على هامش الدورة الـ 55 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف:

بحضور خبراء ومتخصصين.. مركز جسور ينظم ندوة حول "المعلومات الكاذبة في مناطق الصراع"

بحضور خبراء ومتخصصين.. مركز جسور ينظم ندوة حول "المعلومات الكاذبة في مناطق الصراع"
ندوة مركز جسور

محمد الحمادي: الحصول على المعلومات الصحيحة حق من حقوق الإنسان

محمد الحمادي: خطورة المعلومات المضللة تزداد في وقت الحروب والصراعات

محمد الحمادي: معلومات خاطئة تسببت في تشكيل الرأي العام عن حرب غزة

محمد الحمادي:  ظاهرة المعلومات الكاذبة لها تأثيرات خطيرة على مهنة الصحافة

فاليريا إميليا : التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي ساهم في تفاقم ظاهرة المعلومات المضللة

فاليريا إميليا: المعلومات المضللة تم استخدامها في الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة

خبيرة تقنيات رقمية : خمسة مليارات شخص يحصلون على المعلومات من خلال شبكة المعلوماتية

الندوة توصي بتفعيل القوانين التي تحد من انتشار الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة

 

نظم مركز جسور إنترناشيونال للإعلام والتنمية، ندوة نقاشية تحت عنوان (المعلومات الكاذبة في مناطق الصراع)، بحضور خبراء متخصصين ومعنيين بهذا الملف، قدموا طروحات ووجهات نظر حول آلية التعامل مع الأخبار والمعلومات الكاذبة التي يتم ترويجها في السنوات الأخيرة بنسبة كبيرة خاصة في المناطق التي تتصاعد فيها الصراعات والأزمات، الأمر الذي من شأنه أن يساهم في تشكيل الرأي العام المحلي والعالمي بناء على تلك المعلومات والتصورات الخاطئة، وكذلك إعاقة وصول الحقيقة الكاملة والخالصة للجمهور المحلي في تلك المناطق والعالم، وأيضَا تفاقم تلك الصراعات والنزاعات وإعاقة التوصل لحلول فعالة لها.

وجاء تنظيم الندوة على هامش أعمال الدورة الخامسة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمقامة في جنيف، والتي تأتي في وقت تتصاعد فيه حدة الأزمات الدولية والصراعات المهددة لحقوق الإنسان في البلدان التي إلى مسرح للحروب والصراعات، حيث تحظى الدورة الحالية باهتمام واسع، لاسيما أنها تشهد استعراض عدد كبير من ملفات الدول، والجهود الدولية المستمرة لوقف الانتهاكات والصراعات والتي تأثرت بالأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة التي يتم الترويج لها من أطراف الصراع.

وحرص المشاركين في الندوة على التأكيد على خطورة المعلومات الكاذبة والأخبار الغير حقيقة في تعقيد الأزمات والصراعات وإعاقة الجهود الدولية في الوصول إلى حلول عاجلة لتلك الأزمات، الأمر الذي يساهم في استمرار الانتهاكات والجرائم في حق مواطني تلك الدول ، وكذلك الصراعات التي لها بعد إقليمي مثل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والذي أدى تسبب الفشل في الوصول إلى معلومات حقيقية خالصة في تفاقهما في ظل غياب وسائل الإعلام الدولية عن ساحة الميدان هناك.

ويأتي تنظيم الندوة النقاشية في ظل الاهتمام الذي يوليه مركز جسور إنترناشيونال للإعلام والتنمية للتواجد في المحافل الدولية التي تهتم بتعزيز حقوق الإنسان في العالم، وكذلك أثارة الملفات والنقاشات التي من شأنها أن تساعد على تعزيز حقوق الإنسان في مختلف دول العالم، لاسيما القضايا التي لها تأثير بمنطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية، بعدما منطقة عانت في السنوات الأخيرة من التأثيرات السلبية لانتشار الأخبار والمعلومات المضللة.

الندوة بدأت بطرح تعريفي عن المحاور التي ستتناولها وكذلك مدى التفاقم الذي شهدته السنوات الماضية في ظاهرة الترويج للمعلومات المغلوطة والأخبار المضللة على مستوى العالم، وبالأخص المناطق التي تشهد نزاعات وصراعات لها تأثيرات إقليمية، وكيفية التعامل معها وماهي الضوابط المطلوبة للتعامل مع تلك المعلومات.

محمد الحمادي رئيس مركز جسور انترناشيونال كان أول المتحدثين، حيث أكد أن قضية الندوة وهي المعلومات الكاذبة كانت في السنوات الماضية تحظى بشكل خاصة باهتمام من قبل الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام المختلفة، ولكن الأمر تغير في الوقت الراهن وباتت هذه القضية تشغل اهتمام الجميع لأنها تؤثر على حياة البشر، وبالتالي أصبح من المهم أثارة هذا الملف من أجل حماية حقوق الإنسان.

وأوضح أنه من حق الإنسان أن يحصل على المعلومات الصحيحة والأخبار الصادقة غير المحرفة أو التي تتعرض للتزييف، مؤكدًا أن هذا الأمر هو خطير في الأوقات الطبيعية ويزداد خطورة في أوقات الحروب والصراعات، لا سيما أن المعلومات الكاذبة والمضللة أصبحت من أبرز التحديات في الإعلام وباتت تمثل مشكلة كبيرة ليس فقط للصحفيين الذين يعملون على نقل الحقائق ولكن أيضا للمجتمعات والدول.

وأثار محمد الحمادي ما حدث في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة الفلسطيني، وأكد أن المعلومات الكاذبة والمغلوطة التي تم الترويج لها أثرت على حرب غزة وساهمت في تشكيل رأي عام حول الحرب لا يعتمد على معلومات دقيقة.

واستشهد الحمادي بما تم الترويج له في الأيام الأولى من الحرب حول قيام مقاتلي حركة حماس الفلسطينية بقطع رؤوس الأطفال خلال هجمات السابع من أكتوبر، مبينًا أن هذا الخبر لايزال موجودًا على مواقع التواصل الاجتماعي على الرغم أن البيت الأبيض خرج بشكل رسمي وأكد أن الرئيس الأمريكي جو بايدن لم يشاهد أي صور أو فيديوهات تؤكد هذا الأمر.

وأوضح الحمادي أن هذا الأمر يؤكد الحاجة إلى ضرورة العمل من أجل إيقاف تلك المعلومات المضللة والترويج لها، مشيرًا إلى أن هناك  دور هام يمكن أن يلعبه الإعلام والصحفيون والمنظمات الإقليمية والدولية لمواجهة الظاهرة السلبية والخطيرة من خلال أدوات تكفل حماية حق المجتمعات في الحصول على المعلومات الصحيحة.

وذكر رئيس مركز جسور أن الأخبار التي تصل من غزة تصل من طرفي الصراع وهما حركة حماس والجيش الإسرائيلي، وكل طرف يسعى إلى استخدام تلك المعلومات لخدمة أهدافه، لاسيما في ظل عدم وجود الإعلام الدولي على الميدان هناك.

وأكد ضرورة وجود وسائل الإعلام المختلفة على الأرض من أجل تغطية مختلف الصراعات حول العالم.

وقال الحمادي إن الأخبار الكاذبة كمفهوم ظهر للمرة الأولى في 2016 عندما تحدث الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب وهاجم الإعلام والصحافة بانهم ينشرون الأخبار الكاذبة، وكذلك أشار إلى ما ذكرته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون عندما قالت أن الولايات المتحدة تخسر حرب المعلومات وهي قوى كبرى في العالم ومع ذلك لم تفز بتلك الحرب.

وحذر الحمادي في مداخلته، من خطورة ظاهرة المعلومات الكاذبة وتأثيرها على مهنة الصحافة ذاتها ومصداقيتها، وأكثر من ذلك قدرة هذه النوعية من المعلومات عند تداولها على نطاق واسع في تحويل قضية من كونها عادلة إلى العكس .

المحامية في مجال حقوق الإنسان فاليريا إميليا، تحدثت أيضًا خلال الندوة عارضة عدد من النماذج حول التأثيرات للمعلومات المضللة والأخبار الكاذبة في الصراعات، وقدمت شرحًا للمشاركين في الندوة عن خطورة هذا الملف وضرورة توظيف مختلف الأدوات من أجل التعامل معه بشكل حاسم يضمن وصول المعلومات الحقيقية للرأي العام، لاسيما أن المعلومات الكاذبة أو المضللة بات أثرها يتجاوز مجال واحد إلى العديد من المجالات الأخرى خاصة حين يتم استخدامها على خلفية عرقية أو عنصرية والقيام بتصنيف البشر على أساس هذه المعلومات.

وبينما عبرت المحامية والخبيرة عن سعادتها بالمشاركة في الندوة التي ينظمها مركز جسور، مقدمًة الشكر إلى رئيس المركز محمد الحمادي، شددت أن التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم وتقنيات الذكاء الاصطناعي التي باتت تستخدم على نطاق واسع ساهم في تفاقم ظاهرة المعلومات والأخبار الكاذبة والمضللة.

وأضافت " رأينا في هذه الفترة تأثيرات المعلومات الزائفة والبعض منها يتم إنشاءه من قبل الذكاء الاصطناعي، فاذا حصل شخص على صوتي أو صورتي قد يقومون بنشر معلومات زائفة من خلالها ومن الصعب للجمهور العادي أن يصل للحقيقة"، مؤكدة أن الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام هم الأكثر فجاعة من هذا الأمر.

وأوضحت أن المعلومات المضللة ليست وليدة الفترة الحالية ولكن تم استخدامها الحرب العالمية الثانية، وبعدها في الحرب الباردة وما كان يجري ترويجه للدفاع إما عن الرأسمالية أو الشيوعية بحسب مروج المعلومة، وكل طرفًا كان يسعى إلى توظيفها لخدمة أهدافه.

وقالت إن أحد أبرز الأمثلة لمدى تأثير مثل هذه المعلومات هو الازدواجية التي تعاملت بها الدول الأوروبية مع السوريين والأوكرانيين من اللاجئين، حيث ساد خطاب الكراهية في التعامل مع السوريين وكان يتم وصمهم بالإرهابيين في الوقت الذي تم الترحيب بأقرانهم الأوكرانيين؛ مشيرة إلى أن هذا الأمر يصل إلى المساس بالحقوق الأساسية والإنسانية لأي شخص ومنها حصوله على المساعدات الإنسانية.

وطالبت الخبيرة الحقوقية، الحكومات بأن تعمل من أجل اتخاذ إجراءات يكون هدفها مكافحة المعلومات الكاذبة وردع مروجيها، كما حثت المجتمعات والأفراد على الوعي بالظاهرة والعمل للوصول إلى الحقيقة من خلال تلقي الخبر أو المعلومة من أكثر من مصدر للمقارنة.

بينما عبرت خبيرة التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي بمركز المعلوماتية في جامعة جنيف الدكتورة فيولا كريبس، عن سعادتها بالمشاركة في هذه الندوة التي نظمها مركز جسور، واستهلت الحديث بالتأكيد على أن المعلومات متوفرة في كل مكان.

وذكرت أن أثارة هذه القضية تتم في ظل ثورة صناعية، وانتشار كبير لوسائل التواصل الاجتماعي، والذكاء الاصطناعي، أكثر من خمسة مليارات شخص يحصلون على المعلومات من خلال شبكة المعلوماتية ويستخدمونها.

وأوضحت أن دخول عصر الذكاء الاصطناعي كان له تأثير أيضًا، مشيرًة إلى أن العديد من الصور التي يتم نشرها على الشبكة المعلوماتية يمكن أن تكون غير صحيحة، وكذلك من الممكن أن يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في إيذاء سمعة الأشخاص.

وأشارت إلى وجود أنماط مختلفة لخلق المعلومات المزيفة، ومنها مثلًا الذي يتم استخدامها في الانتخابات، وتأثيرات المعلومات الخاطئة على الناخبين.

وأكدت كريبس، على ضرورة أن تعرف الحكومات الآن ومع التطور الكبير للذكاء الاصطناعي إلى أين هي ذاهبة، وأن تبذل كل الجهود من خلال برامج مبتكرة للتأكد من المعلومات وكل ما يجري ترويجه.

وأشارت إلى أن هذه الظاهرة والتي باتت تستخدم في مناطق النزاع والحروب تتطلب مبادرة شجاعة لإيجاد الحلول في مواجهة هذه الأسلحة الذكية.

وبعدما انتهت خبيرة التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي بمركز المعلوماتية في جامعة جنيف د. فيولا كريبس، فتح القائمون على الندوة باب الأسئلة أمام الجمهور المشارك في الندوة.

رئيس مركز جسور محمد الحمادي رد على السؤال الأول حول الاستراتيجيات التي يمكن استخدامها والممارسات العملية للتعامل مع هذا الملف والمعلومات المضللة، مؤكدًا أن هذا السؤال مهم ويفتح الباب للتساؤل حول التوعية بهذا الأمر والتحديات التي تواجه التعامل معه.

وأوضح أن الحمادي أن هناك أدوات للتأكد من صحة المعلومات والأخبار ولكن هناك العديد من الأشخاص لا يرغبون في القيام بهذا الجهد، والبحث والتأكد من المعلومات الصحيحة وهذا الأمر نحن منوطون به كخبراء ومجتمع من أجل توعية الرأي العام حول خطورة وتأثيرات المعلومات الزائفة.

التساؤل أيضًا أثار اهتمام فاليريا اميليا، مؤكدة أنه ليس من السهل البحث والتوصل إلى المعلومات الزائفة، ويتعين التعامل مع هذا الأمر من خلال التدريس والمناقشات.

كما أشارت إلى ملف سلامة الصحفيين حول العالم، موضحًة أنها تأثرت بشكل شخصي بأعداد الصحفيين الذين قتلوا في النزاعات، فيجب التفكير والاهتمام بالسلامة الجسدية للصحفيين حتى يتمكنون من إيصال المعلومات الحقيقية.

وأكدت ضرورة وجود ألية دولية، لمحاكمة الأشخاص الذي ينشرون المعلومات الزائفة، ففي بعض الأحيان عند نقل تلك المعلومات يؤدي الأمر إلى رفع مستوى خطاب الكراهية والممارسات العنصرية والتضييق على حرية التعبير وهو الأمر الذي يؤكد على ضرورة وجود نظام قانوني يواجه هذا الأمر.

فيولا كريبس أيضًا تحدثت عن هذا الأمر، وأشارت إلى الحاجة إلى تعزيز القوانين التي تواجه الأخبار الزائفة، وكذلك الحاجة إلى تعزيز القواعد القانونية على الرغم أنه من الممكن أن يتم استخدامها كسلاح وبشكل غير صحيح.

سؤال أخر أيضًا أثاره المشاركون في الندوة التي أقيمت بحضور واسع من الصحفيين والمتهمين بملف المعلومات المضللة حول حماية الأقليات المستضعفة التي تتأثر بتلك المعلومات المضللة، الرد الأول جاء من فيولا كريبس التي أكدت على وجود أمثلة حقيقية على هذا الامر.

فاليريا إميليا أيضًا أشارت إلى جهود المؤسسات الدولية في مواجهة المعلومات المضللة، ومن بينها منظمة الصحة العالمية التي تقوم بهذا الأمر من خلال موقعها الرسمي.

وأضافت “ إلى جانب الحكومات.. نحن لدينا مسئولية لوضع حد لنشر المعلومات الزائفة .. وكما أشار الأستاذ الحمادي التعليم والتربية لهم أهمية في التوعية للتعامل مع هذا الأمر”.

مشارك في الندوة طرح سؤال حول المعلومات التي تنشرها أحدى القنوات من الميدان في حرب غزة ومن بينها صور للأطفال، وكان محمد الحمادي أول المتحدثين عن هذا الأمر مؤكدًا أنه لا يمكن الحكم على أي وسيلة إعلامية أو صحيفة فيما تنشره أو تقدمه، ولكن يمكن القول أن هذه المعلومات هي من صحفيين ومراسلين ومواطنين.

وأوضح أن الصور والفيديوهات كان لها تأثير والأمر لا يتعلق بقطاع غزة فحسب، مؤكدًا على وجود فمسئولية في التأكد من المعلومات هي زائفة أم لا.

وأكد على أهمية التعليم والتربية فيما يتعلق بالتأكد من المعلومات وكيفية تعليم الأطفال التوثق منها، وكذلك الحاجة إلى قوانين وطنية ودولية للتعامل مع هذا الملف ومنح وسائل الإعلام حق الحصول على المعلومات دون وجود أجندة مخفية .

فيولا كريبس أيضًا قالت أن العديد من الشركات الإعلامية لديها قواعد أخلاقية فيما يخص الأطفال، واستشهدت بصورة الطفلة الشهيرة التي تعود لحرب فيتنام والتي تعرضت للحرق بسبب قنبلة، مؤكدة أن تلك الصورة كان لها تأثير في الحرب.

وطالب محمد الحمادي بضرورة وجود عمل دولي من خلال الأمم المتحدة والمؤسسات الإعلامية، من أجل الحد من انتشار الأخبار والمعلومات الكاذبة.

وأوصى المشاركون في الندوة بأهمية تفعيل القوانين التي تحد من انتشار تلك الأخبار، وكذلك أهمية التعليم والتوعية في الحد من انتشار تلك الأخبار والمعلومات المضللة.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية