"الإيكونوميست": الذكاء الاصطناعي يجعل "المعلومات المضللة" أرخص وأسهل

لكنه يساعد أيضاً في التتبع والكشف

"الإيكونوميست": الذكاء الاصطناعي يجعل "المعلومات المضللة" أرخص وأسهل


 "هل تعلم أن حرائق الغابات التي اجتاحت هاواي الصيف الماضي اندلعت بسبب (سلاح طقس) سري تختبره القوات المسلحة الأمريكية، وأن المنظمات غير الحكومية الأمريكية كانت تنشر حمى الضنك في إفريقيا؟ هل ذهبت أولينا زيلينسكا، سيدة أوكرانيا الأولى، في جولة تسوق بقيمة 1.1 مليون دولار في الجادة الخامسة في مانهاتن؟".

وفقا لمجلة "الإيكونوميست"، هذه القصص، بالطبع، كلها وهمية، هي أمثلة على المعلومات المضللة التي تهدف إلى الخداع، يتم نشر مثل هذه الحكايات في جميع أنحاء العالم من خلال حملات متطورة بشكل متزايد، وتستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي المذهلة والشبكات المعقدة من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لإنشاء ومشاركة صور ومقاطع فيديو وصوت مقنعة بشكل مخيف، ما يخلط بين الحقيقة والخيال.

وفي عام يعقد فيه نصف العالم انتخابات، فإن هذا يغذي المخاوف من أن التكنولوجيا ستجعل من المستحيل محاربة التضليل، ما يقوض الديمقراطية بشكل قاتل.

جعلت شبكة الإنترنت المشكلة أسوأ بكثير، حيث بات يمكن توزيع المعلومات الكاذبة بتكلفة منخفضة على وسائل التواصل الاجتماعي، كما أن الذكاء الاصطناعي يجعلها رخيصة الإنتاج، ولكن في قسم خاص بالعلوم والتكنولوجيا، نتتبع الطرق المعقدة التي يتم من خلالها زرعها ونشرها عبر شبكات حسابات وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية.

على سبيل المثال، بدأت حملة روسيا ضد زيلينسكا كفيديو على موقع يوتيوب، قبل أن تمر عبر مواقع الأخبار المزيفة ويتم تعزيزها من خلال مواقع أخرى وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي، والنتيجة هي قشرة خادعة من المعقولية.

واتضح أن معظم الحملات تعمل بطرق مماثلة، على سبيل المثال تبدو التقنيات التي تستخدمها عمليات التضليل الصينية للتشهير بالشركات الكورية الجنوبية في الشرق الأوسط مشابهة بشكل ملحوظ لتلك المستخدمة في الجهود التي تقودها روسيا لنشر الأكاذيب في جميع أنحاء أوروبا.

ليس بالضرورة أن يكون الهدف من العديد من العمليات هو جعلك تدعم حزبًا سياسيًا على حساب آخر، في بعض الأحيان يكون الهدف ببساطة هو تلويث المجال العام، أو زرع بذور عدم الثقة في وسائل الإعلام والحكومات.

كل هذا يثير مخاوف من أن التكنولوجيا، من خلال جعل المعلومات المضللة لا تقبل المنافسة، ستهدد الديمقراطية نفسها، ولكنّ هناك طرقاً لتقليل المشكلة وإدارتها. 

ومن المشجع أنه على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يجعل إنتاج المعلومات المضللة أرخص بكثير، فإنه يمكن أن يساعد أيضًا في التتبع والكشف، حتى عندما تصبح الحملات أكثر تعقيدًا، يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي اكتشاف الروايات التي تبدو متشابهة، يمكن لأدوات أخرى اكتشاف مقاطع الفيديو المراوغة من خلال التعرف على الصوت المزيف، أو من خلال البحث عن علامات نبضات حقيقية، كما تكشفها الاختلافات الدقيقة في لون بشرة جباه الأشخاص. 

لا يستطيع الباحثون الأكاديميون والمنظمات غير الحكومية وشركات التكنولوجيا ووسائل الإعلام والوكالات الحكومية معالجة مشكلة المعلومات المضللة بمفردهم، ومن خلال التنسيق يمكنهم مشاركة المعلومات واكتشاف الأنماط، ما يمكّن شركات التكنولوجيا من تصنيف المحتوى المخادع أو تكميمه أو إزالته.  

لكن الفهم الأعمق يتطلب أيضًا الوصول بشكل أفضل إلى البيانات، في عالم اليوم المليء بالخلاصات الخوارزمية، شركات التكنولوجيا فقط هي التي يمكنها معرفة من يقرأ ماذا، وبموجب القانون الأمريكي فإن هذه الشركات ليست ملزمة بمشاركة البيانات مع الباحثين، لكن قانون الخدمات الرقمية الجديد في أوروبا ينص على تبادل البيانات، ويمكن أن يكون نموذجا لدول أخرى، يمكن للشركات التي تشعر بالقلق إزاء مشاركة المعلومات السرية أن تسمح للباحثين بإرسال برامج لتشغيلها، بدلاً من إرسال البيانات للتحليل.

سيكون تنفيذ مثل هذا التنسيق أسهل في بعض الأماكن مقارنة بأماكن أخرى، وتعتبر تايوان، على سبيل المثال، المعيار الذهبي للتعامل مع حملات التضليل، ومما يساعد على ذلك أن البلاد صغيرة، والثقة في الحكومة عالية، والتهديد من قوة أجنبية معادية واضح.

ولدى بلدان أخرى موارد أقل أو ثقة أضعف في المؤسسات، في أمريكا، للأسف، تعني سياسة الاستقطاب أن المحاولات المنسقة لمكافحة المعلومات المضللة تم تصويرها كدليل على مؤامرة يسارية واسعة النطاق لإسكات أصوات اليمين على الإنترنت.

ويجب أن تؤخذ مخاطر المعلومات المضللة على محمل الجد وأن تدرس عن كثب، لكن ضع في اعتبارك أنهم لا يزالون غير متأكدين، حتى الآن لا يوجد سوى القليل من الأدلة على أن المعلومات المضللة وحدها يمكن أن تؤثر على نتيجة الانتخابات، لقرون عديدة كان هناك أشخاص يروجون لمعلومات كاذبة، وآخرون أرادوا تصديقها، ومع ذلك فقد وجدت المجتمعات عادة طرقًا للتعامل مع هذه المشكلة، قد تتخذ المعلومات المضللة شكلاً جديدًا أكثر تعقيدًا اليوم، لكنها لم تكشف بعد عن نفسها باعتبارها تهديدا غير مسبوق.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية