الأمن ومكافحة الإرهاب في الوطن العربي.. أبرز التحديات في 2024
الأمن ومكافحة الإرهاب في الوطن العربي.. أبرز التحديات في 2024
في ظل الظروف الراهنة التي يشهدها الوطن العربي، يتصاعد الاهتمام بقضايا الأمن ومكافحة الإرهاب كأحد الملفات المهمة التي يجب العمل عليها والاهتمام بها في عام 2024.
تتضمن تلك التحديات استمرار التهديدات الإرهابية والتطورات الأمنية المعقدة في المنطقة، ما يتطلب تعاونًا دوليًا قويًا وجهودًا مشتركة لمكافحة هذه التحديات وتعزيز الأمن والاستقرار.
وتشهد الدول العربية تحديات أمنية كبيرة تشمل الهجمات الإرهابية التي تستهدف المدنيين والمؤسسات الحكومية، وانتشار الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية في المنطقة.
وأظهرت البيانات الإحصائية أن هناك زيادة في حوادث العنف والتفجيرات الإرهابية في العديد من الدول العربية خلال السنوات الأخيرة، على سبيل المثال، وفقًا لتقرير منظمة الأمم المتحدة، سجلت العراق أعلى معدل للهجمات الإرهابية في العام الماضي، حيث بلغ عدد الهجمات 3,000 هجوم تقريبًا، وأسفرت عن مقتل ما يزيد على 8,000 شخص وإصابة آلاف آخرين.
وفي سوريا، تواجه الحكومة السورية تحديات أمنية جسيمة بسبب الصراع المستمر وتنامي التهديدات الإرهابية.
تشير التقارير الأممية لعام 2022، إلى أن هناك زيادة في حوادث الإرهاب في الدول العربية خلال السنوات الأخيرة، وتتفاوت طبيعة الهجمات والتنظيمات المسؤولة عنها، بدءًا من الجماعات المتطرفة المحلية إلى الجماعات الإرهابية العابرة للحدود.
ويشير التقرير السابق إلى أن الجماعات المتطرفة، مثل تنظيم (داعش) وتنظيم القاعدة، لا تزال تشكل تهديدًا كبيرًا على الصعيد العالمي والمحلي، وتستهدف هذه الجماعات المدنيين والمؤسسات الحكومية والأماكن العامة بهدف نشر الفوضى والرعب.
وتوضح التقارير أن الأعمال الإرهابية تنتهك حقوق الإنسان بشكل خطير، بما في ذلك الحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي، وتتضمن هذه الانتهاكات الهجمات على المدنيين والاختطاف والتعذيب والتهجير القسري، كذلك تشير التقارير إلى أن هناك تغيرات في هيكل وتنظيم المجموعات الإرهابية على المستوى العالمي، ويشمل ذلك تطور الجماعات المتطرفة والتوجه نحو الإرهاب الفردي والمجموعات الإرهابية المنفردة.
وتناولت التقارير الأممية الأخيرة تفاقم استخدام المجموعات الإرهابية لوسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت لتجنيد المقاتلين ونشر الدعاية الإرهابية، وتعتبر هذه الوسائل أدوات فعالة لتحقيق أهدافهم وزيادة نفوذهم.
ووفقًا لتقارير، تعمل الدول العربية بتعاون وثيق مع المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن، وتشمل الجهود المبذولة تبادل المعلومات والاستخبارات، وتعزيز التعاون الأمني بين الدول، وتطوير القدرات الأمنية لمواجهة التحديات الجديدة.
وفي هذا السياق، قامت دول الخليج بتشكيل تحالفات إقليمية لمكافحة الإرهاب، مثل التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب الذي قامت به المملكة العربية السعودية، وتهدف هذه الجهود إلى تعزيز التعاون الأمني والتنسيق في مجال مكافحة التطرف والراديكالية وتبادل الخبرات والممارسات الناجحة بين الدول.
"جسور بوست"، تناقش القضية كأحد الملفات الاستراتيجية في 2024 لأهميتها وما يترتب عليها.
تأثير الإرهاب على حقوق الإنسان
قال أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، الدكتور طه أبوحسين، إن تأثير الإرهاب على حياة الإنسان وحقوقه لا يمكن تجاهله، وهو من الملفات التي يجب العمل عليها 2024، حيث يؤدي الإرهاب إلى تدهور الحالة النفسية والعاطفية للأفراد المتضررين، ويسبب تفككًا اجتماعيًا وتدهورًا اقتصاديًا في المجتمعات المستهدفة، وتتطلب مكافحة الإرهاب جهودًا مشتركة من المجتمع الدولي والحكومات المعنية، بما في ذلك تعزيز التعاون الأمني والتنموي وتعزيز حقوق الإنسان وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا، كما يجب أن تكون الجهود الشاملة لمكافحة الإرهاب مرتبطة بحماية حقوق الإنسان وتعزيز العدالة والمساءلة للحد من هذه الظاهرة المدمرة وتأثيرها السلبي على الإنسان وحياته.
وأضاف أبوحسين، في تصريحات لـ"جسور بوست"، يشكل الإرهاب تهديدًا عابرًا للحدود يؤثر على الحياة الإنسانية وينتهك حقوق الإنسان بشكل خطير، ويتميز الإرهاب بطبيعته العنيفة والمروعة، حيث يستهدف المدنيين الأبرياء والمؤسسات الحيوية بهدف خلق الرعب والفوضى، ويعيش المتضررون من الإرهاب حالة من الرعب والقلق المستمرين، حيث يشعرون بعدم الأمان والخوف من تكرار الهجمات الإرهابية، وتنتج عن ذلك آثار نفسية سلبية مثل الاكتئاب والقلق المستمر واضطراب ما بعد الصدمة، ويعاني الأفراد المتضررون من الإرهاب من تدهور في حالتهم العاطفية، حيث يشعرون بالحزن والغضب والإحباط، وقد يترتب على ذلك فقدان الثقة في الآخرين وصعوبة في إقامة علاقات اجتماعية مستقرة.
وقال إن الإرهاب ينتج عن تفكك في المجتمعات المتضررة، حيث يزيد الانقسام والتوتر الاجتماعي والطائفي، وينتج عن ذلك تدهور في العلاقات الاجتماعية، وتعزيز التمييز والانعزالية، ويجبر الإرهاب الكثير من الأشخاص على النزوح وفقدان منازلهم وممتلكاتهم، ويعاني المهجرون من صعوبات كبيرة في إيجاد مأوى آمن ووسائل معيشة مستدامة، ما يؤدي إلى تفاقم الفقر والعوز والاستقرار الاجتماعي، ويعرض الإرهاب الدول والمجتمعات لخسائر اقتصادية جسيمة، وتؤثر الهجمات الإرهابية على الاستثمارات والسياحة والتجارة الدولة المستهدفة، ما يؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة.
الدكتور طه أبو حسين
وأتم، يعيق الإرهاب التنمية المستدامة والجهود الحكومية في تحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي، ويتسبب الإرهاب في تشتيت الاستثمارات وتدهور البنية التحتية وتعثر الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة وهذا بدوره ينعكس على نفس الإنسان ويسبب له مشكلات.
تأثير الإرهاب على الاقتصاد
من جانبه، قال عضو منظمة الفاو والأكاديمي، الدكتور نادر نورالدين، إن الإرهاب ظاهرة عالمية تهدد الأمن والاستقرار في العديد من البلدان، إلى جانب الآثار البشرية والاجتماعية الخطيرة التي يتسبب فيها، يلحق الإرهاب أيضًا ضررًا كبيرًا بالاقتصاد، فينعكس الإرهاب سلبًا على الاستثمار وعلى القدرة على جذب رؤوس الأموال، ويشعر المستثمرون بالقلق من الاضطرابات الأمنية والمخاطر التي يشكلها الإرهاب، ما يقلل من رغبتهم في الاستثمار في المنطقة المتأثرة، وبالتالي، يتراجع تدفق رؤوس الأموال، كما يعتبر القطاع السياحي أحد القطاعات الأكثر تضررًا جراء الإرهاب، فينتج عن الهجمات الإرهابية والتهديدات الأمنية تراجع في عدد السياح وتراجع في الإيرادات السياحية.
وأضاف الدكتور نورالدين، في تصريحات لـ"جسور بوست"، تقل الثقة في الوجهات السياحية المتضررة، وتتأثر المجتمعات المحلية والقطاعات المرتبطة بالسياحة بشكل كبير، ولا يمكن إغفال ما يترتب على الإرهاب زيادة في التكاليف الاقتصادية، سواء بسبب الإجراءات الأمنية الإضافية أو تكاليف إعادة الإعمار، وتستهلك هذه التكاليف موارد الدولة وتؤثر سلبًا على الميزانية العامة والقدرة على تحقيق التنمية وتوفير الخدمات الأساسية، ويؤثر الإرهاب أيضًا على حركة التجارة والتعاون الاقتصادي الدولي، وتفرض الدول قيودًا أمنية إضافية على الحركة الحدودية وتعزز إجراءات التفتيش والفحص، ما يؤثر على السلاسة التجارية ويزيد من تكاليف النقل والتجارة العالمية.
الدكتور نادر نور الدين
وأتم، باختصار، يمكن القول إن الإرهاب تترتب عليه تأثيرات سلبية كبيرة على الاقتصاد، ويؤدي إلى تراجع الاستثمار، وتأثير سلبي على السياحة، وزيادة في التكاليف الاقتصادية، وتأثير على التجارة والتعاون الدولي، وتحتاج الدول المتضررة إلى اتخاذ إجراءات فعالة لمكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن لتحقيق النمو الاقتصادي واستعادة الثقة والاستقرار.
تعزيز حقوق الإنسان
وقال الحقوق الأردني، نضال منصور، إنه من الضروري أن تتخذ الدول العربية إجراءات لمكافحة الإرهاب تحت رعاية حقوق الإنسان وتعزيز العدالة، ويجب أن تتبنى الدول سياسات شاملة لحماية حقوق الإنسان ومكافحة التمييز والتعذيب والاعتقال غير القانوني، ويجب أن يتم ضمان حقوق المواطنين بما في ذلك الحق في الحرية الشخصية والحق في المحاكمة العادلة، ومن الضروري جدًا أن تعمل الدول على تطوير القوانين والإجراءات القانونية التي تحمي حقوق الإنسان وتحقق العدالة.
وأضاف منصور، في تصريحات لـ"جسور بوست"، يعتبر التعليم والتوعية الفعالة أداة قوية لمكافحة الإرهاب والتطرف، ويجب على الدول العربية العمل على تعزيز التعليم الذي يشجع على القيم الإنسانية والتسامح والتعايش السلمي، ويجب أن يتم توفير فرص التعليم الجيدة والميسرة للجميع، بمن في ذلك الشباب، وتعزيز الوعي بأهمية حقوق الإنسان والتسامح والتعايش السلمي، وفي ظل التحديات الأمنية الكبيرة التي تواجهها الدول العربية، يتطلب التصدي للإرهاب وتعزيز الأمن جهودًا مشتركة وتعاونًا دوليًا قويًا.
يجب أن تكون الجهود المبذولة مستدامة ومتعددة الأبعاد، تشمل تعزيز حقوق الإنسان والعدالة، وتعزيز التعليم والتوعية.. إن النجاح في مجال مكافحة الإرهاب يتطلب إرادة سياسية قوية وتعاونًا شاملاً بين الدول، وذلك لضمان الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة العربية.
واستكمل، تشهد المنطقة تنوعًا كبيرًا في ما يتعلق بالتهديدات الأمنية والتحديات التي تواجهها الدول، فعلى سبيل المثال، تعاني بعض الدول من تنامي التمرد السياسي والصراعات الداخلية، في حين يواجه البعض الآخر تهديدات من جماعات إرهابية دولية، ولا يمكن فهم الوضع الأمني في الوطن العربي دون النظر إلى تأثير الحروب والصراعات الإقليمية، فعلى سبيل المثال، تعاني سوريا منذ سنوات من النزاع المستمر الذي أدى إلى تهجير الملايين وتدمير البنية التحتية، وساهم في ظهور جماعات إرهابية مثل تنظيم (داعش)، وفي اليمن، تشهد البلاد صراعًا مسلحًا منذ سنوات، ما أدى إلى انهيار البنية التحتية وانتشار التطرف والإرهاب.
نضال منصور
وأتم، ترتبط التحديات الأمنية في الوطن العربي بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها السكان، فالبطالة والفقر وعدم الاستقرار الاقتصادي يمكن أن تؤدي إلى تصاعد التوترات وزيادة فرص انتشار العنف والتطرف، ووفقًا لتقرير للبنك الدولي، يعيش نحو 25% من الشباب العرب تحت خط الفقر، ويعاني الكثيرون من نقص الفرص الاقتصادية والتعليمية، ما يزيد من احتمالية تورطهم في أعمال العنف والتطرف.