الوقود الأحفوري يقتل الكوكب.. والدول الصناعية الكبرى تتباطأ في عملية الإنقاذ

الوقود الأحفوري يقتل الكوكب.. والدول الصناعية الكبرى تتباطأ في عملية الإنقاذ

خبراء: الوقود الأحفوري خطر يقتلنا والوقاية خير من العلاج

يستحق البشر العيش في بيئة نظيفة، وليس هذا برفاهية أو فضل ومنة، وإنما حق من حقوق الإنسان، ورغم بديهية الأمر فإنّه قد يصبح مستحيلاً في ظل استخدام الوقود الأحفوري، لما له من تأثيرات قوية سلبية ومباشرة على البيئة والمناخ.

وعلى الرغم من الفوائد الاقتصادية والمرونة التي يوفرها الوقود الأحفوري، فإن العواقب السلبية لاستخدامه تتراكم بشكل غير مسبوق، وتشكل تحديًا كبيرًا للمستقبل المستدام لكوكبنا. 

ويعتبر الوقود الأحفوري مصدرًا رئيسيًا للطاقة في معظم قطاعات الاقتصاد العالمي، مثل الصناعة والنقل وتوليد الكهرباء، ومع زيادة التعافي الاقتصادي ونمو السكان يتزايد الطلب على الطاقة بشكل متسارع، ما يعزز الضغط على استخدام الوقود الأحفوري. 

ومع ذلك، تعاني البيئة والمناخ من تأثيرات سلبية كبيرة نتيجة الانبعاثات الملوثة الناتجة عن احتراق هذا الوقود. 

على الجانب الآخر، انتهى اجتماع مجموعة العشرين في الهند، الأحد، دون التوصل لتوافق في الآراء في ما يتعلق بالتخلص التدريجي من استخدام الوقود الأحفوري بعد اعتراض بعض الدول المنتجة. 

ووفقًا لتقارير صحفية، انتاب الغضب علماء وناشطين جراء تباطؤ المنظمات الدولية في اتخاذ إجراءات للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري حتى في الوقت الذي تسلط فيه ظروف الطقس المتطرف في شتى أنحاء العالم الضوء على أزمة المناخ.  

وكان من المقرر أن يصدر مسؤولو الطاقة في مجموعة العشرين بيانا مشتركا في نهاية اجتماعاتهم التي استمرت أربعة أيام في بلدة بامبوليم الواقعة في ولاية جوا الساحلية بالهند، ولكن لم يصدر البيان المشترك بسبب خلافات حول عدد من القضايا، منها الرغبة في زيادة قدرات إنتاج الطاقة المتجددة إلى ثلاثة أمثال بحلول عام 2030.

وفشل الاجتماع أيضا في التوصل لتوافق في الآراء في ما يتعلق بحث البلدان المتقدمة على تحقيق الهدف المتمثل في حشد 100 مليار دولار سنويا بصورة مشتركة من أجل العمل المناخي في الاقتصادات النامية من عام 2020 إلى 2025، ووضع توصيف للحرب في أوكرانيا.

ومن بين أبرز الآثار البيئية السلبية للاعتماد على الوقود الأحفوري هي انبعاث غازات الاحتباس الحراري، مثل ثاني أكسيد الكربون، الذي يسهم في زيادة الاحتباس الحراري وتغير المناخ، كما يتسبب احتراق الوقود الأحفوري في انبعاث غازات سامة أخرى مثل أكسيد النيتروجين والكبريت، ما يؤدي إلى تلوث الهواء وتأثيرات صحية سلبية على الكائنات الحية. 

وتشير التقديرات التي تضمنها تقرير أعده البنك الدولي إلى أن تكلفة الأضرار الصحية الناجمة عن تلوث الهواء تبلغ 8.1 تريليونات دولار في السنة، أي ما يعادل 6.1% من إجمالي الناتج المحلي العالمي

ويوصي خبراء بضرورة التحرك نحو البحث عن بدائل نظيفة ومستدامة للوقود الأحفوري، مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الخضراء، ويتطلب ذلك جهودًا مشتركة من الحكومات والشركات والمجتمعات المحلية لتشجيع التحول إلى منظومة طاقة أكثر استدامة، تهدف إلى الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والحفاظ على البيئة والمناخ للأجيال القادمة. 

عكس الاتجاه.. زيادة في تمويل المصارف لمشروعات الوقود الأحفوري خلال 2020 -  الطاقة

"جسور بوست"، حاولت استكشاف تأثير استخدام الوقود الأحفوري على البيئة والمناخ، من خلال تحليل الأدلة والبحوث العلمية الحديثة، واستجواب الخبراء والمهتمين في المجال، وما الجهود المبذولة للتوصل إلى حلول بديلة ومستدامة لتلك المشكلة، ودور الابتكار والتكنولوجيا في إعادة تشكيل مستقبل طاقتنا وحماية كوكبنا.

تأثيرات بالجملة

وعلّق الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده بقوله، إن الوقود الأحفوري، مثل النفط والفحم والغاز الطبيعي، يُعتبر من أهم مصادر الطاقة التي يتم استخدامها على نطاق واسع في مختلف الصناعات ووسائل النقل، ومع ذلك فإن استخدام الوقود الأحفوري يسبب تأثيرات سلبية جسيمة على المناخ العالمي، فعندما يتم حرق الوقود الأحفوري، يتم إطلاق غازات الاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون (CO2) وثاني أكسيد النيتروز (N2O) والميثان (CH4)، تسبب هذه الغازات زيادة تركيز الحرارة في الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة الحرارة العالمية. 

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست"، تؤدي زيادة درجة الحرارة العالمية إلى تغيرات في النظم البيئية، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر، وموجات الحرارة المتطرفة، وتغيرات في نمط هطول الأمطار، كل ذلك يؤثر على الحياة البرية والنباتات والموارد الطبيعية، وبدوره يؤثر الاحتباس الحراري وتغيرات المناخ على الصحة البشرية بشكل مباشر وغير مباشر، حيث يتسبب في ارتفاع درجات الحرارة الطويلة الأمد وزيادة التعرض للأمراض المنقولة بواسطة البعوض والقراد وغيرها من الكائنات الحية. 

خبير اقتصاد : التحول الرقمي يحمي المواطن

الدكتور رشاد عبده

الوقاية خير من العلاج

وعن كيفية الوقاية من تلك السلبيات قال عميد كلية الاقتصاد جامعة الأزهر، الدكتور محمد يونس، إن القانون الأزلي القائل بأن "الوقاية خير من العلاج" لَهُوَ الحل، ويحدث ذلك بتعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، فيجب العمل على تشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية، والتحول تدريجيًا من الوقود الأحفوري إلى تلك المصادر البديلة والنظيفة.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست": يجب تشجيع استخدام تكنولوجيا أكثر كفاءة في استهلاك الوقود، مثل المركبات الكهربائية والهجينة وتحسين كفاءة الوقود في مجال النقل والصناعات، وأيضًا يجب زيادة الوعي بين الجمهور حول تأثيرات الوقود الأحفوري على المناخ، ونشر المعرفة حول الحلول البديلة والمستدامة للحد من تلك الآثار السلبية.

ذكريات رياضية

الدكتور محمد يونس

واستطرد: يجب وضع تشريعات قوية تحد من استخدام الوقود الأحفوري، وتشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى فرض رسوم على انبعاثات الكربون، فتأثيرات الوقود الأحفوري على المناخ لا يمكن تجاهلها، فهي تهدد بجدية البيئة والبشرية، لذا يجب اتخاذ إجراءات جادة للتحول إلى مصادر طاقة نظيفة وتعزيز الوعي والحماية البيئية. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية