تزامناً مع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان

المنظومة الأممية تفشل في اختبار الحرب على غزة

المنظومة الأممية تفشل في اختبار الحرب على غزة

رغم مرور أكثر من شهرين من الحرب على غزة، عجزت المنظومة الأممية عن حماية أرواح الفلسطينيين أو إجبار السلطات الإسرائيلية على وقف المجازر الوحشية أو تيسير دخول المساعدات الإنسانية.

ووفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، هناك 86 قرارا صدر عن مجلس الأمن متعلقا بالقضية الفلسطينية، وأكثر من 760 قرارا صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأكثر من 200 قرار عن مجلس حقوق الإنسان الدولي، فيما لم يتم تنفيذ أي منها لتحقيق العدالة والأمن والاستقرار في المنطقة.

وبحسب أحدث حصيلة رسمية، ارتفع عدد القتلى في قطاع غزة إلى أكثر من 17 ألف شخص، بينهم آلاف الأطفال والنساء، إضافة إلى إصابة أكثر من 40 ألف شخص.

وفي فجر 7 أكتوبر الماضي، أطلقت حركة حماس، عملية مباغتة ضد إسرائيل بإطلاق دفعات مكثفة من الصواريخ على مناطق إسرائيلية عدة، وتنفيذ عمليات تسلل في محيط قطاع غزة، في ما اعتبرته السلطات الإسرائيلية حربا ضد دولتها تستدعي الرد بغارات جوية على القطاع.

ورد الجيش الإسرائيلي بقصف جوي موسع على قطاع غزة في عملية أسماها بـ"السيوف الحديدية" تسبب في تدمير واسع للبنية التحتية والمباني المدنية والحكومية، في ما سقط آلاف القتلى والجرحى خلال المواجهات وأثناء العمليات العسكرية بين الجانبين.  

وفي 22 نوفمبر الماضي، أعلنت حركة حماس، التوصل لاتفاق مع إسرائيل حول هدنة إنسانية في قطاع غزة تستمر 4 أيام، وذلك بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية.

وتضمن اتفاق الهدنة إطلاق سراح 50 رهينة من النساء والأطفال الإسرائيليين المحتجزين لدى الحركة، مقابل الإفراج عن 150 من النساء والأطفال الفلسطينيين الموجودين في السجون الإسرائيلية.

ويشمل الاتفاق وقف إطلاق النار من الطرفين في جميع أنحاء قطاع غزة، وضمان حرية حركة السكان من الشمال إلى الجنوب، ووقف حركة الطيران في الجنوب على مدار أيام الهدنة، وعلى أن تقتصر العمليات العسكرية في الشمال مدة 6 ساعات يوميا، إضافة إلى السماح بإدخال مئات شاحنات المساعدات الإغاثية والوقود لكل مناطق قطاع غزة.

الجمعية العامة

في أكتوبر 2023، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا غير ملزم بأغلبية 120 عضوا يدعو إلى هدنة إنسانية فورية دائمة ومستدامة تفضي إلى وقف الأعمال العدائية وتوفير السلع والخدمات الأساسية للمدنيين في شتى أنحاء غزة فورا وبدون عوائق.

وعارض القرار، الذي قدمه الأردن نيابة عن المجموعة العربية وعدد من الدول الأخرى، 14 عضوا بينها الولايات المتحدة الأمريكية، فيما امتنع 45 عن التصويت.

وتفتقد الجمعية العامة للأمم المتحدة (تضم 193 دولة) إلى سلطات تنفيذ القرارات فيما يتعلق بمعظم المسائل، غير أنها يمكن تحويل الملفات والقضايا إلى مجلس الأمن لاتخاذ قرار ملزم بشأنها.

وتتخذ قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة دلالتها ورمزيتها من عدد الدول المصوتة عليها، إلا أنها تظل قرارات غير قابلة للتنفيذ بصفة قانونية أو عملية على أرض الواقع.

مجلس الأمن 

وفشل مجلس الأمن أثر من مرة في إصدار قرار لوقف إطلاق النار بشأن العدوان الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي في غزة، حيث صوت 5 أعضاء فقط لصالح مشروع قرار روسي يوم 16 أكتوبر الماضي، ثم استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار برازيلي يوم 18 من الشهر ذاته رغم حصوله على تأييد 12 دولة.

وفي 26 أكتوبر الماضي، لم ينجح مجلس الأمن الدولي في تبني مشروعي قرارين أمريكي وروسي بشأن غزة، حيث استخدمت روسيا والصين حق النقض "فيتو" ضد المشروع الأمريكي، في حين فشل المشروع الروسي في الحصول على أصوات كافية.

وفي 7 نوفمبر، فشل مجلس الأمن الدولي، في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار، قدمته مجموعة تضم 10 دول غير دائمة العضوية بمجلس الأمن، لكن الولايات المتحدة وبريطانيا، العضوين الدائمين بمجلس الأمن اللتين تتمتعان بحق النقض (الفيتو)، رفضتاه.

في 10 نوفمبر، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2712 الذي يدعو إلى إقامة هُدن وممرات إنسانية عاجلة ممتدة في جميع أنحاء قطاع غزة والإفراج الفوري وبدون شروط عن كل الرهائن.

اُعتمد القرار في المجلس آنذاك، بتأييد 12 عضوا وامتناع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والمملكة المتحدة عن التصويت.

ويحتاج اعتماد أي قرار من مجلس الأمن إلى موافقة 9 أصوات على الأقل، وعدم استخدام حق النقض من الدول الخمس دائمة العضوية (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا).

المجلس الدولي لحقوق الإنسان

وعقب نحو شهر على الاجتياح البري والجوي لقطاع غزة، أعلن مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، أن مكتبه يواصل رصد الغارات وعدد الحوادث التي أدت إلى سقوط أعداد كبيرة من القتلى في جميع أنحاء غزة، بما في ذلك الغارات على المناطق السكنية في جباليا ومدينة غزة والبريج والنصيرات والمغازي وخان يونس.

وأضاف تورك، في مؤتمر صحفي بالعاصمة الأردنية عمان: "بالنظر إلى المستوى المرتفع من الضحايا المدنيين والنطاق الواسع من الدمار الذي لحق بالمرافق المدنية، لدينا مخاوف جدية للغاية من أن يرقى ذلك إلى مستوى الهجمات غير المتناسبة، في انتهاك للقانون الدولي الإنساني".

وقال إن الأمن الدائم لا يمكن ضمانه عبر "ممارسة أفعال الغضب والألم والانتقام" ضد أناس ليسوا مسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت -بمن في ذلك موظفو الأونروا- حيث قتل 99 موظفا في منظمة إغاثة وتشغيل اللاجئين في غزة، وهذا أمر غير مسبوق وشائن ومفجع للغاية.

الجنائية الدولية 

وفي 17 نوفمبر، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية، تقدم جنوب إفريقيا وبوليفيا وبنغلاديش وجزر القمر وجيبوتي بطلب للتحقيق في الهجمات الإسرائيلية على غزة، وأن تلك الطلبات المقدمة من الدول الخمس وصلت إلى مكتب المدعي العام.

في 20 نوفمبر، حثت منظمة العفو الدولية، المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية على "اتخاذ إجراءات فورية وملموسة لتسريع التحقيق في جرائم الحرب بقطاع غزة".

وأوضحت المنظمة، في تقرير لها آنذاك، أن "القوات الإسرائيلية أظهرت لامبالاة تقشعر لها الأبدان إزاء الخسائر الكارثية التي لحقت بالمدنيين بسبب قصفها المستمر بلا هوادة".

ووفق خبراء ومراقبين للشؤون الدولية، فإن القانون الدولي ملزم لكافة الدول، بما في ذلك إسرائيل، وكذلك هو ملزم للجماعات المسلحة غير الحكومية، المشاركة في النزاعات مثل "حماس" و"الجهاد الإسلامي" رغم أن الأخيرتين لا يمكنهما التصديق رسميا على المعاهدات ذات الصلة.

العدالة الدولية 

بدوره، قال أستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة القدس الدكتور جهاد الحرازين، المنظومة الأممية بمختلف أذرعها أخفقت في اختبار العدوان على غزة، ولم تفلح في رفع العقاب الجماعي عن أكثر من 2 مليون شخص بالقطاع المحاصر.

واستبعد الحرازين في تصريح لـ"جسور بوست" إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق الجنرالات الإسرائيليين أو توجيه اتهام لإسرائيل بارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، نظرا لسيطرة الولايات المتحدة عليها.

الدكتور جهاد الحرازين

وأضاف: "المنظومة الأممية عجزت عن حماية حقوق الإنسان أو حماية ميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية، وهو ما يهدد قيم العدالة القانونية للنظام العالمي ومنظومة العلاقات الدولية".

واختتم حديثه قائلا: "الولايات المتحدة الأمريكية تسيطر على معظم الأذرع الأممية، ما يجعلها معصوبة العينين ومكتوفة الأيدي أمام الجرائم الإنسانية التي تمارسها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 75 عاما".

وتشير الإحصاءات الدولية، إلى صدور 86 قرارا عن مجلس الأمن متعلقا بالقضية الفلسطينية، وأكثر من 760 قرارا صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأكثر من 200 قرار عن مجلس حقوق الإنسان الدولي، وذلك لتحقيق العدالة والأمن والاستقرار في المنطقة.

يذكر أن العالم يحتفل سنويا باليوم العالمي لحقوق الإنسان يوم 10 ديسمبر، وذلك إحياء لذكرى اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامـة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 1948 بوصفه المعيار المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه جميع الشعوب والأمم، وتركز الأمم المتحدة احتفالية العام الجاري 2023 على الكرامة والحرية والعدالة للجميع.
 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية