خبراء لـ"جسور بوست": الاعتداء على غزة كشف ازدواجية معايير المجتمع الدولي

خبراء لـ"جسور بوست": الاعتداء على غزة كشف ازدواجية معايير المجتمع الدولي

أثار الحصار على غزة من قبل القوات العسكرية الإسرائيلية، تساؤلات فلسطينية حول ازدواجية مواقف المجتمع الدولي وبعض الدول الأوروبية كبريطانيا وفرنسا وألمانيا، في التفريق بين الموقف المتخذ حول الأزمة في كييف، وممارسات إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة من قتل للأطفال والمدنيين على حد سواء.

وتتزايد المخاوف من ازدواجية المعايير في التعامل مع القضيتين، حيث تظهر ردود الفعل الدولية تباينًا واضحًا مع هاتين الأزمتين. 

منذ عقود، عاني الشعب الفلسطيني من الحصار الإسرائيلي، الذي يشمل قيودًا صارمة على حركة الأشخاص والسلع والخدمات في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويعتبر هذا الحصار انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان والقانون الدولي، وقد تسبب في تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في تلك المناطق، وتقويض فرص السلام والاستقرار في المنطقة. 

بالمقابل، نجد أن الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في العام الماضي قد استدعت ردود فعل دولية مختلفة تجاهها.

وعلى الرغم من وجود دلائل واضحة على تدخل روسيا في شؤون أوكرانيا الداخلية وارتكابها لانتهاكات حقوق الإنسان، فإن هناك تباينًا واضحًا في ردود الفعل الدولية. 

بينما أدانت بعض الدول تصرفات روسيا وفرضت عقوبات اقتصادية، قامت دول أخرى بتبني مواقف أكثر تحفظًا وتجنبًا للتصعيد.

وتثير هذه الازدواجية في التعامل الدولي مع قضيتي فلسطين وأوكرانيا تساؤلات حول مبادئ العدالة وحقوق الإنسان التي يدعي المجتمع الدولي أنه يتمسك بها. 

ويرى خبراء هاتفتهم "جسور بوست"، أن القرارات السياسية والمصالح الاقتصادية تلعب دورًا مؤثرًا في ردود الفعل الدولية، ما يؤثر على تطبيق المعايير الدولية بشكل غير عادل ومتساوٍ. 

وتواصل إسرائيل عدوانها على قطاع غزة لليوم الثامن على التوالي، حيث تقوم الطائرات الحربية بتوجيه غارات جوية على جميع أنحاء القطاع، مخلفة دمارا واسعا في منازل المواطنين. 

ارتفع عدد الفلسطينيين الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية حتى ظهر اليوم السبت إلى 2215، بينهم 724 طفلا، و458 سيدة، والإصابات إلى 8714، منهم 2450 طفلا و1536 سيدة.

وفجر يوم السبت 7 أكتوبر 2023 أعلنت "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة حماس بدء عملية "طوفان الأقصى" مطلقة أكثر من 5 آلاف صاروخ من قطاع غزة، كما نفذ المقاتلون الفلسطينيون عمليات نوعية حيث اقتحموا عددا من مستوطنات الغلاف واشتبكوا بحرب شوارع مع القوات الإسرائيلية وقتلوا وجرحوا عددا منهم كما أسروا عددا من الجنود والمستوطنين، وسيطروا على آليات إسرائيلية. 

وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، الخميس، بارتفاع حصيلة القتلى الإسرائيليين خلال عملية "طوفان الأقصى" إلى أكثر من 1400 شخص، والجرحى إلى أكثر من 4000.

النهار العربي اليوم: حصار غزة والجبهة السورية... حرب الساعات الست | النهار  العربي

ازدواجية ونفعية

في البداية، علق أستاذ القانون الدولي، مصطفى السعداوي على الأمر بقوله، إن ما يجب فعله هو تطبيق المعايير الدولية بشكل يستند إلى المبادئ القانونية وحقوق الإنسان، بغض النظر عن الأطراف المعنية في النزاع.. ما يحدث هو ازدواجية قائمة على النفعية، ويجب أن تكون القرارات الدولية مستندة إلى المبادئ الأخلاقية والإنسانية، ولا ينبغي أن تتأثر بالمصالح السياسية أو الاقتصادية الضيقة. 

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست"، على المستوى الدولي، يجب أن تعمل المنظمات الدولية على تعزيز العدالة وتطبيق المعايير الدولية بشكل متساوٍ وعادل، كذلك ينبغي أن تكون هناك آليات فعالة لمحاسبة الدول التي تنتهك حقوق الإنسان والقوانين الدولية، بغض النظر عن هويتها ونفوذها السياسي. 

واستطرد، بالنظر إلى الحصار الإسرائيلي لفلسطين والحرب الروسية الأوكرانية، يجب أن يتم التركيز على تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة من خلال الحوار والحلول السلمية، وكذلك تشجيع المفاوضات الجادة والجهود الدبلوماسية لإنهاء تلك الأزمة والتوصل إلى حل سياسي يلبي مطالب العدالة والحقوق الإنسانية.

 وعن الآثار القانونية للازدواجية في المعايير الدولية على النزاعين المذكورين، أضاف أستاذ القانون الدولي، أن ازدواجية المعايير تؤدي إلى تباين في المسؤولية القانونية المطبقة على الأطراف المشاركة في النزاعين، فقد تحمل إسرائيل وروسيا مسؤولية قانونية في إطار القوانين الدولية المعمول بها، ولكن التباين في التفسير والتطبيق قد يؤدي إلى تباين في تقدير حجم المسؤولية والعقوبات المفروضة، أيضًا قد تلجأ الأطراف المتضررة في هذين النزاعين إلى استخدام القضاء الدولي والمحاكم الدولية للبحث عن تحقيق العدالة وتوضيح المعايير القانونية، ومع ذلك، قد يواجهون صعوبة في ذلك بسبب التباين في التفسير والتطبيق العملي للقوانين الدولية. 

وتابع، ازدواجية المعايير القانونية قد تؤثر على العلاقات الدبلوماسية بين الدول، قد تتصاعد التوترات السياسية والاقتصادية وتتأثر العلاقات التجارية والتعاون الدولي بسبب اختلاف الآراء في المعايير القانونية، وقد تواجه المنظمات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان صعوبة في التعامل مع النزاعين المذكورين بسبب الازدواجية في المعايير القانونية، وقد يكون من الصعب تحديد الإجراءات القانونية الملائمة وتحقيق التوازن بين المصالح المتنازعة. 

Dr-Moustafa Saadawi - استاذ القانون الجنائي - كلية الحقوق جامعة المنيا |  LinkedIn

أستاذ القانون الدولي، مصطفى السعداوي

جريمة كبرى

وعلق أستاذ الاقتصاد، رشاد عبده، على ما يحدث بقوله، إنه بشكل عام يمكننا القول إن هناك ازدواجية في المعايير الدولية في التعامل مع الحصار الإسرائيلي على غزة والحرب الروسية الأوكرانية من الناحية الاقتصادية، وهذا يترتب على التحيزات السياسية والاقتصادية والقوانين الدولية المختلفة التي تؤثر على القرارات والتصرفات المتخذة في هذين الصراعين، ما يحدث جريمة كبرى لها جذور وما زالت ممتدة، بدأت عام 2007، وهو يشمل قيودًا اقتصادية صارمة على حركة البضائع والأفراد والخدمات، ويهدف الحصار إلى تهجير الفلسطينيين عن أرضهم والضغط على حكومة حماس ومنع تسليح الجماعات المسلحة في القطاع.

وأضاف في تصريحاته لـ"جسور بوست"، أثر الحصار بشكل كبير على الاقتصاد الفلسطيني في غزة وأدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي للسكان، من الناحية الاقتصادية، يعيق الحصار التجارة والاستثمار في غزة، ويقلص فرص العمل ويزيد من معدلات البطالة والفقر، ويحظر الحصار أيضًا استيراد السلع الأساسية والمواد الإنشائية، ما يؤثر على قطاع البناء ويعيق إعادة الإعمار بعد الهجمات العسكرية، وتتسبب هذه القيود في نقص حاد في المواد الطبية والطاقة والمياه والمواد الغذائية والسلع الأخرى الأساسية. 

رشاد عبده: سعر الفائدة يجب أن يكون أعلى من التضخم وقرار الرفع له عقبات

أستاذ الاقتصاد، رشاد عبده

واستطرد، على المستوى الدولي، هناك ازدواجية في التعامل مع الحصار الإسرائيلي والحرب الروسية الأوكرانية، فمن جهة، تدين العديد من الدول والمنظمات الدولية الحرب على كييف وتعتبرها انتهاكًا لحقوق الإنسان وقانون الأمم المتحدة الدولي ومن جهة أخرى، تستخدم بعض الدول والمنظمات آليات اقتصادية وسياسية لفرض عقوبات على روسيا بهدف تغيير سياساتها، مثل مقاطعة المنتجات الروسية أو فرض رسوم جمركية عليها. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية