مسؤول أممي: الأزمات المتلاحقة تعطل الإصلاحات في لبنان
مسؤول أممي: الأزمات المتلاحقة تعطل الإصلاحات في لبنان
قال المنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان، عمران ريزا، إن لبنان تراجع بشكل كبير على مسار التنمية بسبب الأزمات المتلاحقة، بما فيها جائحة كوفيد-19، وانفجار بيروت، والأزمة المالية والاقتصادية.
وأوضح ريزا، أن هناك "تحديات جمة" تواجه الفريق القُطري للأمم المتحدة في لبنان والمجتمع الدولي في محاولتهم لمساعدة البلاد، واصفا ما حدث في الأربع سنوات الماضية من تراجع بأنه "انتكاسة"، بحسب موقع أخبار الأمم المتحدة.
وقال إن القضية الرئيسية في ما يتعلق بالوضع الاقتصادي هي "الإصلاحات" حيث عبر صندوق النقد الدولي في أكثر من مناسبة عن استيائه من أن "الأمور لا تسير على المسار الصحيح". وأشار إلى الجمود السياسي الذي تعاني منه البلاد "فلا يوجد رئيس، وهناك حكومة تصريف أعمال، وهناك برلمان لا يجتمع".
وفي ظل الجمود على طريق تطبيق الإصلاحات، أكد المسؤول الأممي، أن فريق الأمم المتحدة يركز على "المكاسب الصغيرة، على المجالات التي يمكن العمل عليها".
وأضاف ريزا: "هناك نقاشات واعدة في ما يتعلق بالخطط التي كانت معدة مسبقا وتم تطويرها، والتي تسير على مسار الإصلاحات في مجالات مثل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية".
إشراك الجميع
ويعمل فريق الأمم المتحدة مع شركائه على مساعدة لبنان على مسار تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقال المنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان، إن الأنظمة الغذائية تشكل أحد المجالات التي تربط بين عدد من أهداف التنمية، والتي تعد مجالا للتعافي في لبنان.
وفي ما يتعلق بالصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، أكد ريزا أن هناك شعورا بأن "شيئا يمكن تحقيقه" في تلك المجالات رغم الأزمة المالية والاقتصادية.
وشدد على أهمية تضافر جميع الجهود على تلك المسارات قائلا "لا يتعلق الأمر بالنقاش بين الحكومة والأمم المتحدة والمانحين، بل يجب إشراك البرلمانيين وممثلي المجتمع المدني في النقاشات".
اللاجئون والمعلومات المغلوطة
وتحدث المسؤول الأممي عن قضية اللاجئين في لبنان وتحديدا اللاجئين السوريين، مشيرا إلى أن الحل يكمن في العودة الطوعية للاجئين أو إعادة توطينهم في بلد ثالث، مشيرا إلى أن العودة الطوعية لا تحدث في الوقت الراهن، ما يعني أن هناك أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ سوري يعيشون في لبنان لأكثر من 12 عاما.
وأشار إلى الخطاب المعادي للسوريين الذي تضاعف في لبنان في السنوات الأربع الأخيرة بسبب الأزمة الاقتصادية الاجتماعية والفقر.
وشدد على أن هناك تركيزا في الوقت الراهن على توضيح الدور الذي تقوم به الأمم المتحدة لمساعدة اللاجئين، قائلا "إنه جزء من تصحيح المعلومات المغلوطة والمضللة الموجودة لمحاولة التأكد من أن الناس يفهمون بالفعل ما هي الحقائق".
وأضاف: "نساعد على الأغلب نحو مليون لاجئ ومليون لبناني، فضلا عن لاجئي فلسطين والمهاجرين، لذا يتعلق الأمر بإيصال رسالة مفادها أن تدخلاتنا تعتمد على الحاجة".
تدخلات أكثر استدامة
وقال المنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان إنه ليست هناك موارد كافية لمواجهة الاحتياجات الهائلة التي "تشمل جميع السكان"، منبها إلى أن الفراغ السياسي في الوقت الحالي، يجعل الأمور صعبة للغاية.
وأوضح أن مستوى المساعدات التي يتم تقديمها في الوقت الراهن دون الحد الأدنى لاحتياجات البقاء، مستشهدا بالارتفاع الكبير في معدلات التضخم في أسعار المواد الغذائية بنسبة تفوق 2000 في المئة في السنوات الماضية.
وأكد ريزا أن البرامج التي ينفذونها في لبنان تركز على "التدخلات الأكثر استدامة"، وليس فقط التدخلات الإنسانية البحتة.
دعم الشباب
ويقدم فريق الأمم المتحدة القطري في لبنان المساعدة للشباب في صورة عدد من البرامج بالتعاون مع الشركاء.
وقال عمران ريزا إن الأمر لا يتعلق فحسب بإشراك الشباب، وإنما أيضا "بمساعدتهم على رسم طريق المستقبل في لبنان".
وضرب أمثلة ببعض المشاريع لمساعدة الشباب بما فيها ما يعرف باسم "فرص تك" الذي يربطهم بشركات التكنولوجيا.
ومن النماذج الأخرى لمساعدة الشباب، ما قام به الفريق الأممي بمشاركة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بجمع عدد من الشباب للتطوع ومساعدة الوزارات في البلاد.
وأكد ريزا أن فريق الأمم المتحدة يسعى لضمان أن الشباب لديهم بعض الأمل داخل لبنان، خصوصا أولئك الذين يحاولون الرحيل في ظل الظروف التي تمر بها البلاد.
أحداث مقلقة
وكان مخيم عين الحلوة للاجئي فلسطين في جنوب لبنان شهد عنفا واشتباكات في وقت سابق، الأمر الذي أجبر ما لا يقل عن 4000 شخص على الفرار من منازلهم.
ووصف المنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان تلك الأحداث بأنها "مقلقة للغاية"، مؤكدا أن الشاغل الأكبر الآن هو إعادة الاستقرار لاسيما أن الأطفال لم يعودوا للمدارس.
ولم يتمكن أكثر من 11,000 طفل من لاجئي فلسطين من الالتحاق بأقرانهم في بداية العام الدراسي الذي بدأ مطلع أكتوبر.
وقال ريزا إنه "لن يكون هناك أي شيء مستدام" إذا لم يكن هناك تجريد حقيقي من السلاح في المخيم، وبالنسبة للميليشيات التي تواجه بعضها بعضا.
وأكد أن الأمر يشكل تحديا، ويتطلب مستوى لائقا من الوساطة، وهو ما يعني "حلا سياسيا".
تفاقم الأزمات
يشهد لبنان تفاقماً كبيراً في الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية إلى جانب أزمته السياسية القائمة في لبنان، بعد الانفجار المزدوج الذي وقع في مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020، الناجم عن تفجير مئات الأطنان من المواد شديدة الانفجار المخزنة في المرفأ، والذي أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة أكثر من 6000 بجروح جسدية وآخرين بضائقة نفسية وتشريد، كما تضررت منازل أكثر من 300 ألف شخص.
ويرى الخبراء أن لبنان تحول من بلد متوسط الدخل إلى منخفض الدخل لعدة أسباب، منها السياسة المالية والنقدية المتبعة منذ التسعينيات التي أثبتت أنها كارثية، بجانب سعر الصرف الثابت والفوائد المرتفعة والعجز المالي رغم تنبيهات صندوق النقد الدولي ويتزامن ذلك مع أزمة سيولة حادة وقيود مصرفية مشددة، لم يعد بإمكان المودعين معها الوصول إلى مدّخراتهم العالقة.
ولبنان الذي يعاني من فراغ في سدّة رئاسة الجمهورية يشهد منذ 2019 انهياراً اقتصادياً صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.
ومع اندلاع الحرب السورية في عام 2011 أغلقت نافذة لبنان إلى الشرق، ما كبد لبنان خسائر مالية واقتصادية كبيرة، كما استقبل موجات من النازحين السوريين الذين يبحثون عن الأمان والفرص الاقتصادية وهو ما زاد من حدة الأزمة الإنسانية التي تعيشها البلاد.