المشي لأجل الحياة.. نيجيريون يتحدّون انعدام الأمن في أبوجا بحثاً عن السلام (صور)

المشي لأجل الحياة.. نيجيريون يتحدّون انعدام الأمن في أبوجا بحثاً عن السلام (صور)
مجموعة "مغامرو نيجيريا"

على أطراف العاصمة النيجيرية أبوجا، حيث تُخيم الغبار والكتل الخرسانية الصامتة بانتظار اكتمال مشاريع لم تنتهِ، يركن العشرات سياراتهم عند الفجر في مكانٍ لا يحمل أيّ لافتة، لا وجود لمسار واضح، ولا خرائط إرشادية. فقط تلال بعيدة، وصخور صامتة، وطموح إنساني بسيط: “المشي.. فقط المشي”.

تقول أديبايو باباتوندي، مؤسس مجموعة "مغامرو نيجيريا": "لسنا نبحث عن المغامرة فقط، بل نحاول أن نعيد اكتشاف الطبيعة في وطن خنقته التحديات"، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأربعاء.

ورغم ما تحمله الطرق من أخطار، أصبح المشي نشاطًا أسبوعيًا يتوقُ إليه مئات النيجيريين الباحثين عن متنفس بعيدًا عن ضغوط الحياة اليومية، في بلد تضعه التقارير في قائمة الدول ذات أعلى معدلات الاختطاف والعنف المسلح في القارة.

مجموعة "مغامرو نيجيريا"

المشي رغم الخطر

في أحد صباحات السبت، تجمع أكثر من 400 مشارك –رجالًا ونساءً، شبابًا وكبارًا– وساروا نحو الصخور الظاهرة وسط السهول. لم تكن المسافة طويلة (2.5 كيلومتر فقط)، لكن التحدّي كان أعمق من مجرد رياضة.

يقول جيريميا ماكبوم، وهو موظف ثلاثيني يشارك بانتظام: "أشعر أنني أتنفس من جديد.. في هذا الجمع أشعر بالأمان، وسط بلد يخشى فيه الناس الخروج من منازلهم".

ويضيف: "حين نسير سويًا، لا نكسر فقط الصمت، بل نحطم الجدران التي تبنيها الخوف، الوحدة، والروتين".

في نيجيريا، لا يقتصر خطر التنزه على الطبيعة البرية فحسب، بل يمتد إلى التهديدات الأمنية.. ففي أبريل الماضي، حذرت الشرطة من التنقل في مناطق المشي والتخييم في العاصمة. ومع ذلك، لم يتراجع الشغف.

مجموعة "مغامرو نيجيريا"

الرياضة والموسيقى والحياة

تتخذ مسارات المشي طابعًا احتفاليًا: موسيقى أفروبيت تعلو من مكبرات محمولة، رايات تُرفع بألوان زاهية، رقص وتمارين جماعية، حتى الباعة يحضرون معهم بضائعهم. إنها الحياة تستعيد نغمتها، ولو لساعات.

إيسيسوا أديمي، أحد المنظمين، يراقب كل شيء بصمت ويهمس: "نحمل معنا فريق إسعاف، وحراس أمن، وبعض المتطوعين المدنيين المسلحين.. نحن لا نترك شيئًا للصدفة".

لكن خلف الحذر، يكمن حلم مشترك.. جوزيف إيزي، مزارع خمسيني، يتذكّر مشاركته الأولى: "كنت أرتجف من التعب والخجل، اليوم، أنا هنا كل أسبوع.. هذه الجولات أعادت إلي صحتي، وقلبي".

أناس يصنعون الطريق

رغم أن أبوجا محاطة بتلال وسهول طبيعية ساحرة، فإن المسارات العامة شبه معدومة. تُحدد طرق المشي من خلال التناقل الشفهي، أو بالتجربة والخطأ، وهو ما يجعل هذه المجموعات من المتنزهين أشبه بحركة مدنية عفوية تسعى لاستعادة العلاقة مع الطبيعة.

يقول كينغسلي أوتشي، مؤسس مجموعة أخرى للمشي تدعى "كاي هايكرز" تضم آلاف الأعضاء: "لدينا شلالات وسدود، ومواقع خلابة لا يعرفها أحد.. المشكلة أن الحكومة لا تراها كما نراها".

ومع التوسع المدني المتسارع، أصبح كثير من سكان المدينة ينشؤون دون أي اتصال فعلي مع البيئة. بالنسبة لهم، رحلة مشي بسيطة تصبح نافذة صغيرة للسلام الداخلي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية