المفوضية السامية تستعرض ملف كوستاريكا في حقوق الإنسان
في إطار الدورة الـ54 بجنيف
استعرض المنتدى الدولي لتعزيز حقوق الإنسان تقريره أمام الدورة الـ54 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة في جنيف خلال شهري سبتمبر وأكتوبر 2023.
وقدمت المفوضية السامية لحقوق الإنسان تقريراً يتناول تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك الحق في التنمية في كوستاريكا.
ويستعرض التقرير، ما توصل إليه المقرر الخاص المعني بأشكال الرق المعاصرة -بما في ذلك أسبابها وعواقبها- تومويا أوبوكاتا.
وفي هذا الصدد، كان للمقرر الخاص الفرصة لتحليل طبيعة الاستغلال خلال العمل في مختلف القطاعات مثل الزراعة، بما في ذلك المزارع والسياحة والعمل المنزلي، وكذلك في الاستغلال الجنسي التجاري.
ووفقًا للتقرير، صدقت كوستاريكا على صكوك حقوق الإنسان الرئيسية، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
ولدى كوستاريكا أطر قانونية تنطبق على أشكال الرق المعاصرة، ووفقا للمادة 56 من الدستور، فإن العمل هو حق لكل فرد وأنه يجب على الدولة ضمان أن يكون لكل شخص عمل مفيد، وعدم التقليل من حرية العمال أو كرامتهم.
وفيما يتعلق بالقضاء على عمل الأطفال وحماية عمال المراهقين، لدى كوستاريكا إطار قانوني قوي، ويستند قانون الطفولة والمراهقين إلى القانون رقم 7739 المؤرخ 6 فبراير 1998، ويوفر الحد الأدنى للإطار القانوني لحماية الأطفال الشامل، ويحدد مسؤولية وزارة العمل والضمان الاجتماعي لاعتماد سياسات وتنسيق مع كيانات عامة أخرى بشأن حماية عمال المراهقين.
وينص بروتوكول التنسيق المشترك بين المؤسسات على الاهتمام الفوري لقاصر العمل على إجراءات التنسيق لجميع الوكالات العامة المسؤولية عن الأطفال والمراهقين، وينص القانون رقم 8922 المؤرخ 3 فبراير 2011 على حظر الأعمال الخطيرة وغير الصحية للعمال المراهقين.
ويحظر القانون رقم 7899 المؤرخ يناير 2006 استغلال الطفل، وأن القانون رقم 9343 المؤرخ 14 ديسمبر 2015 بشأن إصلاح العمل قد أحرز تغييرات كبيرة فيما يتعلق بقانون العمل والضمان الاجتماعي وحماية الضحايا وحقوق النقابات.
وقد لعبت كوستاريكا دورا قياديا في تنفيذ الاتفاق العالمي بشأن اللاجئين، ومنذ عام 2017، كانت البلاد واحدة من البلدان الستة المشاركة في إطار الحماية الإقليمية والحلول الإقليمية، والمبادرة الإقليمية لمعالجة النزوح القسري في أمريكا الوسطى والمكسيك.
ووفقًا للتقرير، أبلغ المقرر الخاص بأن الحكومة تنظر في اعتماد خطة عمل وطنية لتعزيز إنفاذ القانون على أشكال الرق المعاصرة.
وهناك مؤسسات مختلفة مهمتها مكافحة أشكال الرق المعاصرة في كوستاريكا، وقد تم إنشاء الائتلاف الوطني ضد تهريب المهاجرين والاتجار بالأشخاص في عام 2013 باعتماد القانون رقم 90.
وقامت كوستاريكا بإنشاء وحدات تحقيق متخصصة تتعامل مع الاتجار بالأشخاص داخل سلطات إنفاذ القانون، والتي تشمل شرطة الهجرة المهنية، والمحاكم العامة، ووحدات المكافحة ضد الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين في وكالة التحقيق القضائي.
وتشرف اللجنة الوطنية لمكافحة الاستغلال التجاري للأطفال والمراهقين على عمل الأطفال وحماية العمال المراهقين، وهي جزء من وزارة العمل والضمان الاجتماعي، كما تعمل على تسهيل الوصول إلى الخدمات الاجتماعية، بما في ذلك المأوى المؤقت والمشورة القانونية والإرشاد وإعادة الإدماج في نظام التعليم.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن اللجنة الوطنية لمكافحة الاستغلال التجاري للأطفال والمراهقين تكلف بالإشراف على تنفيذ القوانين والسياسات ذات الصلة، وتعزيز التنسيق بين الإدارات الحكومية الرئيسية، وإجراء أنشطة التعليم والتوعية بين الجمهور العام، وحماية ضحايا الاستغلال الجنسي التجاري.
ولفت التقرير إلى أن المقرر الخاص شجع على إشراك منظمات المجتمع المدني ونقابات العمال، في تعزيز حقوق العمال وحماية الضحايا والناجين من أشكال الرق المعاصرة، وتوفير الوعي والتدريب للآباء والأمهات لمنع عمل الأطفال وتعزيز محو أميتهم بجانب توفير خدمات كبيرة للضحايا والناجين، بما في ذلك المساعدة الغذائية والمأوى والتعليم والمشورة القانونية.
وتمكن المقرر الخاص من زيارة المأوى الذي يعمل به أعضاء الرابطة الروحية (أسيوكاسيون أوبراس ديل إسبيريتو سانتو) في سان خوسيه، والذي يوفر المنزل الآمن والغذاء والملابس والتعليم والمساعدة الطبية والدعم النفسي للمواطنين وكذلك عدد كبير من المهاجرين من نيكاراغوا، وجمهورية فنزويلا البوليفارية، وغيرها من البلدان.
حماية الضحايا والمساعدة
تم تعزيز المساعدة والدعم لضحايا أشكال الرق المعاصرة خلال السنوات الأخيرة، على سبيل المثال من خلال القانون رقم 9095 لمكافحة الاتجار بالأشخاص ومن خلال إنشاء التحالف الوطني ضد تهريب المهاجرين والاتجار بالأشخاص الذين يلزمون المؤسسات الحكومية ذات الصلة بوضع إطار لحماية الضحايا والمساعدة.
وفي هذا الصدد، تبلغ المادة 71 من قانون الإجراءات الجنائية السلطة القضائية ووزارة الأمن العام والإدارات الحكومية الأخرى ذات الصلة لتقديم المساعدة أثناء الإجراءات الجنائية.
واضطلعت الحكومة ببذل جهود لتعزيز تحديد الضحايا، بدعم من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، على سبيل المثال، بتدريب الشرطة المدنية والقضاة والمحامين، وتطبق الحكومة ضريبة المغادرة، وتخصيص 1 دولار أمريكي إلى الصندوق الوطني لمكافحة الاتجار والتهريب.
وعلى الرغم من الخطوات الهامة التي اتخذتها كوستاريكا لمنع ومعالجة أشكال الرق المعاصرة ومعدلها، فإن المقرر الخاص يظل قلقا إزاء استمرار استغلال العمال وانتشار معدلات الاستغلال الجنسي، والعمل الجبري خاصة في أعقاب جائحة كوفيد-19، حيث أدت إلى زيادة الفقر والبطالة وساهمت في زيادة أشكال الرق المعاصرة والممارسات ذات الصلة.
ورحبت كوستاريكا بالعمال المهاجرين على مدى السنوات الماضية، ولا سيما من نيكاراغوا المجاورة.
الشعوب الأصلية
وعلى الرغم من الإطار القانوني المحلي القائم على الحقوق والجهود الجارية لتحسين ظروف العمل، أعرب المقرر الخاص عن قلقه بشأن حالة الشعوب الأصلية في كوستاريكا، وفي لوس سانتوس، على سبيل المثال، حيث تبين أحوال المعيشة الخاصة بهم عدم القدرة على الوصول إلى الأمن الاجتماعي والرعاية الصحية.
وتواجه النساء خطرا متزايدا في العمل الجبري أو الاستغلال الجنسي وإساءة المعاملة الجنسية، على سبيل المثال في القطاع المحلي أو في الزراعة، ولا سيما في المناطق النائية.
ولفت التقرير أنه على الرغم من وجود أطر وسياسات قانونية، بما في ذلك آخر خطة عمل وطنية لاسترداد الأراضي الأصلية 2016-2022، علم المقرر الخاص أن أراضي الأجداد الشعبية الأصلية لم تعَد بفاعلية، وأن حصولهم على العدالة والعلاجات لا يزال غير كافٍ.
ويرى المقرر الخاص أن بعض جوانب ظروف العمل تتطلب تحسين دفع الأجور، ففي الزراعة، يجني العامل ما يقرب من 18 دولارا في اليوم أو 111 دولارا في الأسبوع، ويتم الضغط على العمال، للعمل ساعات طويلة وفي العمل المنزلي، كان لدى العمال الحد الأدنى من الأجر حوالي 367 دولارا شهريا منذ 1 يناير 2020، وهو ما يكفي من أجل تأمين سبل العيش الكريمة.
ويسرد التقرير أن هناك جانبا آخر هاما هو وجود ثغرات في بعض قطاعات الاقتصاد، وعلى الرغم من المساواة في الأجور المنصوص عليها في التشريعات الوطنية، توجد بعض أشكال التمييز القائمة على العرق والجنسية.
بيئة عمل صحية
ويرتبط قلق آخر بتأمين بيئة عمل صحية وآمنة للعاملين، وخلال الزيارة، أبلغ المقرر الخاص بخطر التعرض للمواد الكيميائية السامة وكذلك الحوادث المهنية في القطاعات، وقد تم الإبلاغ عن استخدام مبيدات الآفات في مزارع الأناناس، وهذا يؤثر سلبا على صحة العمال والبيئة.
يجب أن يحق للعمال أشكال مختلفة من المساعدة في حالة الحوادث والأمراض المهنية، وبحسب التقرير فإن الوصول إلى الرعاية الصحية محدود جدا، لأن قسط التأمين الصحي غير متميز بالنسبة للعديد من العمال.
وفي ما يتعلق بمساهمات الضمان الاجتماعي، فإن بعض أصحاب العمل لم يوافقوا بهذا الالتزام من أجل خفض النفقات.
تعزيز المساءلة
ويقر المقرر الخاص بأن التقدم الجيد قد أحرز في تعزيز إجراءات كوستاريكا ضد أشكال الرق المعاصرة، ومع ذلك، هناك نطاق للتحسين، أولا وقبل كل شيء، ينبغي تعزيز مساءلة الجناة، حيث يبدو أن معدل النيابة والعقاب منخفضة، وتعتمد سلطات إنفاذ القانون عموما على الشكاوى التي يقوم بها الضحايا أو المستجيبون الأولون.
ومع ذلك، فإن العديد من الضحايا يخشون الإبلاغ عن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك أشكال الرق المعاصرة، وهذا يزيد الإفلات من العقاب بين الجناة.
ووفقًا للتقرير، يتناول مكتب أمين المظالم القضايا المتعلقة بأشكال الرق المعاصر من خلال تنفيذ البحوث والتوعية، بجانب تلقي الشكاوى والتحقيق فيها، ومع ذلك، أعرب عدد كبير من المواطنين عن مخاوفهم بشأن الدعم المحدود الذي يقدمه هذا المكتب وعدم وجود الثقة في المؤسسة.
الاستنتاجات والتوصيات
وفقًا للتقرير، أظهرت كوستاريكا التزامها بإنهاء أشكال الرق المعاصرة، وقد تحقق التقدم على سبيل المثال في منع وعمل الأطفال والاتجار بالأشخاص، ومع ذلك، هناك حاجة إلى تعزيز المجتمع الشامل من خلال الاعتراف بالمساهمة الاقتصادية الهامة التي تقدمها المرأة والفئات المهمشة مثل المهاجرين وطالبي اللجوء والشعوب الأصلية والأقليات والأشخاص، وفقا لما ذكره برنامج الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030.
وأوصى التقرير بأن تكون عمليات التفتيش على نحو أكثر فاعلية، عن طريق تخصيص الموارد البشرية والمالية الكافية وزيادة الرقابة لتجنب الفساد أو غيرها من المخالفات الأخرى، وتنظيم عمل المقاولين و إضفاء الطابع الرسمي على قطاعات مثل الزراعة والعمل المنزلي، وأن تكون جميع العمالة قادرة على العمل في بيئة آمنة وصحية في جميع القطاعات.
ودعا التقرير الحكومة لتعزيز الجهود الرامية إلى تحقيق العدالة الجنائية، من خلال تخصيص موارد كافية وتعزيز إنفاذ القانون والتنسيق والتعاون مع الضحايا ومنظمات المجتمع المدني ونقابات العمليات وغيرها من المدافعين عن حقوق الإنسان.
وأكد ضرورة إنفاذ القانون من أجل تعزيز التحقيقات ومحاكمة مرتكبي الأشكال المعاصرة، بما في ذلك أرباب العمل وتعزيز قدرة شرطة التحقيق القضائي على مساعدة السكان والأفراد الضعفاء، كذلك تعزيز مفتشية العمل من خلال تخصيص الموارد البشرية والمالية الكافية، ولا سيما في المناطق الحدودية، وضمان إجراء عمليات التفتيش بطريقة مهنية، وإشراك نقابات العمال أو الأطراف الثالثة الأخرى إلى تفتيش العمل من أجل زيادة الشفافية.
وشدد على توفير التدريب الكافي لمسؤولي إنفاذ القانون ومفتشي العمل لتعزيز مهاراتهم لتحديد حالات الأشكال المعاصرة، ومنح سلطات إضافية مثل فرض عقوبات على الفور وكذلك ملاحقة مرتكبي الاستغلال الجنسي والتجاري مع وضع العقوبات الكافية، لتشمل مشغلي الجولات السياحية ومقدمي النقل وعمال الفنادق.
وأوصى بتعزيز فريق الاستجابة الفوري ضد تهريب المهاجرين والاتجار بالأشخاص لتعزيز تحديد الهوية.
إلى جانب توفير الضمانات لمن يعملون في الاقتصاد غير الرسمي، بمن في ذلك المهاجرون، والقدرة على الوصول الآمن إلى الإبلاغ في حالات الاستغلال أو إساءة أو انتهاك حقوقهم في مكان العمل مع توفير الدعم اللازم لمنظمات المجتمع المدني ونقابات العمال والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.
واختتمت التوصيات بضرورة إنشاء آلية قوية وقائية لرصد تنفيذ حقوق الإنسان بين الشركات، وتعزيز المساواة في الوصول إلى العمل اللائق لجميع العمال دون تمييز، واعتماد وتنفيذ تدابير خاصة لتعزيز الإدماج الاقتصادي دون تمييز، ولا سيما بالنسبة للمرأة والمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء والأقليات والشعوب الأصلية.
مجلس حقوق الإنسان
ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).
يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.