اليوم الدولي للاعنف.. ملاذ آمن للطامحين إلى تغيير اجتماعي غير مُلوث بالدماء
يحتفل به في 2 أكتوبر من كل عام
في ظل عالم يموج بالصراعات والحروب والكوارث المناخية، باتت استراتيجية اللاعنف ملاذا آمنا لكافة شعوب العالم الطامحة إلى تغيير اجتماعي أو سياسي لا تلوثه الدماء.
ويحيي العالم، اليوم الدولي للاعنف، في 2 أكتوبر من كل عام، لتعزيز نشر رسالة مناهضة العنف وتأمين ثقافة السلام والتسامح والتفاهم بالعالم.
وتحتفل الأمم المتحدة باليوم الدولي للاعنف سنويا، إحياءً لذكرى تاريخ ميلاد المهاتما غاندي، زعيم حركة استقلال الهند ورائد فلسفة واستراتيجية اللاعنف، وتذكيرا لنشر رسالة اللاعنف عن طريق التعليم وتوعية الجمهور.
واستراتيجية اللاعنف، معروفة عالميا باسم "المقاومة اللاعنيفة"، إذ يرفض المعارضون استخدام العنف الجسدي لتحقيق تغيير اجتماعي أو سياسي، وهو أيضا أحد أشكال الكفاح الاجتماعي، التي توصف بأنها "سياسة الناس العاديين".
ورغم أن اللاعنف يُستخدم في الغالب كمرادف لمذهب السلام، فقد تبنت حركات كثيرة تدعو إلى التغيير الاجتماعي، ولا تركز على معارضة الحرب مصطلح اللاعنف منذ منتصف القرن العشرين.
ومن الركائز الأساسية لنظرية اللاعنف أن سلطة الحكام تعتمد على موافقة السكان، ومن ثم يسعى اللاعنف إلى تقويض هذه السلطة من خلال سحب موافقة وتعاون الشعب.
وكانت حياة وقيادة المهاتما غاندي, ملهمة لملايين الجماهير في مختلف أنحاء العالم، والذين شاركوا في حملات ترمي إلى تحقيق العدل الاجتماعي في بلادهم.
وساعد غاندي على قيادة الهند صوب الاستقلال، وكان مصدر إلهام لحركات اللاعنف الداعية إلى الحقوق المدنية والتغيير الاجتماعي في مختلف أنحاء العالم.
وقد ظل غاندي، طيلة حياته، متمسكا وملتزماً بإيمانه باللاعنف حتى في ظل الظروف القمعية وفي مواجهة تحديات يبدو أنها لا يمكن التغلب عليها.
وقد كانت النظرية التي تستند إليها أعماله، والتي تضمنت تشجيع العصيان المدني على نطاق جماهيري ضد القانون البريطاني مثلما حدث في مسيرة الملح التاريخية عام 1930، هي أن "الوسائل العادلة تفضي إلى غايات عادلة"، أي أنه ليس من المنطقي محاولة استخدام العنف لإيجاد مجتمع مسالم، حيث كان غاندي مؤمنا بأن الهنود يجب ألا يستخدموا العنف أو الكراهية في كفاحهم في سبيل التحرر من الاستعمار.
واعتمدت نظرية غادي على 3 فئات رئيسية للعمل اللاعنيف وهي الاحتجاج والإقناع، بما يشمل المسيرات والاعتصامات، إضافة إلى عدم التعاون أو ما يسمى بالعصيان المدني، وأخيرا التدخل غير العنيف من قبيل عمليات الحصار واحتلال أماكن.
ويتجاوز اسم المهاتما غاندي حدود العرق والدين والدول القومية، وبرز كصوت معارض في القرن الحادي والعشرين، ويتذكر العالم غاندي ليس فقط لالتزامه العاطفي بممارسة اللاعنف والإنسانية العليا، ولكن كمعيار اختبار لسلامة المشاركة في الحياة العامة وسلمية الأفكار السياسية ووضوح السياسات الحكومية.
وكانت من أبرز أقواله المأثورة إن "الفقر هو أسوأ أشكال العنف"، و"اللاعنف هو سلاح الأقوياء"، و"اللاعنف والحقيقة لا ينفصلان ويرتبط كل منهما بالآخر"، و"قد لا نكون أبدًا أقوياء بما يكفي لنكون غير عنيفين تمامًا في الفكر والكلام والفعل"، و"لكن يجب أن نبقي اللاعنف هدفنا وأن نحرز تقدمًا قويًا نحوه".
وتقول منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" إن إرساء ثقافة اللاعنف تتطلب الاهتمام بالتنمية المستدامة والتثقيف في مجال حقوق الإنسان ومهارات العلاقات السلمية والحكم الرشيد، لمنع الصراع وبناء السلام.
وخلال العقدين الماضيين، يموج العالم بالنزاعات والصراعات والحروب الأهلية، زاد من وطأتها الكوارث المناخية كالفيضانات والجفاف والأعاصير والعواصف وحرائق الغابات.
وتبذل الأمم المتحدة جهودا لمواجهة العنف والصراعات والأزمات من خلال تنسيق وتعزيز جهود الحكومات الوطنية والمجتمع المدني والمبادرات الأممية المختلفة.
وتقول الأمم المتحدة إن طبيعة النزاعات والعنف تغيرت بشكل كبير خلال العقدين الأخيرين، إذ أصبحت أقل فتكا عن ذي قبل لكنها أطول أمدا، وهي كثيرا ما تنشب بين الجماعات المحلية وليس بين الدول.