بالتزامن مع العدوان على قطاع غزة

تقرير: حملات اعتقالات إسرائيلية واسعة النطاق يصاحبها قتل وتنكيل وتشريد

تقرير: حملات اعتقالات إسرائيلية واسعة النطاق يصاحبها قتل وتنكيل وتشريد

بالتزامن مع العدوان على قطاع غزة، قام الجيش الإسرائيلي بحملات اعتقالات واسعة النطاق في الضفة والقدس، ومع بدء الهجوم البري على القطاع قامت قوات الجيش بحملات اعتقال شرسة للمواطنين من بيوتهم ومن أماكن النزوح ومن الطرق الآمنة، لتبلغ حصيلة من تم اعتقالهم نحو 8700 مواطنًا، في غزة والضفة، أفرج عن بعضهم ولا يزال يحتجز أكثرهم في ظل ظروف اعتقالية شديدة القسوة.

وبحسب تقرير للمركز الفلسطيني للإعلام أصدرت المحاكم الإسرائيلية أكثر من 5900 أمر اعتقال إداري بعد السابع من أكتوبر، ما بين أوامر جديدة وأوامر تجديد، منها أوامر بحقّ أطفال ونساء، فيما تنوعت ظروف اعتقال المواطنين بين من جرى اعتقالهم من المنازل، أو عبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن احتجزوا كرهائن.

اعتقالات غير مسبوقة

ووفقًا لبيانات إحصائية لهيئات ومؤسسات حقوقية معنية بالأسرى لدى إسرائيل، كهيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، فإن الاعتقالات شملت نساء وأطفالا وصحفيين وأطباء.

وحصرت بيانات المؤسسات الحقوقية من تم اعتقالهم في الضّفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، بينما لا يزال معتقلو غزة رهن الإخفاء القسري، لا يُعلم مكانهم أو مصيرهم.

وأظهرت إحصائيات الهيئات الحقوقية أنه اعتقل نحو 290 امرأة من الأراضي المحتلة عام 1948، كما اعتقل نساء غزّاويات كُن يتواجدن في الضفة الغربية، بالإضافة إلى اعتقال 610 أطفال.

وأما الصحفيون، فقد اعتقل منهم بعد السابع من أكتوبر نحو 75 صحفيًّا، تبقى منهم رهن الاعتقال 48، وجرى تحويل 21 منهم إلى الاعتقال الإداريّ، بينما لا يزال 12 صحفيًّا من غزة رهن الإخفاء القسري.

انتهاكات بحق الأسرى

وبحسب التقرير، لم تكن طريقة الاعتقال ولا ظروف احتجاز المعتقلين بعد السابع من أكتوبر كما كان قبله، ولكن رافق هذه الحملات جرائم وانتهاكات متصاعدة، منها عمليات تنكيل واعتداءات بالضرب المبرّح، وتهديدات بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات التّخريب والتّدمير الواسعة في منازل المواطنين، ومصادرة المركبات، والأموال، ومصاغ الذهب، إلى جانب عمليات التدمير الواسعة التي طالت البُنى التحتية تحديدًا في مخيمات طولكرم، وجنين ومخيمها.

وتحتجز السلطات الإسرائيلية سكان قطاع غزة بشكل منفرد عن باقي الأسرى الفلسطينيين، كما تم احتجاز العديد منهم داخل معسكرات اعتقال تابعة للجيش، والتي تقع بشكل أساسي في صحراء النقب، تشير العديد من شهادات الأسرى المفرج عنهم إلى أن التعذيب الذي يتعرض له المعتقلون والمعتقلات من غزة في مراكز وسجون إسرائيل وصل إلى مستويات غير مسبوقة.

تعذيب وإعدامات

ولفت مركز الميزان لحقوق الإنسان إلى أن “عدد الفلسطينيين الذين توفوا أثناء احتجازهم داخل السجون الإسرائيلية يفوق بكثير الحالات الموثقة، وتستند هذه الادعاءات إلى العشرات من الشهادات التي جمعتها مؤسساتنا ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى من المعتقلين والمعتقلات المفرج عنهم، وتتضمن هذه الشهادات إفادات من المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب والذين شهدوا تعرض زملائهم المعتقلين للضرب حتى الموت”.

وقد بلغت ذروة الانتهاكات ضد الأسرى في سجون إسرائيل إلى حد تنفيذ إعدامات بحق بعضهم؛ حيث نفذت إعدامات ميدانية، لمواطنين بعد اعتقالهم، ومنهم أفراد من عائلات المعتقلين، وبلغ عدد من توفي في سجون إسرائيل بعد السابع من أكتوبر، 18 أسيرًا على الأقل. 

وذكر التقرير أنّ (16) أسيرًا ممن توفوا وأعلن عنهم بعد السابع من أكتوبر محتجزة جثامينهم، وهم من بين (27) أسيرًا يواصل الاحتلال احتجاز جثامينهم.

خلال فترة ما بين 7 أكتوبر 2023 و22 أبريل 2024، سُجل وفاة 16 معتقلاً فلسطينياً داخل السجون الإسرائيلية نتيجة الإهمال الطبي أو تصعيد ممارسات التعذيب ضد المعتقلين. وكان من بينهم اثنان من سكان قطاع غزة: ماجد زقول، عامل يبلغ من العمر 32 عامًا وكان محتجزًا في سجن عوفر، وشخص آخر لم يُكشف عن هويته، حيث رفضت السلطات الإسرائيلية تقديم أي معلومات بشأنه.

الدكتور عدنان البرش

ومن بين أبرز الحالات الموثقة التي تشهد على وحشية وانتهاكات كافة الأعراف والمواثيق الدولية، اعتقال وإعدام الدكتور عدنان البرش، الذي اعتقل في شهر ديسمبر 2023 من مستشفى العودة في جباليا، شمال قطاع غزة، خلال الهجوم البري على المحافظة.

وأوضحت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني في بيان مشترك مطلع الشهر الحالي، أن القوات الإسرائيلية، قتلت الدكتور البرش بتاريخ 19 أبريل 2024، ولكن تم الإعلان رسميًّا عن خبر وفاته يوم الخميس، 2 مايو 2024، في داخل سجن عوفر، فيما لا تزال السلطات الإسرائيلية تحتجز جثمانه.

إعدام موثق

وفي صباح يوم الخميس 2 مايو 2024، قامت السلطات الإسرائيلية بالإفراج عن أكثر من 60 معتقلا فلسطينيا إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، ظهر على بعضهم علامات واضحة للتعذيب الجسدي الذي تعرضوا له، بالإضافة إلى ذلك كان من ضمن مجموعة المعتقلين المفرج عنهم جثمان الشهيد إسماعيل عبدالباري خضر البالغ من العمر 33 عامًا.

وتعقيباً على ذلك، قال مدير مستشفى أبو يوسف النجار في رفح الدكتور مروان الهمص: “عند فحص الجثة، تم العثور على علامات التعذيب على معصميه، وتورمات في الأكتاف والركبتين، وتورم واضح في الصدر. توفي المعتقل داخل السجن تحت التعذيب، ولا نعلم ما إذا كان أصيب بجلطة أثناء التعذيب. ولكن هناك دليل قاطع أنه استشهد داخل السجن”.

منع المحامين

ولفت مركز الميزان لحقوق الإنسان إلى أنه منذ 7 أكتوبر 2023، لم تكتفِ السلطات الإسرائيلية بمنع المحامين ووفود اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارة المعتقلين الفلسطينيين فحسب، بل رفضت أيضًا تقديم معلومات دقيقة حول آلاف المعتقلين من قطاع غزة، بما في ذلك أماكن وجودهم، فضلاً عن المعتقلين الفلسطينيين الذين “توفوا” أثناء احتجازهم.

وطالب “الميزان” المجتمع الدولي بممارسة الضغط على إسرائيل لضمان الشفافية الكاملة بشأن معاملة المعتقلات والمعتقلين الفلسطينيين، بما في ذلك تقديم معلومات محدثة حول حالتهم الصحية وظروف احتجازهم بصورة منتظمة ودقيقة، وكذلك الإفصاح عن أماكن احتجاز ومصير مئات المعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة الذين تعرضوا للاختفاء القسري.

كما طالب المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فورية وفعالة لضمان منح آليات التحقيق الدولية -بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية ولجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة المعنية بالأرض الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية وإسرائيل- لإمكانية الوصول غير المقيد إلى السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية، بهدف إجراء تحقيقات شاملة في الانتهاكات التي ارتكبتها السلطات الإسرائيلية ضد المعتقلات والمعتقلين الفلسطينيين.

كما دعا المركز الحقوقي إلى ضرورة إنشاء وجود دولي مستقل لمراقبي حقوق الإنسان لرصد ظروف الاعتقال في السجون الإسرائيلية بشكل شامل، وذلك لمنح آليات التحقيق والرصد الدولية إمكانية الوصول الفوري إلى مراكز الاعتقال الإسرائيلية لضمان المساءلة، وحماية حقوق المعتقلات والمعتقلين الفلسطينيين، ومنع حدوث المزيد من الانتهاكات.

 

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية