في إطار الدورة الـ55.. مفوضية حقوق الإنسان تناقش حق الأشخاص ذوي المهق في التعليم

في إطار الدورة الـ55.. مفوضية حقوق الإنسان تناقش حق الأشخاص ذوي المهق في التعليم
مجلس حقوق الإنسان في جنيف

في تقرير لها أمام الدورة الـ55 بجنيف تستعرض المفوضية السامية لحقوق الإنسان سبل تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما في ذلك الحق في التنمية، وحق الأشخاص ذوي المهق في التعليم. 

والتقرير قدمته الخبيرة المستقلة المعنية بتمتع الأشخاص ذوي المهق بحقوق الإنسان السيدة مولوكا- آن ميتي- دروموند وفقاً لقراري مجلس حقوق الإنسان 6/28 و12/46. 

ولدى إعداد التقرير، وجهت دعوة لطلب تلقي إسهامات من مختلف أصحاب المصلحة، بما يشمل الدول الأعضاء ومنظمات المجتمع المدني والأشخاص ذوي المهق ووردت تقارير من إيطاليا، وجنوب إفريقيا، وزمبابوي، والسلفادور، وشيلي، وفنزويلا (جمهورية- البوليفارية)، وماليزيا، وأجريت دراسة استقصائية عبر الإنترنت وردت في إطارها ردود من 28 بلداً. 

واستكمل التقرير أيضاً بدراسة استقصائية بشأن المهق أجريت في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، شارك فيها 18 شخصاً، وروعيت فيه نتائج مناقشة مائدة مستديرة بشأن المهق عقدت في المملكة المتحدة، في 9 يونيو 2023، برئاسة الخبيرة المستقلة، وتضمنت حواراً مع أشخاص من ذوي المهق وأسرهم ومنظمات ذات صلة من المجتمع المدني. 

والمهق هو حالة وراثية نادرة وغير معدية تحدث بتواتر متفاوت بين السكان في جميع أنحاء العالم، بصرف النظر عن العرق أو الإثنية، ويتميز الشكل الأكثر شيوعاً للمهق، وهو المهق العيني الجلدي، بنقص لصبغ الميلانين في الشعر والجلد والعينين، الأمر الذي يسبب سرعة تأثر الجلد بأشعة الشمس وقابلية تعرضه لأضرار، بما في ذلك سرطان الجلد. 

الإطار المعياري والسياساتي 

أورد التقرير أن الحق في التعليم هو حق أساسي من حقوق الإنسان وله أساس متين في القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتؤكد الصكوك الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان الحق في التعليم وتحميه، وهي تشمل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 26)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادة 13)، واتفاقية حقوق الطفل (المادة 28)، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (المادة 10)، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (المادة 5) واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (المادة 24) 

وتكتسي مواد اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أهمية خاصة في موضوع حقوق الأشخاص ذوي المهق، إذ تبرز، في جملة أمور، أن الدول الأطراف ينبغي أن تعترف بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في التعليم دون تمييز وأن تكفل نظاماً تعليمياً شاملاً للجميع في كل مستويات التعلم مدى الحياة، ووفقاً لما تنص عليه المعاهدات المذكورة أعلاه، ينبغي عدم استبعاد الأطفال ذوي الإعاقة من التعليم الابتدائي المجاني والإلزامي أو من التعليم الثانوي بسبب الإعاقة. 

وتتضمن الاتفاقية أيضاً إشارة حاسمة إلى الترتيبات التيسيرية المعقولة، بما في ذلك الحصول على الأجهزة المساعدة بحسب المتطلبات الفردية وتنص على أن المتعلمين ينبغي أن يتلقوا الدعم اللازم لضمان فعالية تعلمهم في سياق نظام التعليم العام، وينبغي توخي أقصى قدر من الإنماء الأكاديمي والاجتماعي في ما يتاح من تدابير الدعم وجعل هدف الإدماج الكامل في صلبها. 

وقدمت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إطاراً لفهم الحق في التعليم يتألف من 4 أركان: الإتاحة وإمكانية الوصول إلى التعليم وقابلية التكييف والمقبولية، وتلخص المؤشرات الأربعة التزام الدول الأطراف بإنفاذ الحق في التعليم. وفي هذا السياق، ينبغي أن يتلقى المتعلمون ذوو الإعاقة، بمن فيهم الأشخاص ذوو المهق، تعليماً يقوم في جملة أمور على منهج أساسي موسع، ويشمل إرشادات ومبادئ توجيهية مصممة خصيصاً لتلبية احتياجاتهم. 

وعلى صعيد المعايير الإقليمية لحقوق الإنسان يرد تأكيد الحق في التعليم أيضاً في صكوك منها الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وإعلان حقوق الإنسان الرابطة أمم جنوب شرق آسيا، وقرار البرلمان الأوروبي لعام 2021 بشأن فضاء التعليم الأوروبي، المعنون نهج مشترك شمولي، والميثاق العربي لحقوق الإنسان وميثاق منظمة الدول الأمريكية. وعلى الرغم من أن المادة 16 من بروتوكول الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في إفريقيا لم تدخل حيز النفاذ بعد، فإنها تنص أيضاً على أحكام مهمة بشأن الحق في التعليم.

 وفي بعض البلدان، لا سيما في إفريقيا، بما فيها أنغولا، وأوغندا، وملاوي، وموزمبيق، تغطي خطط العمل الوطنية المتعلقة بالمهق أيضاً مسألة تلبية احتياجات محددة للمتعلمين ذوي المهق.

الوصم والتمييز

وفي إفريقيا وأجزاء من آسيا، لا يزال ثمة اعتقاد بأن المهق ظاهرة خارقة للطبيعة تتجسد في شخصية شبحية لديها قوى خارقة للطبيعة يمكن أن تكون ضارة للآخرين في نفس المجتمع، وفي بعض البلدان الإفريقية، ثمة أيضاً اعتقاد بأن المهق معدٍ وأن الجلوس بجوار طفل ذي مهق يسبب الإصابة بالمهق. 

وثمة خرافات أخرى، بما في ذلك الاعتقاد بأن أعضاء جسم الأشخاص ذوي المهق يمكن أن تجلب الثروة أو حسن الطالع إذا ما استخدمت في ممارسات طقوسية. وقد أدت كثرة الخرافات والأساطير فضلاً عن عدم فهم المهق، إلى انتشار التمييز ضد الأشخاص ذوي المهق. 

وفي سياق الحق في التعليم، أبرزت التقارير المقدمة إلى الخبيرة المستقلة أن التنمر والتشنيع هما أوضح أشكال الوصم والتمييز التي تمارس في حق الأشخاص ذوي المهق واحتل الاستبعاد من الرياضة وغيرها من الأنشطة، فضلا عن عدم تقديم أشكال محددة من الدعم مرتبة عالية كشكل من أشكال التمييز التي يعاني منها الأشخاص ذوو المهق في أماكن التعلم. 

 واعتبر التنمر عائقاً أمام حصول الأشخاص ذوي المهق على التعليم في نحو 65 في المئة من الردود التي وردت استجابة للدعوة إلى تقديم إسهامات.

 ترتيبات خاصة بضعاف البصر

ووفقًا للتقرير، تشمل الترتيبات التيسيرية الشائعة المتصلة بالصعوبات البصرية التي يواجهها الأشخاص ذوو المهق بأمور منها وضع الأطفال في منتصف الصف الأول، وليس بالقرب من النافذة إذا كان هناك الكثير من الضوء في الفصول الدراسية واستعمال الوثائق والكتب المدرسية المطبوعة بصيغة مكبرة واعتماد الترتيبات المناسبة التي تمكنهم من نقل الدروس من زملائهم في الفصل والاستعانة بمساعدي التدريس.

وفي فرنسا، توفر طاولات ذات سطح مائل لتقليل مخاطر آلام الظهر التي قد يتعرض لها المتعلمون الذين يحتاجون إلى الانحناء لقراءة كتبهم، ومع ذلك، لا ينظر دائما إلى الوقت الإضافي الممنوح للمتعلمين ذوي المهق لإكمال امتحاناتهم على أنه إجراء عادل، إذ يعتبر المتعلمون الآخرون أن المتعلمين ذوي المهق يحصلون على ميزة غير عادلة. 

ومن الأهمية بمكان شرح الأسباب التي تبين أن بعض المتعلمين يحتاجون إلى دعم إضافي وإلى منحهم وقتاً إضافياً لإكمال الاختبارات، وعلى الرغم من سهولة توفير بعض الترتيبات التيسيرية المذكورة أعلاه، فإن بعض البلدان لا تتيح أي تسهيلات للمتعلمين ذوي المهق. وذكر أحد المشاركين في الدراسة الاستقصائية أن المدرسين لا يتلقون دائماً تدريباً بشأن تكييف دروسهم مع احتياجات الطلاب معاقي البصر وأن بعض الأساتذة لا يقدمون الوثائق الملائمة، حتى لو طلبت وحتى عند توافر المساعدة، يظل المتعلمون بحاجة إلى أن يأخذوا علما بالأمر وأن يعثروا على محاور، وإضافة إلى ذلك، قد يتعذر فعل أي شيء في حالة استمرار الموقف الرافض من جانب بعض المدرسين غير الراغبين في الاستجابة لطلبات الترتيبات التيسيرية. 

ويرفض بعض المدرسين اعتماد ما يلزم من التكييفات بحجة أن الطلاب يجب أن يكونوا مستعدين لإجراء الامتحان دون أي ترتيبات تيسيرية في حالة رفضها.

وفي عدد كبير من الورقات، أثيرت مسألة عدم التشاور مع الوالدين أو مقدمي الرعاية، لا سيما بشأن الاحتياجات الفردية للأطفال، واعتبر أن ذلك يسهم في الافتقار إلى الترتيبات التيسيرية المعقولة. وأدى الأمر إلى حالات لم يتمكن فيها الأطفال، وخاصة أولئك الذين ليس لديهم أجهزة مساعدة، من متابعة الدروس على السبورة أو مطالعة الكتب المستخدمة أثناء حصة القراءة أو الإجابة داخل الفصل على أسئلة الاختبارات أو الامتحانات المكتوبة على السبورة. 

وشكل هذا الأمر مصدر قلق أعرب عنه العديد من الأشخاص، بمن فيهم مشاركون في الدراسة الاستقصائية من الأرجنتين، وبنما، والفلبين، وماليزيا.

ترتيبات للتنقل في أرجاء المدرسة

ذكر التقرير أن 75 في المئة من المشاركين في الدراسة الاستقصائية العالمية أن المدارس لا تلبي تماماً احتياجات تنقل المتعلمين ذوي المهق. ويمكن أن تشمل الإعدادات المساعدة وضع علامات واضحة وذات تباين جيد بين الألوان ووضع شريط أصفر على درجات السلالم بما يشمل تعزيز التباين الملموس لتحديد المسارات.

وشدد أحد المهنيين من ذوي الخبرة في مجال التوجيه والتنقل في الولايات المتحدة على الحاجة إلى تحسين التجارب المدرسية للمتعلمين من خلال إتاحة التدريب على مهارات القدرة على التوجه والتنقل المناسبة لكل من المتعلمين والمدرسين في المدارس. 

ويمثل التدريب على القدرة على التوجه والتنقل مجالاً لا يدرج دائماً في دورات تدريب المتعلمين ضعاف البصر ولا يعتمد عليه بصورة أساسية إلا في حالة المتعلمين المكفوفين أو الذين يعانون من ضعف بصري شديد، وعلاوة على ذلك، لا تتناول برامج تدريب المدرسين هذا التدريب بصورة كافية. 

وأثيرت شواغل بشأن مدى ملاءمة ما يسمى بالترتيبات التيسيرية المعقولة في بعض الحالات وتطبيق تدابير المقاس الواحد على جميع المتعلمين ذوي المهق وفق ما تنص عليه اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (المادة 24).

وأعرب أحد المشاركين في الدراسة الاستقصائية من الدانمرك عن قلقه من إجلاس المتعلمين ذوي المهق بمفردهم في مقدمة الفصل رغم حصولهم على الأجهزة المساعدة الملائمة، في حين يكون مكتب المدرس في مكان بينهم وبقية الفصل، وهو ما يعزلهم عن الطلاب الآخرين ويمكن أن يؤدي إلى التنمر. 

وفي بعض الحالات، يكون العرض من الترتيبات التيسيرية التي تتاح للمتعلمين ذوي المهق السماح لهم بنقل الدروس من الطلاب الآخرين، ومع ذلك، قد لا تكون هذه الملاحظات دقيقة دائماً ويمكن أن تسبب المزيد من الإشكالات في تعلم الموضوع، أو تتسبب في تخلف المتعلمين ذوي المهق.

وأعرب عن شواغل مماثلة أشخاص من ذوي المهق أجبروا على تعلم طريقة برايل في المدارس الابتدائية والثانوية، ومع أن بعض الأشخاص ذوي المهق قد يعانون من ضعف شديد في البصر يجعلهم بحاجة إلى تعلم طريقة برايل، فالعديد منهم قادرون على قراءة المستندات المطبوعة بصيغة مكبرة مكتوبة بالخط المناسب. 

وذكر في معظم التقارير أن الأشخاص ذوي المهق يعتمدون على المطبوعات للوصول إلى المناهج الدراسية وأن قلة منهم تستطيع أيضاً استخدام طريقة برايل. وأعرب طالب جامعي من ذوي المهق من زامبيا عن أسفه لإجباره على تعلم طريقة برايل لأن ذلك أدى إلى استبعاده تلقائياً من مواد العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في المدارس. 

توفير الأجهزة المساعدة 

ويجري عقد مؤتمرات موجهة لأسر الأطفال ذوي المهق وتدعو فيها خبراء مرموقين في مجال ضعف البصر وقدرات التوجه ومهارات التنقل إضافة إلى أخصائيين في تقديم المشورة الترافع الذاتي وأخصائيين في أمراض الجلد، التقاسم الممارسات الجديدة والتغييرات التي تطرأ على الممارسات القانونية، وتقيم المنظمة أيضاً في الهواء الطلق وفي جو مليء بالمرح مخيماً صيفياً سنوياً للأسر يوفر للأطفال ذوي المهق وأسرهم فرصة التقاسم عطلة مع أناس غيرهم لهم ظروف مماثلة.

وينظر إلى المؤتمرات والمخيمات على أنها شريان حياة للعديد من الشباب الذين يعانون من العزلة، لا سيما أولئك الذين انتقلوا بعيداً عن أسرهم للدراسة في الكلية أو الجامعة.

وتنظم رابطة المهق - Albinism Fellowship في المملكة المتحدة أيضاً تجمعات مماثلة، وإن كان ذلك على نطاق أصغر.  

منح دراسية للمتعلمين ذوي المهق 

كان للمنح الدراسية التي تقدمها منظمة Sume Sun إلى المتعلمين ذوي المهق في جميع مستويات التعليم أثر إيجابي على قدرة هؤلاء الشباب على الترافع دفاعاً عن احتياجاتهم الخاصة. ومن الأفراد الذين حصلوا على منح دراسية من تمكن من الحصول على عمل، بمن في ذلك شخص يعمل محاسباً في فندق. 

ويعمل هؤلاء الطلاب على زيادة الوعي باحتياجاتهم لدى عدد أكبر من السكان في جميع أنحاء جمهورية تنزانيا المتحدة. ويتيح تزايد التعلم في صفوف الأشخاص ذوي المهق لهذه الفئة قدرة أكبر على إسماع صوتها ومعرفة أوسع بحقوقها. 

استخدام وسائل التواصل الاجتماعي 

ذكر التقرير أنه يتاح للأشخاص ذوي المهق في الأرجنتين، والبرازيل، وبنما، وكولومبيا التواصل في ما بينهم إما عبر مجموعة مغلقة ضمن منصة فيسبوك أو من خلال مجموعة ضمن منصة واتساب، وهذه المجموعات فعالة في الجمع بين الأسر والشباب ذوي المهق، مما يسمح لهم بتبادل الخبرات والمعلومات بشأن حقوقهم، بما في ذلك حقوق الأطفال في المدارس. 

وتفيد تقارير بأن الأشخاص ذوي المهق يتواصلون أيضاً مع مجموعات ضمن فيسبوك من بلدان لا يوجد فيها سوى عدد قليل من منظمات الأشخاص ذوي المهق.

وفي بعض الحالات، أنشئت مجموعات فيسبوك ذات دخول مفيد. ولهذه المجموعات مزايا لأنها لا تتطلب الكثير من أعباء الإدارة ويمكن أن تتيح للشباب في سن المراهقة -ضمن فضاء مغلق ومأمون نسبياً- فرصة للتحدث عن مسائل تهمهم ذات صلة بالمدرسة، مثل التنمر والتشنيع، ومن شأن إنشاء مجموعة ضمن فيسبوك أو موقع شبكي بسيط يستهدفان الأشخاص ذوي المهق أن يعزز شهرة الجمعيات ويزيد من أعضائها ويعطي صوتاً لأولئك الذين يشعرون بالعزلة أو التهميش في مجتمعاتهم. 

دعم المتعلمين ذوي المهق خلال جائحة كوفيد- 19 

أورد التقرير أنه أبلغ عن اتخاذ مبادرات جيدة في بعض البلدان كانت ترمي إلى استيعاب المتعلمين ذوي المهق أثناء جائحة كوفيد- 19. 

ففي أوغندا، على سبيل المثال، وفرت منظمات ألواحاً شمسية للطاقة فضلاً عن أجهزة راديو لتمكين الأطفال من المواظبة على متابعة دروسهم، وأعادت بعض المنظمات طبع نسخ من التمارين بصيغة مكبرة، مما مكن الطلاب ذوي المهق من قراءة واجباتهم المدرسية وإكمالها. 

 الاستنتاجات والتوصيات 

يُقدم هذا التقرير موجزاً للتحديات والحواجز التي يواجهها الأشخاص ذوو المهق في 28 بلداً في ما يتصل بإعمال حقهم في التعليم.

ويتضح من البحوث والمعلومات التي تلقتها الخبيرة الأممية المستقلة أن ضعف بصر المتعلمين ذوي المهق لا يزال يبرز باعتباره التحدي الرئيسي الذي يحول دون حصول العديد منهم على تعليم مناسب. ومع ذلك، ثمة أيضاً ضعف أو فشل في الدعم الذي تقدمه بعض الدول لإزالة الحواجز العديدة التي تحول دون التمتع الكامل بالحق في التعليم، وفي ما يتعلق بانتشار التمييز في حق الأشخاص ذوي المهق وسوء فهم حالتهم على نطاق واسع، لم تتلق الخبيرة المستقلة معلومات عن أي بلد تمكن من معالجة مشكلة التنمر والتشنيع بفعالية. 

وإضافة إلى ذلك، لم تتخذ إجراءات فعالة لتعزيز وزيادة فهم العاملين في قطاع التربية لكيفية توفير الترتيبات التيسيرية اللازمة للمتعلمين ذوي المهق لضمان إمكانية وصولهم إلى المنهج الدراسي الكامل. ويمكن أن تتراوح هذه التسهيلات من تعديلات بسيطة، مثل وضع المتعلمين بالقرب من السبورة قدر الإمكان، وتوفير مستحضر واق من الشمس، إضافة إلى إتاحة أجهزة التكنولوجيا المساعدة المناسبة، النظارات المكبرة مثلاً، وصولاً إلى حلول أكثر تعقيداً، مثل تركيب أنظمة تكبير الشاشة الشخصية على الحواسيب المحمولة للمتعلمين حتى يتمكنوا من رؤية اللوحة بوضوح من مقاعدهم. 

ويتضح من المعلومات الواردة أن القوانين والسياسات حتى وإن كانت تنص على تزويد المتعلمين ذوي الإعاقة، بما في ذلك المهق بالتكييفات والتسهيلات المناسبة لاحتياجاتهم التعليمية فإن هذا ليس هو الحال دائماً. 

وفي البلدان ذات الدخل المرتفع، يبدو أن جانباً كبيراً من هذا الأمر يتوقف على مستوى تمويل المنطقة أو السلطة التعليمية داخل نفس المدينة أو البلد، وفي البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل يميل الافتقار إلى التكييفات والتسهيلات إلى أن يكون أكثر من قضية وطنية كلية، إذ ذكر أن مسألة ضآلة الميزانية أو انعدامها تشكل سبباً للافتقار إلى المستحضرات الواقية من الشمس أو التقنيات المساعدة المتاحة أو الكتب المطبوعة بصيغة مكبرة. 

وتشكل محدودية المعلومات المقدمة إلى الأشخاص ذوي المهق وأسرهم بشأن المهق وكيفية حماية الجلد وتحسين البصر إلى أقصى حد ممكن مصدر قلق بالغ، فالوصول إلى المعلومات الصحيحة في وقت الولادة يمكن أن يتيح تجنب الحالات غير الضرورية المتمثلة في عدم وعي الوالدين ومدرسي التعلم بأهمية اختيار مكان وضع الأطفال في الفصل الدراسي أو كيفية حمايتهم من الضوء العنيف للغاية عند اللعب في الخارج أثناء فترات الاستراحة أو الأنشطة الرياضية. 

ولا يتاح إلا القليل من الأدلة أو المعلومات المنشورة بشأن التجارب التعليمية للمتعلمين ذوي المهق، إذ تلاحظ ندرة في البحوث التي تتناول الجوانب التعليمية والنفسية والوالدية من تجربة الأسر التي تضم من أفرادها طفلاً من ذوي المهق. وثمة حاجة إلى وضع جدول أعمال بحثي بشأن موضوع الأشخاص ذوي المهق، بما يراعي أولويات هذه الفئة والأوساط المعنية. 

وعلى صعيد إيجابي، رصدت مبادرات مختلفة تهدف إلى مساعدة الأشخاص ذوي المهق على إعمال حقهم في التعليم، بما في ذلك خطط التكفل التي أخذت تحدث تغييرات ببطء في حياة الأشخاص ذوي المهق، لا سيما في إفريقيا. 

وينبغي التأكيد أن دور كل من الدول وأصحاب المصلحة غير الحكوميين أمر لا غنى عنه. وليس من المبالغة تأكيد الدور الخاص الذي تضطلع به منظمات المجتمع المدني العاملة مع الأشخاص ذوي المهق في تطوير ممارسات واعدة لضمان التمتع الكامل بالحق في التعليم. ويؤدي ترافع الوالدين والترافع الذاتي للمتعلمين ذوي المهق دوراً أساسياً في زيادة التعريف بالمطالب الخاصة لهذه الفئة. لذا من الضروري أن تشرك الدول هذه الأصوات في وضع سياسات وممارسات جديدة لدعم المتعلمين ذوي المهق. 

التوصيات

وفيما يتعلق بالتعليم، توصي الخبيرة المستقلة الدول بما يلي: 

ضرورة وضع وتنفيذ مبادئ توجيهية سياساتية موجهة للعاملين في القطاع التربوي من خلال عملية تشاورية مع المتعلمين ذوي المهق وأولياء أمورهم والمنظمات التي تمثلهم، لضمان إتاحة الوصول إلى الترتيبات التيسيرية الملائمة في الوقت المناسب في أماكن التعلم، بما يلبي المتطلبات البصرية للمتعلمين ذوي المهق واحتياجاتهم المتعلقة بوقاية الجلد.

وأن تكفل، كحد أدنى حصول المتعلمين ذوي المهق على الدعم اللازم، بما يشمل تخصيص مكان لهم بالقرب من مقدمة الصف وضمان حصولهم على الدروس مطبوعة بصيغة مكبرة وعلى عدسات تكبير، وتمكينهم حيثما أمكن من استخدام التكنولوجيا الشخصية لقراءة المعلومات المكتوبة على السبورة انطلاقاً من مكان جلوسهم.

اعتماد مراقبة وتقييم متواترين لقياس مدى فعالية تقبل التسهيلات المعقولة والأجهزة المساعدة ومدى الاستعانة بهما في الفصول الدراسية.

تنفيذ مبادئ توجيهية وبروتوكولات موجهة للعاملين في القطاع التربوي، تركز على دعم المتعلمين ذوي المهق، وضمان إتاحتها من خلال أكبر عدد ممكن من المرافق، بما في ذلك من خلال الإدارات الحكومية، فضلاً عن الجمعيات التي تمثل حقوق الأشخاص ذوي المهق.

وضع ترتيبات تيسيرية معقولة لإتاحة تنقل الأشخاص ذوي المهق في أماكن التعلم واتخاذ تدابير للحد من مخاطر التعرض لاعتداء في طريق المدرسة.

وضع برامج لتشجيع الطلاب ذوي المهق على الالتحاق بالمدارس، بما يشمل خطط الحماية الاجتماعية للأسر التي يمكن استخدامها لتخفيف التكاليف المالية الإضافية التي يتحملها ذوو الأطفال المصابين بالمهق. 

جمع البيانات، بما في ذلك عبر المدارس، بشأن نسب التحاق الطلاب بالمدارس وإتمامهم لتعليمهم وانقطاعهم عن الدراسة، مصنفة بحسب العمر ونوع الجنس والإعاقة، بما في ذلك المهق لتحسين صياغة السياسات وتخصيص الموارد.

اتخاذ الخطوات المناسبة لتعبئة الموارد، بما في ذلك من خلال التعاون الدولي، لضمان حصول المتعلمين ذوي المهق على الأجهزة المساعدة المناسبة وفي الوقت المناسب، بما في ذلك المستحضرات الواقية من الشمس ولوازم الحماية.

توفير المستحضرات الواقية من الشمس مجاناً للمتعلمين ذوي المهق في البيئات المدرسية، لا سيما في البلدان ذات المناخ المداري. 

وتوصي الخبيرة المستقلة الدول والمجتمع الدولي وشركاء التنمية بما يلي: 

أهمية إتاحة بناء القدرات والمساعدة والتدريب للعاملين في القطاع التربوي والأشخاص ذوي المهق بشأن العوامل المؤدية إلى الإعمال الفعال للحق في التعليم.

ضمان إدماج الأشخاص ذوي المهق في الأنشطة الإنمائية أو المتعلقة بحقوق الإنسان ضمن الشق المتعلق بالحق في التعليم.

تقديم الدعم المالي للأشخاص ذوي المهق لإزالة الحواجز التي تحول دون تمتعهم بالحق في التعليم.

تقديم الدعم والمساعدة اللازمين لتعزيز عمل منظمات المجتمع المدني التي تعمل على دعم الأشخاص ذوي المهق، لا سيما في سياق الحق في التعليم.

الدورة الـ55 لمجلس حقوق الإنسان

تشهد جنيف حاليا فعاليات الدورة الـ55 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف، والتي تعقد خلال الفترة من 26 فبراير إلى 5 أبريل 2024، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.

ويضم مجلس حقوق الإنسان الدولي 47 دولة، بينهم 7 دول عربية، هي المغرب والجزائر والكويت وقطر والصومال والسودان والإمارات، وتشهد هذه الدورة حضورا بارزا للقضية الفلسطينية على جدول أعمالها.

ويضم مكتب مجلس حقوق الإنسان، كلا من رئيس المجلس السفير عمر زنيبر عن المغرب، و3 نواب الرئيس ومقرر، وهم سفراء إندونيسيا وباراغواي وفنلندا وليتوانيا، فيما يضم الفريق الاستشاري للمجلس سفراء تشيلي والعراق وأرمينيا واليونان.

خلال هذه الدورة تُناقش حالة حقوق الإنسان في فلسطين، إلى جانب تقرير الأمين العام عن حقوق الإنسان في الجولان السوري المحتل، وتقرير المفوض السامي عن المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وفي الجولان السوري المحتل، وكذلك تقرير المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 فرانشيسكا ألبانيز.

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية