"المطبخ العالمي": الهجوم على المنظمات الإنسانية واستخدام الغذاء سلاح حرب "لا يغتفر"
"المطبخ العالمي": الهجوم على المنظمات الإنسانية واستخدام الغذاء سلاح حرب "لا يغتفر"
أكدت مؤسسة المطبخ العالمي أن الهجوم على المنظمات الإنسانية التي تظهر في أسوأ المواقف واستخدام الغذاء كسلاح حرب في غزة "لا يغتفر".
جاء ذلك في أعقاب الإعلان عن مقتل سبعة من أعضاء فريق المنظمة الإنسانية الدولية جراء غارة للجيش الإسرائيلي استهدفت السيارات التي كانت تقلهم بعد مغادرتها مخزنًا في دير البلح، في حادث تسبب في حالة من الغضب العالمي ضد إسرائيل التي اعترفت بمسؤولياتها، وأقرت بأن قواتها استهدفت بشكل غير مقصود فرق المطبخ العالمي العاملة في غزة.
التنسيق لم يمنحهم النجاة
وقالت المؤسسة الإنسانية في بيان عن الحادث "على الرغم من تنسيق التحركات مع الجيش الإسرائيلي، فقد تعرضت القافلة للقصف أثناء مغادرتها مستودع دير البلح، حيث قام الفريق بتفريغ أكثر من 100 طن من المساعدات الغذائية الإنسانية التي تم جلبها إلى غزة عبر الطريق البحري".
وقالت الرئيس التنفيذي للمنظمة إيرين جور “هذا ليس هجوما على ورلد سنترال كيتشن فحسب، وإنما على كل المنظمات الإنسانية التي تظهر في أسوأ المواقف حيث يُستخدم الغذاء سلاح حرب.. هذا لا يغتفر”.
وأضافت “إنني أشعر بالحزن والفزع لأننا -المطبخ المركزي العالمي والعالم- فقدنا أرواحًا جميلة بسبب هجوم مستهدف من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي.. إن الحب الذي كان لديهم لإطعام الناس، والتصميم الذي جسدوه لإظهار أن الإنسانية تسمو فوق كل شيء، والأثر الذي أحدثوه في حياة عدد لا يحصى من الناس، سوف نتذكره ونعتز به إلى الأبد".
وكشفت مؤسسة المطبخ العالمي، عن أنها اضطرت بعد الحادث إلى إعلان تعليق نشاطها في قطاع غزة الفلسطيني، في خطوة من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني في القطاع الذي يواجه أزمة من أكبر الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث.
لقطات مروعة
وأظهرت لقطات مروعة تم تداولها عبر الإنترنت جثث القتلى وهم من جنسيات أسترالية، وبولندية، وبريطانية، وفلسطينية، وأمريكية وكندية في مستشفى شهداء الأقصى، وارتدى البعض منهم ملابس واقية تحمل شعار المؤسسة الخيرية، وأظهرت لقطات أخرى الثقب الناجم عن ضربة في سقف إحدى المركبات المتفحمة، ما أدى إلى ثقب شعار المؤسسة ما يشير إلى أن الشعار كان موضوعاً بغرض تسهيل تعريف السيارة، لكن هذا لم يمنع الجيش الإسرائيلي من قصفها.
غضب عالمي
تسبب الاعتداء الإسرائيلي في ردود فعل عالمية قوية، حيث أعرب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، عن غضبه بشأن مقتل عمال المطبخ المركزي العالمي في قطاع غزة، مؤكدا أن مهاجمة العاملين في المجال الإنساني تعد انتهاكا للقانون الإنساني الدولي، مشددًا على أن عمال الإغاثة العاملين بالمجال الإنساني ليسوا هدفا وتجب حمايتهم في جميع الأوقات.
ودعت الولايات المتحدة الأمريكية، إسرائيل إلى التحقيق في استهداف موظفي منظمة المطبخ المركزي الدولية بقطاع غزة، ومقتل عدد منهم، وأعربت متحدثة مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض أدريان واتسون في منشور على منصة "إكس"، عن حزنها الشديد لمقتل موظفين من منظمة المطبخ المركزي التي مقرها الولايات المتحدة.
وقالت: يجب حماية موظفي المساعدات الإنسانية، أثناء توزيعهم المساعدات، ونحث إسرائيل على التحقيق في الحادث.
وكذلك طالب رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الثلاثاء إسرائيل بالتحقيق بشكل عاجل في الحادث، وأعرب عن حزنه وصدمته الشديدين جراء الحادث وأن بلاده تعمل بشكل عاجل لتأكيد كل التفاصيل، مضيفا أن هناك أسئلة يجب أن تقدم لها إجابات.
استدعاء السفير
وأعلنت وزارة الخارجية الأسترالية التي تنتمي لها المتطوعة زومي فرانكوم التي كانت ضمن الضحايا، استدعاءها السفير الإسرائيلي لدى كانبرا أمير ميمون، للاحتجاج على الحادث.
وقالت وزير الخارجية الأسترالية بيني وونج: "شعرنا بالحزن الشديد بعد التأكد من وفاة عاملة الإغاثة المولودة في ملبورن، زومي فرانككوم.. نتوقع المساءلة الكاملة عن هذه الوفيات، ونجدد مطالبتنا بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية يؤدي إلى وقف مستدام لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن، واحترام القانون الإنساني الدولي".
وأعلن وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي، أنه طلب توضيحات من إسرائيل حول الضربة التي أدت إلى مقتل 7 موظفين في منظمة المطبخ المركزي العالم الإغاثية وبينهم بولندي.
وكتب سيكورسكي على منصة إكس (تويتر سابقا) "طلبت شخصيا من السفير الإسرائيلي ياكوف ليفني توضيحات عاجلة، أكد لي أن بولندا ستتلقى قريبا نتائج تحقيق حول هذه المأساة".
كما أدان الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء استهداف إسرائيل موظفي إغاثة دوليين في قطاع غزة تابعين لمنظمة المطبخ المركزي العالمي “وورلد سنترال كيتشن”.
واستنكر كلٌ من الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ومفوض إدارة الأزمات جانيز لينارتشيتش، في حسابيهما على منصة إكس الهجوم الإسرائيلي.
وقال بوريل :”أدين الهجوم وأطالب بإجراء تحقيق، على الرغم من كل المطالبات بحماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني فإننا نشهد سقوط ضحايا أبرياء جدد”.
إدانات عربية
على الصعيد العربي أكدت مصر رفضها واستنكارها القاطع لاستمرار إسرائيل في استهداف المنظمات العاملة في المجال الإنساني، التي تقوم بدور حيوي ورئيسي في مواجهة الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة، دون محاسبة أو تحمل للمسؤولية عن تلك الانتهاكات السافرة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وأدانت دولة الإمارات العربية المتحدة بشدة استهداف إسرائيل فريق مؤسسة المطبخ المركزي العالمي، شريك دولة الإمارات في مبادرة "أمالثيا" لتعزيز الاستجابة الإنسانية المقدمة للمدنيين في شمال القطاع.
اعتراف إسرائيلي
اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالحادثة التي وصفها بـ“المأساوية” و”غير المقصودة” وتعهد بـ”فعل كل شيء” لمنع تكرارها.
بينما قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأدميرال دانييل هاجاري في بيان باللغة الإنجليزية “أعبر عن أعمق تعازي جيش الدفاع الإسرائيلي للعائلات ولعائلة المطبخ المركزي العالمي بأكملها”.
وأضاف أن الجيش الإسرائيلي أعرب عن “أسفه الصادق للدول الحليفة لنا التي بذلت وما زالت تفعل الكثير لمساعدة المحتاجين.. لقد قمنا بمراجعة الحادث على أعلى المستويات لفهم ملابسات ما حدث وكيف حدث".
ومن المتوقع أن يتم نشر تحقيق أولي للجيش الإسرائيلي في الحادث في الأيام المقبلة، حيث تقوم آلية تقييم تقصي الحقائق التابعة لهيئة الأركان العامة –وهي هيئة عسكرية مستقلة مسؤولة عن التحقيق في الحوادث غير العادية وسط الحرب– بإجراء تحقيق أكثر تعمقا، حسب ما ذكرت وسائل إعلام عبرية.
ضحايا عمال الإغاثة
وبعد الحادث، قال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة جيمي ماكغولدريك، إن ما لا يقل عن 196 عاملاً في المجال الإنساني في غزة قتلوا في الفترة من أكتوبر 2023 حتى 20 مارس.. هذا هو ما يقرب من ثلاثة أضعاف عدد القتلى المسجل في أي صراع واحد خلال عام واحد.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف مواكب أو شاحنات إغاثة من قبل القوات الإسرائيلية في القطاع المحاصر منذ أشهر.
فقد أدى حادث مماثل في يناير الماضي إلى مقتل أكثر من 100 فلسطيني برصاص إسرائيلي استهدف مدنيين تجمعوا حول شاحنات مساعدات في دوار الكويت شمال غزة.
كما أعلنت الأونروا استهداف شاحناتها أيضاً في أوقات سابقة.
وتتهم إسرائيل من قبل العديد من المنظمات الإنسانية بما فيها الأمم المتحدة بتنفيذ حصار قاتل على أكثر من مليوني فلسطيني في غزة، وتضييق الخناق على دخول المساعدات في وقت بدأ شبح الجوع يلامس أكثر من 300 ألف فلسطيني في شمال القطاع.