشمسية.
ودائما ما يصنّف بايدن التغير المناخي بأنه "تهديد وجودي" منتقدا أفراد المعارضة الجمهورية الذين يشككون في ذلك.
إلى جانب التطرق إلى أزمة الحرّ، تأتي زيارة بايدن لأريزونا مع حوافز انتخابية.
فقد فاز الديمقراطي بأريزونا بفارق ضئيل عام 2020، وهي من الولايات القليلة التي يُتوقع أن تكون حاسمة في تحديد الفائز في الانتخابات الرئاسية العام المقبل.
لا تروي القصة كاملة
وقال زيدي "ترجم الرئيس أعظم المخاطر التي نواجهها إلى فرصة اقتصادية كبيرة"، متحدثا عن تغير المناخ لكنه يواجه صعوبات في إيصال رسالته، ولا سيما إلى الناخبين المستقلين.
من جهتها، أكدت الناطقة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار من الطائرة الرئاسية، أن استطلاعات الرأي "لا تروي القصة كاملة" ولا تعكس بالضرورة الاتجاهات الأساسية.
وأضافت: "سنواصل التحدث" عن النجاحات الاقتصادية والبيئية لبايدن و"نأمل بأن تصل الرسالة".
وأكثر من نصف الأمريكيين (57%) لا يوافقون على طريقة إدارة الرئيس الديمقراطي ملف التغير المناخي، لكنهم أقروا بأنهم لا يعرفون ما الذي تتضمنه الخطة، وفق ما أظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة "واشنطن بوست" وجامعة ميريلاند.
التغيرات المناخية
شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات.
وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية.
وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.
تحذير أممي
وفي السياق، حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن "نصف البشرية يقع في منطقة الخطر، من جراء الفيضانات والجفاف الشديد والعواصف وحرائق الغابات"، مؤكداً أنه "لا يوجد بلد محصن".
ويؤكد التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الضرورة الملحة لمعالجة الآثار المكثفة لتغير المناخ وضمان التكيف والمرونة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.
ووفقا لبيانات مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، فإن عدد الكوارث قد تضاعف تقريبًا منذ عام 2000، بينما تضاعفت الخسائر الاقتصادية الناتجة بمعدل ثلاثة أضعاف، ويرجع ذلك أساسًا إلى تغير المناخ، وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فقد تكون هناك زيادة بنسبة 40% في عدد الكوارث بحلول عام 2030.