مع استمرار الصراع.. سودانيون يواجهون معاناة كبيرة في تدبير الطعام

مع استمرار الصراع.. سودانيون يواجهون معاناة كبيرة في تدبير الطعام

يواجه السودانيون في مناطق الصراع بالعاصمة الخرطوم صعوبات ومعاناة كبيرة في الحصول على الغذاء في ظل إغلاق المتاجر والأسواق وعدم قدرة المنظمات على إيصال المساعدات الإنسانية، فضلا عن خروج قطاعات الإنتاج عن الخدمة، ما جعل الغالبية عاطلين عن العمل.

ويجبر الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المستمر منذ أكثر من 7 أشهر العالقين في مدن العاصمة الثلاث -الخرطوم وأم درمان وبحري- على قطع مسافات طويلة لجلب المواد الغذائية، وفقا لوكالة أنباء العالم العربي، بل إن البعض يكتفي بوجبة واحدة في اليوم لمحدودية الخيارات وتوقف مصادر الدخل وعدم إيفاء الحكومة برواتب الموظفين والعاملين في الجهاز الإداري للدولة بسبب ضعف الإيرادات.

ويقول محمد موسى، وهو مهندس شبكات يسكن في غرب مدينة أم درمان إن الحياة في المدينة تزداد صعوبة يوما بعد آخر، في ظل توسع نطاق المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وذكر موسى أنه يقطع حوالي 7 كيلومترات للحصول على احتياجاته من سوق في شمال المدينة رغم المخاطر وانتشار قوات عسكرية في الشوارع والقناصة أعلى البنايات بعد إغلاق جميع المتاجر في منطقته.

وعلاوة على المخاطر الأمنية، يشكو موسى من تعطل عمله وتوقف راتبه الشهري، كما هو حال السواد الأعظم من السودانيين، مشيرا إلى أن مدخراته المالية توشك على النفاد.

وقال موسى إن الكثير من العائلات تعيش على الكفاف ولولا التكافل وسط المجتمعات لماتوا جوعا، مضيفا "نحن هنا نتشارك الطعام في الحي الذي نسكن فيه، كل شخص يخرج بما يملك لأن بعض الأسر ما عندها ما تسد به رمق أبنائها.. هذه واحدة من مظاهر التكافل بيننا".

ومنذ 3 أشهر، تدور معارك عنيفة بين الجيش والدعم السريع في شمال وغرب ووسط أم درمان، الأمر الذي دفع الكثير من السكان إلى مغادرة المدينة، لكن موسى وعددا قليلا فضلوا البقاء.

ومضى قائلا "ليس أمامنا خيار سوى البقاء في المنطقة، فالوضع في الولايات الأخرى لا يقل سوءا عن أم درمان رغم الأمان النسبي، لكن الإيجارات غالية ولا نستطيع تحمل تكلفتها كما لا توجد فرص للعمل.. أفضل لنا أن نبقى هنا معززين مكرمين وسط الاشتباكات والقصف المدفعي".

وكانت المنظمة الدولية للهجرة قد ذكرت في سبتمبر أن عدد النازحين داخليا في السودان تضاعف تقريبا منذ بداية الصراع في أبريل.

وقالت المنظمة إن نحو 7.1 مليون شخص نزحوا داخل السودان، مضيفة أن معظم النازحين موجودون في ولايات نهر النيل وشرق دارفور وشمال وجنوب دارفور وسنار والنيل الأبيض.

 لا خيارات بديلة

قالت بهجة عماد الدين التي تسكن في ضاحية شرق النيل بمدينة الخرطوم بحري "قبل الحرب كنا نعتاد على طهي الوجبات السريعة لأن أغلب أفراد الأسرة يعملون ويدرسون، وأحيانا الوجبات البلدية مثل العصيدة والكِسرة والقراص، وهذه غالبا تكون في أيام الإجازة".

وأضافت بهجة أن اندلاع الحرب غير من شكل حياتها ونمط الوجبات التي تتناولها.

ومضت تقول "لا توجد مقارنة بين الوضع الآن وما قبل الحرب، الجميع بلا عمل، لا نملك مصدر دخل ثابتا لكي نوفر جزءا من احتياجاتنا، حتى الوجبات البلدية التي كنا نشتهيها أصبحت ثابتة إما في الفطور أو الغداء.. ما عندنا خيارات بديلة".

وذكرت بهجة أن جميع الأسواق والمتاجر بالمنطقة أغلقت أبوابها في الأيام الأولى للحرب والخروج إلى مناطق بعيدة ينطوي على مخاطر كبيرة، لكنها كانت محظوظة لأن أسرتها كانت تدخر ما تبقى من مواد غذائية كانت اشترتها في شهر رمضان.

وقالت إن الأوضاع الآن في منطقتها أفضل من الأيام الأولى للصراع، إذ عادت الحركة نسبيا إلى طبيعتها وفتحت بعض الأسواق أبوابها "لكن تبقى المشكلة عدم وجود دخل ثابت للأسرة".

أما عماد صلاح، الذي يسكن حي العباسية في وسط أم درمان، فلا تقل معاناته في الحصول على الغذاء عن بهجة وموسى، حيث يتنقل بين منطقته التي تنتشر فيها قوات الدعم السريع وشمال المدينة حيث ينتشر الجيش السوداني.

ويتخطى صلاح المنطقة الساخنة بين الطرفين حتى يتمكن من جلب بعض الخضراوات والدقيق لعائلته، ويقول "أنتظر الأيام التي تكون فيها الأوضاع هادئة، أتحرك بسرعة نحو شمال المدينة لشراء مواد غذائية وخضراوات.. كل الأسواق في وسط المدينة أغلقت أبوابها ومعظم الأسر غادرت ديارها".

ويقول صلاح إنه يرى في كل رحلاته المحفوفة بالمخاطر إلى شمال المدينة جثامين متناثرة في الشوارع بعضها لقوات عسكرية وأخرى بملابس مدنية.

على بعد خطوة من المجاعة

قال نائب مدير برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في السودان بيتر رودريغز إن هناك أكثر من 20 مليون شخص بحاجة للمساعدة.

وأفاد رودريغز بأنه منذ بداية الصراع وصل برنامج الأغذية العالمي لأكثر من 3.5 مليون شخص في مناطق مختلفة من السودان، مضيفا “من المهم أن نذكر بأن هنالك أكثر من 4 ملايين شخص في السودان على بعد خطوة واحدة من المجاعة ويعيشون وضعا صعبا للغاية”.

وأوضح رودريغز أن برنامج الأغذية العالمي عمل في أكثر من 17 ولاية سودانية منذ بداية الصراع.

وتابع قائلا "في الأشهر القليلة الماضية، كنا نتقدم في المناطق التي لدينا إمكانية للوصول إليها.. ففي المتوسط، نحن نصل إلى مليوني أو 3 ملايين شخص شهريا بالمساعدات الغذائية".

وأردف "الآن، أكبر تحدٍ لدينا هو إمكانية الوصول إلى مزيد من الناس وأيضا لا بد أن نتفهم أهمية الوصول إلى الناس الذين يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية، لأن تأخير ذلك سيفاقم من الوضع الإنساني".

وأشار إلى أن برنامج الأغذية العالمي لا يركز على توزيع المساعدات الغذائية فحسب، وإنما يقوم أيضا بتوزيع المال على المحتاجين والسلع الغذائية عبر برامجه المختلفة، مضيفا أن البرنامج تلقى في الآونة الأخيرة 35 ألف طن من الدقيق "بفضل المانحين من الكويت وألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي".

وناشد مسؤول برنامج الأغذية العالمي طرفي الصراع السماح للبرنامج بالوصول الآمن إلى المناطق التي وصفها بأنها "في حاجة ماسة للمساعدات وخاصة الخرطوم وكردفان ودارفور".

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية