دماء غزة تُسِّيل دموع العالم.. وتظاهرات الغضب تملأ ميادين العرب
دماء غزة تُسِّيل دموع العالم.. وتظاهرات الغضب تملأ ميادين العرب
حمّلت الدول العربية جمعاء مسؤولية قصف أحد مستشفيات غزة الذي أسفر عن مقتل المئات، للجيش الإسرائيلي الذي نفى الأمر متّهمًا الفلسطينيين بشنّه.
وتأتي سلسلة الإدانات بالتزامن مع تجمّعات للتعبير عن الغضب الشعبي العارم في كل من لبنان والأردن وليبيا واليمن وتونس وتركيا والمغرب وإيران وفي الضفة الغربية، مع توقع مزيد من التظاهرات، الأربعاء، بعد دعوات لإحياء "يوم الغضب" في أنحاء المنطقة، بحسب فرانس برس.
وقُتل أكثر من 470 شخصًا وجُرح أكثر من 300 في ساحة مستشفى الأهلي العربي في مدينة غزة مساء الثلاثاء، بحسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
وتتحدث القيادة السياسية لحماس من جهتها عن أكثر من 500 قتيل وتتهم إسرائيل بقصف المستشفى، بينما نسب الجيش الإسرائيلي الضربة إلى صاروخ أطلقته حركة الجهاد الإسلامي التي نفت ذلك ووجهت الاتهام إلى إسرائيل.
في الخليج، أدانت الإمارات العربية المتحدة والبحرين اللتان طبّعتا العلاقات مع إسرائيل عبر "اتفاقات أبراهام" عام 2020، "الهجوم الإسرائيلي" الذي جاء فيما تواصل إسرائيل قصفها لقطاع غزة التي تفرض عليه حصارًا مطبقًا على إثر هجمات أطلقتها حركة حماس في السابع من أكتوبر.
وأدانت وزارة الخارجية الإماراتية "بشدّة الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف" المستشفى و"أسفر عن مقتل وإصابة مئات الأشخاص"، معبّرة "عن أسفها العميق للخسائر في الأرواح".
وفي المنامة، أعربت الخارجية البحرينية عن "إدانة مملكة البحرين واستنكارها الشديد للقصف الإسرائيلي" للمستشفى.
كما ألقى المغرب، الذي اعترف بإسرائيل في عام 2020، باللوم على الدولة العبرية في الهجوم، وكذلك فعلت مصر، التي كانت أول دولة عربية تطبّع العلاقات عام 1979.
وأدان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بأشد العبارات "القصف الإسرائيلي لمستشفى الأهلي المعمداني" معتبرًا هذا "القصف المتعمد، انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي".
من جانبها، وصفت السعودية، التي علّقت المحادثات بشأن تطبيع محتمل مع إسرائيل بعد اندلاع الحرب، الهجوم بأنه "جريمة شنيعة ارتكبتها القوات الإسرائيلية".
بدوره، طالب العراق الذي حمّل أيضًا السلطات الإسرائيلية مسؤولية قصف المستشفى، بـ"إصدار قرار عاجل وفوري من مجلس الأمن الدولي لوقف هذا العدوان القبيح السافر"، في حين تظاهر المئات في العاصمة بغداد حاملين الأعلام الفلسطينية.
من جانبها، أدانت الجزائر "الهجوم المتعمد" على المستشفى "قبل قوات الاحتلال"، مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل "لوقف مثل هذه الأعمال الهمجية".
جريمة حرب
وفي مؤتمر صحفي في بيروت، دعا القيادي في حركة حماس أسامة حمدان، الأربعاء، إلى شنّ هجمات على القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية والأراضي الفلسطينية كلها، ردًا على استهداف المستشفى.
وقال حمدان "نهيب بشعبنا في الضفة الأبية وأهلنا في فلسطين المحتلة، إلى الانتفاض في وجه العدو الصهيوني والاشتباك معه في كل المدن والقرى والمخيمات".
كما دعا إلى تظاهرات أوسع في المنطقة في نهاية الأسبوع "نصرة لعدالة القضية الفلسطينية"، مطالبًا بـ"طرد سفراء الكيان الصهيوني في كل العواصم العربية والإسلامية".
وقال الأردن، ثاني بلد عربي يقيم علاقات دبلوماسية مع الدولة العبرية، إن "إسرائيل تتحمل مسؤولية هذا الحادث الخطير".
أما قطر التي تستضيف مكتبًا سياسيًا لحماس، فقد ندّدت "بأشدّ العبارات قصف الاحتلال الإسرائيلي" للمستشفى معتبرةً أنه "مجزرة وحشيّة، وجريمة شنيعة بحق المدنيين العزّل".
ووصفت منظمة التعاون الإسلامي التي تضمّ 57 دولةً وألقت باللوم أيضًا على إسرائيل، الهجوم بأنه "جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وإرهاب دولة منظم يستحق المساءلة والعقاب".
وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي، في بيان إنّ "القصف الوحشي الإسرائيلي" يعد "دليلًا صارخًا لانتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي الخطيرة".
من جانبه، أدان الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط القصف، وكتب على منصة إكس (تويتر سابقا) "أي عقل من جهنم ذلك الذي يقصف مستشفى بنزلائه عن عمد؟ آلياتنا العربية توثق جرائم الحرب ولن يفلت المجرمون بأفعالهم، لا بد للغرب أن يوقف هذه المأساة فورا".
وجاء قصف المستشفى خلال موجة من الغارات الجوية الإسرائيلية القاتلة على غزة في أعقاب هجمات شنتها حماس وتسبّب بمقتل 1400 شخص في إسرائيل، بحسب السلطات، وارتفعت حصيلة القتلى في القطاع إلى 3478 قتيلا.
ودعا حزب الله اللبناني إلى "يوم غضب لا سابق له"، الأربعاء، مطالباً الشعوب العربية بالتحرك الفوري إلى الساحات، تنديداً بقصف المستشفى في غزة، في وقت تجمّع المئات من المتظاهرين في محيط السفارتين الأمريكية والفرنسية ليلا احتجاجاً على مواقف بلديهما "الداعمة" لإسرائيل.
تظاهرات واحتجاجات غاضبة
واندلعت التظاهرات في عدة مدن بالمملكة الأردنية حيث تعرضت السفارة الإسرائيلية بالعاصمة عمان لمحاولات اقتحام من قبل المتظاهرين الغاضبين في مساء الثلاثاء، ونفس الأمر شهدته عدة مدن بالضفة الغربية التي شهدت خروج آلاف المتظاهرين الغاضبين من المجزرة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية.
وشهدت مصر وقفات ومسيرات ومظاهرات تضامنا مع الفلسطينيين، واحتجاجا على قصف مستشفى المعمداني، في قطاع غزة.
وحمل المتظاهرون لافتات: "علموا أولادكم أن القدس عربية وأن الكيان الصهيوني محتل" و"مصر ترفض الاستعباد يا حرية يا استشهاد غزة الصمود"، ووضع عدد من المحامين اعلام مصر وفلسطين علي أكتافهم، ورددوا شعارات مثل "غزة غزة ارض العزة"، كما ندد البعض بقتل الأطفال والمدنيين في غارات الجيش الإسرائيلي.
ونظم طلاب جامعتي المنيا والفيوم، وقفة احتجاجية داخل الجامعة تضامنا ودعمًا للقضية الفلسطينية، بعد الانتهاكات التي يتعرض إليها الشعب الفلسطيني، والتي نتج عنها وقوع الآلاف من المصابين والشهداء.
وأعلن التحالف الوطني للعمل الإهلي والتنموي المصري عن تنظيم وقفة احتجاجية، اليوم الأربعاء، بالملابس السوداء للطلب من شعوب العالم الضغط علي حكوماتها لوقف القتل فى غزة ودخول المساعدات الإنسانية.
وأضاف التحالف: نسأل من شعوب مصر، الدول الإسلامية والعربية، والعالم بأسره التضامن مع وقف القتل عن طريق ارتداء الملابس السوداء، وتغيير شعارات وسائل التواصل الاجتماعي لشعار الحملة مرابطون حتي الإغاثة.
وفي تونس، تظاهر الآلاف، الأربعاء، أمام السفارة الفرنسية في العاصمة للتعبير عن غضبهم، مطالبين بطرد السفيرين الفرنسي والأمريكي، وتجمع نحو ثلاثين شخصا أيضا بالقرب من السفارة الأمريكية في شمال العاصمة التونسية بعد الظهر، ومنعت الشرطة المتظاهرين من دخول المبنى.
وخرجت تظاهرات في مدن تونسية أخرى، في بنزرت (شمال) وسوسة (شرق) وصفاقس (وسط) والقيروان (وسط) وقابس (جنوب).
وفي سياق متصل، نظم مغاربة، وقفة أمام مبنى البرلمان في الرباط، للتنديد بقصف إسرائيل للمستشفى الأهلي المعمداني في غزة.
وردد المحتجون شعارات منددة بقصف المستشفى وأخرى داعمة للقضية الفلسطينية، كما رفعوا العلم الفلسطيني ولافتات داعمة لعملية "طوفان الأقصى".
كما تظاهر مئات الموريتانيين، أمام السفارة الأمريكية في نواكشوط تنديدًا بمجزرة المستشفى المعمداني في غزة.
ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية وهتفوا مطالبين بـ"وقف المجازر التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة".
وفي طرابلس، وصفت حكومة الوحدة الوطنية الليبية التي تعترف بها الأمم المتحدة، قصف المستشفى بأنه "جريمة وحشية"، في حين تظاهر المئات في طرابلس ومدن ليبية أخرى تضامنًا مع الفلسطينيين.
ويتوقع خروج مزيد من التظاهرات، الأربعاء، مع إعلان الحداد في لبنان ودول عربية أخرى.
طوفان الأقصى
وأطلقت حركة حماس، فجر السبت السابع من أكتوبر، عملية مباغتة ضد إسرائيل بإطلاق دفعات مكثفة من الصواريخ على مناطق إسرائيلية عدة، وتنفيذ عمليات تسلل في محيط قطاع غزة، في ما اعتبرته السلطات الإسرائيلية "حربا ضد دولة إسرائيل" التي ردت بغارات جوية على القطاع.
ورد الجانب الإسرائيلي بقصف جوي موسع على قطاع غزة تسبب في تدمير واسع للبنية التحتية والمباني المدنية والحكومية، فيما سقط آلاف القتلى والجرحى خلال المواجهات وأثناء العمليات العسكرية بين الجانبين.
ونددت الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي وأطراف غربية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية بالهجوم الذي نفّذته، السبت، حركة حماس في إسرائيل وتضمن إطلاق صواريخ وعمليات توغل وأسر، فيما دعت موسكو إلى ضبط النفس.
من جانبها، دعت جامعة الدول العربية وعدد من دولها الأعضاء إلى "ضبط النفس"، مشددة على ضرورة وقف إطلاق النار من الجانبين وتحريك عملية السلام.