«رغم توالي المساعدات».. مخاوف من دخول لبنان أزمة إنسانية كارثية

«رغم توالي المساعدات».. مخاوف من دخول لبنان أزمة إنسانية كارثية

بالتوازي مع ضربات إسرائيلية متتالية، بدأت الأزمة اللبنانية تكشر عن أنيابها وسط تزايد أعداد النازحين وتفاقم عجز مراكز الإيواء والغذاء والدواء، ما استدعى إطلاق استغاثات ونداءات لالتماس المساعدات الإنسانية، تفاديا لوقوع مأساة جديدة تضاف لقائمة المآسي في قطاع غزة الذي يشهد حربا منذ نحو عام. 

وعقب تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب لبنان، أعلنت كل من الإمارات، والسعودية، وقطر، ومصر، والعراق، والأردن، وسوريا، عن إرسال مساعدات إغاثية إلى لبنان، مع تواصل الغارات الإسرائيلية بشكل غير مسبوق منذ 23 سبتمبر الماضي، ما أودى بحياة آلاف الضحايا بخلاف الجرحى والنازحين.

والثلاثاء، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، في بيان، إن "العملية التي يطلق عليها "سهام الشمال" تستهدف البنى التحتية للحزب في عدد من القرى القريبة من الحدود، والتي تشكل تهديدا فوريا وحقيقيا للبلدات الإسرائيلية في الشمال". 

انتهاك لسيادة لبنان

وردا على ذلك، حذرت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) من أن أي توغل إسرائيلي عبر الحدود يعد "انتهاكا" لسيادة لبنان وسلامة أراضيه، على ضوء إعلان إسرائيل بدء هجوم بري "محدود" ضد حزب الله، الأمر الذي دفع جميع الأطراف إلى إدانة تلك الأفعال التصعيدية التي لن تؤدي إلا لمزيد من العنف وسفك الدماء.

وأعلن الأمين العام المساعد بجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، في بيان، أن الأمانة العامة للجامعة تلقت طلبا رسميا من العراق لعقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، لبحث موضوع النازحين واللاجئين اللبنانيين وتقديم المساعدة لدولة لبنان.

وعقد رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، الثلاثاء، اجتماعا مع المنظمات التابعة للأمم المتحدة وسفراء الدول المانحة في إطار خطة الاستجابة الحكومية لأزمة النزوح الناتجة عن العدوان الإسرائيلي على لبنان.

نداء بإغاثة عاجلة

ووجه ميقاتي نداء بإغاثة عاجلة لبلاده، قائلا: "يواجه لبنان واحدة من أخطر المحطات في تاريخه، حيث نزح نحو مليون شخص من شعبنا بسبب الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على لبنان، نحن نعمل بشكل دؤوب بالتعاون مع مؤسسات الأمم المتحدة على تأمين الاحتياجات الأساسية للبنانيين النازحين، كما فعلنا خلال كل المراحل العصيبة التي مر بها لبنان".

وأضاف: "نثمن الدعم المتواصل الذي تقدمه الأمم المتحدة، كما نثمن دعم الدول العربية الشقيقة وغيرها من الدول الصديقة، ونوجه اليوم النداء بشكل عاجل لتقديم المزيد من الدعم لتعزيز جهودنا المستمرة في تقديم المساعدات الأساسية للمدنيين النازحين".

ودعا ميقاتي إلى تعزيز المساعدات الإنسانية لبلاده قائلا: "أناشدكم جميعا الاستمرار في الوقوف إلى جانب لبنان، ومساعدتنا في حماية أبناء شعبنا بكرامة حتى يتمكنوا من العودة بأمان إلى منازلهم وبلداتهم".

مساعدات عربية عاجلة

وسارعت دول ومنظمات عربية بتقديم المساعدات الإنسانية إلى لبنان، إذ أمر رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بتقديم حزمة مساعدات إغاثية عاجلة بقيمة 100 مليون دولار إلى الشعب اللبناني، في إطار جهود دولة الإمارات لدعم الأشقاء في لبنان ومساعدتهم على مواجهة التحديات الراهنة. 

وفي السعودية، صدرت توجيهات قيادة المملكة بـ"تقديم مساعدات طبية وإغاثية للشعب اللبناني لمساندته في مواجهة هذه الظروف الحرجة".

وأعلنت منظمة قطر الخيرية الحكومية، عن توزيع مساعدات إغاثية جنوبي لبنان، وبدأت الفرق الميدانية للمنظمة بتوزيع المساعدات الإنسانية الضرورية والعاجلة في لبنان في ظل ارتفاع عدد النازحين الذين لجؤوا إلى مراكز الإيواء.

وفي مصر، أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي بإرسال مساعدات طبية وإغاثية طارئة إلى لبنان بشكل فوري، تضامناً مع الشعب اللبناني.

وفي العراق، أعلن المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي، إن بلاده أرسلت 5 شحنات محملة بمئات الأطنان من المواد الإغاثية والتي تنوعت ما بين أدوية ومواد غذائية وملابس، مؤكدا أن العراق مستمر بتقديم مواد الإغاثة إلى لبنان خلال الفترة الحالية والقادمة.

وفي الأردن، سلم سلاح الجو الملكي طائرة مساعدات إنسانية إلى الجيش اللبناني، للمساهمة في تجاوز الظروف الصعبة التي تعاني منها لبنان.

وفي سوريا، أرسلت وزارة الصحة قافلة مساعدات طبية تسلمتها وزارة الصحة في لبنان عبر معبر جديدة يابوس على حدود البلدين.

مساعدات وإمدادات طبية

وعلى الصعيد الدولي، وصلت طائرة تركية محملة بمساعدات إنسانية وإمدادات طبية إلى لبنان لدعم القطاع الصحي، إذ كانت تحمل 30 طنا من المواد الطبية والأدوية والغذاء. 

وأفاد التلفزيون السوري، بوصول طائرة إيرانية إلى مطار اللاذقية الدولي، محملة بمساعدات إنسانية للمواطنين اللبنانيين الوافدين إلى سوريا جراء العدوان الإسرائيلي.

وأعلت وزارة الخارجية الكندية، أنها ستقدم 10 ملايين دولار كندي (7.4 مليون دولار) للمساعدات الإنسانية للمدنيين في لبنان.

وأفادت السفارة الفرنسية في لبنان، بأن وزير أوروبا والشؤون الخارجية جان نويل بارو، سلم وزير الصحة اللبنانية 12 طنا من الأدوية والمعدات الطبية، نقلتها بالطائرة وزارة القوات المسلحة الفرنسية، لتقديم الرعاية لـ 1000 شخص مصابين بجروح خطيرة في المستشفيات اللبنانية. 

وأعلن الوزير جان نويل بارو، عن إطلاق مساعدات إنسانية طارئة بقيمة 10 ملايين يورو لدعم عمل المنظمات الإنسانية على الأرض، وعلى رأسها الصليب الأحمر اللبناني.

وقالت المملكة المتحدة إنها سترسل 5 ملايين جنيه إسترليني إلى لبنان لدعم جهود الاستجابة للاحتياجات الإنسانية، بينما ستتولى الأمم المتحدة متمثلة بوكالة اليونيسف توزيع المساعدات على المحتاجين. 

وعلى مستوى المنظمات أعلن الاتحاد الأوروبي، تقديم مساعدات إنسانية بقيمة 10 ملايين يورو (11.2 مليون دولار) لمساعدة المتضررين في لبنان على توفير الحماية والدعم الغذائي والمأوى والرعاية الصحية.

أطلق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة نداءً طارئًا لجمع 105 ملايين دولار، بهدف تقديم مساعدات غذائية عاجلة لمليون لبناني تضرروا من تصاعد الأزمة في البلاد.

وأكد مدير البرنامج في لبنان، ماثيو هولينجورث، أن البرنامج الأممي يستعد لدعم ما يصل إلى مليون شخص في لبنان، مشددًا على الحاجة الماسة إلى موارد إضافية لضمان استمرار وتوسيع نطاق هذه الاستجابة.

بدورها، حذرت المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي كورين فلايشر، من "الفشل في تقديم الدعم العاجل والملموس إلى لبنان، لأن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تعقيد الوضع أكثر ونشوء احتياجات أكثر تجذراً، ما يجعل من الصعب معالجة هذه الأزمة السريعة النمو".

الكرة في ملعب أمريكا

يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، الدكتور نبيل مخائيل، أن التصعيد الإسرائيلي في لبنان قد يستمر أسبوعا أو أسبوعين، قبل أن تنجح الضغوط الدولية، لا سيما الأمريكية، في إقرار تهدئة أو تسوية دبلوماسية في هذه البؤرة المشتعلة من المنطقة.

وأضاف ميخائيل في تصريح لـ"جسور بوست": "لحين تمكن المجتمع الدولي من إقرار هدنة أو تسوية دبلوماسية، سنكون أمام أزمة إنسانية حقيقية، تحتاج إلى مزيد من التحرك والدعم والمساعدة، خاصة أن إسرائيل تميل إلى التصعيد بإعلانها التوغل البري". 

وأوضح الحقوقي الدكتور محمود الحنفي، مدير المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان، أن التدمير الواسع الذي أصاب لبنان أضعف من قدرة مؤسساتها على مواجهة هذه الانهيارات غير المسبوقة على جميع المستويات، مؤكدا أن الظروف الإنسانية للنازحين تبدو شديدة الصعوبة مع التصعيد الإسرائيلي المستمر.

وأشار الحنفي، المقيم في لبنان، في تصريح لـ"جسور بوست"، إلى إن الإعلان عن بدء عملية توغل بري في لبنان سيحول البلد العربي الذي يعاني أزمات سياسية واقتصادية طاحنة إلى مشهد مأساوي لا يمكن أن تتم ملاحقة تداعياته المؤسفة.

وتابع: "يجب تكثيف إرسال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى مناطق النزوح ومراكز الإيواء في لبنان، لا سيما مستلزمات المعيشة والسلع الغذائية والأدوية، منعا لانتشار الأمراض والأوبئة ودخول لبنان في النفق الأسود بلا رجعة".

وأعلن منسق لجنة الطوارئ الحكومية وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، الدكتور ناصر ياسين، أن تقديرات أعداد النازحين تجاوزت أكثر من مليون لبناني، وأن بلاده أمام أزمة إنسانية حرجة وغير مسبوقة بتاريخ الحروب والكوارث الطبيعية التي شهدتها من قبل.

وقال ياسين: "لبنان الآن يتعرض لزلزال حقيقي من وراء العدوان، وسيكون هناك في السراي الحكومي مؤتمر للجهات المانحة لطلب الدعم الإنساني السريع والحاجات الملحة التي تقدر بأكثر من 400 مليون دولار". 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية