فلسطينيون لـ«جسور بوست»: إخلاء مستشفيات غزة حكم "إعدام" للمرضى والمصابين
فلسطينيون لـ«جسور بوست»: إخلاء مستشفيات غزة حكم "إعدام" للمرضى والمصابين
تنص اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، على أنه "لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء، وعلى أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات".
وفي حلقة جديدة من مسلسل انتهاكات القانون الدولي الإنساني، أصدرت القوات الإسرائيلية قرارا بإجلاء أكثر من 20 مستشفى تتولى علاج نحو 3 آلاف مصاب شمالي قطاع غزة.
وأدانت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، الأوامر الإسرائيلية بإخلاء المستشفيات في شمال قطاع غزة، واصفة إياها بـ"حكم للإعدام" على الجرحى والمرضى.
وقالت المنظمة الأممية، إن هناك 22 مستشفى تتولى علاج نحو 3 آلاف مصاب وجريح في شمال قطاع غزة باتت حياة العديد منهم مهددة بالموت.
وأضافت: "الأمر يزداد صعوبة نظرا لأن هناك عشرات الآلاف من الفلسطينيين في شمال غزة لجؤوا إلى مناطق مفتوحة في المستشفيات أو حولها على أمل أنها في أمان من العنف، ما يعني أن حياة المزيد من الناس في خطر".
ويواجه مديرو المستشفيات والطواقم الطبية ضغوطا صعبة وخيارات صفرية، إذ يتعين عليهم إما البقاء في المستشفيات وتهديد حياتهم أو ترك المصابين في حالات حرجة يواجهون الموت المحتوم.
وفي وقت سابق، الاثنين، أعلن التلفزيون الفلسطيني، عن ارتفاع ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 2808 شهداء و10859 مصابا.
ومن جانبه، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" في بيان، إن احتياطيات الوقود في جميع المستشفيات في قطاع غزة من المتوقع أن تكفي لنحو 24 ساعة فحسب، وإن توقف المولدات الاحتياطية سيعرض حياة آلاف المرضى للخطر.
انتهاك القانون الدولي
ويعد هذا التصرف الإسرائيلي منافيا للشرعية الدولية، إذ ينص القانون الدولي الإنساني على قواعد تحمي الحصول على خدمات الرعاية الصحية في أوقات النزاعات المسلحة.
ويوفر القانون الدولي الإنساني الحماية لمجموعة واسعة من الأشخاص والممتلكات خلال النزاعات المسلحة، كما تحمي اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية، المرضى والجرحى والمنكوبين الذين لم يشاركوا في الأعمال العدائية، وأسرى الحرب والأشخاص المحتجزين الآخرين، إضافة إلى المدنيين والأعيان المدنية.
وتلزم هذه القواعد الدول والجماعات المسلحة من غير الدول، وفي الحالات التي لا تصل إلى حد النزاع المسلح، لا ينطبق سوى القانون الدولي لحقوق الإنسان والقوانين الوطنية.
وتنص اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، على أن "لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء النفاس، وعلى أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات".
وخلال الأيام الماضية، رصد إعلاميون احتشاد عشرات آلاف الفلسطينيين في باحات وطرقات مجمع الشفاء الطبي والعديد من المستشفيات (شمالي وغربي القطاع)، لا سيما بعد المعاناة مع نقص شديد في المياه والإمدادات الغذائية والأدوية.
وتكثف مصر جهودها مع دول أخرى للإسراع في دخول المساعدات الدولية للفلسطينيين بغزة، ولا تزال عشرات الشاحنات التي تنقل مساعدات إلى القطاع المحاصر، والتي تصطف أمام معبر رفح الحدودي بشمال شرق مصر المغلق مؤقتاً.
قتلى محتملون
وفي السياق، قال الصحفي الفلسطيني المقيم في قطاع غزة مصطفى حبوش، إن إسرائيل تشن حربا شرسة على سكان قطاع غزة وتضرب بعرض الحائط جميع القوانين الدولية والاتفاقيات الخاصة بحماية المدنيين في النزاعات.
وأوضح حبوش في تصريح لـ"جسور بوست"، أن أطفال والعجائز والنساء احتشدوا بالآلاف في طرقات وباحات المستشفيات على أمل حمايتهم من القصف الإسرائيلي المتواصل على مدار اليوم، لا سيما أن هناك نقصا هائلا في المستلزمات الطبية والعلاجية، ما يؤدي بطبيعة الحال إلى ارتفاع عدد القتلى.
وأوضح أن قرار إسرائيل بإجلاء المستشفيات شمالي وغربي القطاع يعني أن جميع المصابين والذين يقدر عددهم نحو 3 آلاف أصبحوا بمثابة "قتلى محتملين"، ما ينذر بتصاعد الأحداث في غزة بشكل وحشي ودامي.
وتابع: "الفلسطينيون من سكان القطاع يحاولون إنقاذ حياتهم من جحيم القصف الإسرائيلي بالهروب إلى الضفة الغربية، لكن أزمة انعدام المواصلات ونقص الوقود، دفعهم إلى الترجل ليلا للعبور من غزة إلى الضفة الغربية، وهذا يقتضي نحو 4 ساعات سيرا على الأقدام، ورغم ذلك تم قصفهم في انتهاكات بشعة للقانون الدولي والأعراف الإنسانية".
ومن جانبه، عزا رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي الفلسطيني جمال زحالقة، أسباب انتهاج إسرائيل الوحشية المفرطة في التعامل مع سكان القطاع إلى الرغبة في تخفيف وطأة الإخفاق في صد هجوم مقاتلي حماس في 7 أكتوبر الجاري، وسحب الشرعية عن الرواية الفلسطينية، بهدف تقويض نقطة قوّتها الأساسية وهي سطوتها الأخلاقية على العالم.
ومضى قائلا: "تخشى إسرائيل أن تظهر بمظهر ضعف، ولذلك تلجأ إلى تلك الأفعال الوحشية البربرية في إطار سعيها لأن تثبت نفسها وأن تستعرض عضلاتها، لتستعيد مكانتها التي تضاءلت على يد مقاتلي حركة حماس.
وفي فجر 7 أكتوبر الجاري، أطلقت حركة حماس، عملية مباغتة ضد إسرائيل بإطلاق دفعات مكثفة من الصواريخ على مناطق إسرائيلية عدة، وتنفيذ عمليات تسلل في محيط قطاع غزة، في ما اعتبرته السلطات الإسرائيلية حربا ضد دولتها تستدعي الرد بغارات جوية على القطاع.
ورد الجيش الإسرائيلي بقصف جوي موسع على قطاع غزة تسبب في تدمير واسع للبنية التحتية والمباني المدنية والحكومية، فيما سقط آلاف القتلى والجرحى خلال المواجهات وأثناء العمليات العسكرية بين الجانبين.