اليوم الدولي للكتاب.. منارة فكرية وثقافية قادرة على فك نواميس الكون

يحتفل به في 23 أبريل من كل عام

اليوم الدولي للكتاب.. منارة فكرية وثقافية قادرة على فك نواميس الكون

الكتاب هو الجليس الذي لا يُطريك، والصديق الذي لا يُغريك، والرفيق الذي لا يملُّك، والمستميح الذي لا يَستريثُك، والجار الذي لا يَستبطِيك، والصاحب الذي لا يريد استخراج ما عندك بالتملق، ولا يعاملك بالمَكر، ولا يَخْدعك بالنفاق.

“والكتاب هو الذي إن نظرت إليه، أطال إمتاعك، وشحذ طباعك، وبسط لسانك، وجوّد بيانك، وفخّم ألفاظك، ونجّح نفسك، وعَمّر صدرك، ومنحك تعظيم العوام وصداقة الملوك، وعرفت به في شهر، ما لا تعرفه من أفواه الرجال في دهر”.

“والكتاب هو الذي يطيعك بالليل طاعته لك بالنهار، وبالسفر طاعته لك بالحضر، لا يعتلُّ بنوم، ولا يعتريه كلال السهر".

بهذه الكلمات وصف الأديب العربي الشهير أبو عثمان الجاحظ، قيمة الكتاب وأهمية القراءة، حيث كان أحد كبار أئمة الأدب في العصر العباسي.

ويحيي العالم، اليوم الدولي للكتاب في 23 أبريل من كل عام، لإبراز قوة الكتب السحرية باعتبارها جسراً ممدوداً بين الماضي والمستقبل وحلقة وصل بين الأجيال والثقافات.

وتقول منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" إن الغاية المنشودة من إحياء اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف تتمثل في تعزيز التمتع بالكتب ومتعة القراءة بين كافة شعوب العالم. 

وتغتنم اليونسكو والمنظمات الفاعلة في القطاعات الرئيسية لصناعة الكتاب، وهي دور النشر وبائعو الكتب والمكتبات، لاختيار العاصمة العالمية للكتاب التي تشغل هذه المكانة على مدار عام كامل تنظم خلاله مبادرات عديدة من شأنها الإبقاء على زخم هذا اليوم الدولي.

واختير يوم 23 أبريل للاحتفال باليوم العالمي نظرا لما يحظى به من مكانة رمزية في الأدب العالمي، فهو التاريخ الذي ترجل فيه العديد من المؤلفين المرموقين عن صهوة جوادهم، مثل ويليام شكسبير وميغيل دي ثيربانتس وإنكا جارسيلاسو دي لا فيغا، ولذلك وقع الاختيار على هذا التاريخ بالتحديد للاحتفاء بالكتب والمؤلفين، وتشجيع الجميع على استكشاف ثنايا الكتب.

ومن خلال مناصرة الكتب وحقوق المؤلفين، تدافع اليونسكو عن الإبداع والتنوع والمساواة في الانتفاع بالمعارف، وتعمل في جميع المجالات، بدءاً بشبكة المدن المبدعة في مجال الأدب وانتهاء بتعزيز محو الأمية والتعلّم بالأجهزة المحمولة والمضي قدماً في الانتفاع المفتوح بالمعارف العلمية والموارد التربوية.

وبات اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف منبراً يجمع الملايين من الناس في جميع أركان العالم، وذلك بفضل المشاركة النشطة لجميع الأطراف المعنية وهم الناشرون والمعلمون وأمناء المكتبات والمؤسسات العامة والخاصة والمنظمات غير الحكومية الإنسانية ووسائل الإعلام وكل من يتحفّز للعمل الجماعي في هذا الاحتفال العالمي بالكتب والمؤلفين.

بدورها قالت المدير العام لمنظمة “يونسكو” أودري أزولاي، إن "الكتاب هو ندار سفر ودعوة إلى عناق الآخر، فكلما طويت صفحة وفتحت أخرى أمتعت ناظريك بدنيا جديدة، فلنغتنم هذا اليوم الدولي للاحتفاء بسلطان الكتب وجمالها". 

وأوضحت أزولاي في كلمة بهذه المناسبة: "الكتب أيا كان شكلها هي وسيلتنا إلى التعلم وموردنا الذي نستقي منه المعارف، بل إنها سبيلنا إلى الترويح عن النفس وأداتنا لفك نواميس الكون، وهي الشرفة التي نطل منها على الآخر".

وأضافت: "لا تبلغ الكتب شأوها ما لم تجسد التنوع اللساني لعالمنا، فهي اليوم بعيدة كل البعد من تحقيق ذلك، إذ إن الغالبية العظمى من الكتب لا تصدر إلا ببضع لغات فحسب، والأدهى أن التكنولوجيا الرقمية سبب في هذا التنميط اللغوي، ومع ذلك، فكل لغة من لغات الكتابة تتميز عن غيرها بنظرتها إلى العالم التي تتفرد برموزها وقيمها".

وتابعت: "لعل هذا ما دفع باليونسكو، في إطار العقد الدولي للغات الشعوب الأصلية، الذي استهل في عام 2022، إلى توفير الدعم لنشر الكتب بلغات الشعوب الأصلية واللغات الإقليمية، كما تتعاون اليونسكو منذ عام 2023 مع دور للنشر في جميع أنحاء العالم، بغية نشر كتاب (ما الذي يجعلنا بشرا) لفيكتور دي أو سانتوس وآنا فورلاتي، وهو كتاب مصور للأطفال يشيد بالثراء اللغوي والثقافي".

وتدعم يونسكو قطاع الكتاب في إفريقيا، لا سيما الكتاب الموجه لفئة الشباب، للتضامن والتعريف بتاريخ الرق وتجلياته المعاصرة، كما تدعم كذلك قطاع النشر وتعمل على النهوض بمكانة القراءة من خلال شبكة عواصم الكتاب العالمية، وهي فكرة غرضها تشجيع الإلمام بالقراءة والكتابة وتعزيز حقوق المؤلف وحرية التعبير.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية