الجوع ينهش اليمن.. 17 مليون جائع و1.2 مليون طفل على حافة الموت

الجوع ينهش اليمن.. 17 مليون جائع و1.2 مليون طفل على حافة الموت
يمنيون يتسلمون المساعدات- أرشيف

يتصاعد خطر المجاعة في اليمن بوتيرة مقلقة منذ اندلاع النزاع عام 2014، حين أطاحت ميليشيا الحوثي بالحكومة المعترف بها دوليًا، ودخل البلد في دوامة من الحرب والانهيار الاقتصادي والتجويع المنظم، ومع دخول الأزمة عامها الحادي عشر، تحذر الأمم المتحدة من أن اليمن يقف على حافة كارثة غذائية تهدد أكثر من 17 مليون شخص، بينهم مليون طفل يعانون من سوء تغذية حاد يهدد حياتهم.

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن الأمن الغذائي في اليمن بدأ بالتدهور بشكل متسارع عقب استيلاء ميليشيا الحوثيين على العاصمة صنعاء أواخر عام 2014، حيث تسببت الحرب الممتدة وتدمير البنية التحتية الزراعية، والحصار البحري والجوي، في شل الإنتاج المحلي وارتفاع أسعار المواد الأساسية، وسط عجز النظام المصرفي عن تلبية أبسط متطلبات السوق، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.

وبحسب تقارير لمنظمة الأغذية والزراعة (FAO)، فإن 80% من سكان اليمن أصبحوا يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء، فيما لم تتمكن المنظمات الإغاثية من الوصول إلى مناطق كاملة بسبب التصعيد العسكري أو عراقيل وضعتها الجماعة المسلحة.

أطفال يموتون بصمت

في إفادته أمام مجلس الأمن الدولي، أمس الأربعاء، قال منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، توم فليتشر، إن عدد الجوعى في اليمن تخطى 17 مليون شخص، محذرًا من أن الرقم مرشح للارتفاع إلى 18 مليونًا بحلول سبتمبر القادم، في ظل التدهور المستمر للوضع المعيشي.

وأضاف فليتشر أن أكثر من مليون طفل دون سن الخامسة يعانون حاليًا من سوء تغذية حاد يهدد حياتهم، وقد يرتفع العدد إلى 1.2 مليون مطلع عام 2026، ما يعني دخول عشرات الآلاف في دائرة الخطر الدائم على النمو العقلي والجسدي.

وأوضح المسؤول الأممي أن هذا هو "أسوأ مستوى للحرمان الغذائي" تشهده البلاد منذ الهدنة الجزئية التي رعتها الأمم المتحدة عام 2022، والتي فشلت لاحقًا في الصمود أمام الانقسامات السياسية والعسكرية.

أرقام مرعبة ومعايير دولية

وبحسب "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" (IPC)، وهو المعيار الدولي المعتمد في قياس حدة المجاعة، فإن أكثر من 17 ألف يمني يصنَّفون ضمن الفئات الثلاث الأشد خطورة من انعدام الأمن الغذائي، أي في مرحلتي الطوارئ والكوارث، وهي درجات ما قبل المجاعة.

وحذرت منظمة اليونيسف، في تقارير سابقة، من أن 49% من أطفال اليمن يعانون من التقزم بسبب سوء التغذية المزمن، بينما يهدد الجوع الحاد أكثر من 2.7 مليون طفل في مختلف المحافظات.

وتزامن هذا التصعيد في أزمة الجوع مع تراجع عالمي حاد في تمويل المساعدات الإنسانية. فقد أعلنت الأمم المتحدة أن خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2024، التي تتطلب 2.5 مليار دولار، لم تتلقَ حتى مايو الماضي سوى 222 مليون دولار فقط، أي 9% من المبلغ المطلوب.

تقاعس المجتمع الدولي

قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنجر أندرسن، إن "المجاعات ليست حتمية، بل نتيجة مباشرة لتقاعس المجتمع الدولي عن التدخل في الوقت المناسب"، مشددة على أن "كبار السن والأطفال والنساء في اليمن هم الأكثر تضررًا من هذه الفجوة التمويلية القاتلة".

ولا تقتصر أسباب الجوع في اليمن على الحرب وحدها، بل تشمل أيضًا الانهيار الاقتصادي، وانعدام الرواتب، وتفشي الفساد، والانقسام المالي بين صنعاء وعدن، وارتفاع تكلفة الغذاء عالميًا، فبحسب تقارير البنك الدولي شهدت الأسعار ارتفاعًا تجاوز 300% منذ بداية الحرب، بينما فقد الريال اليمني أكثر من 75% من قيمته.

وتضاعفت المعاناة سوءًا مع تفشي الأمراض وسوء خدمات الرعاية الصحية، إذ تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن عشرات الآلاف لا يحصلون على الحد الأدنى من الرعاية الصحية، ما يفاقم تأثير الجوع على الأمهات والأطفال.

دعوات عاجلة لإنقاذ اليمن

حذّر خبراء الإغاثة من أن تقاعس المجتمع الدولي في تمويل العمليات الإنسانية قد يدفع اليمن إلى حافة المجاعة الجماعية. 

ويطالب العاملون في القطاع الإنساني بتدخلات عاجلة تشمل، ضخ تمويل فوري لخطة الاستجابة الإنسانية، والسماح الكامل بوصول المساعدات إلى جميع المناطق دون قيود، وإعادة تنشيط سلاسل الإمداد الغذائي عبر الموانئ.

بالإضافة إلى ضمان حماية الأطفال والحوامل من مخاطر الجوع عبر برامج تغذية متخصصة، والتوصل إلى اتفاق سياسي يمهد لاستقرار دائم يسمح بإعادة البناء الزراعي والاقتصادي.

أزمة بلا أفق للحل

ورغم الهدوء النسبي في بعض الجبهات، فإن التوتر السياسي بين ميليشيا الحوثي والحكومة الشرعية لا يزال يعوق أي تسوية مستدامة. 

وفي ظل الانقسام المتصاعد وغياب الحلول السياسية، تظل المجاعة في اليمن أحد أبرز أوجه الحرب، وواحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية التي عرفها العالم المعاصر.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية