لولا دا سيلفا.. هجمة برازيلية على "المرمى" الإسرائيلي!

لولا دا سيلفا.. هجمة برازيلية على "المرمى" الإسرائيلي!
لولا دا سيلفا

كهجمة برازيلية غير متوقعة على المرمى الإسرائيلي، جاءت تصريحات الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا الرافضة لأعمال الإبادة الجماعية في قطاع غزة الفلسطيني، والتي ترتكب من جانب القوات الإسرائيلية على مدى الشهور الماضية، واصفا الأمر بأنه يشابه ما قام به هتلر ضد اليهود.


فعلي هامش حضوره قمة الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أطلق الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا تصريحات جريئة حول الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة الفلسطيني، متهما إسرائيل بارتكاب ما وصفها "إبادة جماعية" ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وشبه أفعالها بمحرقة اليهود إبان الحرب العالمية الثانية.


وقال الرئيس البرازيلي "ما يحدث في قطاع غزة ليس حربا بل إبادة جماعية... ما يحدث مع الشعب الفلسطيني لم يحدث في أي لحظة أخرى في التاريخ... في الواقع، لقد حدث، عندما قرر هتلر قتل اليهود".


وعلى الرغم من كونها ليست التصريحات الأولى للرئيس البرازيلي حول الوضع في غزة، لكنها كانت الأكثر جدلا حول بسبب ردود الفعل التي أثارتها، والتي وصلت إلى حرب دبلوماسية بين البرازيل وإسرائيل، الأخيرة في ردة فعلها الأولى قررت اعتبار الرئيس البرازيلي شخصا غير مرغوب فيه واستدعاء سفير البرازيل لديها لتوبيخه، ليقرر سيلفا سحب السفير وطرد سفير إسرائيل بعد توبيخه.


نتنياهو علق تصريحات الرئيس البرازيلي، مؤكدا أنها مخزية وخطيرة حيث تشكل تحقيرا لذكرى المحرقة النازية ومحاولة للمساس بالشعب اليهودي وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.


وأضاف نتنياهو "تشكل المقارنة بين إسرائيل والمحرقة النازية وهتلر تجاوز خطا أحمر، إذ تحارب إسرائيل في سبيل الدفاع عن نفسها وضمان مستقبلها حتى تحقيق الانتصار المطلق وهي تقوم بذلك متقيد بأحكام القانون الدولي".


بينما قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوافي جالانت "تقف البرازيل إلى جانب حماس منذ سنوات، الرئيس لولا يدعم منظمة إرهابية تمارس الإبادة... وبذلك يجلب العار لشعبه وينتهك قيم العالم الحر".


وعلى الصعيد العربي والفلسطيني أثارت تصريحات الرئيس البرازيل موجة امتنان عارمة، حيث أصدرت وزارة الخارجية الفلسطينية بيانا قالت فيه "تعرب وزارة الخارجية الفلسطينية عن دعمها وتقديرها للرئيس لولا، بصفته صديقا للشعوب المضطهدة ومناصرا للعدالة والسلم الدوليين والقيم الإنسانية في وجه الظلم والاستبداد والجرائم بحق الإنسانية، فقد سجل له التاريخ مواقف مشرفة".


ويمتلك سيلفا سجلا طويلا في دعم القضية الفلسطينية، ففي 2010 اعترف الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا رسميا بدولة فلسطين، وبعدها أطلق تصريحا شهيرا وأن حلمه "أن يرى فلسطين حرة مستقلة، وتحيا بسلام في الشرق الأوسط".


وفي نفس العام الذي اعترف فيه بالدولة الفلسطينية، كان سيلفا أول رئيس برازيلي يزور إسرائيل، لكنه رفض الذهاب إلى قبر تيودور هرتزل.


وقبل انتخابه رئيسا للبرازيل في الولاية الحالية، أكد أن الأمم المتحدة أنشأت دولة إسرائيل في عام 1948، لكنها لم تفعل الأمر نفسه فيما يتعلق بالفلسطينيين مضيفا "كانت الأمم المتحدة قوية بحيث تمكنت في عام 1948 من إنشاء دولة إسرائيل، لكنها في عام 2023، فشلت في إقامة دولة فلسطينية".


وقبل ثلاثة أشهر من الآن خرج سيلفا قائلا إن إسرائيل تقتل أبرياء من دون أي معيار، مشددا إن أن رد إسرائيل لا يقل خطورة عن الهجوم الذي شنته عليها «حماس» في السابع من أكتوبر.


وتشير تلك المواقف الخلفية التي انطلق منها الرئيس البرازيلي الحالي، حيث ولد دا سيلفا في 27 أكتوبر 1945 في ببرنامبوكو التي كانت تعد ضمن المدن الأفقر في البلاد، وكان السابع من بين ثمانية أطفال لزوجين من المزارعين، وبعد ولادته دخلت أسرة إلى ظروف أكثر بؤسا بسبب رحيل والدة عن المنزل، لتقرر والدته مغادرة المدينة إلى ساو بولو ليسكنوا في غرفة متواضعة للغاية، وخلقت تلك الظروف تأثيرات خاصة لمدة سيلفا استخلصها من والدته.


وبدأ سيلفا مشوار الدراسة في وقت مبكر قبل أن يغادرها وهو في السنة الخامسة من التعليم الأساسي بسبب الظروف البائسة والفقيرة جدا التي كانت تمر بها الأسرة، وبين مهن مختلفة تنقل سيلفا بعد ترك الدراسة، في ظل روف صعبة كانت لها تأثيرات عليه حياته فيما بعد وبين خطاب وأخر يستذكر الرئيس البرازيلي بعض تلك التفاصيل، فيعرف عنه أنه عمل ماسح للأحذية لفترة طويلة في شوارع ساو باولو وصبي في محطة وقود، ثم حرفي في ورشة، وبعد ذلك ميكانيكي لإصلاح السيارات، وبائع خضروات ثم عامل في مصنع حيث تعرض هناك لحادث.


والتحق سيلفا بمجال التعدين بعد حصوله على دورة تدريبية، وفي سنة 1963 حصل على شهادة في ميكانيكا الخراطة، وطوال رحلته كانت اهتماماته السياسية واضحة لكنها انطلقت من مبدأ الدفاع عن حقوق العمال، حيث استطاع أن يشغل منصب نائب رئيس نقابة عمال الحديد في عام 1967 م وبعدها رئيس للنقابة في 1978 وهي نقابة مهمة تضم ما يقرب من 100 ألف عامل في البرازيل.


وخلال سيطرة الجيش على الحكم في البرازيلي برز سيلفا في النشاط السياسي وبالتحديد بعد إضراب للمصانع في أطراف مدينة ساو باولو حيث كانت خطاباته تحريضية ضد الحكومة القائمة آنذاك، وفي عام 1981 م حكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن لمدة 3 سنوات ونصف بتهمة التحريض قبل أن يطلق سراحه بعد عام واحد وفي عام 1986 انتخب نائبا عن ولاية ساو باولو.


وفي أول انتخابات رئاسية مباشرة في البرازيل عام 1989 رشح نفسه لكنه خسرها ضد فيرناندو كولور ميلو وخسر سيلفا في محاولتين لخوض انتخابات الرئاسة في 1994 و1998، لكن أصر على النجاح الذي حصل بالفعل في أكتوبر 2002 م بعد أن حصل على أكثر من 51 مليون صوت بنسبة ليحقق إصلاحات واسعة على كافة المستويات ويعاد انتخابه مرة أخرى في 2006.


ورفض سيلفا تعديل الدستور ليخوض الانتخابات لولاية ثالثة قائلا "ناضلت قبل عشرين سنة، ودخلت السجن لمنع الرؤساء من أن يبقوا في الحكم أطول من المدة القانونية. كيف أسمح لنفسي أن أفعل ذلك الآن" وفي وفي 2023 عاد سيلفا مرة أخرى لرئاسة البرازيل.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية