مجلس حقوق الإنسان يناقش تقرير الدورة التاسعة للفريق الدولي المعني بـ"الشركات عبر الوطنية"

في إطار انعقاد الدورة الـ55 بجنيف

مجلس حقوق الإنسان يناقش تقرير الدورة التاسعة للفريق الدولي المعني بـ"الشركات عبر الوطنية"
مجلس حقوق الإنسان في جنيف

يناقش مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تقريراً عن الدورة التاسعة للفريق العامل الحكومي الدولي المفتوح العضوية المعني بـ“الشركات عبر الوطنية”، وغيرها من مؤسسات الأعمال، فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وذلك ضمن فعاليات الدورة الـ55 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة خلال الفترة من 26 فبراير إلى 5 إبريل 2024، في جنيف.

وكانت الدورة التاسعة، التي عقدت من 23 إلى 27 أكتوبر 2023، قد استهلت أعمالها ببيان ألقاه مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، مقرا بطابع التعقيد الذي يغلب على سلاسل القيمة العالمية، والتي تمتد عبر دول لها ممارسات قانونية وتنظيمية مختلفة متعلقة بحقوق الإنسان.

ولاحظ تورك أن من شأن هذا الترابط أن يحقق النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، لكنه حذر من المخاطر المرتبطة بسلاسل القيمة على حقوق الإنسان، وانتهاك حقوق العمل والتمييز والمضايقات والاعتداءات على المدافعين عن حقوق الإنسان وعلى الشعوب الأصلية.

وأشاد تورك بالجهود التي أقرت منذ أن وافق مجلس حقوق الإنسان المبادئ التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان في عام 2011، مؤكدا أنه هناك حاجة إلى المزيد، من أجل بلورة صك دولي ملزم قانونيا يلبي هذه الحاجة، باعتبار ذلك وسيلة تتخذها الشركات للمبادرة إلى إدارة الآثار السلبية على حقوق الإنسان، لتغيير المعادلة من حيث النفع الذي تعود به على العاملين وعلى المجتمعات المحلية.

كما أنه لا بد لهذه المبادئ أن تسهم في التنمية المستدامة وفي تمكين المجتمعات المحلية، مشيرا إلى أن انعقاد الدورة التاسعة للجنة تصادف مع تخليد الذكرى الخامسة والسبعين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وحث المشاركين على بحث تعهدات واقعية ومبتكرة توخيا لأهداف منها تشجيع السلوك المسؤول في الأعمال التجارية، باعتبار ذلك جزءا من مبادرة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان لأجل حقوق الإنسان.

وانتخبت اللجنة، الممثل الدائم لإكوادور، كريستيان أسبينوسا كانيسارس، مقررا بالتزكية بعد تسمية من قبل وفد ترينيداد وتوباغو، نيابة عن مجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

وأكد “كانيسارس” الأهداف الأساسية المتوخاة من الصك الملزم قانونا في المستقبل، وهي حماية حقوق الإنسان وتعزيزها في سياق أنشطة مؤسسات الأعمال التجارية، ودرء انتهاكات حقوق الإنسان من قبل الشركات، وضمان وصول الضحايا إلى العدالة وحصولهم على الجبر الفعال، وترسيخ التعاون الدولي في ذلك المجال.

ودعا الدول وغيرها من ذوي المصلحة إلى اتخاذ تدابير ملموسة لضمان احترام الأعمال التجارية حقوق الإنسان ولإعطاء زخم جديد بعملية الفريق العامل حتى يتمكن من تحقيق أهدافه ضمن إطار زمني محدد. 

وأقرت الوفود المشاركة فى الدورة بالأثر الإيجابي الذي تستطيع مؤسسات الأعمال التجارية إحداثه في المساعدة على التخفيف من حدة الفقر وفي زيادة التقدم الاقتصادي والاجتماعي، مشيرين إلى أن مؤسسات الأعمال التجارية مسؤولة عن انتهاكات مجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (ومن بينها الحق في الصحة) والحق في الحياة والحق في حرية التعبير وحقوق أخرى، في وقت السلم وكذلك في حالات النزاع المسلح، ففي كثير من الأحيان تعرضت مجموعات بعينها، كالشعوب الأصلية والفلاحين وسكان الأرياف، لأثار في هذا المجال أكثر من غيرها.

وذكر العديد من الوفود والمنظمات الفريق العامل بالروابط القائمة ما بين الضرر البيئي وحقوق الإنسان، وكيف أن مؤسسات الأعمال التجارية كثير ما تفلت من المساءلة على ما تخلفه من آثار فيما يتعلق بتغير المناخ والتنوع البيئي والضرر البيئي بصورة أعم.

وأكدت العديد من الوفود مجددا التزامها بتعزيز حقوق الإنسان في سياق أنشطة الأعمال التجارية بوسائل منها الجهود التي يبذلونها لأجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتنفيذ المبادئ التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان والمبادئ التوجيهية لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي المتعلقة بالسلوك التجاري المسؤول للمؤسسات المتعددة الجنسية وصكوك منظمة العمل الدولية.

وقدمت الوفود تقارير عن عملها فيما يتعلق بخطط العمل الوطنية والمبادئ التوجيهية الخاصة بمؤسسات الأعمال التجارية وغير ذلك من المبادرات الرامية إلى كفالة احترام الأعمال التجارية حقوق الإنسان، وربما يٌستلهَم من بعض تلك المبادرات لتُبين المقاربة والمحتوى فيما يتعلق بالصك الدولي الملزم قانونا الذي يناقشه الفريق العامل.

وأقرت الوفود والمنظمات بالمزايا التي يمكن أن تأتي عن صك دولي ملزم قانونا، مكمل للمبادرات القائمة، فعلى سبيل المثال، من شأن صك دولي أن يعزز الحماية من التجاوزات المرتبطة بالأعمال التجارية التي تطال حقوق الإنسان على الصعيد العالمي وأن يسد الثغرات في القانون الدولي، وأن يحقق تكافؤ الفرص أمام مؤسسات الأعمال التجارية التي تنفذ أعمالها في ولايات قضائية لديها مقتضيات تنظيمية مختلفة وأن يشدد مساءلة الشركات ويتيح الوصول إلى سبل الانتصاف.

وعقب المفاوضات بقيادة الدول، خصص الفريق العامل وقتا لإجراء مناقشة غير رسمية تناولت سبل المضي قدما، افتتحها "كانيسارس" مشيرا إلى أنه لاحظ أنه لم يتحقق توافق للآراء بشأن مسائل أساسية رغم الاتفاق الواسع على أهمية الفريق العامل وعلى الحاجة إلى صك دولي ملزم قانونا، وأن هناك حاجة إلى توفر الإرادة السياسية لدى جميع الأطراف المعنية للتعاون على بلوغ توافق في الآراء والتوصل إلى صك يحظى بقبول واسع.

وارتأى المقرر “كانيسارس” أن الوقت مناسب، بالنظر إلى حلول الذكرى الخامسة والسبعين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واقتراب الذكرى العاشرة لاعتماد القرار المنشئ للفريق العامل والذي كان في 2014.

تقدم رئيس اللجنة -المقرر في نهاية المناقشات- مجموعة من الاقتراحات منها: أن تنشر الأمانة العامة للفريق نص مشروع الصك الملزم قانونا المحدث، مشفوعا بالاقتراحات التي تقدمت بها الدول خلال الدورة التاسعة. 

وأن يعقد الرئيس –المقرر- مشاورات أثناء الفترة بين الدورتين، يتناول فيها منهجية تحقيق تقدم أكثر فاعلية في عملية وضع الصك الملزم قانونا، تماشيا مع الولاية التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان، وبمساعدة 5 خبراء قانونيين على الأقل، يتم اختيارهم بناءً على اقتراح مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وأن يمثلوا أنظمة قانونية مختلفة، وأن يتوخى في اختيارهم التمثيل الجغرافي والجنساني.

الدورة الـ55 لمجلس حقوق الإنسان

تشهد جنيف حاليا فعاليات الدورة الـ55 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف، والتي تعقد خلال الفترة من 26 فبراير إلى 5 أبريل 2024، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية