رياضيون وقعوا ضحايا لدعم غزة.. أصوات تختفي في ظل القمع الغربي

رياضيون وقعوا ضحايا لدعم غزة.. أصوات تختفي في ظل القمع الغربي

الرياضة منصة قوية للتعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية، فهي تمتلك قدرة فائقة على جذب الانتباه ونشر الوعي، ومع ذلك فإن كثيرا من الرياضيين الذين يقررون التعبير عن آرائهم ومواقفهم السياسية يجدون أنفسهم في مأزق، حيث يتعرضون للظلم والمضايقات ويصبحون ضحايا لدعمهم قضايا إنسانية عادلة مثل دعم غزة. 

من بين الرياضيين الذين تحملوا عبء الظلم والانتقام بسبب تضامنهم مع غزة، يبرز اسم نصير مزراوي، لاعب بايرن ميونيخ. 

تعرض مزراوي لمعاملة قاسية وظلم بعد أن أعرب عن تعاطفه العميق مع الشعب الفلسطيني ودعمه قضيتهم العادلة، ورغم قيمته الكبيرة كلاعب ومساهمته الفعّالة في فريقه، تعرض مزراوي للتهديد والانتقام. 

وبالإضافة إلى نصير مزراوي، يأتي أنور الغازي، لاعب كرة القدم الهولندي من أصول مغربية، الذي كان يلعب لفريق ماينز الألماني.

قرر الغازي أيضًا التعبير عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني ودعمهم في محنتهم، ولكن هذا القرار أدى إلى انتهاء عقده مع النادي، وتعد هذه الخطوة إشارة واضحة إلى القمع الذي يتعرض له الرياضيون الذين يعبرون عن آرائهم السياسية. 

واحدة من أبرز الحالات الأخيرة هي قرار نادي نيس الفرنسي بإيقاف الجزائري يوسف عطال بسبب دعمه القضية الفلسطينية، ويعد هذا القرار صادمًا وقاسيًا، حيث يتعرض اللاعب للعقاب بسبب تعبيره عن رأيه وتضامنه مع شعب غزة الفلسطيني. 

الأمر لم يتوقف عند قرار النادي، فقد قررت اللجنة التأديبية التابعة لرابطة الدوري الفرنسي لكرة القدم، الأربعاء، إيقاف مدافع نيس 7 مباريات بسبب مقطع فيديو نشره على حسابه الخاص في مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تحقيق قضائي أولي بتهمة "الدفاع عن الإرهاب" و"معاداة السامية" في ظل التصعيد بين إسرائيل وحركة حماس.

في إطار القمع والظلم المستمر، تثار مطالب في فرنسا بإسقاط الجنسية عن اللاعب الفرنسي كريم بنزيما، نجم فريق ريال مدريد، بسبب دعمه القضية الفلسطينية، هذا المطلب يعد تجاوزًا خطيرًا لحقوق الإنسان ويبرز التمييز القائم على الأصل الثقافي والديني. 

ويشير تجاهل حقوق الرياضيين في التعبير عن آرائهم إلى انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي يواجهها الرياضيون في الوقت الحاضر. 

كما يشكل استهداف الرياضيين بسبب آرائهم السياسية انتهاكًا صارخًا لحرية التعبير ويزيد من حدة الظلم والانقسام في المجتمع. 

وتعكس واقعة رياضيين ضحايا دعم غزة، الواقع القاسي الذي يواجهه الرياضيون الذين يتحدثون بصوت مختلف عن الظلم والاضطهاد.. إن استهدافهم وتهديدهم وإنهاء مسيرتهم الرياضية يشكل انتهاكًا فاضحًا لحقوقهم الأساسية كأفراد وكرياضيين. 

ويرى خبراء هاتفتهم “جسور بوست” أن الرياضيين الذين يتعرضون للظلم والقمع بسبب دعمهم القضية الفلسطينية، يجب أن يحصلوا على الدعم ويجب الضغط على الأنظمة الرياضية والسياسية لحماية حقوقهم في التعبير عن آرائهم بحرية ودعم القضايا العادلة.

ويرى الخبراء أنه من الضروري أن يكون للرياضة دور في تعزيز العدالة والسلام، ولا يجب أن تكون مصدرًا للظلم والقمع، إن استمرار انتهاك حقوق الرياضيين سيؤدي إلى تشجيع المزيد من التمييز والظلم في المجتمعات الرياضية. 

نيس الفرنسي يعلن إيقاف الجزائري يوسف عطال لحين أشعار أخر - اليوم السابع

أكذوبة أرض الحريات

وانتقد الخبير الرياضي علاء خُليف الوضع بقوله، إن ما تعرض له نجوم الرياضة العرب في ملاعب أوروبا بسبب دعمهم القضية الفلسطينية من عقوبات هو نوع من الترهيب، ووصل الأمر حد الطرد والإيقاف عن اللعب، وليس هذا بجديد على أوروبا، فموقف أوروبا تجاه القضايا العربية أو الفلسطينية معروف من قديم الأزل، ولقد فشلت أوروبا الداعمة والمنادية بالحريات أن تكفل حرية الرأي لمجموعة من اللاعبين على أراضيها في الوقت الذي يطالبونهم بدعمهم في أمور مثل المثلية الجنسية، بل ومحاولة إجبارهم على ارتداء شارات دعم المثلية، هذا بخلاف أن المجتمع الأوروبي أغمض عينه عما يحدث للشعب الفلسطيني من انتهاكات واضحة، ومنع وصول رسائل الدعم والمساندة لهم من أي مكان في العالم.

وأضاف “خليف”، في تصريحاته لـ"جسور بوست"، أن الأمر وصل إلى حد شن حملات هجوم على اللاعبين العرب، وهذا بالطبع جعل بعض اللاعبين يدعمون القضية متأخرًا مثل اللاعب المصري محمد صلاح، فرغم انتظار الشعوب العربية دعمه فإنه أتى متأخرًا، ولا لوم عليه فمن حقه الخوف على مستقبله الرياضي، كما أنه قد يتعرض للقمع أو الإيذاء في ظل تحفظ جماهيري أوروبي ضد اللاعبين العرب الداعمين لفلسطين.

وأتم، هناك بعض اللاعبين فضلوا الصمت تجاه ما يحدث خوفًا من الطرد وضياع مستقبلهم وهذا بالطبع مخالف لما ينادي به المجتمع الأوروبي من حريات. 

No description available.

علاء خُليف

 قوانين لحماية اللاعبين

وعلق الخبير القانوني، مصطفى السعداوي، الأستاذ بكلية الحقوق جامعة المنيا، بقوله إن حماية حقوق الرياضيين في التعبير عن آرائهم السياسية واجبة، وما حدث من أندية غربية لداعمي القضية الفلسطينية أمر غير مقبول ويجب أخذ إجراءات قانونية للتصدي له، ويعكس هذا بالضبط ازدواجية معايير الغرب، ولذا يجب حث الاتحادات الرياضية والأندية والمنظمات الرياضية على وضع سياسات واضحة تحمي حقوق الرياضيين في التعبير عن آرائهم السياسية، على أن تكون هذه السياسات شفافة ومعلنة، وتؤكد حق الرياضيين في التعبير عن آرائهم بحرية دون مخاوف من الانتقام أو العقاب، كذلك من المهم توعية الرياضيين والجماهير والمسؤولين في المجال الرياضي بحقوق الرياضيين في التعبير عن آرائهم السياسية. 

وأضاف “السعداوي”، في تصريحاته لـ"جسور بوست": يجب على المنظمات الحقوقية والمنظمات غير الحكومية والمنظمات النقابية والجمعيات الرياضية الدفاع عن حقوق الرياضيين في التعبير عن آرائهم السياسية، وعلى الدول تقديم الدعم للاعبيها وعدم الصمت تجاه تلك الأفعال الغاشمة.

وأكد أهمية وضرورة تقديم الدعم القانوني والرعاية والحماية للرياضيين الذين يواجهون القمع أو التهديدات بسبب آرائهم. 

Dr-Moustafa Saadawi - استاذ القانون الجنائي - كلية الحقوق جامعة المنيا |  LinkedIn

مصطفى السعداوي

وقال إن الغرب الداعم للحريات هو أول من ينتهكها، ففي الوقت الذي يجبرون اللاعبين العرب على تأييد أمور لا تتماشى والثقافة الدينية الإسلامية كدعم المثليين، يمنعونهم من دعم مقدساتهم، بالطبع الأمر مرفوض ويحكم فيه القانون الدولي وقانون الدولة ذاتها للاعب شريطة ألا يكون النادي قد اشترط في العقد شرط كعدم دعم جهات بعينها ومنها القضية الفلسطينية.

وتابع: من الأهمية بمكان أن يكون هناك ضغط على الاتحادات الرياضية واللجان الأولمبية لتبني سياسات واضحة تحمي حقوق الرياضيين في التعبير عن آرائهم السياسية، بالإضافة إلى تبني سياسات ضاغطة للرياضيين والجمهور والمنظمات المدنية لإحداث التغيير وتعزيز الحرية الرياضية. 

فعلوها سابقاً

هناك العديد من الأمثلة على رياضيين تعرضوا للعقاب أو التهديدات بسبب آرائهم السياسية، منهم 

- كولين كابرنيك (Colin Kaepernick): لاعب كرة القدم الأمريكية السابق في الدوري الوطني لكرة القدم (NFL). 

احتج كابرنيك عن طريق الجلوس على ركبته أثناء عزف النشيد الوطني الأمريكي قبل المباريات، احتجاجًا على الظلم الاجتماعي والعنصرية في الولايات المتحدة.. تعرض لانتقادات حادة وفصله عن فريقه، وتم منعه من اللعب في الدوري لمدة طويلة. 

- تومي سميث (Tommy Smith) وجون كارلوس (John Carlos): لاعبَي ألعاب القوى الأمريكيان اللذان شاركا في أولمبياد المكسيك عام 1968. 

رفعا قبضتيهما المغطاتين بالقفازين الأسودين أثناء تكريم النشيد الوطني، كرمز للتضامن مع حركة حقوق السود في أمريكا.. تم إيقافهما وإبعادهما عن الألعاب الأولمبية.

- رابينيو (Rabah Madjer): لاعب كرة القدم الجزائري السابق.. خلال مباراة في كأس العالم لكرة القدم في عام 1982، قام بالتصفيق بشكل ساخر للمدرب والمسؤولين الجزائريين على خلفية خلافات سياسية، فتعرض للعقوبة من الاتحاد الجزائري لكرة القدم وتم استبعاده من المنتخب الوطني.

-حمادي أقصوي (Hamadi Agrebi): لاعب كرة القدم التونسي السابق.. تم إيقافه عن اللعب لمدة سنة بسبب تعليقات سياسية قام بها خلال لقاء تلفزيوني عن الوضع السياسي في تونس.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية